أحدث المشاركات
مشاهدة تغذيات RSS

الرّوضة الأدبية - حفصاوي عبد القادر

أمنية وحيد - قصة قصيرة

تقييم هذا المقال
اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد القادر حفصاوي مشاهدة المشاركة
أُمنيةُ وحيد..
قصة قصيرة – بقلمي -


كان وحيد يسير بخطى هادئة، مرتدياً بذلته الأنيقة، ومعطفا طويلا أسود. كان الجوُّ بارداً، والضجّة تملأ المكان، لكنه بدا هادئاً غير مكترثٍ بما حوله. كان يشعر بدفء في صدره، وقلبهُ يخفِقُ بقوةٍ؛ كأنه يُسابقهُ للوصول إلى ذلك المشهد المُرتسم في وُجدانه.
كان يضع يده اليُمنى في جيب معطفه يتلمس شيئاً، ومن حين لآخر يتفقدُهُ كما لو كان يخشى أن يضيع منهُ. يُقَلِّبُهُ بين أصابعه بِلينٍ ورِفقٍ. كانت تلك الليلةُ ليلةَ زفافه على أُمْنِيَةَ؛ المرأةُ التّي طالما حَلُمَ بها. أخيرًا وجدها، ولم يبقَ بينهُ وبينها سوى خُطوات، ولحظات.
توجّه وحيد إلى غرفته؛ حيث تنتظره أمنية؛ مَلِكَةُ قلبه. دخل، فوجدها جالسة على أريكةٍ فخمة؛ بَدتْ كملكةٍ من ملكاتِ ألف ليلة وليلة. سَلَّم عليها، فوقفت وردّت عليه السّلام. كانت نِعْمَ السّكن؛ نِصفَهُ الثاني الذي تناغم معهُ بِحق؛ بما حباها الله به من جمالِ الخَلْقِ، والخُلُقِ، ورقّةُ القلب، ونقاء الرّوح.
تقدّم منها وحيد، دعاها إلى الجُلوسِ، ووضع يده اليمنى على ناصيتها، وقرأ الدعاء المأثور عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. ثم أفسحت له مكانا فجلس بجانبها، وبحركة بطيئة أخرج من جيبه تلك الهديّة، وقدّمها لها وهو يُحدّقُ في وجهها دون أن يَنْبِسَ بكلمة واحدة.
كانت الهديّة علبة مجوهرات بحجم راحة اليد. ضمَّتها أُمنية إلى صدرها، وأغمضت عينيها لِلحظات، ثُمَّ فتحتهما وقالت: [ اللّه يْطَوَّلْ فِي عُمْرَكْ ويْخَلِّيكْ لِيَّا يا أعزّ الناس]. قال وحيد: افتحي العلبة، فتحتها فوجدت فيها خاتماً من ذهب أبيض مُرصّعٍ بماسةٍ تلمع كأنها نجم، مُتَرَبِّعٌ على قطعة حرير حمراء، وفاحت منها رائحة زكية؛ كانت مزيجا من مستخلص الورد والياسمين.
نظرت أمنية إلى وحيد بإعجاب وامتنان يعلو وجهها ابتسامة جميلة ساحرة، ثُمّ قَرّبت تلك العلبة من أنفها، مُغْمِضةً عينيها، واشْتَمَّتْهَا بقوة، كأنها تُريد أن لا يضيع من عبقها شيء، أحسّت بأن صدرها امتلأ من ذلك الشّذا، وسرى في كامل كيانها.
تركها وحيد تستمتع بذلك للحظات، ثم أخذ منها العلبة بِلُطف، وأخرج الخاتم منها وألبسها إيّاه في بِنْصَرِها، وهي تُحدّق بوجهه في صمت، ثُمّ نظرت مجدّدا إلى علبة الهدية واستخرجت منها قطعة الحرير لتَشْتَمَّ ما بقي فيها من أريج، وإذا بها تكتشف ورقة صغيرةً كانت مُخبّأةً تحتها! ورقة ملفوفة مثل رسائل الزمن الجميل، يَلُفُّها خيط من ذهب.
نظرت أمنية إلى وحيد مُبتسمةً يعلو وجهها فُضُول ودهشة! فقال لها وحيد: افتحيها واقرئيها! فتحت الرّسالة، تمعّنت فيها لبُرهة واغرورقت عيناها بالدّموع، فمسح وحيدٌ دموعها التي زادت وجنتيها بريقا، وقال لها بصوتٍ هادئٍ دافئ: اقرئيها رجاءً أُمنيتي!
بدأت أمنية تقرأ: بسم الله الرحمن الرّحيم، زوجتي ورفيقة دربي الغالية أمنية؛ هذا ميثاق، بموجبه أهديتك قلبي، وما الخاتمُ إلا رمز لهذا الميثاق؛ عهد بيننا بأنه لا فراق حتّى يوم التَّلاقْ، ميثاق حُبٍّ ووفاء نُشهِدُ عليه ربّ السّماء، فهل تقبلين يا أميرة قلبي ؟ فقالت: قبلتُ؛ وأنا أيضا مَلَّكْتُكَ قَلبي.


أرسل "أمنية وحيد - قصة قصيرة" إلى Digg أرسل "أمنية وحيد - قصة قصيرة" إلى del.icio.us أرسل "أمنية وحيد - قصة قصيرة" إلى StumbleUpon أرسل "أمنية وحيد - قصة قصيرة" إلى Google

الكلمات الدلالية (Tags): الزواج، الحب، ميثاق إضافة/ تعديل الكلمات الدلالية
التصانيف
محاولات قصصيّة...

التعليقات