ألا يا نافــخ المزمارِ شجـواً بالغِنـا يُغـري
يمـازجُ بحّةَ الأمـواجِ في مَــدٍّ وفي جـَزْرِ
فينـزعها إليك هوىً.. هفـا يمتــدُّ في الإثرِ
لتنثرَ فـوق رملِ خُطــاكَ أغلالاً من الـدُرِّ
عــلام العينُ يجهشها..وداعُ الحــلو والمرِّ؟
وقــد كانا لقُـرّتها..عرائسَ في حَـلا تـِبْرِ
ولا زالا على شفتيكَ ألــواناً من السِّحـرِ!
رفـوفُ الطيرِ هائمةٌ..تجوب شـواطئ البحرِ
تُسائلُ كلَّ من بصَرَت..تحاول فهـم ما يجري
فيأسرها حنين اللحنِ..ترشُـفُ بوحَهُ العُذْري
إلى أن شفَّهـا صَوَرٌ..فحطّت دون أن تدري
ألا يا نـافخ المزمارِ أكمــل عزفك الخَمْري
هو الجرح الذي لــولاهُ كنا قطعةَ الصَّـخرِ
هو التِّرياقُ إذ ما صُـبَّ في أوجاعنا يُبــري
فهــل تمضي، وتتـركُ دفّةَ الآمـال للقَـفْرِ
وهـل يرضيك أن تُـؤتى..وأنت هنا على ثغرِ!
فمـن للدوحِ يعمُـرُهُ..إذا ما هاجر القُمْـرِي
ومـن لسفينة الأحـلام كـي ترسـو على برِّ
ومن للحـقّ يكشِفُ كلّ ما قيد حيكَ في السَّتْرِ
ومن لـلأرض يشحنُ نبضَ ثورتها إلى النـصرِ
إذا ما كنتَ أنت لهـا بقلبك سـاعةَ الصِّـفرِ
إذا مـا كنتَ في الأنـواءِ أنت منارة الفِــكرِ
ألا يا نافخ المزمــارِ إن أُضنيتَ في أمـْـرِ
وضاقت فيك ذي الدنيا وضجّ الهَـمُّ بالصـدرِ
وخِـلتَ العمرَ لا يلوي على شيء سوى الهجرِ
تمـهَّل، بعـد هذا العُـسر يـأتي الله باليُـسرِ
ويرسـل مُزنَ رحمتهِ..تسِـحّ بأعـذبِ القطْرِ
فثَـمَّ الله إن ناديتَ في السّـراءِ والضُّـــرِّ
ومـن حوليك أفئـدةٌ كقلبكَ في صفا البـدرِ
تحـبُّ لحونَـك المزجـاة بالإيمانِ والعِــطرِ
تمــدُّ إليك كي ترضى.. أخـوّتها بلا كِـبْرِ
فهل تمضي، وليس لديك بعد اليومَ من عـُـذْرِ؟
مريم العموري