الطفل ..
الطفل البرئ الطاهر الذي يحيا داخلنا .. يلعب بأرجوحته وسط بستان القلب , فتتصاعد ضحكاته السعيدة محمّلة بعبير النشوة .. والحب.
و بمرور الأيام يُلاحظ تراكم الغيوم ... و تراكم الغيوم يحجب ضوء الشمس , فتتناقص فتنة الألوان , وتتحول تدريجياً لألوان أخرى لا يعرفها .
و يخاف الطفل .. ويترك أرجوحته
و يُسرع الخطا إلى دنيا السعادة ..ويتوقَّف أمام بوابتها , ليجد لافتة أنيقة كُتب عليها
" للكبار فقط !!!!!!!! "
فينزوي في هذا الركن البعيد .. يبكي .. ينتحب
الطفل يتألم داخلنا كل يوم .. و ينزوي أكثر .. فأكثر .. فأكثر
و باختفائه .. نسيناه .. تماماً
الصمت .. يدوي بداخلنا , نشعر بالعطش فجأه .. لجميع القلوب التي أحببناها
نشعر بالوحده .. البداية التدريجية للنهاية
تسرّبنا من الواقع
و انهدار شلالات من الندم ..
والألم ..
والماضي ..
و الحاضر ..
والحب ..
و قبل أن يدق ناقوس الصمت . .. للمرة الأخيره
نرغب في الانتفاضه .. والتَمرّد .. والثورة .. والعِصيان
من أجل التحرر .
و التحرر يحتاج لانتفاضه
و الانتفاضة .. تحتاج إلى ثَورة
والثورة تعني الوحده .. .ليست الوحده من "وحيد" ولكن الوحده من "التوَحّد "
والوحده تتكون من تجمع ما .. والتجمع يكون بين شخصين و ما فوق
وطالما هناك واحد .. إذاً فالثورة صعبة .. جداً
جمهورية الألم تزداد اتساعاً .. وتتوغل فى كل القلوب
اليوم و غداً وكل يوم
تلك قواعده الصارمه .. وككل محتل
يجب أن يُدمر ما كان قبله .. ويهدم البيت والقصر والأرجوحة والشجره
و لو استطاع أن يمتص البحر ويجففه سيفعلها
يجب أن يجعل من يحتله .. فارغاً .. فارغاً تماماً
ثم يبدأ لعبته .. ويرسم نقشاً لكل شيئاً قد دمَّره
كي يُزكّي داخل القلب نيران الذكريات
و ألم الفراق .. وذُل إغتصاب الأحلام
ثم يرحل تاركاً الأرض ..
وهو متأكد أنه لم يعد فى الإمكان أن تقوم أي جمهورية بعده
على تلك الأرض مرة أخرى
لأنه ترك فيها
أطلال .. مجرد أطلال.
أحمد فؤاد