أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: الاصلع ذو الأنف الكبيرة

  1. #1
    الصورة الرمزية محمد نديم شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    المشاركات : 920
    المواضيع : 188
    الردود : 920
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي الاصلع ذو الأنف الكبيرة

    الأصلع ذو الأنف الكبيرة.
    قصة قصيرة .بقلمي

    كان هناك شحاذ مسكين، أصلع الرأس، ذو أنف كبير، يجلس على قارعة طريق يؤدي إلى السوق في تلك الضاحية الشعبية البعيدة عن المدينة.
    ×××××
    كان يمكث من أول الصباح إلى أول الليل ، ينتظر في صبر وصمت ؛أن يدس الناس بين أصابعه ،بعضا من المال القليل ؛ إحسانا منهم وشفقة عليه. وفي آخر النهار، يلملم خيشة يجلس عليها ، وساقه المتورمة التي كان يمدها أمام أعين المارة.وينزوي في ركن من زقاق قريب ، ليحصي غلته.ثم ينطلق في عرجة مشيته ، ليتوارى بين الأزقة والحواري الملتوية المظلمة.
    ×××××
    غير أنه في ذلك اليوم، وبعد انتهاء نوبة التسول اليومي، وإذ انزوى ليحصي غلته، فإذا هو أمام ثلاثة من الأشقياء ، خرجوا لتوهم من فترة سجن طويل؛ يمدون إليه سكاكينهم، آمرين إياه بتسليمهم غلته.استجاب بهدوء،بعد محاولة فاشلة للاعتراض، أسكتها أحدهم بوخزة في جنبه بسن مطواة قرن غزال.
    وقفوا يحصون النقود بين معدنية وورقية، ويشهقون اندهاشا من كم المال الذي جمعه؛ ومع كل إحصائية ، يناوله أحدهم صفعة على قفاه، أو لطمة على وجهه.ويتعجبون كيف لابن الكلب هذا، أن يجمع ذلك المال كل يوم، دوم أن ينتبهوا له.
    استولى كبير الأشقياء على المبالغ المالية لنفسه.
    ثم أمسك بتلابيب الرجل البائس قائلا له:
    - دا أنت كنز. أنت تيجي هنا كل يوم. في حمايتي. تتسول كما يحلو لك. وتأتيني بالغلة. وألا قطعت رقبتك.
    - طيب وأنا مش حتديني حاجة من فلوسي؟
    - فلوسك يا ابن الكلب يا حرامي. أنت هنا في المكان من امتى؟
    - من سنتين بس.
    - سنتين يا ابن ال**خة. دانت مليونير بقى.
    - أنا مريض واشتري لنفسي العلاج. لا أحد يعولني أو يصرف علي.
    - بكرة ألاقيك هنا. لو ما جيتش حدبحك.
    ××××
    تتبع الشقي ذلك الشحاذ، دون أن يدري،في الأزقة والحواري الملتوية المظلمة، لمعرفة مسكنه.كانت الطريق طويلة. كما أن الشحاذ ، كان يراوغ ويتخفى ولا يسير في طريق مستقيم واضح؛ كان كمن يرى أن هناك من يمشي خلفه ويراقبه.كان الشحاذ بارعا في التخفي والمراوغة، حتى أن الشقي قد فقد خط السير خلفه، وتاه عنه الرجل في متاهة الأزقة والحواري الملتوية المظلمة.
    ×××××
    اختفى الشحاذ من تلك المنطقة، ولم يعد يرى فوق الأرصفة.ونسي الأشقياء حكايته. وانشغلوا بغيره من المتسولين والمتسولات؛ يفرضون عليهم إتاوة يومية ،تصل لنصف ، أو ثلثي ما يحصلون عليه من أهل الخير والإحسان.بحجة حمايتهم من أن يتعرض لهم أحد
    ×××××
    في الميدان الكبير بوسط العاصمة؛ حيث المحال الكبيرة، والبنايات الفخمة ؛ ودور السينما والمسرح ، والأضواء المبهرة ؛ حيث الأرصفة التي تغص بالمارة نساء، ورجالا، وشبابا، وفتيات، وأطفالا.الشوارع نظيفة، واجهات المحال جذابة، أصحابها يرتدون البذات الفخمة ، ويدخنون السجائر الفاخرة.الزبائن هنا من علية القوم، وسراة الناس من أصحاب المال والمناصب الكبيرة.
    شكى أصحأب المحال من تواجد متسولين أغراب على الأرصفة النظيفة.
    بدوا وكأنهم قمامة تفترش الأرض. اجتمع أصحاب المحال الفخمة، وقرروا الاستعانة ببعض الأشقياء لترويع المتسولين وإبعادهم عن الأرصفة، ومداخل البنايات.واتفقوا على منحهم رواتب شهرية مجزية. وقام وكيل عن أصحاب المحال بجمع الشباب من الضواحي والمدن المجاورة ،وتوزيعهم على الأرصفة؛ منبها إياهم بعدم التواصل مع أصحاب المحال أو التحدث إليهم؛ فمهتهم فوق الأرصفة فقط وأمام المحلات.وتكفل هو بإيصال مرتباتهم إليهم.
    إذن ؛وجد بعض من الشباب العاطل عملا شريفا ، لا يتعدى كونه، أن تنهر المتسول أو المتطفل بقولك : لو سمحت لا تجلس هنا ؛وهكذا وقف كل عاطل أمام باب كل محل، وقد ارتدى كل منهم ملابس حسنة الهندام؛ وهو يتكلم بطريقة مهذبة وبذوق واضح:
    لو سمحت بلاش تقعد أو تقف هنا. مع نظرة ذات مغزى ، ترتعد منها فرائص المتسول من داخله ، فيروح بعيدا عن واجهة المحل الفخم في هدوء.
    ×××××
    وقف واحد من أولئك الأشقياء الذين صاروا مهذبين يؤدي عمله، في منع المتطفلين من الجلوس على الرصيف المواجه للمحل؛ إذ حاول منع متسولة أن تجلس إلى ظل السيارة الفخمة لصاحب المحل ،ولكن لسوء حظه ،كانت إمرأة صفيقة ،سليطة اللسان. انهالت على الشقي المهذب بالشتائم والسباب الفاحش. فأسقط في يد الشقي محاولا إسكاتها أو ترضيتها، دون جدوى . واشتعل الشجار، ووصلت الأصوات إلى داخل المحل الفخم؛ فخرج صاحبه ذو البذة الفاخرة، ليستوضح الأمر ، ووقف أمام الشقي المهذب متسائلا؛ فكادت دهشة الأخير أن تسقطه أرضا؛ إذ كان صاحب المحل الفخم، ذلك الأنيق،ذو السيارة المبهرة، هو ذاته المتسول الأعرج، الرجل الأصلع ذا الأنف الكبيرة؛ الذي زاغ منه ذات ليلة، وسط البيوت القديمة في تلك الأزقة والحارات الملتوية المظلمة.

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,141
    المواضيع : 318
    الردود : 21141
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    التسول أقصر الطرق للثراء السريع..
    والمتسولون اعدادهم لا تحصى ولا تعد ، يجوبون الشوارع بملابس مهلهلة
    ندبات في الوجوه، عاهات قد تكون حقيقية أو مصطنعة ـ يستخدمونها كوسيلة لنجاحهم في مهمتهم.
    واللجوء إلى التسول قد يكون سببه العوز والفقر أو البطالة ، وقد يكون الأسهل في الحصول على المال.
    وهذا ما اكتشفناه في صاحبنا الأعرج ـ الرجل الأصلع ذا الأنف الكبير عندما تحول تحولا سريعا إلى رجل أنيق
    صاحب محل فخم وسيارة مبهرة.
    يعجبني هذا العمق والتوجه الإنساني الراقي في قصصك
    قصة جميللة وذكية ، مضمون هادف وسرد مشوق
    قصة مكتملة المكونات لأديب متمكن.
    ولك كل التحية والتقدير.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    الصورة الرمزية محمد نديم شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    المشاركات : 920
    المواضيع : 188
    الردود : 920
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    الأستاذة الناقدة نادية الجابي..
    أشكر لكم تواجدكم واهتمامهم.ولمساحة التنوير التي تتيحونها برقي نقدكم ,ودقة تحليلكم.
    امتناني وتقديري.

  4. #4
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Nov 2019
    المشاركات : 3,457
    المواضيع : 237
    الردود : 3457
    المعدل اليومي : 2.14

    افتراضي

    رب ضرة نافعة ـــ لقد كان في تهديد الأشقياء للمتسول بأخذ غلته يوميا
    ما جعله يترك المكان ويهرب بمدخراته من سنتين في التسول لفتح محل في منطقة راقية ويصبح من الأثرياء.
    سرد جميل لقصة من الواقع ، ظريفة المعنى والمغزى وبنهاية مائزة.
    سلمت يداك ولك تحياتي.