ولن يعرفوا , ولن يفهموا
ــــــــــــــــ
1 /
ستمضى السنين…
ويذبل وجه الزمان الهضيم …
ويصبح همّ الفؤاد ودمع العيون وكل الشجون ظلالا قديمةْ …
دروبا عتيقةْ …
مشت ذات يوم بها الأمنيات ,
وضلت بأنحائها الذكريات ,
وذابت بها أغنيات الحنينْ …
ولن يعرفوا ,
ولن يفهموا !
فخلف التبسمِ ,
خلف التولّعِ ,
خلف الشجارْ,
وخلف المواعيد يجثم مالا يقال …
يظل الفؤاد كسيحا برغم الخيال…
ويبعث كل صباح وكل مساء حكايا يعشش فيها التذكرُ , يأكل لحم الامانى ,يعانق طيف المحال …
ولن يعرفوا ,
ولن يفهموا !
2/
سيأتى زمان لينكر هذا الزمان …
ولكن سيحيا بكل زمانٍ , ولوعُ الأغانى , وتوقٌ الى المستحيلْ …
وحملٌ ثقيل , يحرّق ثلج الشيوخ , ويطفئ نار الشباب , ويبقى برغم السنينْ…
ولن يعرفوا ,
ولن يفهموا !
3/
بلادى :أحبك ..هذا حديث قديمْ…
بلادى : أحبك .. هذا حديث جديدْ …
احسك بين الضلوع وجيبْ
وهمس نسيمك يسرى رقيقا كهمس حبيبٍ يناجى حبيبْ
وشوقى كثيفْ
وشِعرى رفيفْ
قصيدى يسافر عبر الحقول وعبر السهول وعبر الصحارى .
يرفرف بين القلوب ويهدى الحيارى .
بلادى احبكِ .. هذا كيانى وهذا وجودى وهذا حنينى كأجمل ماتحتويه العذارى .
فأنتِ الطريق وأنتِ الرفيق وأنتِ المنازل أنتِ الحدائق أنتِ الشوارع: هذا أنيقٌ وذياك متربْ
وأنتِ الصديقات حين نعابث زهر الرياض ونلهو ونلعبْ
وأنتِ القصيدة إن اعجبتهن ازهو , وإلا فأغضبْ
وأنتِ الكتاب الذى استكين اليه واحلمْ
وانتِ أبى حينما أتدلل
وأنتِ الأمومة تفخر بى
وتقسم انى اجملْ
بلادى حبيبة قلبى
وزهو شبابى
وفرحة حبى
بلادىَ جنات عدنْ
وشعر وفنْ
حياتى بحضن بلادى قدرْ…
وأمضى بعيدا قدرْ…
وقربى قدرْ…
وبعدى قدرْ…
دموعى ولوعات قلبى قدرْ
وشِعرى قدرْ
ولن يعرفوا ,
ولن يفهموا !
4/
سأهزم هذا الخيال الكئيب…
غريبا يحارب حظ الغريب…
وضيفا على ساحرات الحَزَنْ…
سأهزم سخف الشجنْ…
واطعم فنى لكل الطيور , ألقنها أغنيات السحرْ
وأسقى بدمعى جنون العطش…
وتروى دمائى جذور الشجر…
وأكتبُ ..أكتبُ.. أكتبُ.. أجمل مايستطيع البشرْ
وحين أموت سأترك شيئا صغيرا قليل الخطر…
شجيرة وردٍ بقلب الصحارى…
ولن يعرفوا ,
ولن يفهموا !
5/
سأرحل وحدىَ كل غروب..
واحمل زادى , واطعم حتى عداتى , واسرق نار النجومِ , وصخر الجبالِ , وموج البحارِ , وكل صنوف الطهارةِ , كل الخطايا , وكل ذنوب البرايا , وكل مرار الندمْ …
وأكتب أحلى غنائى : تقول الدموعُ ويُملى الألمْ
ويضحى القلمْ…
قدرْ…
وكن فيكون…
ولن يعرفوا ,
ولن يفهموا !
* * *