|
فِيْمَ افْتِخَارُكَ يَا مَنْ قُلْتَ كَانَ أَبِي |
وَيَا بْنَ جَدِّكَ هَلْ قَدَّمْتَ مِنْ سَبَبِ؟ |
الحُرُّ يُحْرِزُ أَمْجَادًا بِبَذْلِ يَدٍ |
وَالغِرُّ يُحْرِزُ وَهْمَ المَجْدِ بِالسَّلَبِ |
"يَا مَنْ تَعِيبُ عَلَينَا الرَّأْيَ تَطْلُبُنَا |
يَا طَالِبَ النَّجْمِ قَدْ أَوْغَلْتَ فِي الطَّلَبِ" |
مَا قُلْتَ إِلا هُرَاءً لا يَلِيقُ بِنَا |
إِنْ كَانَ يَحْفَلُ ذُو لُبٍّ بِرَأْيِ غَبِي |
شَتَّانَ بَيْنَ عَظِيمِ الجُهْدِ ذِي أَرَبٍ |
وَبَيْنَ مُسْتَهْتِرٍ بِالجُهْدِ وَالأَرَبِ |
لَيْسَ الذِي لِلعُلا يُمْضِي عَزَائِمَهُ |
كَالمُرْجِفِينَ وَلَيْسَ الرَّأْسُ كَالذَّنَبِ |
أَنَا أُحَلِّقُ بِالدُّنْيَا أَقُولُ: خُذِي |
وَأَنْتَ تَلْحَقُ بِالدُّنْيَا تَقُولُ: هَبِي |
مِثْلِي وَمِثْلُكَ فِي بَحْرٍ قَدْ اجْتَمَعَا |
جَمْعَ النَّقِيضَينِ مِنْ مَاءٍ وَمِنْ لَهَبِ |
هَذَا يُجَدِّفُ رُبَّانًا لِبَرِّ هُدَى |
وَذَاكَ يَرْجُفُ مَفْزُوعًا مِنَ اللُّجُبِ |
خَارَتْ وَخَارَ وَفَرَّ الكِبْرُ مِنْ دَمِهِ |
فَالصَّدْرُ فِي رَهَبٍ وَالعَيْنُ فِي هَرَبِ |
أَرَى العُلا تَقْتَضِيِني وَهْيَ رَاغِبَةٌ |
عَزْمًا يُحَدِّثُ عَنْ فَضْلِي وَعَنْ دَأَبِي |
حِينَ الزَّمَانُ سَقَى الإِنْسَانَ حِدَّتَهُ |
فَغَابَ عَنْهُ وَحَدُّ السَّيْفِ لَمْ يَغِبِ |
وَمَا أَرَى لَذَّةَ الدُّنْيَا لِشَارِبِهَا |
إِلا كَلَذَّةِ مَخْمُورٍ مِنَ العِنَبِ |
وَمَا سُلافَتُهَا إِلا لِعَاصِرِهَا |
إِنْ صَبَّ أَصْبَى وَإِنْ لَمْ يَصْبُ لَمْ يُصِبِ |
كَمْ سَامَ حِلْمِي حَقُودٌ فِي مُنَاكَفَةٍ |
فَكَانَ عَزْمِي إِلَى العَلْيَاءِ وَالسُّحُبِ |
وَمَا خَشِيتُ لِقَاءَ الحَرْبِ مِنْ غَلَبٍ |
وَمَا شَكَوتُ قَلاءَ الكَرْبِ مِنْ لَغَبِ |
إِنِّي لأَفْخَرُ أَنَّ اللهَ هَذَّبَنِي |
وَزَادَنِي شَرَفًا بِالعِلْمِ وَالأَدَبِ |
وَإِنْ فَخَرْتُ بِأَصْلٍ طَابَ مَحْتِدُهُ |
فَإِنَّ فَخْرِي بِمَا أَنْجَزْتُ أَخْلَقُ بِي |
أُجِلُّ قَدْرَ الذِي يَجْلُو بِقُدْرَتِهِ |
وَمَا أُسَرُّ سِوَى بِالسَّادَةِ النُّجُبِ |
وَمَا احْتَفَيتُ بِأَنْسَابٍ وَإِنْ عَظُمَتْ |
إِلا بِآلِ رَسُولِ اللهِ خَيْرِ نَبِي |
نَسْلٌ تَشَرَّفَ مِنْ "طَهَ" وَعِتْرَتِهِ |
لا آلَ مَنْ نَسَلُوا مِنْ عَبْدِ مُطَّلِبِ |
هُمُ الأَكَارِمُ أَقْدَارًا وَقَدْ نُسِبُوا |
لِخَيرِ جَدٍّ هَدَى الدُّنْيَا وَخَيرِ أَبِ |
أَحَبَّ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءَ ذَاتَ تُقَى |
كَمَرْيَمِ الطُّهْرِ لَمْ تَعْتَبْ وَلَمْ تَعِبِ |
بَرَّتْهُ أُمًّا رَؤُومًا وابْنَةً فَضَلَتْ |
كُلَّ النِّسَاءِ وَصَانَتْ طَاهِرَ العَصَبِ |
أَهْدَتْ إِلَى قَلْبِهِ زُهْدًا يُسَّرُ بِهِ |
وَسَيِّدَينِ هُمَا كَالأَنْجُمِ الشُّهُبِ |
فَكَانَ فِي الحَسَنِ السَّلْوَى لِقَلْبِ أَبٍ |
وَفِي الحُسَينِ سُرُورًا مِنْ نُبُوغِ صَبِي |
رَيْحَانَتَانِ أَفَاحَ اللهُ عِطْرَهُمَا |
فِي صَدْرِ أَحْمَدَ فِي جَدٍّ وَفِي لَعِبِ |
يَا آلَ بَيْتِ رَسُولِ اللهِ إِنَّ لَكُمْ |
فِي قَلْبِ كُلِّ تَقِيٍّ حُبَّ مُحْتَسِبِ |
يَا خَيرَ مَنْ وُلِدُوا يَا خَيرَ مَنْ قُصِدُوا |
يَا خَيرَ مَنْ حُمِدُوا يَا أَشْرَفَ العَرَبِ |
إِنْ كَانَتِ ادَّعَتِ الأَشْيَاعُ حُبَّكُمُ |
فَإِنَّ حُبِّي يَفُوقُ القَوْمَ فِي الرُّتَبِ |
إِنِّي أُحِبُّكُمُ حُبًّا لِجَدِّكُمُ |
وَطَاعَةً لِرِضَا الرَّحْمَنِ فِي رَغَبِ |
صَلَّى عَلَيْكُمْ إِلَهُ الكَونِ فَالتَزَمَتْ |
مِنَّا الضَّمَائِرُ تَرْجُو حُسْنَ مُنْقَلَبِ |
يَا آلَ بَيْتِ رَسُولِ اللهِ مَعْذِرَةً |
إِنْ كَانَ أَفْرَطَ فِي الدَّعَوى أُولُو الرِّيَبِ |
قَالُوا الرِّسَالَةُ إِرْثُ الآلِ خَالِصَةً |
وَبِالإِمَامَةِ حَصْرُ الشَّرْعِ بَعْدَ نَبِي |
فَكَذَّبُوا وَشُهُودُ الحَقِّ صَادِقَةٌ |
وَصَدَّقُوا وَدَلِيلُ الحُكْمِ فِي كَذِبِ |
لَئِنْ وَرِثْتُمْ مِنَ الهَادِي مَحَبَّتَهُ |
فَمَا يُوَرَّثُ دِيْنُ اللهِ بِالنَّسَبِ |
إِنَّا لَنُؤْمِنُ أَنَّ اللهَ خَالِقُنَا |
قَدِ اجْتَبَانَا بِتَقْوَى لَيْسَ بِالحَسَبِ |
وَقَسَّمَ الفَضْلَ بَينَ النَّاسِ فَاخْتَلَفُوا |
وَإِنْ تَشَابَهَ لَوْنُ الصُّفْرِ وَالذَّهَبِ |
وَقَدْ هَدَانَا وَأَهْدَانَا التِي اقْتَرَنَتْ |
بِوَعْدِهِ الحَقِّ مِمَّا بَعْدُ لَمْ يَهَبِ |
وَمَنْ أَذَلَّ هَوَاهُ الكِبْرُ خَابَ بِهِ |
وَمَنْ أَعَزَّ نُهَاهُ الحَقُّ لَمْ يَخِبِ |