بسم الله الرحمن الرحيم
هديـة من أسماء حرمة الله ومن سحر الليالي إلى أستاذنا د.سلطان الحريري: ملك مملكة النثـر
احتفالٌ بمملكـة النثر
حديقةٌ وارفة الظلال، تعبَق بروائح الياسمين والزنبق، وقد صنعت الأشجارُ بها عِقدًا من الخضرة، يدغدغ بوحَ الأنهار المترامية هنا وهناك، وهي تقصّ على المساحات الخضراء حكاياها وأسفارها..حديقةٌ لم يخلق الرحمن مثيلا لها البتّة، تزورها الشمسُ كل صباح في موعدها المعتاد فتهديها باقةً من الحنان والدفء، وهي تُحَيّي كل الثمار والفواكه والظلال، فتردّ عليها التحية عطراً وعبيراً يُفني كل الأحزان.
ويمرّ بين الفينة والأخرى قطرُ الندى ليرسم ابتسامةً عذبة على شفاه الورود، فتمتلئ الدنيا بالأغاريد..إنها الحديقة التي حفّتها أشجارُ اللوز الفاصلة مكانا لاَ روحاً بين مختلف أدواح الواحة.
دخلتُ وصديقتي الغالية سحر الليالي الحديقة، وجلسنا على ضفاف الحرف نستمع ونستمتع، وهديل الماء الزلال يسقي فؤادنا، وأريجُ أشجار النارنج يدغدغ شغافَ قلوبنا، فحطّت يمامةٌ بيضاء على كتف ابتسامتنا، وأخبرتنا بأن مملكةَ النثر تحتفل الليلةَ بعودة ملكها المتوّج د. سلطان الحريري إليها وإلى قرائه المعجبين بكتاباته وبيانه، وإلى واحته التي تفخر بفكره وقلمه وجهوده، فجمعنا أجمـلَ باقةً من زهور الحديقة، ودخلنا المملكة، وهي مملكة مترامية الأطراف، تقع على ضفاف النهر الكبير المسمى: البوح الرقراق، على مقربة من مملكة الشعر، توأمِها الروحي وإلفِها وأليفها..
كانت الأضواء تطرّز قاعة الاحتفال، والشمسُ التي غادرتْ بمحطة القطار مساءً عائدةً إلى بيتها الجبلي، كانت واقفةً ببوابة المملكة، ترحب بالقادمين وتستقبلهم مضمّخةً برائحة البخور، فقد كانت تشاطر القمرَ مكانًا واحدًا وزمانًا واحدًا ليلةَ الحفل، وكيف لا وهما يتشاطران احتفالا واحدا يلغي كل خلافات الزمان والمكان، أما العنادل فقد كانت تشدو وتغرّد وتلقي قصيدَها المكتوبَ بفرحة اللقاء، بينما لزمت النجوم كعادتها أماكنَ حراستها، فقد كُلِّفَتْ بحراسة ملك مملكة النثر د.سلطان الحريري بأمرٍ من ملك الواحة. وقامت زهرةُ الزنبق إلى المنصة، وقد كلّفها الحاضرون بإلقاء كلمة الاحتفاء:
أستاذنا الرائع د. سلطان الحريري،
غبتَ بحقائب قلمك الراقي عن أوراقِ مملكتنا، فغابت الشمس عن ميناء شروقها وارتدتْ ثوبَ الغروب، وغادرت الأزهارُ ألوانَها وعبيرَها فخاصَمَتها قطراتُ الطّلّ، حتى صار الصباحُ هزيلاً شاحبَ التقاسيم، وقد اعتزل نورَه الذي يصافح به الأملَ، ويصالح به الغدَ الأجمـل..غبتَ أستاذنا بقلمك الرقراق، فتنسّكَ الحرفُ وخضّب وجهه بالثلج، وارتدت الحقول عباءةَ الحزن، وأضربت الحقول عن مواسم حصادها.
وهاقد عدتَ إلى واحتنا الخضراء ومملكتنا، فعادت معك الشمسُ إلى قوافلها، توزع القمح والنور على المنازل والمرافئ والأقلام، وعادت الأزهار إلى خياطة أثوابها بالرحيق، وعادت لغة الضاد تتفتّح من جديد، لتتفتّح معها الأقلامُ والأوراقُ ..
وكيف لانعتزّ بكَ جميعا وأنت قلمٌ سامقٌ ووفاءٌ مخمليٌ للحرف والإبداع والمبادئ ولغتنا الأم؟ وكيف لانعتزّ بك وأنت تبذل قصارى جهدك للرقي بمملكة النثر التي تنطقُ نجومها وهجاً وحرفا؟؟ ستبقى دوماً كما أنتَ، نبراساً للنقاء والعلم والأدب، وبستانا وارفَ الظلال، وقصيدةً مطرّزةً بقوافي الوفاء ..
دمتَ لنا ودامت مملكـة النثر ودامت الواحـة..