وتسيرْ...
من قلبِ أزْمِنَةِ الضَّبابِ على مَعَابِرِ دمعِكَ المَصْلوبِ محزوناً كَسيرْ
تسيرْ
من عَهْدِ بابِلَ والمَسِيحْ
من ْعَصْرِ ذي قارٍ وتَدْمُرَ إذْ تَرَبَّعْتَ الحَضَارَةَ شارِداً...
لِِتُغَرْبِلَ الأفقَ الفسيحْ...
وَتُعَتِّقَ الأحلامَ في ليلِ الأبَاطِرَةِ الكَسِيحْ
وَلِتُغْمِضَ العينينِ في حِضْنِ الخَلِيْجِ
وَقَدْ مَضَوا نَحوَ الصَّفِيحْ...
وَلِتتبَعَ الأطْفَالَ فِي حقلِ السنابِلِ جائِعَاً
من أجلِ أن تُعْطِي الرَّغِيفَ وَتَسْتَرِيحْ...
.................................................. .........
ألْقَيْتُ مِن دَمعِي عَلى أسمَالِ ثوبِكَ يافراتُ لكَي تَصِيحْ
فمَتى تَصِيحْ؟
ومضيْتُ مِثْلَكَ في الزَّمانِ معَ الغرُوبِ
معَ انكفَاءِ الشَّمعِ إذ ولَّى بآخِرِ ليلَةٍ عبِثَ الهواء بثوبِها
ليُكَشِّفَ الماضِي القبيحْ
والرِّيحُ قَد وَارَتْ قَنَادِيْلَ الشُّعُوْرِ وَرَاءَ أزْمِنَة الخَرَابِ وَبينَ أجرَاسِ المَدِيحْ
.................................................. ........
ألقَيْتُ مِنْ دَمْعِي عَلَى أظْفَارِ حزْنِكَ يافراتُ لتَحْفُرَ الماضِي البَعِيدْ
لأرى قليْلاً مِنْ بنَفْسَجِ أمسِيَ المَفْقُوْدِ في رَمْلِ العَبِيدْ
وأرى الملوْكَ يرَدِّدونَ بِكلِّ زاويةٍ من الصَّحراءِ آمال السراب لكي ينَامُوا...
واللحَافُ يطَلْسِمُ العَهْدَ الجرِيحْ
ورَأيتُ صالِبَةَ التَّمَنِّي تقتُلُ الذِّكرى لِتَصْرُخَ يافراتُ وَتَطْحَنَ الحلمَ القبيحْ
.................................................. .........
وحدي عَرَفْتُكَ يافْراتْ
وَحدِي مَضَيتُ بِدَربِ أمسِكَ خاوِياً
كي أكشِفَ الحلُمَ المُخَبَّأ تحْتَ أحجارِ الطَّريقْ
فالكُلُّ قد ذبَحوا حَمَامَ خوَاطِريْ ...والكلُّ قَدْ ذابواعَلَى اللَّهَبِ العَتِيقْ
والصَّمتُ بي قد راحَ يَهْتِفُ غاضِباً كي يَنْشُلَ الحُلُمَ الغَريْقْ
ويُعِيدَ صَرْخَةَ أدمُعِي من بَعْدِ أن لُجِمَت بِقَيْدِ الحرْفِ لَمَّا خانَها جنْدُ اللغاتْ
وَحْدِيْ عَرَفْتُكَ يافُرَاتْ
أطْرَقْتُ أنْشُلُ بَعْضَ أصْدَافٍ تَوَارَى رَسْمُهَا تَحْتَ الترابْ
وأعودُ كَي أرنو إلى الحُلُم العتيقِ مهَلِّلا عند الغروبْ
أدري بِأنَّكَ يافُراتُ تعِبْتَ من طولِ التعطُّشِ والمسيرْ
أدري بأنَّ الصُّبْحَ فيكَ سَيَرْتَمِيْ يَومَاً عَلى ليلي الكَسِيرْ
كتفَاكَ قد كَلَّت فألقت مقلتاكَ عَلَيْهِما بَعضَ الدُّموعِ لتَسْتَرِيحْ
ولترْقُبَ الأمَلَ الفَسِيحْ
.................................
الصَّمتُ فيكَ حروفُ حُبٍّّ للوجودْ
والهمسُ منكَ سنابِلٌ تغْفُوْ على حَقْلِ الخُلُودْ
أو نجمَةٌ سَطعَتْ بليلِ القَهْرِ في الأفُقِ البعِيدْ
ولأنتَ تحفظُ كُلَّ ألعابِ الطُّفولَةِ إذْ تَذُوبُ على الجلِيدْ!!
وَرَسَمتَ فوق دَفاتِرِ الأيام كُلَّ عيونِ أطْفَالِ المَنَامِ وَهُمْ يعِيدُونَ اللهَاثَ وَرَاءَ لُعْبَةِ حُلْمِهِمْ
كي يرتجُوا منهَا المَزِيدْ
والدَّمعُ فوقَ وُجوهِهِم منكَ اضمَحَلَّ بريحِ فرحَتِهمْ إذِ ازدانَتْ على ألَقِ الخُدُودْ
من قبلِ أن تمضِيْ حَلاوَةُ أمسِهِم نَحْوَ الخُلودْ
بَلْ أنتَ تَذكُرُ كُلَّ صَرْخَاتِ الدِّماء وقد تَشَرَّبَ صمتَها كَفنُ المُعنَّى يالسِّلاحِ وبالحديدْ
وَتَعِي عِرَاكَ الأمسِ بينَ أصابعِ الولدانِ فوقَ ذِرَاعِ أمِّهِمُ الوَدودْ
من أجل أن يحموا الحدود!!
والليلُ ماضٍ يافراتْ
وَعََلَتْ بُعيدَ الحرب أنَّاتُ الغروبِ على صراخِ النَّصْلِ في صَدْرِ الوليدْ
وَمَضَوْا جَمِيْعَاً في سَرَادِيبِ الغِوايَةِ والجُحُودْ
والصبحُ آتٍ مِنْ جَديدْ
وَلأنتَ تَحْفَظُ كُلَ أغنِيَةٍ تَمَشَّت بينَ أحْلامِ العَشِيقِ
إذِ الهوى قَد لَفَّ بَدْرَاً يَعْتَلِي صَهْوَ الثُّريَّا مِن جَديدْ
كي يَهمِسَ الكَلِمَ القديمَ على ضِفافكَ إذ تَهُزَّ الرَّأسَ مُبْتَسِمَاً:
أياقَمَرُ استَرَحنا...لَن نَعودْ...
أنت المعتَّقُ يافراتْ...
فتعالَ أسمعْنِيْ أغاني أمسِنا...وحِكَايَةَ الماضِي البَعِيدْ...
فأنَا الطَّعِينُ بِلَيْلِيَ البَاغِيْ العَنِيدْ
وأنَا الطَّرِِيدْ
وَلَقَدْ تَلَظَّى قلبيَ الثَّاوِِيْ على جَمْرِ المَدَى...وَيُرِيْدُ أنْ يَنْسَى الغَلِيلْ
وَيُريْدُ أنْ يَرْوِيْ الظَّمَا...فَُخُذِ اليَدَيْنَ إلَى السَّبيلْ
كَيْ أمْسِكَ الغَيْمَ البهيَّ قبيْلَ أن يذويْ على لَهَبِ الطُّلولْ
فَخُذِ اليَدَين إلى هناك لأرْتَوِِيْ مِنْ عَالَمِ الحُلُمِ الجَمِيلْ
.................................................. ..............
مِنْ دَمعِ سُهْدِكَ يافُرَاتُ سَقَيتُ كُلَّ بناتِ شِعْرِي كي تَبُوحْ
فأنا وأنتَ على طَرِيقِ الأمسِ مازِلنَا نَسيرُ ونَسْتَرِيحْ
وكلا فُؤَادَيْنَا يرَتِّشُ شِعْرَ ماضيْهِ الجَريحْ
والصَّمتُ فينا يافُراتُ هُوَ اللغاتْ
والشَّيخُ فيكَ هُوَ الذي يثوي بهذا القَلبِ
كي يَبْكي على صَوتِ الدِّماءِ وَجُوعِ آمالِ المَسِيحْ...
عمر سليمان
6/12/2005