بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة والأخوات الأعزاء في المنتدى ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أما بعد :
يتشعبُ الحوار فيما بيننا ، وهذا أمر ٌ حسن ، خاصة حينما يدور حول مسألة في غاية الأهمية ، وفي هذا الظرف العصيب ونختلفُ في الرأي ، لا بأس ، لأنّ الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية ، إذا صدقت النوايا .
أمّا عندما نتوقف عند النصوص القديمة ( ( المقدسة)) ، وكأنها كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ونبحث فيها عن أدلة تكفير ، وأدلة تبرئة ، حين ذاك أجد نفسي متسائلا ً :
ما الجدوى من نبش القبور ؟! ، وقد أفضى أصحابها إلى ما قدموا ، وسيسألهم الله عن كل كلمة قالوها ،
أو كتبوها ، ولنْ يسألنا عن شيء ٍ من ذلك ، (( ولا تزر وازرة وزر أخرى )) . إلا إذا رددنا كالببغاوات ما كتبوه دون فهم منا . (( ولا تقف ُ ما ليس لك به علم .. )) .
مشكلتنا هي في قول الغالبية العظمى من الطرفين : إنّا وجدنا آباءنا على أمة ..الخ ، وكأنّ الأمر أصبح وراثيا ً !!
/أنا سني لأن أبي سني ، والآخر شيعي لأنّ أباه شيعي ، وهكذا / علما ً بأنّ التقليد في العقيدة لا يجوز !.
ولو فرضنا جدلا ً تبادل المواقع والأنساب لجاءت الأمور عكسية ، فأكون أنا شيعيا ً والآخر سنيّا ً !! .
يقول الأخ سلطان :((ولا نهوّن من الشيعة باعتبارهم عدواً داخلياً من أجل أن نتحد لملاقاة العدو الخارجي)).
لماذا يا أخ سلطان تصفهم بالعدو الداخلي ؟!!! سامحك الله .
يجب أن نفهم بوضوح مسألة الثوابت والمتغيرات ، وهذا أقوله أيضا ً لإحدى الأخوات (نورا القحطاني) التي افترضت ما يلي :(( لو قلت أنا مسلمة وقالت أخرى أنا مسلمة وقال آخر أنا مسلم، ولكلّ منا أعمال وأفعال تختلف عن الآخر...!!!؟؟ ، وجاء أحدهم يريد أن يسلم لله ..فوجدنا مجتمعين تحت مسمّى واحد ومختلفين في المنهج..والعقيدة ..!!برأيكم ما الذي سيحدث ...؟؟؟)) .
أقول : حتما ً لن نكون مختلفين في الثوابت ، والمعلوم من الدين بالضرورة ، فكلنا يصلي خمسة أوقات في اليوم ، متوجهين إلى قبلة واحدة ، متبعين رسولا ً واحدا ً ....ونقرأ جميعا ً في قرآن واحد ...الخ .
سنختلف في الشكليات ، التي يمكننا تقديم بعض التنازلات لبعضنا البعض لرأب الصدع فيما بيننا ،
ولكنّ الطامة الكبرى أننا نظنّ أنفسنا بأننا نحتكر الحقيقة المطلقة ، ولا نقبل من الآخر ما نرضاه لأنفسنا !!.
أليست هذه هي معضلتنا الحقيقية ؟!، التي تمنعنا من الالتقاء والتحاور ، فنحن مستعدون دائما ً لإلغاء الآخر،
ونحن .. ونحن ... ونحن ... وفقط نحن !!! .
أكرر مقولتي التي أتبناها بشدة ، وبصدق : نحن -المسلمين- بحاجة ماسة في هذا الظرف العصيب لطائفة من العلماء الجريئين ، الذين يملكون القدرة على التمييز الصحيح بين الغث والثمين ، ومن ثم ّ التبرؤ علنا ً من كل ما يسيء إلى الإسلام الصحيح ، وتنقية كتب التراث الإسلامي من الشوائب .
قد تكون هذه الفكرة طوباوية ، في المدى المنظور ، ولكن ، من الذي يستطيع أن يقول : بأنّ ذلك مستحيل مستقبلا ً ؟!
فأنا لا أشك بأن الله سبحانه وتعالى قادرٌ على كل شيء ، و سيأجرنا جمعيا ً على هذه النية ، وهذه الدعوة للاتحاد ، فكما قيل : الاتحاد يقوي القلة ، والاختلاف يضعف الكثرة .
فهذه دعوة صادقة كيلا نكون كغثاء السـيل .
وأفوض أمري إلى الله . والسلام .
أبو مأمون
1 /1/2006