أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 17

الموضوع: الفصل الأول من روايتي (( عندما تموت الملائكة ))

  1. #1
    الصورة الرمزية صابرين الصباغ كاتبة وقاصة
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    الدولة : الإسكندرية .. سموحة
    المشاركات : 1,680
    المواضيع : 131
    الردود : 1680
    المعدل اليومي : 0.25

    افتراضي الفصل الأول من روايتي (( عندما تموت الملائكة ))

    الطلقة الأولى




    - ادفعي لأسفل .. تنفسي بعمق ..
    - تعبت .. لي أكثر من ثلاث ساعات أدفع ، أتنفس ، حتى شعرت أن جدران و سقف الحجرة ؛ تضغط عليَّ ، تُساعدني ..
    - ساعديني ، إنني أرى الرأس ، اضغطي أكثر ..
    انقطع جهدي ، لم أستطع التحمل ، تكاد بطني تنفجر ، عيناي تخرجان من محجريهما ، ليتهم يعلمون أن طفلي ، لايريد الهبوط للدنيا ، لعله يرهبها ، أو أنه لايرغب في رؤيتي .
    تدخل أمي يكاد ينفطر قلبها خوفاً ، تناشدني أن أساعد الطبيب في دفع سيارة طفلي حتى يترجل منها على فراش عمري ..
    أبكي من الألم المبرح ، كل طلقة ، تكاد تنخلع معها أعمدة ضلوعي ، لتهوي روحي ، فأموت ..
    - والله يا أمي .. أساعده ، تعبت ، شارفتُ على الموت ..
    - رأس المولود بيدي ، شعره أسود متفحم ، إنها مُتعبة ..
    صرختُ صراخاً ميتاً ، لم أعد أحتمل ، لن ألد ، لا أريد الصراخ ..
    - أتركـــوني .. أتركـــوني ، سأبقى هكذا حتى الموت ، أخرج .. أنتَ لا تفهم شيئاً ، أنتَ لستَ طبيباً ..!! من أي الحظائر أتوا بك ..؟
    ينهض من أمامي ، يجمع بعضه – كله – يرحل ..
    لأبقى بين أيديهم جرح ينزف ، يؤلمهم جميعاً ، بدفقات خوف عليَّ وعلى وليدي ، الرافض للحياة ..
    كل طلقة تأتي ، كأنها قطار يمر بلا هوادة فوق فلنكات جسدي ليدهسه ، أبكي ويبكي الجميع من حولي ، يحملونني بسيارة لأحد المستشفيات ..
    لم يعد لديَّ قوة ، فقد وَلدتُ قوتي ولم ألد طفلي ..!! يحملونني حملاً ، عندما تأتي طلقة جديدة ؛ أقفز- أرتعد – أتلوى من شدة ألمها ، أصرخ صراخاً أبكم ..
    أمام المستشفى .. يحضرون سريراً متحركاً ، يأخذوني ، تأخذ أمي غطاء رأسي وحذائي ، يجري بي الممرض ، حالة مستعجلة ، الجميع يستعجل ، طفلي – الوحيد الرافض الحياة ، لا يشفق عليَّ من شدة الألم ، شعرتُ أني أتعرض لعملية أغتيال - طفلي - هو من يقودها..
    تُفتح لي الأبواب ، يدفعوني بالسرير ،كما يدفع بالخبز داخل فرن مشتعل ..
    أدخل باباً مظلماً ، بمفردي ، أنظر لأمي ، أستنجد بها ، تضغط على يدي بنظرة من عينيها ..
    رحلة قاتمة ، يدفعني الرجل بعنف ، من جهة قدمي ، حتى شعرت أن ابني سيخرج من فمي ..!!
    لا زال الألم العابث – الطائش ، يتتابع سعيداً ينهش أعضاء - أعضائي ..
    أنظر بالباقي من فتات بصري ، أرى نساءاً جالسات ، منهن من تبتسم ، من تصرخ - تتأوه ..
    أدخل غرفة إعدامي .. هناك امرأة تصرخ ، لي – لها، يلتفون حولها ، يعنفونها ، تلد- طفلها - هي- يصرخان ، ضاع ألمي ، غرق في بحر صراخهما ..
    أنام .. سبعة أطباء يلتفون حولي – الذبيحة – يبتسمون ، لايعلمون بكم الألم ، كأنهم يستعذبون آلامي ، يصرخ أحدهم ..
    - أضغطي .. لأسفل ، كلا ، لن أضغط ..
    تناشدني .. طبيبة صغيرة شفقة عليَّ ، أن أنفذ مايقولونه ..
    لي أكثر من خمس ساعات أضغط – أدفع ، هلا رحمتوني ، نفذي يا امرأة ، وإلا أحضرنا ( الجفت ) وأجرينا لك جراحة ، إفعلوا ما شئتم ، لن ألد بهذه الطريقة ، فلو كانت صالحة لكنت ..
    يضربني أحدهم على فخذي ، أصرخ - مرة - مرتين ، كنافورة ألم في وجوههم جميعاً ، أنهض من فوق الفراش المتسخ بدم وبقايا مياهٍ أسودٌ لونها ..
    - لن ألد .. أتركوني ، سأرحل ، لن ألـد ..!! تقترب الطبيبة مني ، صدقيني ، وليدُكِ نراه جميعاً ، ستقتلينه بعِنادك ، تعالي .. كلا .. لا دخل لكم بي – به سأرحل ، حتى وإن مت – متنا ..
    أسير بدهليز مظلم ، مبعثرة الشَعَرِ – الشعور ، حافية القدمين ، عارية من كرامتي التي تركتها هناك ، جثة هامدة فوق السرير الملوث ببقايا نساءٍ ، خلقن ليتعذبن برسالتهن ..
    الجميع ينظر إليَّ ، كأني جننتُ ، يضربون أستفساراً فوق أستفسار ، عيون الخوف والإندهاش تتبعاني ..!!
    الممر لا ينتهي ، الظلام الدامس يحوطني ، لو كانت هناك كاميرا تصور هذا المشهد لفزتُ بجائزة أوسكار كبطلة لأكبر أفلام الرعب ..
    تقفز إحدى الطلقات المؤلمة من فوق قارب جسدي ، لأهدأ بعض الوقت ، أستريح ..
    أعود بذكرياتي للوراء ..
    - ادفعي ..
    - هيا .. ساعدينا ، سيخرج وليدك الآن ..
    صرخة أخيرة تمسك بيديها الطفل لتنزل به ، فيهدأ الجميع ..
    يعطيني الطبيب – المولود – يسترشد بي ، ليرى العالم الجديد ، فأُ غسِلهُ ، ألبسه ثيابه التي سيواجه بها العالم ..
    تخرج الأم ، تحتضن طفلها ، أذهب إليها من آن لآخر ؛ لأداعب ضيف الحياة ، أشم عبق الطفولة في راحتيه ..
    انتهت نوبتي ، لليوم الأول لي بهذه المستشفى ، التي ألحقني للعمل بها أحد أصدقاء أبي ، بعدما انتهيت من دراستي ..
    ما أروع أن تولد على يديك حياة جديدة ..!! تكون أنتَ أول من يستقبل سائح جديد، لا يحتاج جواز مرور لدخول الدنيا ، لديه الإقامة الجبرية ، برغم أنف الجميع ../align

  2. #2
    الصورة الرمزية محمد الدسوقي قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Feb 2004
    الدولة : doha
    المشاركات : 1,420
    المواضيع : 83
    الردود : 1420
    المعدل اليومي : 0.19

    افتراضي


    صابرين الرائعة

    عشت المشهد بكل تأوهاته وآلامه وكأنني الذي يلد ...؟!

    تصورات لا يستطيع كتابتها إلا مجرب ..يا لك من حاذقة .
    أخذتني فلول الهواجس بتمنعك عن الولادة ....وقلت هل هذا يعقل ..؟

    أنها حرب الحياة من أجل الحياة .....بدون طلقات .

    الحمد لله الذي جعل الرجل لا يحمل ..!

    (يخرج الحي من الميت ، ويخرج الميت من الحي ، ويرزق ما يشاء بغير حساب )

    بداية موفقة إن شاء الله

    لك التحايا ... حتى يزول آلام المخاض

  3. #3
    في ذمة الله
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    المشاركات : 3,415
    المواضيع : 107
    الردود : 3415
    المعدل اليومي : 0.50

    افتراضي

    رائعة الروائع أ / صابرين الصباغ

    تحفة روايتك تلك ، تعايشت معها حتى كدت أصرخ وأتنفس لها .

    ولكن البداية كانت للسيدة الحامل ، والنهاية جاءت من ممرضة ، لست أدري !
    ولكني فوجئت .

    خالص الحب والود لجميع روائعك أختاه .

  4. #4
    الصورة الرمزية إبراهيم القهوايجي قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Aug 2005
    الدولة : المملكة المغربية
    العمر : 60
    المشاركات : 136
    المواضيع : 14
    الردود : 136
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    الرائعة صابرين
    انا استغرقت دهشتي بنصك/فصل روايتك لما استقبلته لاول وهلة يومها على المسنجر، وقلت لك أن هذه البداية - الطلقة هي نسيج لوحدها على مستوى اشتغال طريقة السرد واللغة والوصف الدقيق لالم المخاض والولادة/ ولادة الرواية ايضا وهذه الدرامية التي تميز أجواء النص ، بحيث يسبد بي التوتر والضغط وأنا أقرأ الفصل ، وتلك ، لعمري ، مميزات الادب الرفيع ..لانه ببساطة يتضمن الصدق الفني ، بمعنى أن الادب الجميل لا بد للاديب فيه من معاناة، انها تلك اللحظة الحرون/الولادة التي تستعصي على التحديد ، لكن بمقدرتك الفنية وفقت في الالمام بدقائقها ، انها لحظة تصادم الحياة بالموت او الموت بالحياة او انبثاق الحياة من الحياة...
    دمت مبدعة يا صايرين
    مع حبي وودي

  5. #5
    الصورة الرمزية الصباح الخالدي قلم متميز
    تاريخ التسجيل : Dec 2005
    الدولة : InMyHome
    المشاركات : 5,766
    المواضيع : 83
    الردود : 5766
    المعدل اليومي : 0.86

    افتراضي

    شاهدت افلام علمية للولادة وعاصرت حوادث ولادة
    لكن هنا مشهد متقن لحالة امرأة تلد لأول مرة
    صابرين كأنني كنت ألد
    اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَما صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهيمَ. إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

  6. #6
    الصورة الرمزية صابرين الصباغ كاتبة وقاصة
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    الدولة : الإسكندرية .. سموحة
    المشاركات : 1,680
    المواضيع : 131
    الردود : 1680
    المعدل اليومي : 0.25

    افتراضي

    [QUOTE=محمد الدسوقي]

    صابرين الرائعة

    عشت المشهد بكل تأوهاته وآلامه وكأنني الذي يلد ...؟!

    تصورات لا يستطيع كتابتها إلا مجرب ..يا لك من حاذقة .
    أخذتني فلول الهواجس بتمنعك عن الولادة ....وقلت هل هذا يعقل ..؟

    أنها حرب الحياة من أجل الحياة .....بدون طلقات .

    الحمد لله الذي جعل الرجل لا يحمل ..!

    (يخرج الحي من الميت ، ويخرج الميت من الحي ، ويرزق ما يشاء بغير حساب )

    بداية موفقة إن شاء الله

    لك التحايا ... حتى يزول آلام المخاض
    [/QUOT


    وأنا معك محمد

    ان الولادة حرب أنفصالية

    لتعيش الحياة

    اشكر لك مرورك الكريم

    دمت مبدعا

  7. #7
    الصورة الرمزية صابرين الصباغ كاتبة وقاصة
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    الدولة : الإسكندرية .. سموحة
    المشاركات : 1,680
    المواضيع : 131
    الردود : 1680
    المعدل اليومي : 0.25

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبلة محمد زقزوق
    رائعة الروائع أ / صابرين الصباغ

    تحفة روايتك تلك ، تعايشت معها حتى كدت أصرخ وأتنفس لها .

    ولكن البداية كانت للسيدة الحامل ، والنهاية جاءت من ممرضة ، لست أدري !
    ولكني فوجئت .

    خالص الحب والود لجميع روائعك أختاه .

    الجميلة والحبيبة أ/// عبلة

    نعم بطلتي كانت تحتاج مساعدتك لها لتلد

    البداية لها لكنها بلحظة تختفي الطلقات

    تعود وتتذكر حادث ولادة كانت تحضرها كممرضة

    لكن اخبريني هل أكمل فصولها

    أم اكتفي بهذا القدر

    وكل عام وأنت حبيبتي بكل الخير

    وعائلتك الكريمة

  8. #8
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Dec 2005
    المشاركات : 416
    المواضيع : 75
    الردود : 416
    المعدل اليومي : 0.06

    افتراضي

    استاذة صابرين

    بداية رائعة

    أحييك عليها

    تملكين من اللغة والتشبيهات بحرا غزيرا

    رائعة فى تصاويرك النثرية

    ماذا اقول غير شاعرة روائية

    تقبلى منى

    محمد عسران

  9. #9
    الصورة الرمزية صابرين الصباغ كاتبة وقاصة
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    الدولة : الإسكندرية .. سموحة
    المشاركات : 1,680
    المواضيع : 131
    الردود : 1680
    المعدل اليومي : 0.25

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إبراهيم القهوايجي
    الرائعة صابرين
    انا استغرقت دهشتي بنصك/فصل روايتك لما استقبلته لاول وهلة يومها على المسنجر، وقلت لك أن هذه البداية - الطلقة هي نسيج لوحدها على مستوى اشتغال طريقة السرد واللغة والوصف الدقيق لالم المخاض والولادة/ ولادة الرواية ايضا وهذه الدرامية التي تميز أجواء النص ، بحيث يسبد بي التوتر والضغط وأنا أقرأ الفصل ، وتلك ، لعمري ، مميزات الادب الرفيع ..لانه ببساطة يتضمن الصدق الفني ، بمعنى أن الادب الجميل لا بد للاديب فيه من معاناة، انها تلك اللحظة الحرون/الولادة التي تستعصي على التحديد ، لكن بمقدرتك الفنية وفقت في الالمام بدقائقها ، انها لحظة تصادم الحياة بالموت او الموت بالحياة او انبثاق الحياة من الحياة...
    دمت مبدعة يا صايرين
    مع حبي وودي
    ابراهيم القهوايجي

    أدمنت حروفك شاعر

    وتعلمني بحرفك وانت ناقد

    وبين هذا وذاك احتار

    انت اقوى بايهما

    وجدتك شاعر يولد من رحم ناقد

    وناقد أنجبه شاعر


    دمت مبدعا

  10. #10

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. الطلقة الثانية .... عندما تموت الملائكة ..!!!
    بواسطة صابرين الصباغ في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 18-07-2013, 02:10 PM
  2. صورة السرد فى رواية عندما تموت الملائكة لصابرين الصباغ
    بواسطة جمال سعد محمد في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 25-01-2012, 11:53 PM
  3. الفصل الأول والثاني والثالث من روايتي ... شواطيء قديمة
    بواسطة صابرين الصباغ في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 20
    آخر مشاركة: 27-06-2008, 09:58 AM
  4. الكف تناطح المخرز - رواية بقلم : د . محمد أيوب / من الفصل الأول إلى الفصل الخامس عشر
    بواسطة د . محمد أيوب في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 26
    آخر مشاركة: 27-08-2006, 03:29 PM
  5. الفصل الأول ، الثاني ، الثالث من روايتي @ عندما تموت الملائكة @
    بواسطة صابرين الصباغ في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 23-02-2006, 10:52 AM