مذبحة القلوب .... قراءة واقع

مذبحة القلوب
للشاعر المتميز أحسان مصطفى

ولكم أردتكِ حين داءٍ
والمدادُ الغضُ فيهِ,
والموّدة من بعيــدِ..
على الصبابة قحطُ وصلٍ
والمسافةُ من صدودِ
والنواعيرُ البسيطةُ
ثأرها الغضبُ الشريدُ,,,
على المقاعدِ صوتنا
والناسكاتُ بهِ تغنّي
يا لغطرسة القلوعِ
وهتكُ دمي المُراقِ
بذا العراقِ,,,

يركب الشاعر امواج لبحار الامل والمجداف عنده هو الالم
انه يصرخ فينا ... والوجع قد وصل الى حالة فريدة قد لم اعهد سماعها عند غيره من الشعراء
انه يقر لنا بوضوح ان العراق وهو مصابه أوصله الى :
هتك الدم فضلا" عن أراقة هذا الدم
والهتك أبلغ وصف وضفه الشاعر ربما لتصوير ماحصل يوم 9\4 وماأصطلح على تسميته ( الحواسم ) يوم أن هتك المواطن العراقي ( وهو أبن البلد ) حرمات المؤسسات لدولته في الوقت الذي كان ينتظر منه حراستها في ابشع صورة لاقسى فاجعة مرت على تاريخ العراق ، ولسنا هنا لتحليل ماجرى فقط أردت أن انوه الى التوظيف الناجح للشاعر في وصفه
وكان بودي لو اعطى لهذه الاضاءة المزيد من الأبراز والتفكيك فلايتوقف عند أختصار واقعة فيشير لها بكلمة واحدة ، وكان الاجدى أن يبين لقراءه كيف تم الهتك وماأفرزه لنا من فواجع مانزال نلوك خبز انكسارنا جراء ماحصل !

ولكم أردتكِ حين داءٍ

وهنا يؤشر الشاعر بوضوح أن علة ماحصل في العراق ....
فيبغي تغليب ارادته الشعرية لعله يرى حقيقة ما سيرويه لنا في تفاصيل الحكاية ، انه يقول أن الداء كان في الاصل موجود من قبل أن يصل المارينز ترابنا ومن قبل أن يأكلوا تمرنا ويشربوا من دجلتنا ... أنه داء القسوة الذي يكاد يمزق جسد بلادنا
والموّدة من بعيــدِ..
على الصبابة قحطُ وصلٍ
والمسافةُ من صدودِ
\
\
\
وعندما لايتبقى أمام شاعرنا ألأ أمل ... واحد ... بعيد
ويستدعي الشمس لتضىء له ولنا ضوء الظهر أذ كل ما يحيطنا صار مظلم ، مجهول ، وبات كلا" منا يشك في كل شىء وحتى الشمس نتمناها أقترابا" لنتأكد من سطوعها
من وجودها
من لهيبها
آه ياشمس الحقيقة من جعلك تأفلين عن أرضنا وكنت باهية ومشرقة ذات فرح لم يدوم ، يوم صدقنا أن الشمس شمسي والبلاد بلادي ولن يغير الاعداء ماتبصر الاحداق
والحقيقة أنه ماعادت لشاعرنا حقيقة يثق بها
فصرخ

ونادتِ الشمسُ المسافة باقترابٍ
علّها تدنو لرأسي
كم أساوي بعد مذبحةِ القلوبِ؟
تقطّع الأمل الوحيدُ
\
\
وحينما يغادر الشاعر مقاعد ( النظر المصيب ) فلا يعرف عن سر بلواه يجيب ، عن فردوسه المفقود ، عن غابات أئتلاقه ، عن ضحكات الصبايا ، والسرور كيف أمسى حلم بعيد
فيجيب بمرارة ... ان سبب ماجرى ... أن الشمع عانق الفتيل...
وخان الشمع ، حين قرر أن يهجر موضعه الطبيعي ورفيقه النحل ليصاحب من بناره أحترق ... الفتيل
أن بكاء الشموع تحكي لنا قصة الاختيار الخاطىء للصاحب في المسير والتي نقع فيها جميعا" ضحايا آناء الليل واطراف النهار
ويستمر أذ ذاك بكاؤنا من عهد آدم أو يزيد

وغابةُ الفردوس
أضحت من بكاءٍ
والدماء بها تسيلُ
وعانقَ الشمعُ الفتيلُ
كما النزيف على الضلوعِ

\
\
وعندما يقر بالخطأ يود شاعرنا معالجة ماجرى
يقرر
الرجوع الى الربوع
وهيهات ياشاعرنا النبيل... هيهات

وأرعد الليلُ اقتنائي
للعبارة , للرجوعِ
وللربوعِ,,,
نوافذُ الصبحِ الشريدةُ
بعضُ يومي
والنهارُ صدى دموعي,
\
وهنا يصل في غصته الى مداها الابلغ
يستنفر مابقي في ذاكرتنا المثقوبة ويسأل أنصافنا وصدقنا
هل رأيتِ القادمينَ
إلى خنوعي؟
يحتسونَ الشايَ
من دمعي وجوعي ,!
والتماسيحُ الأكولةُ والمزيدُ
وسؤاله كان لغاية أصر أن تورد في شهادته بفاجعة العراق
اذ المارينز رأيناهم قادمون يحررون في حروبهم الاستدعائية من أرادوا أن يتحرروا
رأيناهم قادمين ... رأينا الخنوع ...والدمع والمواجع ...
رأيناهم... وكلّهم سمّارُ نعشي
\
\
واليأس بلغ أيما مبلغ من مشاعر شاعرنا وبدت الظلمات لاولئك الظالمين وبدا الصباح وبدا الليل وزاحت الشمس السواد

ذاتَ وقتٍ
لمْ أصلْ فيهِ المرّجى
حيثُ أنتِ
كيفَ رحتِ إلى الربوعِ
تركتني في البردِ
أحبو فوق ثلجِ
هل تُرى يوماً تكوني
في دياري ,
بدا الصباحُ وطال في الليلِ
انتظاري
وزاحتِ الشمسُ السوادَ
من النيامِ إلى حدودي,
إلى مسافاتِ الوجودِ
إلى السماءِ,

\
\
\
نعم
لقد أنتحر شاعرنا
فقال للعالمين
أنه سيحيا بدون الحقيقة
فالحقيقة أن ما يجمع العراقيين ... قلوبهم
ومودة القلوب أحالت المشهد الى مذابح قلبية
وكان الاستفهام استنكاريا" أفادنا أنه ذرف من عينيه نهر يشق تراب العراق ويسلم على اهل العراق ليطمئن ان عطشهم لم يعد يؤذي الاجيال الاتية
لاعطش بعد اليوم ...ياعراق
وليحيا شاعرنا بدون ... أخلائه ... فلا تنتقل عدوى أحزانه لغيره من أحبائه ... فأي نبل هذا الذي يسكن قلبك
أيها الانسان ... أحسان
ايها الشاعر بنا
وانت سمير قلوبنا وقولك كاد يبكيني يارجل

هل تُرى المكتوب أن أحيا بدونكْ
يا لدجلةَ تشرب الآن بكائي
يا لدائي

.........
إحســـان

ليهنأ العراق
أن صار له من سيابه ... اثنين

أنت ومذبحتك مشروع ابداع وحزن سيابي

الاول أحزنته بنت الجلبي وهي لم تزل تنظر اليه بوجوم من فوق شناشيلها
والثاني
أحزنته بنت مازال ينظر اليها من شناشيل الجبال في زاخو الحزينة ودمعه العزيز صار في الفاو ينام ويمتزج في شراييننا
ليهنأ العراق
أن صار عنده قتيلان من هواه
سياب انثج دمعه في مزاريبنا ... مطر ... مطر
والثاني
لايجف دمه وهو يسطر من شرايينه ... مذبحة القلوب
ليهنأ العراق
أن صارت السنابل فوق ترابه ... اعواد مشانق
وصارت نخيلنا ... كل يوم..يشنق ...على سعفها..الف مسيح ويصلب

أحسان جعلتني الهث الى السماء
استغيث مع المستغيثين
الهــــــــــــــــــــي
الهــــــــــــــــــــي
الهــــــــــــــــــــي

لا
لاتجعل
الشمعُ ... يعانق ... الفتيلُ
بل اجعلهما يتآلفان
علنا نطرد من ألقهما ...نورا" تبعد عنا نار الظالمين

أخي الفاضل خليل :

لله أنت ما أروع ما قرأت من تحليل رائع

سلم قلمك ودمت لنا

لك خالص إحترامي وتقديري

تحليل واع يتغلغل إلى أعمق أعماق الحروف نابشا ما قصده الشاعر و ربما ما لم يقصده .
آمل أن أتمكن من قراءة ديوان هذا الشاعر لتكوين فكرة أشمل و أوضح عن هويته الأدبية .
دمت في خير

سحر اليالي


انها مذبحة قلوبنا نحن أبرياء القرن الامريكي الجديد

شكرا ً لانك هنا