قراءة غير متسرعة في تداعيات ما سمي بالزلال الحمساوي

ربما كان التوصيف المتعجل لطبيعة النصر المتميز الذي حققته حركة المقاومة الإسلامية / حماس بزلال كبير واحدا من(الفلتات) التي قد تقرأ بمعيارين مختلفين: فهو قد يوحي من جهة ما ان الحق الطبيعي لهذه الانتخابات ان تأتي على غير ما جاءت به ، وان فوز الإسلاميين طفرة مزلزلة قلبت التصورات وأحدثت نوعا من اللامحسوب في عرف السياسة الديمقراطية ، وقد تشعبت التحليلات وذهبت غير مذهب في التحليل دون ان تتناول جملة من المرتكزات الأساسية التي كان لا بد من الوقوف عليها لتقليل اثر الزلزال وقراءته قراءة سياسية واعية ، ومن هنا نحب ان نضع بين يدي الحدث المزلزل في رأيهم هذه المعطيات في نقاط محددة علها تجيب عن بعض المشكلات التحليلية في استكبارهم واستهجانهم لما حدث.
- أولا: النسبة العالية التي حصلت عليها حماس
نحب – هنا – أن نذكر بان هذه أول انتخابات من نوعها تشهدها ساحة عربية ، يشارك فيها إسلاميون وفق ظروف موضوعية فلم تشارك حماس ولا غيرها في مثل هذا الواقع الديمقراطي ولذلك فالأجدر أن تقرا النتيجة لا على أنها طفرة ، بل حقيقة واقعية أن الإسلام عندما يقدم في ظروف موضوعية في بيئة إسلامية عربية كما حصل في فلسطين سيكون خيار الناخب دون منازع
- ثانيا- السلطة والاتفاقيات السلمية ، جاءت السلطة بخيار غربي ، ومارست منهجها دون تفويض او وصاية شعبية ، وكانت خياراتها المفتوحة هي توجيهات القوى المتنفذة لا قناعات السلطة او أتباعها ، ومن هنا، فلم تكن هناك ثمة قراءة لجدوى الخيار السلمي لان المفاوض الفلسطيني لم يكن في حقيقة الأمر إلا متلقيا ينفذ خيارات سيده ، ومن هنا فقد بقي الخيار السلمي نمطا توجيهيا تفرضه سياسة التحكم الغربي في مصائر الشعوب المنكوبة.
- 3- ثالثا: حماس والمستقبل القادم/ كانت حماس قبل دخولها الفعلي قبة التحرك السياسي من خلال البرلمان تمارس نوعا من السلطة الفعلية الموازية ، من خلال برنامجها الذي فرضته بنجاح دون موافقة السلطة السياسية الرسمية عليه ، وقد لاقت في سبيل ذلك ضغوطات كبيرة لم يكن أشدها الاعتقال أو الاغتيال ، وقد بقيت حماس طوال فترة الحكم السلطوي تتمدد وتشتد حتى وصلت الى ما وصلت إليه الآن مع هذا الفوز الكاسح ، من هنا فان اعتبار فوز حماس مصيدة ستشل قدرتها على المتابعة ، وسيحيل قدراتها الى اعباء تنذر بانهيارها وانتهاء مسلسل التقدم في حركتها ، نوع من الوهم في التحليل ، ذلك أن فوز حماس جاء على ارضية الاشتباك المستمر وفق برنامج المقاومة ، وقد خاضت هذه الانتخابات وهي تعلم أن المرحلة ليست أبدا مرحلة استقرار امني واستقلال سياسي ، بل على العكس تماما ، فان فوزها أكد على واقعية المرحلة من خلال اعتبارها مرحلة تحرر وطني ، فازت حماس والواقع السياسي على الأرض جامد جمودا أبديا انتهت معه كافة الاتفاقات: اوسلو وخارطة الطريق وغيرها ، وانفرد الجانب الصهيوني بحلول رسمها جداره العزل وحواجزه المنتشرة ، ومن هنا فان التذرع بوقف العملية السلمية لن يصب إلا في ساحة العبث القولي الذي لا سناد له .
- اما المعضلة الحقيقية التي قد يخشاها المحللون قد تفسر بأهون مما يخشاه المثرثرون ؛ ذلك أن إصرار المحتل ومعه الغرب على قطع المساعدات بذريعة صعود حماس الى السلطة هو في حد ذاته لصالح حماس من جهتين :أولاهما، أن إصرار هذه الإدارات على قطع المساعدات هو إنهاء نهائي لواقع السلطة الفلسطينية وتدميرها تدميرا كاملا وهذا لن يصيب حماس إلا بما لا تشتهيه الإدارة الصهيونية والأمريكية . ثانيا، أن وقف المساعدات يعني إنهاء حالة الحكم الذاتي وإقرار حالة الاحتلال وهنا تصبح الأزمة في وجه المحتل مضاعفة إذ عليهم رعاية شعب محتل لا حكومة قاصرة وهنا تعود الخيارات السياسية إلى ما قبل اوسلو باعتبار غزة والضفة أراض محتلة وهذا سيخدم الطرف الذي قدم نفسه على انه طرف مقاوم لا حكومة استقلال بديلة ، ومن هنا فانا لا اعتقد ان الغرب بهذه السذاجة حتى يسمح لما بناه أن ينهدم ، ومن هنا سنشهد قريبا حالة من الانفراج لقضية الدول المانحة ، إما إذا قدر لهذه الحكومة ان تفشل – وهذا صعب – أن لم يكن مستحيلا فان فشل الحكومة سيعزز الوضع الفصائلي المبني على الفعل المقاوم وهذا سيصب في مصلحة حماس أيضا
- رمضان عمر
- رئيس رابطة أدباء بيت المقدس
- نابلس
- فلسطين