أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: الألفة والرووووح الحية في رواية " جبل السُماق "التاريخية ..

  1. #1
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    المشاركات : 16
    المواضيع : 3
    الردود : 16
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي الألفة والرووووح الحية في رواية " جبل السُماق "التاريخية ..


    الألفة والروح الحية في رواية تاريخية
    قراءة لرواية " جبل السمَّاق " سوق الحدادين .
    للأديبة / إبتسام تريسي .



    الافتتاحية :
    في إحدى الصباحات البائنة التي علت آفاقها ذرات تتصاعد تارة وتهبط تارة أخرى , رفعت وجهي المهزوم والمرسوم على تضاريسه إمارات الإنهاك والخمول إذ بيد مجدبة تناولني مظروفا أبيضا . هذا لكِ . وصل بالأمس ولأنك لست هنا حفظته لكِ , امتدت يدي لترى على عجل ماذا يحوي !! فإذ برواية " جبل السماق " تسكن بهدوء داخل المستطيل الأبيض . وإذا بي أبدأ رحلة القراءة .
    بداية :
    تقع الرواية في أربعمائة وثلاث وثلاثين صفحة , مكونة من سبعة فصول . يتجلّى في هذه الرواية إبداع الروائية " إبتسام تريسي " باسترسالها في صنع وبناء تاريخ حافل بالثورة والهجوم والبحث عن الاستقلال ومن ثم الخروج من ظلام العتمة متوجهة نحو شمس الحرية .
    ضخت الكاتبة في روايتها الروح والحركة واستنتاج النتائج ، كما قامت ببناء سردي محكم كما سنرى في قراءة العمل .

    أجمل ماتميزت به الروائية ذكرها تفاصيل الحياة اليومية بدقة متناهية متنقلة بنا بين المنازل والحارات والمزارع والأزقة والخانات والبساتين وسوق الحدادين والسجون والمغارات وداخل المعتقلات والنوافذ الحالية التي يلتقط من هو مأسور بداخلها ملمح المارة وإطلاقه الزفرات والأشواق . أيضا مقاعد المدارس " المكاتب الفرنسية " ومخازن الذخيرة .
    الأحداث دارت في شمال سوريا " موطن الأديبة " , واجهتني شخوص عدة وأحداث ضروس تأثرت بها كثيرا حتى أنني في بعض الفصول كررت قراءته . البعض من هذه المعمعات وصلت لنهايتها في نفس اللحظة والبعض تأخر وصولي طويلا ، وشعرت أنني أوشكت أن أضيع في الإمساك بخيط الحل حتى وصلت لآخر الأحداث ليتضح لي كل ماكان مختبئا .

    امتدت ساحة الأحداث طويلا وتشعبت في جهات عدة ، ولاغرابة في ذلك لأن الكاتبة تعرض أمامنا تاريخ وطن بأكمله , وكل مكان أوجه إليه بصري في الرواية إلاّ ويحتم عليّ التوقف، ولقد أجبرت كثيرا على التوقف المتكرر لأربط تلك الأحداث الشائكة مع بعضها البعض , ولأتأمل ملامح مكانية مرتبطة بشكل رئيسي مع سير خط الرواية .سواء ماكان داخل حدود المقاومة أو داخل الثكنات العسكرية الفرنسية .


    الشخصيات :

    هناك شخصيات عديدة قابلتها وقد تعرفت عليها منذ البداية لأسير برفقتها وأنا أعلم ماذا تخبيء , والشخصيات إما رئيسية أو ثانوية . منها مالعبت دورا كبيرا في بداية ووسط الأحداث واختفت ليتراءى دورها بآخر فصل .
    ومنها ومن خلال السرد عرفناها من خلال هيئتها وتصرفها وطبيعة نفسيتها " كحويسي , وحمندوش , وبعض الأفنديات , والجنود الفرنسيين .
    ومنها من كانت لها مكانة لاتتزحزح كإمام الجامع والمسجد " الشيخ مواهب " و " هاشم أفندي " أيضا من له بعض الكرامات كأولياء الله الصالحين .
    بطل الرواية هو " إبراهيم "ذو الجسد الصغير , المعاون الأول لوالده في مهنة الحدادة رغم تذمره منها أو" لنقل المجبور على مزاولتها " أيضا لابد أن نتوقف عند الات الحدادة الملازمة للبطل والتي ذكرت في الرواية مثل " الملاقط , السندان , المنفاخ , والكير , والشحار , والشطيخ , برادة الحديد , المسننات "
    الكاتبة لم تغفل عن ذكر الأبطال اللذين خططوا لاستعادة سوريا مثل : إبراهيم هنانو , نجيب سخيطة , أمين الحرصوني , مصطفى المحلول , أبو عدلا , يوسف الأسود , أبو فلان .
    نوهت الروائية في الصفحات الأولى إلى أن معظم أبطال الرواية عاشوا في بلدتها الصغيرة المنسيّة في الشمال السوري .. وثمة شخصيات اقتضتها الضرورة الروائية .
    أيضا لابد من ذكر مجتمع سوق الحدادين كمحمد الخير " أبو الطاهر " والد البطل إبراهيم , وكان هو الزعيم لأغلب محادثات المجتمع , وعبد الحميد ومحمد علي .
    زوجتا محمد الطاهر هما أم إبراهيم التي لم تظهر بدور بارز في الرواية رغم بروز ابنها , وفاطمة الزوجة الأخرى له والتي ظهرت في أغلب فصول الرواية من حيث اهتمامها بالمنزل , والحرص على عناية الأبناء , والدفاع الدائم عن إبراهيم وقت هجوم الوالد عليه .
    ظهرت أيضا لحلوحة السجينة والتي استطاعت الهرب من سجن الحويسي الذي حرمها حتى من استنشاق الهواء بفضل مراقبته المستمرة لها .
    أيضا فضة التي كانت في كل مرة ترجو التخلص من آثامها واللعنات المحيطة بها .
    تعدد الشخوص بصورة كبيرة ومؤثرة ساعدت على دفع الأحداث بفضل قوة الصراعات المثيرة التي حدثت بينها وظلت ثائرة دون توقف ، كما أعطت مساحة عريضة للحركة دون أن نخشي الملل او تكرار الأحداث .
    هذه سمة للروائية والتي ارتبطت بوصف الحياة اليومية بدقة متناهية .

    الجانب النفسي
    الجانب النفسي في الرواية برز لنا بشكل كبير جدا ولعل تصوير ماحدث لنجيب سخيطة أثناء القبض عليه والتنكيل به ومن ثم اعتقاله وترك ساقه داخل سجنه لتعطي دلالة على تصوير الكاتبة الفاهم والقوي للأحداث , واستنطاقها اليقظ لتلك الشخصيات .

    أغلب صور المجتمع نقلتها لنا كالألعاب " الصيّاح , والدحل , والجتا الفرنساوي " الخضراء وهي الدابة التي تقوم بنقل الحاصلات للسوق أيضا الديك العشيري . الحكايات لها دور ومكان ولم تغفل عنها وهي تردد على مسامعهم كل مساء " كعنترة وأبو زيد الهلالي ."

    الأماكن :
    الأماكن في الشمال السوري عرفناها من خلال الأحداث كـ شباك الخان , والحارة الغربية , وقرية السرجة , وسهول القمح , واستنبول , وحلب , وقرنة الحائك , بيت الأمة , وقرية أرم الجوز , المعرة , أريحا , أدلب , رأس الزابوق "

    في الرواية وجدنا موقفا تصادمية يبقى المؤث ويتلاشى العكس , بينما بقيت مواقف إبراهيم مع والده " محمد الخير " بارزة وظاهرة بشكل كبير خاصة حينما أراد التعليم وترك مهنة الحدادة , أيضا موقف نجيب سخيطة أمام الاستعمار حال القبض عليه ووقت ووجوده داخل السجن , المرأة التي ولدت من فارس بك وصدع عنها وعدم اعترافه به ... لاننسى مواقف الزعماء المواليين لفرنسا على حساب الحد من حرية الشعب السوري وبيعهم الأسلحة وعقدهم الاجتماعات التي تجهض أحلام الاستقلال .
    الأزمنة :

    فصول السنة كانت بمثابة الجو اللطيف الذي بعثته الكاتبة إلى فصول الرواية , وكيف لا وسوريا أصلا هي إحدى بلاد الشام وتتمتع بطبيعة خلابة جميلة ظلت تطوف أمام خيالها أثناء سردها فزجت بها من خلال فصول الرواية لتنثر دررا فنية تزيد من لمعان وتوهج الأحداث كقولها " عبّ هواء الخريف القادم بملء رئتيه , عانقت أشجار الزيتون والتين عينيه بإلفه , ضحكت له ثمار التين الناضجة بلونها الأصفر الفاقع والأحمر القرمزي ..... "
    أو .." فاجأك حزيران بغزارة أمطاره , ليست ظاهرة المطر في حزيران غريبة على جوّ الأربعين .... "أو " رحل الربيع حاملا في جعبته غيومه البيضاء وأمطاره وشقائق النعمان , مانحا الشمس فرصة لإنضاج الثمر , وترك المراعي مقفرة من الحشائش الطرية ...."
    أو " سحب الصيف الكئيب ذيول حزنه , تاركا ذيول حزنه , تاركا الأوراق الذابلة تغزوها الصفرة والريح المغبرة ترتع في الأزقة ..... "
    صور حية من الماضي :

    من مظاهر الحياة المكررة التي بسطتها الكاتبة مظاهر التعليم من كتاتيب الشيوخ إلى مدارس " مكاتب " يتوفر فيها كل مايحتاج الطالب , وفرض المستعمر هيمنته على مناهج التعليم , وانقسام المعلمين إلى قسمين بين موالٍ ومعارض للاستعمارن وهو ما يتكرر دائما في المحن التي يتعرض لها الوطن ؛ فالشدة تكشف المعدن هل هو أصيل أم خسيس .
    الأعمال اليومية المعتادة برزت بين فصول الرواية كاصطفاف النسوة على شكل حلقة في أرض الدار , ووضعهن القمح بالرحى ويأخذن بتحريك اليد الخشبية لتنزل حبات البرغل المطحون , وتتصاعد الأغاني مشجعة الصبايا كصوت أم الصادق :
    شدوا يابناتي شدوا بكرة بجوزكن ..
    ترد الصبايا متسائلات :
    لمين ياميمة لمين ؟! تترنم أم الصادق بكلماتها :
    لجارنا أبو محمد , زين الشباب ....
    ومن صور إعدادهن للأطعمة في تلك الحقبة :
    تربع الموقد في صدر الغرفة و" مرد " الماء في أرض الدار , تجمعه في علبة صفيح تضعها فوق الموقد .
    أيضا إذابة الدبس بالماء ووضعه على النار وتحريكه مع النشا .

    توليفة وألفة :

    إبتسام تريسي في روايتها جعلتنا نشعر معها بالألفة والتعاطف نتيجة قلمها الصادق ونضج تجربتها ، فقد جسدت بقعة غالية من وطنها من خلال فصول راعت فيها الزمن والمكان والحدث والشخوص والصراع والبعد النفسي , ومزجت كل هذه التوليفة لتخرج لنا " ثورة الجبل وصراعها مع المستعمر , وحلمها بشروق شمس الحرية " .
    وكل ماصاحب وأحاط بثورة الجبل أحضرته لنا كانه معاصر لنا وحاضر بقوة التجسيد ، واجتهدت في تلك التفاصيل الدافعة للاستزادة من تصاعد الأحداث ، وتلونها ، وربما تقاطعها لتمنحنا قدرا من التاريخ متضافرا مع القدرة الرائعة على التخييل .
    وهي في مشوارها السردي ومشروعها الإبداعي تكون قد اكملت صورة وطنها الأبهى لتصل إلينا عناصره الحكائية الحية بكل قوتها واضطرابها وهديرها وتسامحها وتضحياتها والآمها ودموعها مكللة بنتيجة أكيدة وساحقة وهي تحرير الوطن .
    على هدير بوسطة أبو النوري تسمرت وثرت وابتسمت وتعجبت بجبل السماق .
    إبتسام أقف لك احتراما ، وأحييك على هذه الرواية التي شغفت بها كثيرا فلم أجد تحية أفضل من أن اقدم لها هذه القراءة البسيطة .

    أعزائي :
    هذه القراءة الأولى التي أقوم بها اتجاه رواية أتمنى أنني وفقت وأريد منكم التوجيه ..



  2. #2
    أديب وناقد
    تاريخ التسجيل : Dec 2005
    الدولة : بعلبك
    المشاركات : 1,043
    المواضيع : 80
    الردود : 1043
    المعدل اليومي : 0.16

    افتراضي

    أشكرك على هذه القراءة التوصيفية الأولى التي تضعنا أمام رواية تاريخية جديرة بالدراسة و يبقى أن نسعد بالحصول عليها و الارتحال معها و استكناه مراميها و دلالاتها .
    في انتظار دراستك التحليلية لها .
    دمت في خير و عطاء

  3. #3
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Sep 2004
    الدولة : أرض السرد
    المشاركات : 508
    المواضيع : 62
    الردود : 508
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي

    شكرا ريم
    هذه مشاركة نقدية جميلة
    التحية لشخصكم الكريم
    نورت المنتدى .

  4. #4
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    المشاركات : 16
    المواضيع : 3
    الردود : 16
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سعيد أبو نعسة
    أشكرك على هذه القراءة التوصيفية الأولى التي تضعنا أمام رواية تاريخية جديرة بالدراسة و يبقى أن نسعد بالحصول عليها و الارتحال معها و استكناه مراميها و دلالاتها .
    في انتظار دراستك التحليلية لها .
    دمت في خير و عطاء
    أستاذ سعيد
    شكرا لعبورك , لاغنى عن قراءة الرواية فيها توثيق تاريخي مميز لسوريا في فترة ماضية ..
    أتمنى أن تحصل عليها .

    دمت بخير .

  5. #5
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    المشاركات : 16
    المواضيع : 3
    الردود : 16
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سمير الفيل
    شكرا ريم
    هذه مشاركة نقدية جميلة
    التحية لشخصكم الكريم
    نورت المنتدى .

    أهلا أستاذي ..
    تحية صباحية جميلة .
    شكرا لوجودك ,الذي يمثل لي الحافز الأكبر للعطاء .. أنا مازلت في البداية , وانتظر وجودك المشرق .

    دمت بنقاء .

  6. #6
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    المشاركات : 16
    المواضيع : 3
    الردود : 16
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    تعليق الأستاذة إبتسام تريسي على قراءتي للرواية في منتدى القصة العربية :

    ما كتبته ريم هنا جعلني أفكّر ببعض التوضيحات حول الرواية ، وتذكّرت طلب أيمن الجندي السابق ، ورأي الكثيرين ممن قرأوا روايتي ووجدوا فيها صعوبة بسبب تزاحم الشخصيات وكثرة الصراعات ، وبسبب الأماكن . عدا أهل بلدتي الذين يعرفون المكان جيداً ويعرفون الشخصيات ، فقد سمعت الملاحظة هذه من كلّ من قرأ الرواية .
    سأتحدّث أولا عن المكان كما ورد في الرواية مع إضافات .
    أريحا تاريخياً وباختصار :
    تحتل موقعاً هاماً ، فهي ملتقى الطرق بين حلب واللاذقية ، وحماة ومعرة النعمان ، تتمتع بمناظر خلابة وأشجار مثمرة ، تقع في أحضان جبل الأربعين ، اشتهرت بالعيون والينابيع ( التي جفت حالياً ! ) عرّفها ياقوت الحموي في معجم البلدان بقوله هي أنزه بلاد الله وأطيبها ). اختلف المؤرخون بكتابة اسمها ، قال البغدادي المتوفى عام 739 هـ ـ(اسمها ريحاء ـ تمييزاً لها عن مدينة الجبارين أريحا فلسطين ) وذكر الغزي أنّها كلدانية أي تعود إلى الألف الأولى قبل الميلاد . ويرجح الباحث السوري فايز قوصرة أنّها أقدم من ذلك إذ جرت فيها معارك حاسمة مع جيوش الملك الفرعوني تحتمس الثالث ( 1490 ـ 1438 ـ ق . م ) عندما غزا سوريا عام 1460 .فيها تلال أثرية تعود إلى ذلك التاريخ ، وقد ورد اسمها في نص كتابي على مدفن في كونكورديا في شمال إيطاليا باللغة اليونانية باسم ريحون .
    عندما تم هدم الساحة أمام ( خان البازار ) عثر على مغر يمتد من عند الجامع الكبير ـ سوق الحدادين ـ إلى التل , وسرداب هذا المغر نحتت فيه متعرجات ، ومحلات استراحة ، وعثر على جرة فخارية فيها نقود بيزنطية ـ بندقية ـ عربية ـ
    فيها مدافن يونانية ورومانية .كانت مركز قضاء في العهد العثماني ، ثم أصبحت تابعة لمحافظة إدلب .
    الخانات :
    خان السوق ، خان البازار ، خان القيصرية ( الخان مكان استراحة للمسافرين ) ــــــــــ
    لابدّ أن أوضح المقصود ببعض الكلمات الّتي مرّت في الرواية ولم تصل القارئ البعيد عن المنطقة حتى ضمن سوريا . وقد عملت بنصيحة أحد الأصدقاء بحذف الإشارات التي وضحت بها الكلمات ، على أساس أنّها رواية وليست كتاباً لأشرح في الهوامش ، واكتشفت أنّه كان من الأفضل بقاء تلك الإشارات !
    الزابوق : الزقاق ـ ما قصدته برأس الزابوق أي مدخله .
    الشطيح : مريول من الجلد الأصفر يرتديه الحداد أثناء العمل .
    التفية : موقد حجري يتصدر الغرفة يستخدم للتدفئة وطهي الطعام .
    الخضراء : حمارة جدي ، سمّاها كذلك تيمناً بخضراء الحكاية الشعبية ( أبو زيد الهلالي )
    الوشنا : تسمية تركية للكرز الخمري اللون الحامض الطعم الذي يصنع منه المربى ، والشراب .
    ـــــــــــ
    الشخصيات :
    كتبت الرواية في البداية لأبي وعنه ، فكان إبراهيم الصغير الذي جاهد كثيراً من أجل أن يتعلم ويخرج عن سطوة أبيه من دكان الحدادة ، وقد أكملت رحلة بحثه عن نفسه في الجزء الثاني ، بعد أن خدع والده بقبوله الدراسة في الخسروية ( المدرسة الشرعية التي أقامها خسرو باشا في حلب ) ودرس في التجهيز الثالثة ، ثم عيّن معلماً جاب أنحاء سوريا غرباً وجنوباً وشمالاً ، وقدّم الثانوية العامة ، ودخل كلية الحقوق ليصبح محامياً .
    ثمّ جعلت الرواية في خطين متوازيين ، أحدهما يحكي عن ثورة الشمال السوري بقيادة المناضل إبراهيم هنانو ، والثاني يحكي حياة البلدة الصغيرة أريحا بناسها البسطاء . وقد جمعت أكبر قدر من الشخصيات وأغفلت البعض ـ ليس عمداً ـ لكني أرهقت الخط الدرامي بكثرة الشخوص والأحداث .
    الشخصيات المتخيلة كانت قليلة ، مما جعل الرواية تقترب من التوثيق . مع هذا اعترض بعض السكان على ورود بعض الأحاديث والمناقشات التي دارت في بيت الأمة والتي يعتقدون بعدم حدوثها ، لأنهم لم يفهموا الأمر على أنه رواية ، واعترض البعض على لعبي بالأعمار لبعض الشخصيات كي تناسب الحدث ، فهم يرفضون ( الكذب الجميل ! ) الذي يحوّل شخصية حقيقية إلى أخرى روائية قد تصلح نموذجاً عاماً .
    رجال الكتلة الوطنية ، كلهم وردوا بأسمائهم الحقيقية ، العملاء اكتفيت بصفاتهم وغيّرت أسماءهم ولم أفلح في إخفائهم نهائياً لأنّ أهل بلدتي يملكون ذاكرة حيّة جعلتهم ينبشون الشخصيات الحقيقية من الرواية ويخرجونها كما كانت .
    نجيب السخيطة : أردته شخصية محورية هامة في تاريخ الثورة مع أنّ كتب التاريخ الرسمية لم تذكره !
    وحكايته حقيقية كما جاءت في الرواية ـ اختلف البعض في روايتها لي حين قالوا إن مدير المشفى هو الذي نشر له ساقه دون بنج ، لكنّي فضلت روايتها كما جاءت في نصي لاعتقادي أنّ ذلك أكبر وقعا في نفس القارئ . وقد توفي في تركيا وهو في الثمانين من العمر ولم أعثر له على أولاد يكملون لي حكايته . وبيت الشعر الذي ورد على لسانه في الرواية أخذته من معجم البلدان وهو لشاعر معاصر لياقوت الحموي اسمه عيسى بن سعدان.
    يوسف حسون : أول شهيد في أريحا خطفه القصف الأولي بالطائرات للمدينة ، فغنى له الأطفال في الأزقة تلك الأغنية التي رافقت طفولتي وبقيت في الذاكرة .
    محمد خير ،جدي ، محمد علي وعبد الحميد وعمر ، أخوته .


    الشخصيات النسائية :
    لاشك أن الشخصية الوحيدة التي جاءت كما هي في الواقع هي شخصية جدتي فاطمة ، وكنت أحبها أكثر من جدتي والدة أبي ، وهو كان يحبها أيضا للأسباب الواردة في الرواية .
    أما حسنة فهي شخصية روائية لخصت من خلالها تاريخاً طويلا للقمع ، شمل قرى الشمال في تلك الفترة جاءت من قرية حيش مع أهلها هربا من ظلم الإقطاع لتواجه بظلم أكبر في بلدتنا .
    فضة : نسخة عن عاهرة تدعى فطيم لها زقاق مسمى باسمها في البلدة لم أستطع الحصول على معلومات عنها ، فغيّرت اسمها ، ثمّ جعلتها تتحول إلى شيخة باسم بدرية ، بعد أن وطئها المجذوب صديق ، الذي كان في الأصل مجرماً فاراً من بلدته ليختفي عن عيون الدرك !
    وهوب ومريم وعائشة ، وأم الصادق ، صورة عن نسوة الحي الذي احتفظت بتفاصيله عندما كنت صغيرة ، كنت أندس بين تلك النسوة في حفل الخبز ، وحفل الحناء ، وحفل طلي الجدران بالكلس ، وحفل الغسيل ، كان كل شيء يذهلني في تلك النسوة عندما أزور بيت جدي في الأعياد ورمضان .
    لحلوحة : كان هناك امرأة جميلة تعيش مع حويسي في خان البازار ( بعد تحوّل تلك الخانات إلى أماكن لسكن الضباط الفرنسيين ، وأماكن يرتادها الحشاشون ) ويقال إنّه كان يغني لها وهي تقف في النافذة وعيون أهل السوق ( البازار ) تتأملها . فآثرت أن أصنع منها شخصية روائية . فوجئت بعد انتشار الرواية ، أنّ لحلوحة لم تكن مجرد حكاية ، وأنها لا زالت على قيد الحياة ، وأن قصتها كانت فعلاً كما جاءت في روايتي ! وأنّها ما زالت جميلة وهي في الثمانين من عمرها الآن متزوجة من شخص محترم ، توفي فاعتنى بها أبناؤه كأنّها أمهم .! أحياناً يكون الواقع أغرب من الحكاية . ما أدهشني أنّ لحلوحة كانت غريبة ، جاء بها حويسي من طرابلس وهي فتاة صغيرة ، وهام بها عشقاً ، وعاش معها دون زواج وكلّ التفاصيل التي جاءت في الرواية والتي ظننتها من خيالي انطبقت على الواقع !
    اللوحة التي على الغلاف تصور مدخل أريحا القديمة ، واللوحة في الخلف لعنقود من السماق .
    العنوان :
    جاء من التسمية القديمة لسلسلة جبال الزاوية
    والمقدمة التي اخترتها لجبران كانت تأكيداً على وحدة الأرض والشعب بين سوريا ولبنان ، وقد أشرت إلى تلك الوحدة داخل الرواية بوحدة النقد ( في بنك سوريا ولبنان ) ووحدة المصير في موقف حميد فرنجية أمام الأمم المتحدة مع فارس الخوري من أجل استقلال سوريا ، ووحدة الدم التي أشار إليها جبران .
    الإهداء كان مقدمة لفكرة الرواية كيف وجدت .
    ــــــــــــ
    النقاد أجمعوا ـ تقريباً ـ على رأي يقول : إنّ الرواية ضخمة كان الأفضل لو اختصرتُ أحداث وشخصيات كثيرة منها لتصبح رواية جيدة .
    قال لي خيري الذهبي ( روائي سوري ) على هامش أمسية أدبية : لقد اعتنيتِ بتفاصيل التفاصيل ، وهذا ما أضر بالرواية ، حاولي أن ( تنشفيها ) بالفرن ، والكلام فيه دعابة شبّه بها الروائي الجميل روايتي بطبخة ( كيواج ) وربّما كان وقت الحديث جائعاً !
    وقال لي نبيل سليمان ( ناقد وروائي سوري ) : بين يديك كنز لا يوجد عند الآخرين ، فقط ابتعدي عن التوثيق وأطلقي لخيالك العنان .
    أما الروائي وليد إخلاصي فاكتفى بأن قال كنتُ أريد التعرف على من كتب كل هذا ـ أثناء القراءة ـ لأطابق الصورة على الحرف . يبدو أنّ الرجال لا يصدقون أنّ المرأة تستطيع أن تدخل عالم الرجال بهذا الحياد والموضوعية ، فالسائد أن تكتب المرأة في أمور تمس عالمها الداخلي أولا من خلال الموضوع العام الذي تتناوله .

    ما قاله الأخ خالد الجبور عن الرواية أقتبسه فيما يلي :
    * ارتفاع مستوى مقاطع الوصف في الرواية .
    * المقدرة على كشف أعماق الشخصيات في كثير من الأحيان، وفي
    مواقف إنسانية مختلفة .
    * القدرة على توظيف التفاصيل بصبر تحسدين عليه .
    * روح المغامرة لديك ، والتي تتجلّى في محاولة إعادة كتابة التاريخ روائيّاً ( وهو ما أشار إليه الروائي الكبير إسماعيل فهد إسماعيل )
    * الإحاطة بمادتك الروائية إحاطة شاملة .
    • تنوّع الفضاء الروائي، وتعدّد الرؤى داخل الرواية ، وتقاطع الخاص مع العام فيها .
    أمّا ما آخذه على الرواية ، فيتمثل فيما يلي :
    • الطول الزائد الناجم عن تفصيل التفاصيل، دون حاجة أو ضرورة في كثير من الأحيان .
    • غياب عنصر التشويق .
    • عدم وضوح الخيط الواصل بين أجزاء الرواية .
    • تبعثر الأحداث، وكثرة الشخصيات ، التي بدت جامدة في أغلب الحالات .
    • تأثير الأفكار المسبقة على جريان الأحداث وصور الشخصيات .
    • اضطراب الأسلوب في مواطن كثيرة ، ووجود حشو لغوي زائد
    • اضطراب الحوار وارتباكه بسبب المزج غير الناجح بين الفصحى والعامية حتى في الجملة الواحدة أحياناً .
    • الفصول والمقاطع الخاصة بتصوير المناضلين وما خاضوه من معارك ضد المستعمر، جاءت ضعيفة أكثر من غيرها ، ربّما لأنك كتبتها اعتماداً على الروايات الشفهية التي سمعتها دون أن يكون لديك تصور كافٍ عن كيفية توظيفها داخل الرواية .
    • المباشرة الشديدة في بعض الأحيان، والإصرار على تفسير ما لا يحتاج إلى تفسير .
    وباختصار يمكنني أن أقيّم الرواية بالقول إنها رواية جيّدة بشكل عام، لكنها لا تصل إلى الحد الذي يلفت الانتباه إليها، ولو أنك اختصرتها إلى الخمس أو السدس، فلربّما كان لها شأن آخر . ولا يفوتني أن أقول إنّ المشكلة في الرواية تكمن في أنّها كتبت من الخارج، ولم تتركيها تنمو من الداخل نموّاً طبيعياً، بحيث تتحرك الشخصيات في بيئة واضحة ، متأثرة بالأحداث ومؤثّرة فيها، كما أن أغلب الشخصيات بدت بلا ملامح حقيقيّة، وكأنها مجرّد حيل لتقديم الأحداث وتفسيرها .
    .ـــــــــــــ
    أعترف أن الكتابة في هذه الرواية كانت مرهقة لأنّها احتاجت مني إلى متابعة دقيقة للحدث التاريخي ، وحياة النّاس في رحلة بحثي عن الحقيقة والتوثيق .
    وأرجو أن أكون قد وفقت ولو بشكل جزئي . فأنا كقارئة أدرك جيداً أن روايتي ينقصها الكثير لتكون رواية ممتازة أو رواية ممتعة أو أيّ تسمية أخرى


  7. #7
    الصورة الرمزية د. محمد حسن السمان شاعر وناقد
    تاريخ التسجيل : Aug 2005
    المشاركات : 4,319
    المواضيع : 59
    الردود : 4319
    المعدل اليومي : 0.63

    افتراضي

    سلام الـلـله عليكم
    الاخت الفاضلة الاديبة الناقدة ريم مهنا

    لقد ملكتني ايتها الاديبة بهذه الدراسة الراقية في القراءة
    والمعالجة الادبية :

    الألفة والروح الحية في رواية تاريخية
    قراءة لرواية " جبل السمَّاق " سوق الحدادين .
    للأديبة / إبتسام تريسي .
    وقد اعجبت جدا بطريقتك الهادئة غير الانفعالية , تستخدمين
    الادوات الادبية , بنفس مرتاح و بحرفية أخاذة , وقد اعجبت
    بتعليق الاديبة الروائية إبتسام تريسي , على تناولك للرواية ,
    والفسيفسائية الغنية في الشخوص والاماكن .
    وهكذا جاءت الدراسة كاملة مستوفاة , متسمة بالعلمية
    والموضوعية الواضحة .

    بوركت ايتها الاديبة الفاضلة .

    اخوكم
    السمان

  8. #8
    الصورة الرمزية سحر الليالي أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    الدولة : الحبيبة كــويت
    العمر : 38
    المشاركات : 10,147
    المواضيع : 309
    الردود : 10147
    المعدل اليومي : 1.50

    افتراضي

    أختي الرائعة ؤيم مهنا :

    سلمت على هذه الدراسة الأدبية ..وهي بحق كما قال استاذي الفاضل د.السمان
    "اعجبت جدا بطريقتك الهادئة غير الانفعالية , تستخدمين
    الادوات الادبية , بنفس مرتاح و بحرفية أخاذة"

    سلمت ولك خالص تقديري مع باقة ورد

المواضيع المتشابهه

  1. كلمة في التاريخ .. " الشخصية التاريخية "
    بواسطة بهجت عبدالغني في المنتدى الحِوَارُ المَعْرِفِي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 12-04-2010, 10:20 AM
  2. طوق الحمامة في الألفة والألاف لابن حزم الأندلسي
    بواسطة مروة عبدالله في المنتدى المَكْتَبَةُ الأَدَبِيَّةُ واللغَوِيَّةُ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 28-05-2009, 05:01 PM
  3. الحية العمياء
    بواسطة عبدالملك الخديدي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 26
    آخر مشاركة: 14-08-2008, 10:28 PM
  4. صاحب الحيَّة
    بواسطة حوراء آل بورنو في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 27-08-2006, 08:11 PM
  5. عالم كردى يكشف حقيقة الأكراد التاريخية, "البرزنجية والطالبانية عرب"!!!!
    بواسطة محمد دغيدى في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 19-02-2006, 05:20 PM