--------------------------------------------------------------------------------
سيل عارم من الافكار التي لا تستئذنه وهي تمرق من مكان ما ..كي تكدر صفوه.امتزج والاف المشاعر ..وهو يتامل المبنى الضخم تنهد بعمق وهو يراه يبتعد .ويجر معه ذكريات مريرة لا يقوى على نسيانهاابدا........
وبسرعة خاطفة استحضر نظراتها المتسائلة..وهي امام الطبيب تذكره عجزه ..لم تنبس ببنت شفة..بل خطت نحو الباب .....
هدوءعجيب يقطن عينيها وكانهاغير معنيةبما حدث.تمنى صادقا لو استطاع النفاذالى اعماقها .لو انها اعطته جواز سفر ..وحطمت هذا الصمت المطبق..ترنو الى الافق البعيد;وعندما ينتابها الملل تسند راسها على كتفه .
وتسدل الستار تضم ذاك الحزن الهادئ تحت جفون متعبة .
الكل بدا مرهقا والحافلة ..تتوغل في الفضاء الواسع .الكترامي الاطراف ..
والارض التي ملت العطش فندت عنها صرخة الم .تشقق منها سطحها الهش المحطات بعيدة .وعلى جنبي الطيق اشجارها صامدة .ونبتات الصبارالتي تذكرهبملاعب الصبار ومراتع الشباب...
والحلم الارجواني الذي استقر بذاته .معلنا بداية الدوران حول الايام والسنين ..
والصباحات التي ارتوت من دموع الخيبة التي ينتهي بها كل مشوار والالم العوسج الذي تتولد عنه الهواجس .فتفقده ايمانه بكل شيئ الا بربه .
اعاده الى عالمه المتحرك اهتزاز عنيف .عند بداية منعطف خطر فاخذ يستغفر ربه ...
فتحت عينيها وقالت متسائلة:
لم تنتهي الرحلة بعد!!!
ابتسم مجيبا:
مازال الوقت مبكرا ياابنتي..
في الخارج ظلام كثيف دامس والزجاج تحول لمرايا تعكس وجوه الركاب .
التي اتعبها السفر .وارهقها السهر .وهي تعيد صلحها مع الايام ..
يشرد به الذهنبعيدا .عن هذا الهيكل الضخم المتحرك. ويستسلم للخواطر التي ترد عليه تباعا ...
لقطات سريعة من الصبا.والعين مازالت ترنو الى الحياة بتطلع كبير.ينشد الحريةيكسر الطوق ويفر حيث تتجه الرياح..
يقطف الثمار .وينام حيث ما اتفق ..
يغالب احساسه باليتم .فيتعرف على الكون الفسيح فيحس بانه جزء لا يتجزا من مداراته وكواكبه .فيصاحب القمر ويعشق النجوم.....
يتنفس بعمق ووعيه يعود به الى عالمه المتحرك ..
عبر سكون الليل .يسابق الزمن...
احس بانها تتامله ..التفت اليهاقائلا:
كان حافلا بالانفعالات ..والمتاعب..
اجابته والابتسام يظلل وجهها:
والليل يمحو آثار النهار وتبقى فقط الذكرى........
والآلام !!!!!!!!!!
انفرجت شفتاها عن ابتسامة صادقة .واطل هدوء عجيب من عينيها الجميليتين..
كل من يخطو نحو قدره بثبات..
اغرورقت عيناه بالدموع هم ان يقول شيئا غير انه اكتفى بضمها مقبلا جبينها....