وصفات شعبية
أربع أقاصيص
بقلم : نزار ب. الزين*
*****
[size=5]-1-]
طب الأسنان البديل
شكا أبو شاكر من آلام ضرسه ...
آلام مبرحة تعصف في كل كيانه ، و خاصة منطقة الرأس
طيلة الليل ، كان يتجول في غرفته الصغيرة الملحقة بدكانه ، و يده فوق خده ، و لسانه لا يكف عن الأنين و الشكوى..
قرية الغدير حيث دكان أبو شاكر ، ليس فيها طبيب أسنان و لا حتى طبيب بيطري !
، أما عاصمة المحافظة فليس فيها طبيب أسنان ، إنما فيها طبيب بشري واحد يمارس الطب بأنواعه بما في ذلك الجراحات البسيطة كاسئصال الزائدة الدودية أو اقتلاع اللوزتين ، و لكن ليس فيها من يقلع الأسنان أو الأضراس ، إذاً لا بد من التوجه إلى عاصمة الدولة .
مر به اسماعيل الطاهر ، المتعلم الوحيد من جيله في قرية الغدير ، و الذي يلقبه عناصر الدرك ساخرين بمحامي القرية ، فوجد ( أبو شاكر ) في هذا البؤس ، فنصحه ، أن يضع قطرة واحدة أو قطرتين من حمض الكبريت ( الأسيد ) فوق ضرسه ؛ فيقتل الألم في الحال !.
توجه في الحال إلى مطحنة القرية ، التي لم يبخل عليه صاحبها ببضع قطرات من ( الأسيد ) تناولها من البطارية التي يشغل بها محرك المطحنة ...
فاحترق الألم – كما قال اسماعيل الطاهر ، و لكن ....
احترقت معه بضع أضراس مجاورة ، و جزء من اللثة و بعض من عظم الفك ،
-2-
آخر الطب ، الكي
شكا زامل الهوري من آلام مبرحة في بطنه
كان يصرخ من شدة الألم ..
أحضروا له العجوز خميسة ، حكيمة القرية ...
سخنت قضيبا من الحديد حتى إحمر و توهج ..
كشفت عن بطنه ..
كوت مكان الألم ..
فصرخ زامل فبلغت صرخته عنان السماء ، ثم أغمي عليه .
في اليوم التالي حملوه إلى مستشفى العاصمة ..
أجروا له جراحة ناجحة لاستئصال المرارة ،
و لكن مكان الكي كان قد التهب ..
ثم تعفن ..
ثم كانت النهاية لشاب في العشرين.....
-3-
دخان الجلَّة
زار طبيب الصحة المدرسية مدرسة الغدير
و بعد أن فحص عيون الطلاب ، أعطى الأستاذ مروان زجاجة تحتوي على دواء أزرق اللون ، ثم طلب منه أن يقطر لتلاميذه مرتين يوميا ، فأغلبهم مصاب بمرض التراخوما ، و أضاف أن التراخوما إذا لم تعالج كما يجب قد تفقد بصر المصاب بها .
وضحة فتاة في عمر الزهور ،
إلا أن عينيها كانتا تدمعان باستمرار ،
لجأت إلى خميسة حكيمة القرية ،
نصحتها خميسة أن تعرض عينيها لدخان الجلَّة* قائلة : << دخان الجلة* يجوهر النضر *>>
و بدأت وضحة منذئذ تعرض عينيها لدخان الجلَّة كل يوم و أحيانا كل ساعة .
علم بأمرها الأستاذ مروان معلم القرية فهي شقيقة اثنين من تلاميذه .
حمل زجاجة الدواء الأزرق ،
و تمكن من إقناع والديها ثم من إقناعها ، أن تجرب دواء طبيب الصحة المدرسية ؛
ما أن سكب أول نقطة في عينها اليمنى ، حتى صاحت وضحة ألما ..
- ربما ستتألم وضحة أول يومين و لكنها سوف تعتاد !
قال الأستاذ مروان ، فتصدت له خميسة قائلة :
- نحن لا نؤمن بأدوية الأطباء يا استاذ ،
ثم عادت وضحة تعرض عينيها لدخان الجلَّة ..
عندما عاد الأستاذ مروان إلى قرية الغدير بعد الإجازة الصيفية ،
لفتت إنتباهه وضحة ، تمشي في الجوار و بيدها اليمنى عصا ، و يدها اليسرى تستند على كتف أخيها الصغير .
-4-
طب شعبي
عاد الأستاذ مروان – معلم قرية الغدير – إلى غرفته في مدرسة القرية ، بعد أن تناول طعام العشاء على مائدة المختار ،
أشعل الفانوس أولا ،
ثم بدأ يغير ملابسه ،
فما أن ارتدى بنطال منامته ، حتى أحس بلثغة قوية في ساقه اليمنى ،
ثم شعر بحركة حشرة داخل البنطال ، فضربها بيده ثم نزع البنطال على عجل ، و كم كانت مفاجأته مرعبة عندما شاهد أن غريمه كان عقربا .
ارتدى ملابسه على عجل و عاد مسرعا نحو القرية مستنجدا ، نادوا له خميسة على عجل ، و هي سيدة عجوز قالوا أنها حكيمة القرية !
شقت له بسكينها مركز اللثغة من ساقه ، ثم أخذت تمص من الدم النازف ، ثم تبصقه ، كررت العملية عدة مرات ؛
و لكنها...
و على حين غرة عاجلها شهيق مفاجئ (حزقة) اضطرها أن تبلع بعضا من الدم الممزوج بالسم ..
طلبت ماء ..
شربت كمية كبرى منه ..
ثم كمية كبرى من اللبن الحليب..
ثم ابتدأت ترتعش ..
ثم همدت.....
-------------------------------
الجلَّة : روث الحيوانات يعجنونه ثم يصنعون منه أقراصا يتركونها في الهواء الطلق حتى تجف ثم يستخدمونها كوقود
*يجوهر النظر : يحول العينين إلى جوهرتين ، و هو مصطلح يعنون به ، أن دخان الجلة يشفي العيون المريضة .
------------------------------
* نزار بهاء الدين الزين
مغترب سوري
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
عضو جمعية المترجمين العرب الدولية
الموقع : www.FreeArabi.com
البريد : nizarzain@adelphia.net [/size