|
ترى هل يطول الصمت حزناً لما يجري؟! |
وهل موسم الآلام يبقى مدى العمرِ؟! |
وهل تترك المأساة ذكرى جحيمها؟! |
وهل تعصف الذكرى بمن لاذ بالصبرِ؟! |
أيا موكب الأحزان: مهلاً، لأنني |
أقاسي شجوناً بات يغلي بها صدري |
لقد أدْرَكَـتْ أرضُ الفرات احتضارها |
وقد مَــزَّقَـتْ أحشاءها طعنةُ الغدرِ |
غدا ملؤها قهراً وظلماً وقسوةً |
وقتلاً وترويعاً وذعراً على ذعرِ |
وصارت لياليها عذاباً ومحنةً |
وفي رافديها بات موج الأسى يسري |
وما عاد زهو الأمس يغشى نخيلها |
ولا طائر الآمال يأتي مع الفجرِ |
وأضحى شعاع الشمس تكسوهُ حسرةٌ |
وأخْـفَـتْ غيومُ الحزن إطلالة البدرِ |
فما أكملت (بغدادُ) تضميد جرحها |
وما عُـوْفِـيَـتْ (كركوكُ) من صدمة الدهرِ |
وأما عن النهرين فالبؤس فيهما |
وذكرى المآسي تجمع النهرَ بالنهرِ |
وما زال (هولاكو) يباهي بظلمه |
وأفعاله الرعناء في البرِّ والبحرِ! |
وها هم (مغول العصر) يزداد قبحهم |
ويبدون ما يخفيه مستنقع العهرِ! |
فسحقاً لهم .. كم يستبيحون طهرها! |
وكم يبذرون الرجس في منبت الطهرِ! |
أتوها لرفع القهر عنها بزعمهم |
ألا لن يزيل القهرَ من جاء بالقهرِ! |
ولن يَصْـدُقَ المحتل فيما يقولهُ |
ولن يقبل التاريخُ (أكذوبة العصرِ)! |