أحدث المشاركات
صفحة 3 من 6 الأولىالأولى 123456 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 30 من 56

الموضوع: الحداثة في ميزان الإسلام

  1. #21
    الصورة الرمزية زاهية شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2004
    المشاركات : 10,345
    المواضيع : 575
    الردود : 10345
    المعدل اليومي : 1.42

    افتراضي


    (مظفر النواب)

    وهو يعلنها صراحة :


    لا تلم الكافر في هذا الزمن الكافر
    فالجوع ابو الكفار
    مولاي انا في صف الجوع الكافر
    ما دام الصف الاخر يسجد من ثقل الاوزار


    وفي موضع أخر يقول :


    دخلت على بستان
    كان الرب يجلس على أصغر برعم ورد
    قلت له اركض ستموت الان
    ركض الرب
    الدرب
    الارض
    وابواب صفيح تشبه حلم فقير فتحت
    يتبع
    حسبي اللهُ ونعم الوكيل

  2. #22
    الصورة الرمزية زاهية شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2004
    المشاركات : 10,345
    المواضيع : 575
    الردود : 10345
    المعدل اليومي : 1.42

    افتراضي


    (نــــزار قبانى)

    تعمدت ان اتحدث عن تجاوزات نزار قبانى بالذات بتفصيل اكبر لعدة اسباب
    اهمها ان شعر نزار يعتبر اكثر انتشارا من شعر باقى الحداثيين الذى قد يقتصر على طبقه محدده من المثقفين....والسبب الثانى هو انه فى تجاوزات نزار تطاولاً فسره بعض محبيه ومريديه على انه قمة فى الابداع الفنى والادبى ...واليكم بعضاً من تجاوزات وتطاولات نزار:
    وأبدأ ببيت اخترته من قصيده شهيره لنزار وضح فيها موقفه من معارضى اسلوبه فى كتابة الشعر وانه يتوجه بشعره لبلاده ولايهمه ان كان ما يكتب يخالف الشريعه ام لا حيث يقول: لبلادي شـعري.. ولسـتُ أبالي رفضتهُ أم باركتـهُ السـماءُ.. !!

    1-ومن صور استهزائه وسخريته بالجبار جل وعلا: وصفه بأن له حُجرةً قمرية يدخل فيها، حيث يقول :
    (يكون الله سعيداً في حجرته القمرية)
    [مجموعة الأعمال الشعرية (2/188)]

    2-أما هذه المرَّة فَيَصِلُ نزار قباني إلى مرحلة من الاستعلاء لم يصل إليها أحد من العالمين، فيصف نفسه بالربوبية والرسالة لـعشيقته والعياذ بالله فيقول:
    (لا تخجلي مني فهذي فرصتي
    لأكون رباً أو أكون رسولاً) [الأعمال السياسية (2/761)]

    3-من صور استهزاء نزار قباني بالله عز وجل ادعاؤه بأن الله قد مات وأن الأنصاب والأصنام قد عادت ، فيقول :
    (من أين يأتي الشعر يا قرطاجة .... والله مات وعادت الأصنام) ( الأعمال الشعرية الكاملة3/637)

    4-كما يعلن ويقر بضياع إيمانه فيقول :
    ( ماذا تشعرين الآن ؟ هل ضيعت إيمانك مثلي ، بجميع الآلهة ) (المصدر السابق 2/338 )

    5-كما يعترف بأن بلاده قتلت الله عز وجل فيقول :
    ( بلادي ترفض الحب
    بلادي تقتل الرب الذي أهدى لها الخصبا
    وحول صخرها ذهبا
    وغطى أرضها عشبا
    بلادي لم يزرها الرب منذ اغتالت الرب .. ) ( يوميات امرأة لا مبالية ص 620)

    6-وهنا يعترف نزار بأنه قد رأى الله في عمّان مذبوحا على أيدي رجال البادية فيقول في مجموعته ( لا ) في ( دفاتر فلسطين ص 119)
    ( حين رأيت الله في عمّان مذبوخا ..
    على أيدي رجال البادية
    غطيت وجهي بيدي
    وصحت يا تاريخ !
    هذي كربلاء الثانية .. )

    7-أما هنا فيذكر نزار قباني بأن الله قد مات مشنوقا على باب المدينة ، وأن الصلوات لاقيمة لها ، فيقول في في نفس مجموعة ( لا ) في ( خطاب شخصي إلى شهر حزيران ص 124 ) :
    ( أطلق على الماضي الرصاص ..
    كن المسدس والجريمة
    من بعد موت الله ، مشنوقا على باب المدينة
    لم تبق للصلوات قيمة
    لم يبق للإيمان أو للكفر قيمة )

    8-أما عن استهزائه بالدين ، ومدحه للكفر والإلحاد ، فيقول :
    ( يا طعم الثلج وطعم النار
    ونكهة كفري ويقيني )( الأعمال الشعرية الكاملة 2/39)

    9-كما أن نزار قد سئم ومل من رقابة الله حين يقول :
    (أريد البحث عن وطن
    جديد غيرمسكون
    ورب لا يطاردني
    وأرض لا تعاديني ) ( يوميات امرأة لا مبالية ص 597)

    10-ويقول أيضا :
    ( ماذا أعطيك ؟ أجيبي ، قلقي .. إلحادي .. غثياني ..
    ماذا أعطيك سوى قدر يرقص في كف الشيطان )( المصدر السابق ص 1/406)

    11-ومن أقواله التي صرح فيها أنه كفر بالله العطيم قوله :
    ( فاعذروني أيها السادة إن كنت كفرت ) ( المصدر السابق ص 3/277 )

    12-ومن صور جرأته وتطاوله على الله تعالى : جعله الزنا عبادة ، وتشبيهه إياه بصلاة المؤمن لربه كما ينقل ذلك منير العكش في كتابه ( أسئلة الشعر ) في مقابلة أجراها مع نزار ، صفحة 196 حيث يقول :
    ( كل كلمة شعرية تتحول في النهاية إلى طقس من طقوس العبادة والكشف والتجلي
    كل شيء يتحول إلى ديانة
    حتى الجنس يصير دينا
    والسرير يصير مديحا وغرفة اعتراف
    والغريب أنني دائما أنظر إلى شعري الجنسي بعيني كاهن وأفترش شعر حبيبتي كما يفترش المؤمن سجادة صلاته ، أشعر كلما سافرت في جسد حبيبتي أني أشف وأتطهر وأدخل مملكة الخير والحق والضوء ..
    وماذا يكون الشعر الصوفي سوى محاولة لإعطاء الله مدلولا جنسيا ؟)

    14-ومن صور استهزائه بالله جل وعلا : وصفه بأن له غرفة قمرية يدخل فيها ، فيقول :
    يكون الله سعيدا في حجرته القمرية )( مجموعة الأعمال الشعرية 2/188)


    15-ويتمادى نزار في وصف ربه وخالقه سبحانه وتعالى بكل صفات النقص والاستهزاء والعيب ، واصفا إياه بأنه سبحانه : خالف كتبه السماوية ، وأنه انحاز إليه بصورة مكشوفة ،عياذا بالله من ذلك ، وزعمه أن لله بيتا يذهب إليه تقدس ربنا وتنزه ، وأنه صديق لله ، فيقول :
    ( حين وزع الله النساء على الرجال
    وأعطاني إياك
    شعرت أنه انحاز بصورة مكشوفة إلي
    وخالف كل الكتب السماوية التي ألفها
    فأعطاني النبيذ وأعطاهم الحنطة
    ألبسني الحرير وألبسهم القطن
    أهدى إلي الوردة
    وأهدى إليهم الغصن
    حين عرفني الله عليك ذهب إلى بيته
    فكرت أن أكتب له رسالة على ورق أزرق
    وأضعها في مغلف أزرق .. وأغسلها بالدمع الأزرق
    أبدأها بعبارة : يا صديقي
    كنت أريد أن أشكره
    لأنه اختارك لي
    فالله كما قالوا لي لا يستلم إلا رسائل الحب
    ولا يجاوب إلا عليها
    حين استلمت مكافأتي ، ورجعت أحملك على راحة يدي ، كزهرة مانوليا ..
    بست يد الله وبست القمر والكواكب واحدا واحدا )(المصدر السابق ص 2/402)

    16-ويغرق نزار في أوحال التجاوز ، ومستنقع التطاول ، فينسب لله الزوجة والعشيقة تعالى ربنا وتقدس ، ويزعم أن الملائكة تتحرر في السماء فتمارس الزنا ( الحب )فيقول :
    ( لأني أحبك ، يحدث شيء غير عادي ، في تقاليد السماء ، يصبح الملائكة أحرارا في ممارسة الحب ، ويتزوج الله حبيبته )(المصدر السابق 2/442)

    والكلام يطول والأمثلة كثيرة ولكن نختصر للفائدة بهذه الأمثلة :
    يقول نزار :
    17-(القلب الإنساني قمقم رماه الله على شاطىء الأرض ،وأعتقد أن الله نفسه لا يعرف محتوى هذا القمقم ، ولا جنسية العفاريت التي ستنطلق منه ، والشعر واحد من هذه العفاريت )

    18-( على أقدام مومسة هنا دفنت ثاراتك
    ضيعت القدس
    بعت الله
    بعت رماد أمواتك )
    19-( عمر حزني مثل عمر الله أو عمر البحور )
    20-( فلا تسافري مرة أخرى لأن الله منذ رحلتي دخل في نوبة بكاء عصبية وأضرب عن الطعام )

    21-(ولماذا نكتب الشعر وقد نسي الله الكلام العربي )

    22-( لا تخجلي مني فهذي فرصتي
    لأكون ربا أو أكون رسولا )

    23-( ونهدك هذا المضيء المليء ، الجريء ، العزيز ، القدير )

    24-( من أين يا رب عصرت الجنا ؟
    وكيف فكرت بهذا الفم ؟
    وكيف بالغت بتدويره ؟
    وكيف وزعت نقاط الدم ؟
    كم سنة ضيعت في نحته ؟
    قل لي .. ألم تتعب ؟ ألم تسأم ؟

    25-( في شكل وجهك أقرأ شكل الإله الجميل )

    26-( حين كنا في الكتاتيب صغارا
    حقنونا بسخيف القول ليلا ونهارا
    درّسونا
    ركبة المرأة عوره
    ضحكة المراة عوره )

    27-( لا تستبدي برأيك فوق فراش الهوى
    لأني من الله لا أتلقى الأوامر )
    28-( هو الهوى الملك القدوس
    والآخر القادر )

    29-( أرجوك بالأوثان يا سيدتي إن كنت تؤمنين بعبادة الأوثان )

    30-( بعيدا عن مدينتا التي من يوم أن كانت
    إليها الحب لا يأتي
    إليها الله لا يأتي)

    31-( السكنى في الجنة والسكنى في دمشق شيء واحد
    الأولى تجري من تحتها الأنهار
    والثانية تجري من تحتها القصائد والأشعار )



    (يتبـــــــــــــــــــــ )

  3. #23
    الصورة الرمزية زاهية شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2004
    المشاركات : 10,345
    المواضيع : 575
    الردود : 10345
    المعدل اليومي : 1.42

    افتراضي

    (تقويم الاتجاهات الحداثية العربية)


    1-"الخلط بين التحديث والحداثه"...


    تجاوزت الحداثة التي يتبختر بها بعض المنتسبين إلى الأدب والثقافة من بني جلدتنا التجديد في الأشكال والقوالب الأدبية، لتقدم فكراً وثقافة ورؤية اجتماعية وأخلاقية. وراح كثير من دعاتها يتيهون في مستنقعات الفكر الغربي، ويتقلبون بين مدارسه المختلفة بعقلية هزيلة لا تملك سوى التبعية والإمَّعية الساذجة، وربما تصدّر بعض هؤلاء الحداثيين العرب منابر الأدب والثقافة والإعلام، وتحذلقوا بمصطلحات فلسفية مستوردة، وعبارات رمزية مقَّنعة، تحت شعار الإبداع والتجديد الأدبي والثقافي..!!

    يتهرب الحداثيون كثيراً من تعريف الحداثة، ويخلطون ما بينها وبين التحديث، وقد نجد لهم العذر لسببين: الأول تعدد مدارس الحداثة ما بين المدرسة الأوروبية، والمدرسة الأمريكية والروسية، وغيرها من المدارس الفكرية المتنوعة، والسبب الثاني: هو أن الذين ينقلون هذه النظريات الفكرية التي تعالج نظرة الغربي للإنسان والكون والحياة عندما يطبقونها على الواقع يدعون أنها نقد أدبي لا يجدون مسوغاً أمام المتلقي ـ وهو يرى دعوة تغييرية لا تتوافق مع عقيدته ونظرته ـ إلا أن يسعوا للهروب من التعريف أو يقوموا بالخلط بين التحديث والحداثة...

    الحداثة عند أصحابها في الغرب ثم عند المستعيرين لها في الشرق مصطلح عسير التحديد مضطرب الحدود، محمل بمعاني مشكلة، ومضامين ملتبسة متداخلة مع عبارات أخرى مثل (المعاصرة) و (التجــديد) و (التحديث) و (التطوير)، وهذا الاضطراب في تعريف الحداثة أورث أفكاراً مضطربة وغير منضبطة في فهم مضمون الحداثة، وأنتج خلطاً بين الحداثة الفكرية الفلسفية، والتحديث العصري التقني..
    إن المتأمل في المنظومات التعريفية الحداثية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار يجد أنها تنطوي على كامن فكري جوهري بدايته إعلان استقلال الإنسان واكتفائه بذاته، ونهايته الوصول إلى تأليهه، لتكون الخاتمة بالقضاء عليه (فكرة موت المؤلف) (موت المبدع) (تفكيك الإنسان) ونحو ذلك.

    إن البداية الحداثية الفكرية الفلسفية تدور حول (مركزية الإنسان) واستقلال وجوده، وهو ما يعرف بـ (الفكر الهيوماني) ولهذه الفكرة تعبيرات مختلفة منها (العقلانية، الاستنارة، البنيوية، التفكيكية.. إلخ) وهذه البداية اقتضت وتقتضي تجاوزاً لكل ما يعتقدون أنه (نسقي) أو (محافظ) أو (ثابت) أو (مؤسسي) إلى أن تصل في أقصى درجات غلوها إلى تجاوز (الغيبي) و(القيمي).

    كـل ذلـك فـي إطـار تـصفية الثنائيات ـ حسب تعبيرهم ـ فالنص دال ومدلول معاً، والإبداع كاتب وقارئ؛ لأن (المؤلف مات بمجرد إنتاجه)، والثقافة فعل ومفعول في الوقت ذاته، إلى آخر ما هنالك من حذف للفواصل والحدود والأقواس في تراكميات لفظية تعود جميعها ـ جوهرياً ـ إلى إلغاء ثنائية الخلق والخالق، وهي الثنائية التي تعني عند المؤمن الانفصال التام بين الاثنين، وتعني افتقار المخلوق إلى خالقه، وإلغاء هذه الثنائية هو ما عبر عنه نيتشه بـ (موت الإله)، وعبر عنه بعض الحداثيين العرب بـ (انتهاء المتعــاليات) و (عودة الوجـود الإنسانـي) و (أنـسـنة المقـدس) و (أنسنة الوحي) وغير ذلك من التعبيرات.

    ربما لا يوافق بعض الناس على ظهور الحداثة بهذه الصورة الصلعاء، وإن كانوا يتداولون مدلولات تنتهي في سياقها الفكري والفلسفي إلى ما أشير إليه آنفاً، ولهؤلاء يتوجه سؤال عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى تفاعل إشكالية انفصال الدال عن المدلول بدءاً بالدراسات الأكاديمية النقدية والثقافية، وانتهاءً إلى الإطار الفلسفي والحضاري، بل لماذا نرى التحولات الغربية تتولى في موجات منداحة من الهيومانية إلى التنوير إلى البنيوية إلى ما بعد البنيوية؟ ثم نجد محترفي (الاستغراب) يتشربون ذلك، وينقلونه بحماسة شديدة، مدعين انفصاله عن جوهره، وانقطاعه عن جذوره الفكرية التي نما وترعرع عليها؟
    أليست هذه الإشكاليات تجعلنا ندرك المضمون الفلسفي والإطار الأصولي الذي يجمع كل هذا الشتات؟ وهل استطاع المستعيرون إدراك هذا البعد الكلي، أم أنهم كانوا أوفياء في النقل بلا فهم؟ أم أنهم أدركوا ذلك، ولكن مقتضيات الأسواق المحلية لا تسمح لهم بكشف كل شيء والدعوة إليه؟ هل يمكن لنا ونحن نقرأ أقوالاً ضد (الأنا المتعالية) أن ندرك السلسلة (النسقية الفلسفية) التي أنتجت هذا المصطلح؟ وهل يليق أن نبتر هذا المفهوم عن سياقه الذي أنجبه وأخرجه؟ إذا كان الجواب بنعم، فلا بد من البرهنة على ذلك، وإلا كان هذا الفعل الثقافي ضرباً من التستر وهو فعل خطير.


    (يتبـــــــــــــــــع)

  4. #24
    الصورة الرمزية زاهية شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2004
    المشاركات : 10,345
    المواضيع : 575
    الردود : 10345
    المعدل اليومي : 1.42

    افتراضي


    (تقويم الاتجاهات الحداثية العربية)


    2-النقد الثقافى (المصطلح..النظريّه..والتطبي )..


    من أوائل من قال بالنقد الثقافي الباحث الأمريكي (فنسنت ليتش) الذي دعا إلى (نقد ثقافي لما بعد البنيوية)، ثم الألماني اليهودي (تيودور أدورنو) بعنوان (النقد الثقافي والمجتمع)، ثم تتالى استعماله حتى تم استيراده مؤخراً.

    والنقد الثقافي عند من قال به وألف فيه يعني وحسب فهمي لما كتب:(( أنه نظرية ومنهج في الأنساق المضمرة، أي في المعتقدات الذهنية العميقة؛ باعتبارها نماذج راسخة ومنظومة فكرية ثابتة، ذات أثر في النصوص الثقافية، والجمالية بالذات، تتولد منها هذه النصوص بالضرورة.))
    ويمكن القول بأن النقد الثقافي: ((استعمال للأدوات النقدية لنقد الخطاب الثقافي وكشف مجموعة الأفكار المتآزرة والمترابطة التي تكمن في الأعماق، وتؤثر بشكل حتمي في الفعل الجمالي والثقافي، حتى تصبح ذات وجود حقيقي يمثل الأصل النظري للكشف والتأويل.))

    ولعل من المناسب الإشارة باختصار شديد إلى مفاصل هذا النقد الثقافي عند القائلين به:

    1 ـ أنه (نسق) يمكن أن يحدد هذا النسق عبر وظيفته وعمله وأثره، وليس من خلال وجوده المجرد.

    2 ـ أنه نظام بنيوي، بمعنى أن له (بنية متآزرة كامنة في أعماق الخطاب الثقافي)، وهذا النظام له وجهان أحدهما: ظاهر، والآخر: مضمر.

    3 ـ أن الوظيفة النسقية تظهر في النص الجمالي خاصة: كالشعر، والقصة، وتظهر في غير الجمالي أيضاً.

    4 ـ أن الدلالة النسقية المضمرة موجودة أزلية راسخة لها الغلبة دائماً.

    5 ـ أن الوظيفة النسقية لها جبروت رمزي يقوم بدور المحرك الفاعل في الذهن الثقافي للأمة، وهو المكون الخفي لذائقتها ولأنماط تفكيرها وصياغة أنساقها المهيمنة.

    6 ـ النقد الثقافي بمنهجه الموصوف وأدواته المذكورة وأسسه هو عبارة عن رؤية شمولية معززة بآليات ثقافية ونقدية، تستعمل فيه أدوات النقد من مثل: (المجاز الكلي، التورية الثقافية، المجمل، الكلي، المضمر، الكناية.... إلخ).

    7 ـ بما أن الأنساق المضمرة هي صلب النقد الثقافي، وبما أنها حتمية؛ فمجموعة المثقفين والمبدعين ليسوا سوى (كائنات نسقية)، ومهما كانت قدرات الثقافة الشخصية الذاتية الواعية فإنها لا تمتلك القدرة على إلغاء مفعول النسق؛ لأنه مضمر من جهة، ولأنه متمكن ومنغرس منذ القديم، وكشفه يحتاج إلى جهد نقدي متواصل ومكثف.

    8 ـ المراد بالنقد الثقافي كشف المخبوء تحت أقنعة البلاغة والشعر والنص الجميل؛ ولذلك كان من مطالب أصحابه إيجاد نظريات في (القبحيات)، لكشف حركة الأنساق وفعلها المضاد للوعي وللحس النقدي..

    ومما سبق يمكن استنتاج الخلفية الفكرية للنقد الثقافي؛ فهو فرع للنقد النصوصي العام، وإن حاول أصحابه التفريق بين نقد الثقافة والنقد الثقافي، ومن ثم فهو قريب من مجال (الألسنية) إن لم يكن أحد حقولها. وبالنظر إلى الشمولية والحتمية المدعاة في النقد الثقافي يمكن تصور العلاقة مع (البنيوية) التي تحدث عنها دعاتها أول ما استزرعت محلياً بالطريقة نفسها، وبحماسة فريدة وقطعية جازمة، وتكلموا عنها باعتبارها مشروعاً فكرياً له صفة شمولية سوف تغير بنية الثقافة العربية بصورة جذرية كما أكد ذلك ـ على سبيل المثال ـ كمال أبو ديب في (جدلية الخفاء والتجلي).

    وهناك أوجه للالتقاء بين البنيوية والنقد الثقافي منها:

    1 ـ تحميل النص وقائله ما لم يرده على أساس لفظي في البنيوية، وعلى أساس مضموني في النقد الثقافي.

    2 ـ الحتمية المدعاة في أثر كل منهما ومنهجيته، وهذا يذكِّر بالحتمية الديالكتيكية في الماركسية، كما يذكر بالتلاقي البنيوي الماركسي.

    3 ـ الإيمان الراسخ بأن البنيوية (سابقاً) والنقد الثقافي (لاحقاً) ليست مجرد أداة إجرائية للنظر في النصوص الأدبية، بل هي رؤية ومنهج عام وشمولي، بل هي رؤية للعالم والوجود والإنسان.

    4 ـ التشابه (الحانوتي) بين الاثنين؛ فكما أعلنت البنيوية موت المؤلف والشاعر والمبدع؛ فقد أعلن النقد الثقافي موت النقد الأدبي.

    ومع ذلك فهناك فوارق مهمة بين البنيوية والنقد الثقافي، وأهمها ـ في نظري ـ خطورة السياق الفلسفي والمنهجي للنقد الثقافي، وتلك الخطورة تتمثل في تقديري في الآتي:

    أولاً: دراسة النسق، المضمر يرتكز على اكتشاف العيوب والخلل النسقي والقبحيات، والأنساق المضادة للوعي والحس النقدي والحيل النسقية، وهذه طريقة سلبية، وقراءة اقتناصية ونقد ترصدي، يعتمد على حذف الإيجابي ومؤشراته، وعزل سياقات ومكونات مهمة، وخوض بحار التأويل المتناقضة.

    ثانياً: أن النقد الثقافي بأسسه النسقية يقوم على فكرة استباقية وعلى (نسقية مؤامراتية) تفترض القبيح والسلبي والخلل والخداع؛ فهو في حد ذاته نسق مضمر ومهيمن، حسب المواصفات المذكورة عن النسق، وعلى ذلك يمكن أن يصبح مخترع النقد الثقافي مشمولاً بكل ذلك النقد العنيف الذي رسخ مبادئه، وأقل ذلك أن يوصف في مرحلته السابقة للنقد الثقافي بأنه كان تحت حالة (العمى الثقافي) التي كانت فى مرحلة ما قبل النقد الثقافي، وهذا يعني بكل وضوح أن ما كان قبل اختراع النقد الثقافي فهو جهل وتخبط وارتباك، يندرج تحت وصف (العمى الثقافي).

    ثالثاً: الاستنباطات الساذجة ـ أحياناً ـ من دراسة الأنساق الثقافية تدل على عيب منهجي وخلل معرفي، وخاصة إذا نظرنا إلى الدعوى الشاملة القاطعة بأن مجالات الثقافية بل الحياة قد (تشعرنت) أي أصيبت بفيروس (الشعر) القائم أصلاً على المجاز والمبالغة وعدم الإنجاز وعدم الفاعلية وعدم المعقولية، وأن هذا التشعرن عم حتى وصل الخطابة والقصة والقيم والأشخاص والأفعال.

    ومثل ذلك ما توخاه (النقد الثقافي) من الاهتمام بما سماه (المهمشين) في الثقافة العربية وهم: الأقليات الدينية أو الطائفية أو العرقية، والتمركز الانتقائي حول الأنوثة ودراسات الجنوسة/الجندر، والتي منها وبناء عليها انبثق فكر الفحل والفحولة التي يرون أنها عمّت كل شيء بوصفها صيغة استبدادية قهرية شاملة.

    رابعاً: إن النقد الثقافي بأدواته المذكورة وقراءته الترصدية وبحثه عن العيوب والخلل النسقي سيشمل ـ حالاً أو مآلاً ـ دراسة النسق الاعتقادي عند المسلمين؛ باعتباره النسق الأشمل والأظهر والأرسخ والأعمق.

    وبالنظر إلى النفسية الترصدية والنظرة التشاؤمية الغالبة على هذا التيار، وبالنظر الى الخلفية الفكرية المؤطرة بالعلمانية فإنه سيجد ـ بحسب تصوراته ـ أنساقاً اعتقادية كامنة لها تأثيرات سلبية ومخرجات قبحية ـ بحسب أصولهم ونظريتهم ـ ومن ذلك على سبيل المثال القضاء والقدر، والولاء والبراء، والغيبيات كالجن والملائكة وخوارق العادات، وأشراط الساعة

    هذه الأنساق الثقافية (الاعتقادية) المؤثرة هي التي نستطيع ان نعرفها بأنها: (أنساق تاريخية أزلية وراسخة ولها الغلبة دائماً)، وهي وإن حصرناها في الشعر بوصفه محور اهتمامنا إلا أن الآلية بما فيها من تعميمية واقتناص وحتمية تعد منصة إطلاق يمكن نقلها إلى حقول أخرى خارج الأدب والشعر: كالتاريخ، والعلوم الإسلامية، وغيرها لممارسة القصف الشامل، لا سيما إذا أخذنا في الاعتبار أن فحيح الحداثيين ضد الثوابت الاعتقادية والأخلاقية والتشريعية واللغوية قد أصبح سمة على أكثر المنتمين لهذا التيار.



    (يتبــــــــــــــــــع)

  5. #25
    الصورة الرمزية زاهية شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2004
    المشاركات : 10,345
    المواضيع : 575
    الردود : 10345
    المعدل اليومي : 1.42

    افتراضي

    (تقويم الاتجاهات الحداثية العربية)



    3-(الحداثـــــة والتحررمن الانســــــاق)
    المراد بالنسق (النظام): أي ما كان على نظام واحد، وكانت عناصره متلازمة ومترابطة بحيث تشكل كلاً عضوياً واحداً، هذا هو (النسق)؛ فالنسق النباتي ـ مثلاً ـ يتحدث عن التمثيل الضوئي والبذور والجذور والأوراق والثمار، ويسمى (النظام النباتي) وفي العلوم النظرية يراد بالنسق: جملة الأفكار والقناعات المتشاكلة والمتآزرة والمترابطة التي تؤلف نظاماً عضوياً واحداً، ومثال ذلك (نسق داروين) و (نسق فرويد) و (نسق دوركايم) و (نسق كانط) وفي العلوم الإسلامية: مجموعة العقائد والكليات والمضامين المتلازمة التي تشكل كلاً معرفياً وعملياً مترابطاً، وهكذا في سائر العلوم والفلسفات والمعارف.

    وأكثر من يستعمل مصطلح (النسق)؛ هم (البنيويون)؛ فالنسق عند ميشيل فوكو ـ مثلاً ـ علاقات تستمر وتتحول بمعزل عن الأشياء التي تربط بينها.

    و (النقد الثقافي) يعتمد على قضية (النسق)، وهو عند فلاسفة البنيوية: عامل مؤثر في بلورة منطق التفكير الأدبي في النص.

    والنسق أيضاً هو الذي يحدد الأبعاد والخلفيات التي تعتمدها الرؤية، ومن هنا يمكن اعتبار النقد الثقافي سليل البنيوية من وجه، وسليل مدارس النقد الثقافي الأوروبي والأمريكي من وجه آخر.

    و(النسقيون) إن صحت التسمية يرون في (النسق) عموماً وفي الفكر النسقي خصوصاً أنه منغلق على نفسه، وهو بذلك قابل للجمود والركود، وقد يقع في التعصب واللاتسامح.

    ومن هنا يمكن أيضاً أن نكتشف عيوب وخطورة (النقد الثقافي) والنسقية التي يتحدثون عنها؛ ذلك لأنه نقد مبني على استخراج العيب والقبح والنقص، وهو نقد يعتمد على أن الأنساق (عقدية) كانت أو أخلاقية أو تشريعية أو إبداعية قوة حتمية جارفة أزلية راسخة لها صفة الغلبة دائماً، أضف إلى ذلك أن مروج النقد الثقافي يعدّ أن الكامن الثقافي والمعرفي هو مصدر التشويه والانتكاس، وهذا ينطبق على الكامن العقدي والأخلاقي، وإن لم يقلْ بذلك صراحة، إلا أن منهجيته توصل إلى ذلك قطعاً.

    والحقيقة أن النقد الثقافي ـ بصورته التي ظهر بها ـ هو نقد أخلاقي، وإن حصره صاحبه في مجال الشعر، إلا أنه منطوٍ على نقد قيمي أخلاقي قابل للتطبيق ـ بحسب فلسفته وآلياته ـ في مجال الثوابت الاعتقادية والتشريعية.

    وفي تقديري أن كتاب (النقد الثقافي) للغذامي (وسوف اعرض لاجزاء منه اذا سمحت الظروف والوقت) لا يبعد كثيراً عن كتاب (الثابت والمتحول) لأدونيس أو كتاب (زمن الشعر) له، اللهم إلا في اختلاف حقلي الدراسة0

    وللقارئ أن يقارن بين هذين القولين الآتيين ليرى أوجه التشابه والاختلاف بينهما.
    يقول أدونيس: (ما يزال نظام العلاقات القديم بكل إرثه هو الفعال السائد في الحياة والثقافة العربيتين على السواء)،
    ويقول الغذامي في النقد الثقافي ص80: (هناك نوع من الجبروت الرمزي يقوم... بدور المحرك الفاعل في الذهن الثقافي للأمة، وهو المكون الخفي لذائقتها ولأنماط تفكيرها وصياغة أنساقها المهيمنة)،

    ومن هنا يمكن أن نفهم مدى خطورة هذه الأيديولوجيا على ثوابت الأمة ومنطلقاتها.


    (يتبــــــــــــــع

  6. #26
    الصورة الرمزية زاهية شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2004
    المشاركات : 10,345
    المواضيع : 575
    الردود : 10345
    المعدل اليومي : 1.42

    افتراضي

    (تقويم الاتجاهات الحداثيه العربيه)


    4-(ادعاء الحدثيين غياب نظريه اسلاميه تخدم الادب العربى)


    يردد الحداثيون فى كل مناسبه ادعاءهم بأن هناك غياباً شبه كامل وعدم وجود نظرية إسلامية تخدم الأدب العربي منذ نشأته في العصر الجاهلي وحتى يومنا هذا،و ويدعون ايضاً أن كل الإنتاج الأدبي هو عبارة عن خطابات فحولية تمجد الذكورية في طياتها، كما أنه عبارة عن مخرجات (لا واعية) متأثرة بالأنساق المسيطرة وتجبن في الخروج عليها.. وبالطبع لا يُتوقع من دعاة (الأنوثة) و(الجنوسة / الجندر) و (اليوني سكس أي الجنس الوسط) أن يعترفوا بوجود نظرية إسلامية تخدم الأدب العربي؛ وذلك لأن خطابهم في التجني على الثوابت والتحريض ضدها قد تجاوز اعترافهم بهذه القضية، أي أنهم قطعوا شوطاً بعيداً في الالتصاق بمنظومة أخرى لا ترى في الخطاب العربي واللغة العربية إلا الفحولة المستبدة، والذكورية الماكرة، والتعالي الفحولي، وغير ذلك من ألفاظ الثورة ضد اللغة ومدلولاتها وظلالها، وأبعادها ومعانيها ومراميها وعلاقاتها.

    هذا الهجوم على ما يسمى (ذكورة اللغة) هو في واقع الحال هجوم مادي على مصادر اللغة والتي منها القرآن والسنة والشعر العربي والنحو العربي والبلاغة والصرف وتشويه لها، وتحويلها إلى مجرد أيقونات.

    هذا هو وجدان ومضمون الخطاب (الأنوثي) المؤطر بإطار العقيدة المادية الطبيعية التي تستخدم الجنس أصلاً لإدراك كل شيء، والحكم على كل شيء، والمؤدى القريب أو البعيد لهذه الدعاوى تقويض حدود اللغة القائمة وضوابطها ومدلولاتها، وإبعاد المرجعية الإنسانية المتخطية لحدود المادة، أعني المرجعية الغيبية الدينية، وغني عن القول أن هذه النظرية تصوغ المرأة إما أنها أكثرمن أنثى أي (عدو للذكر) وخصم له، وإما أنها أقل من أنثى (متطابقة مع الرجل) باسم الجنوسة أو الجندر أو اليوني سكس، وفي كلتا النظريتين تسقط المرأة بوصفها الأم الحنون، والزوجة الرؤوم، والبنت البرة، والأخت الوفية، والمربية البانية، والمعلمة الحانية، ويحل محلها المرأة المتصارعة مع الرجل أباً كان أو زوجاً أو ابناً أو أخاً.

    وبهذا السقوط تسقط الروابط الاجتماعية تحت حرب ميليشيات دعاة (الأنوثة) و (الجنوسة)؛ وبذلك تسقط الأسرة في الحرب المفتعلة بين الذكور والإناث؛ وبذلك يتلاشى جوهر الوجود الإنساني؛ إذ يصبح كل فرد عبارة عن وجود رقمي مستقل، يعيش مصلحته الخاصة، ورغباته الذاتية، ويسقط في قبضة الحياة المادية الساحقة، وينزلق في حرب مستمرة قاتلة لكلا الطرفين.

    (يتبـــــــــــــع)

  7. #27
    الصورة الرمزية زاهية شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2004
    المشاركات : 10,345
    المواضيع : 575
    الردود : 10345
    المعدل اليومي : 1.42

    افتراضي

    لقد جاء القران ثورة !!
    على معلقات العرب ...
    فروسية عنتره..
    وفصاحة امريء القيس وحكمة زهير
    وجاهلية عمرو ...
    وتحدى العرب بأن يأتو بسورة واحده
    وتلك هى المعجزة..

    الشعر فى رأيى هو فكر...والشاعر يحمل بين يديه أمانة يجب ان يقدرها
    فالشعر فكر والشاعر هو من يغير فكر امه ....
    ثم ان بعض المحدثين 00 (بكسر الدال)
    يظن الحداثه هي تمرد على الممنوع والمحرم...وتخطى لكل الخطوط الحمراء بدعوى حرية الفكر والابداع....

    الحداثه بمعناها ومفهومها الطيب اسلاميه فى جوهرها يا أختى الفاضله...نعم الحداثة الحقيقيه (وليست المنقوله من الغرب) اسلاميه بدات منذ بداية نزول القران ...وستستمر حتى قيام الساعة ان شاء الله...

    اما حداثة الغرب المنقوله فانا قد نذرت قلمى وفكرى ووقتى هنا لكي اوضح للاخوة وجهها الحقيقى وانزع اقنعتها حتى لايظهر منها الا وجهها القبيح

  8. #28
    الصورة الرمزية زاهية شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2004
    المشاركات : 10,345
    المواضيع : 575
    الردود : 10345
    المعدل اليومي : 1.42

    افتراضي

    ( أصول ومنطلقات الحداثة الأدبية)


    إذا نظرنا إلى أصول ومنطلقات الحداثة الأدبية فإننا نجد أنها قامت أساساً على ابتغاء التحول والدعوة إلى منهج جديد يتحرر من كل ثابت ومؤصل في صياغة تتخذ التغيير مذهباً، والتقويض مسلكاً، وفي سبيل هذا الاتجاه الأيديولوجي تم اصطناع الأدوات المناسبة لعملية الهدم والتقويض:
    أدوات لغوية باسم (تفجير اللغة) و (تأنيث اللغة) و (القضاء على معجمياتها) و (نحوها وصرفها)
    وأدوات اعتقادية تجزم بحتمية الصيرورة الدائمة، وحتمية الحداثة
    وأدوات تاريخية تستهدف التشكيك في التاريخ الثابت المنقول،
    كما تستهدف إحياء الأقليات التاريخية المارقة والمنحرفة تحت شعار البحث عن المهمش والمقصي؛ وبذلك ترسخت المفاهيم الباطنية في الشعر العربي الحديث

    وساعد على ذلك وجود أشخاص متبوعين من هذه الطوائف الشاذه، مثل: أدونيس، وزوجته خالدة سعيد، والبياتي، ومظفر النواب، ومهدي عامل، وحسين مروة، وشوقي بزيع، وحنان الشيخ، وتوفيق زياد، وسميح القاسم، وغيرهم.

    وهذا ما لحظه إحسان عباس في كتابه (الاتجاهات الجديدة ص 81)، حيث قال: (لا ريب أن عدداً من الشعراء المحدثين ينتمون إلى الأقليات العرقية والدينية والمذهبية في العالم العربي، وهذه الأقليات تتميز ـ عادة ـ بالقلق والدينامية ومحاولة تخطي الحواجز المعوقة والالتقاء على أصعدة أيديولويجية جديدة، وفي هذه المحاولة يصبح التاريخ عبئاً والتخلص منه ضرورياً، أو يتم اختيار الأسطورة الثانية؛ لأنها تعين على الانتصاف من ذلك التاريخ بإبراز دور تاريخي مناهض).

    وهذا الولع بالنماذج والتجارب الشاذة في التاريخ أصبح سمة عند هذا الاتجاه، حتى من أبناء المسلمين غير الطائفيين؛ وذلك لأن تنظيراً في هذا الاتجاه قد تأسس في أذهانهم وتشربوه كالمسلَّمات اليقينية، فساروا عليه، فأثر على كتاباتهم بالأسماء والرموز الشاذة في إطار امتداحي تبجيلي مخادع، يسير عليه بعض الكتّاب بعمى ثقافي وصمم معرفي لا يعرفون ما وراء الأكمة، ولا يرغبون في معرفته، بل قد ينهالون بالنقد والثَلْب لمن أخبرهم بأبعاد وخلفيات هذه الممارسة التي ظاهرها ثقافي أدبي وحقيقتها تقويض وهدم.

    يقول أدونيس في الثابت والمتحول (3/9 ، 10): (ومبدأ الحداثة: هو الصراع بين النظام القائم على السلفية والرغبة العاملة على تغيير هذا النظام، وقد تأسس هذا الصراع أثناء العهدين الأموي والعباسي؛ حيث ترى تيارين للحداثة: الأول سياسي فكري، ويتمثل من جهة في الحركات الثورية ضد النظام القائم بدءاً من الخوارج وانتهاءً بثورة الزنج ومروراً بالقرامطة، والحركات الثورية المتطرفة، ويتمثل من جهة ثانية في الاعتزال والعقلانية الإلحادية وفي الصوفية على الأخص)، ولعل في هذا النص بعض الإجابة عن خلفيات هذه القضية وأغوارها.

    (يتبـــــــــــــــــــــ ـع)

  9. #29
    الصورة الرمزية زاهية شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2004
    المشاركات : 10,345
    المواضيع : 575
    الردود : 10345
    المعدل اليومي : 1.42

    افتراضي

    (مــــا بعــــــد الحداثــــــــــــة)


    ما بعد الحداثة مصطلح معقّد أو جملة من الأفكار لم تظهر كمجال للدراسة الأكاديمية إلاّ في منتصف الثمانينيات (1980). ومن الصعب تعريفها، لأنّ الفكرة تتجلّى في طائفة واسعة من الفروع المعرفية ومجالات الدراسة بما في ذلك الفنون، والهندسة المعمارية، والموسيقى، والسينما، والأدب، وعلم الاجتماع، والاتصالات، والموضة، والتكنولوجيا. ويبدو من الصعب تحديد مفهوم ما-بعد-الحداثة هذا زمانيا وتاريخيّا إذ إنّه ليس واضحًا تمامًا متى ظهر للوجود.

    ولعل ابرز مايهمنا فى هذه الدراسه فى مفهوم ما بعد الحداثه هو مصطلح (النص المفتوح) لان له علاقه -ربما تكون مباشره فى كتابات البعض عن الدعوة الى تفسير جديد للقرآن الكريم والسنه النبويه الشريفه....

    ولكنى اعتقد ان ما بعد الحداثه هو موضوع كبير ويستحق دراسه خاصه به..اتمنى ان يمن الله على بالوقت الكافى لاتمامها ونشرها فيما بعد......
    ومصطلح (النص المفتوح) من المصطلحات المستخدمة في مذهب (ما بعد الحداثة) التي اهتمت بمناهضة الشكل المنتهي، ودعت للشكل المفتوح والفوضى التخريبية، والدعوة إلى التقويض، والنصوصية المتداخلة، والبعد الأفقي، وأهمية المكتوب، ومعاداة السرد، والاحتفاء بالمهمش والمقصي، واعتماد نظرية اللاتقريرية في قائمة طويلة من الألفاظ والمصطلحات التي تبدو عليها آثار الطروحات البنيوية وما بعدها.

    ولـ (النص المفتوح) أبعاد فلسفية وتاريخية وسياسية؛
    فأما البعد الفلسفي: فقائم على الأساس المادي، والعقل المادي الذي يؤكد أصحابه دائماً بأن (الحقيقة الثابتة) ليست سوى صناعة لغوية.

    أما البعد السياسي (الأيديولوجي) فقائم على أن أهمية الشيء مرهونة بنتائجه، وهنا تلتقي مع (البراغماتية / الذرائعية)0

    ومنظور ما بعد الحداثة معني بإيجاد الإشكاليات ضمن المسلَّمات؛ حتى يمكن له خلخلة الثقة بها، ثم تقوم بعد ذلك بإعادة تعريف الحقائق المتغيرة، وزعزعة الثقة بالثوابت؛ من أجل ذلك سعت حركة ما بعد الحداثة إلى تأصيل النص وانفتاحه، وقدرته على إنكار الحد والحدود؛ مما يجعله يقبل التأويل المستمر والتحول الدائم، وبذلك ـ حسب رأيهم ـ تتحول النصوص إلى نصوص لا نهائية في نصيتها، ولا محدودية في معانيها؛ مما يفضي إلى تعدد الحقائق والعوالم بتعدد القراءات.

    وفي الناتج العملي لفكرة (النص المفتوح) نجد البراغماتية والليبرالية التي يعتبر أصحابها (أن القطعيات والحقائق الثابتة والمطلقة عبارة عن نسق مغلق) تركي الحمد في كتابه (من هنا يبدأ التغيير ص 137)، أما الليبرالية ـ حسب قوله ص138: (فتبقى نصاً مفتوحاً على عكس (لنصوص المغلفة في بقية الأيديولوجيات)؛ ولذلك ـ حسب رأيه ـ انتصرت الليبرالية في صراعها مع بقية الأيديولوجيات، ولسنا هنا بصدد مناقشة هذا النوع من الادعاء، بل المقصود بيان أوجه التلاقي الفكري الفلسفي مع التنظير السياسي بين نظرية (النص المفتوح) و (الليبرالية المؤدلجة). أما علاقة ما يسمى (النص المفتوح) بالوحي فإننا نجد أثر ذلك في هجوم نصر حامد أبو زيد، ومحمد (أركون) على نصوص القرآن، حيث يرى أبو زيد أن النصوص الدينية ليست سوى نصوص لغوية، ويتبنى القول ببشريتها، وينادي بتأويلها تأويلاً مفتوحاً متنوع القراءات بحسب نوعية وعدد القراء؛ لأنه يرى أن التمسك بحرفية النص ودلالاته اللغوية يجعل النص مغلقاً، ومن ثم ينحصر فهم النص في أقلية مستبدة مسيطرة حسب قوله، ونحواً من هذا الطرح ومن زاوية تاريخية يدرس أركون نصوص الوحي وفق مفهوم (النص المفتوح) أيضاً، وضمن منظور الدلالات المفتوحة القابلة للتجدد مع تغير آفاق القراءة، المرتهن بتطور الواقع اللغوي والثقافي ـ حسب كلامهم ـ وأما الكتب التي تناولت نصوص الوحي وفق هذا المنظور المادي التقويضي المستهدف تدنيس المقدس وتهميشه؛ فمنها كتب نصر أبو زيد، وخاصة كتابه (مفهوم النص)، وكتاب لإبراهيم محمود بعنوان (قراءة معاصرة في إعجاز القرآن)، وللتزيني كتاب (النص القرآني أمام إشكالية البنية والقراءة)، ولنائلة السليني (تاريخية التفسير القرآني)، ولأركون (العلمنة والدين والإسلام) و (الفكر الإسلامي قراءة علمية)، وغيرها.



    (يتبـــــــــــع)

  10. #30
    الصورة الرمزية زاهية شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2004
    المشاركات : 10,345
    المواضيع : 575
    الردود : 10345
    المعدل اليومي : 1.42

    افتراضي

    [color=000099](الخـــــــــــــــــلاصـ ـــــــــه)


    أن الحداثة تصور إلحادي جديد – تماما - للكون والإنسان والحياة ،وليست تجديد في فنيات الشعر والنثر وشكلياتها .وأقوال سدنة الحداثة تكشف عن انحرافهم بإعتبار أن مذهبهم يشكل حركة مضللة ساقطة لا يمكن أن تنمو إلا لتصبح هشيما تذرة الرياح وصدق الله العظيم إذ يقول (ثم يهيج فتراه مصفراً ثم يكون حطاماً ) .

    ولعلك أخي القاريء قد وقفت معنا على معنى الحداثة، وتبين لك جذورها ومؤسسها، وإن كان لنا من وقفة مع هذا الفكر المنحرف فهي وقفة تعجب واستغراب لمدى سخف عقول من نادى بالحداثة من العرب، وتقلد مذهب "بودلير" وتغنى بالأرض الخراب، ولم يكتف بذلك حتى تجرأ وطعن في الإسلام وشكك فيه، فهل لنا أن نسأل هذا الجاهل قائلين له ولمن وافقه : أي خير للأمة يوم أن تترك اتباع سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، وتتبع "إدغار" و"فودلير" رواد الفسق والعهر والفجور، كيف سيصبح حال البشرية إن هي آمنت بالحداثة واتخدتها منهج حياة ؟!

    إن المنهج الهجومي الذي ينتهجه مروجو الحداثة في العالم العربي، ووقوف المسلم في موقف المدافع عن دينه وقيمه، ربما كان سببا في عدم معرفة كثير من المسلمين بحقيقة الحداثيين وما يحملونه من مباديء هدامة، لكن الأمر لا يحتاج سوى إلى قراءة سريعة لفكر هؤلاء من خلال كتاباتهم النثرية والشعرية حتى يعلم المسلم إلى أي طريق يسير هؤلاء، وإلى أي منهج يدعون، ولعل فيما قدمنا في هذا المقال من تعريف بهم، وما سنقدمه من توضيح لأشعارهم الطاعنة في أصول الدين وثوابته ما يكون معلما في التعريف بضلال هذه الطائفة وعظم خطرها .....
    ويهمنى هنا ان انبه على أن معرفة هذه المذاهب ودراسة أفكارها ورجالها تزيد الدين بريقا ، وتظهر علو كعبه ومنزلته، وأنه لا يقارن بأي من المذاهب البشرية والأفكار الأرضية إلا وعلا عليها، وأن دراسة تلك المذاهب تلفت الأنظار إلى مكامن الجمال في هذا الدين العظيم ، الذي لا سعادة للبشرية إلا به، ومقارنة سريعة بين دين الله وهذه الأفكار الأرضية تظهر بما لا يدع مجالا للشك - عند المنصف - أحقية هذا الدين بالاتباع والاقتداء والإيمان به، نسأل المولى عز وجل أن ينشر دينه ويعلي كلمته حتى تسعد بها البشرية جمعاء


    قال الله عز و جل: {لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إداً . تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الجِبَالُ هَداً}

    :{إن كُلُّ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً . لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَداً . وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَرْداً}
    [مريم89-90-93-94-95]

    قال تعالى : { أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإلَيْهِ يُرْجَعُونَ } [آل عمران : 83]




    (يتبــــــــــــــــــع)[/color]

صفحة 3 من 6 الأولىالأولى 123456 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. تعريف الهندسة البدنية -الوراثية - فى ميزان الإسلام
    بواسطة رضا البطاوى في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 18-12-2015, 07:47 AM
  2. أزمة الحداثة الغربية وإبداع الحداثة الإسلامية
    بواسطة سامح عسكر في المنتدى الحِوَارُ المَعْرِفِي
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 03-03-2012, 09:41 PM
  3. الامتناع عن الجهر بالحق في ميزان الإسلام
    بواسطة نبيل شبيب في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 03-06-2008, 08:29 AM
  4. صباح الخير (62)رشد ميزان حياتك....
    بواسطة ريمة الخاني في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 21-12-2006, 09:30 AM
  5. ميزان القوى
    بواسطة محمد سوالمة في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-02-2004, 11:01 PM