أحدث المشاركات

ما الفرق بين ( رحمت الله) و( رحمة الله)» بقلم ناديه محمد الجابي » آخر مشاركة: خالد أبو اسماعيل »»»»» اتجاهات» بقلم بسباس عبدالرزاق » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» ابتهالات.» بقلم ناديه محمد الجابي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» نسجل دخولنا بذكر الله والصلاة على رسول الله» بقلم عوض بديوي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في كتاب رؤية الله تعالى يوم القيامة» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نظرات بمقال هل تعلم أن مكالمات الفيديو(السكايب) كانت موجودة قبل 1» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» افتكرني يا ابني» بقلم سيد يوسف مرسي » آخر مشاركة: سيد يوسف مرسي »»»»» جسور الأمل.» بقلم أسيل أحمد » آخر مشاركة: خالد أبو اسماعيل »»»»» أنا لن أحبك لأن الطريق مغلق» بقلم سيد يوسف مرسي » آخر مشاركة: سيد يوسف مرسي »»»»» دعاء لا يهاب ! _ أولى المشاكسات» بقلم أحمد صفوت الديب » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»»

النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الاتجاه الساخر في نثر حسين سرحان ـ مقالة للدكتور عبدالله الحيدري

  1. #1
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Mar 2005
    المشاركات : 1,000
    المواضيع : 165
    الردود : 1000
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي الاتجاه الساخر في نثر حسين سرحان ـ مقالة للدكتور عبدالله الحيدري

    اتجاهات نثر حسين سرحان الفنية: الاتجاه الساخر

    بقلم: د. عبدالله بن عبدالرحمن الحيدري
    ........................................

    أخذ حسين سرحان من الصحراء نقاءها ووضوحها، فدعا في مقالاته الاولى الى المكاشفة والوضوح، والكتابة بالاسماء الصريحة، وتجنب الكتابة بالاسماء المستعارة (1)، وربط بين الصراحة والرضا عن النفس فقال: "ما من شيء أدعى الى اطمئنان النفس من الصراحة، لأن الانسان اذا صرح ولم يحجم يحس في اعماق نفسه برضاء عميق لشعوره بأنه قام بمهمته الملقاة على كاهله خير قيام" (2).
    وتبعاً لذلك مضى يكتب بصراحة وجد ووضوح ينقد ويهاجم ويحلل ويلاحظ بأسلوب جاد مباشر، فنتج عن ذلك صراع مع عدد من مجايليه من الادباء، ومناوشات ونقاش حاد في كثير من الاحيان مع عبدالقدوس الانصاري، ومحمد حسن عواد، وعبدالكريم الجهيمان، واحمد عبدالغفور عطار، وغيرهم، فآلموه كما آلمهم، وعنفوه كما عنفهم، وتهكموا عليه كما تهكم بهم.
    ومن هنا وجد السرحان نفسه بلا اصدقاء، وفوجئ بعواقب الصراحة التي نادى بها، وشعر بأن الناس يحملون في دواخلهم نفوساً مرهفة لا تتحمل النقد المباشر، ولا ترتاح للمناصحة والصدق، وتفضل المجاملة على الصراحة.
    ولم يخف السرحان صدمته من المجتمع ونفوره من المصارحة، فشكا في اكثر من مقالة من ذلك، فها هو يقول: "ان كثيراً من ادبائنا يضيقون ذرعاً بالنقد، فما يكاد يصوب الى أحدهم سهم خفيف حتى تثور به ثائرة عجيبة من نفسه، فيأخذ القلم ويسف الى حضيض الطعن والتجريح والحط من الكرامة وترذيل الاخلاق" (4).
    وابدى تألمه من قلب الحقائق بأن يتحوَّل النقد الى تشهير فقال رداً على مقال لزميله احمد عبدالغفور عطار: "النقد عند الناس نقد، فيه تقوم الكتب والمواهب، وتعرف منازلها، وتحدد مراتبها.. ولكنه عند الأستاذ العطار تشهير" (5).
    وبعد التأمل وصل الى نتيجة خلاصتها ان الذين يضيقون بالنقد ليسوا أسوياء فقال: "النقد - مهما كان - لا يثير ولا يغيظ إلا من يصيب منهم مواقع النقص، ويلمس فيهم اوتار الضعف، ويكشف عن مكامن العار من نفوسهم.." (6).
    ووسط هذا الاحباط الذي وجد السرحان نفسه فيه، اخذ يتأمل ويفكر ويراجع ويدفن رأسه بين الكتب ينشد منها الغذاء الروحي والسلوى، واذا بالحرب العالمية الثانية تدق طبولها، وتدوس بأقدامها الصحف والمجلات، فتتوقف واحدة اثر اخرى، واذا بالسرحان وجيله بلا وسيلة نشر، فكان توقفاً اجبارياً لمدة اربع سنوات ( 1361- 1364ه)، وفرصة لمراجعة النفس وصقل الموهبة وتغذية الروح بالقراءة المكثفة.
    ويظهر ان فترة التوقف هذه كانت سبباً لاستكمال ادواته الفنية، والاستقلال بشخصية ادبية مميزة واسلوب جديد في الكتابة، فكان الاسلوب الساخر هو المنفذ الى اظهار أفكاره.
    ويبدو ان الشحن النفسي والقلق والجد الذي خلفته الحرب واجواؤها في نفوس جيل السرحان، جعلتهم يتوقون الى ما يسلي نفوسهم ويرققها ويهذبها ويجلو صدأها مما ران عليها، فكان المنفذ المتاح القراءة في الكتب غير الجادة التي تسخر من الحياة والاحياء.
    وإذ اطال السرحان النظر في كتب الاقدمين والمحدثين، وفي الكتب المترجمة والمعربة لأدباء من الشرق والغرب، شده واستوقفه الاتجاه للتبسط والاضحاك، او النقد المغلف بالسخرية والتهكم، او بالدعابة والفكاهة.
    ومن هنا صادفت كتب ابن المقفع بنقدها الرمزي على ألسنة الحيوانات، وكتب الجاحظ بصرائفها وسخرياتها هوى في نفسه، واصبحت متعته ان يقرأ لهذين:
    أحادث فيها (الجاحظ) الفذ تارة
    وآونة أصغي الى (ابن المقفع) (7)
    وبلغ به الاعجاب بالجاحظ ان وصفه بأنه "أديب العربية الاول" (8)، ثم قرأ لآخرين مثل ابي حيان التوحيدي، حتى اذا وصل الى العصر الحديث قرأ لأحمد فارس الشدياق وابراهيم عبدالقادر المازني، ومن الغربيين اعجب أشد الاعجاب ببرنارد شو (9)، فتكونت لديه تدريجياً ملكة السخرية، واتخذها اتجاهاً لا يحيد عنه في شعره ونثره (10).
    ولعله قبل ذلك كان يعيش صراعاً بين الصراحة التي جربها فلم يفلح، والمجاملة التي لا ترتاح اليها نفسه، فرأى ان يجمع بين محاسن هذه ومحاسن تلك في قالب ظاهره السخرية بالنفس والمجاملة والدعابة، وباطنه الصراحة والنقد اللاذع، ولكنه غير الجارح، لانه - في الاغلب - لا يتجه الى اشخاص محددين، ولا يذكر اسماء معينة، بل ربما قرأه من تنطبق عليه الاوصاف فأفاق من غفوته دون ان يبدي غضبه من الكاتب.
    وانطلق في سخريته وفق منهج وفلسفة تقوم على السخرية بالنفس اولاً، ثم السخرية بالآخرين، فإذا ما رفع سوطه بدأ بجلد نفسه (11)، ومن آرائه في هذا الجانب ان "ابلغ ما يذهب بالساخر ان يسخر من نفسه" (12).
    ومع ما تشكله المقالات الساخرة في ادبه من نصيب كبير يربي على الربع فإن ذلك لا يعني ان السرحان كاتب فكه هازل تجري في دمه الفكاهة و"خفة الدم"، بل هو كاتب جاد كل الجد، ويحمل في ذاته الرغبة الشديدة في الاصلاح والتقويم، حتى ليصفه الدكتور معجب الزهراني بأنه "ليس كاتباً مهنته الفرح او التبشير بالمستقبل الزاهر" (13).
    وفي هذا السياق نراه يقول في مقال مخطوط عنوانه "في آخر العمر" محبطاً: "شهرتي في الادب ما هي، انها قصاصة من الورق نفخت فيها وأطرتها مع الريح ولن آسف عليها. ويبقى ما دمت حياً حسين سرحان (الروح) الروح الذي يطمح في اصلاح المجتمع فلا يجده.. عندئذ ينعزل حسين سرحان عن مجتمعه".
    ومن هنا جاءت سخريته ممزوجة بالرمز وحادة ولاذعة احياناً، وراقية في مستواها اللغوي لا تعتمد على الدارج من الالفاظ، او المبتذل من المفردات التي تبعث على الضحك، بل صاغ كل ذلك في قالب رفيع متميز.
    ومع ظهور السخرية في ادب عدد من الكتّاب السعوديين الرواد من مثل: حمزة شحاته، واحمد السباعي، واحمد قنديل، فإن السرحان تميز من بين هؤلاء ببروز هذا الاتجاه في ادبه، وبالالحاح عليه، ونقد الظواهر الاجتماعية غير الزمنية، فظهرت اصالته وتميزه.
    ومما يؤكد ذلك انه قلما ترجم أحد له، او درسه، او استدعى ذكرى معه دون ان يشير الى ظاهرة السخرية في أدبه.
    ولعل أول من اشار الى هذه السمة، حمد الجاسر في تقديمه للطبعة الاولى من ديوانه "أجنحة بلا ريش" الصادر في عام 1389ه حيث قال: "للشاعر اسلوب في النثر يكاد يكون متميزاً، يقوم على أساس من السخرية التي لا تجرح العاطفة، بل قل ان يدركها القارئ السريع" (14).
    وبقي نثر السرحان، وعلى الخصوص مقالاته، مدفونة في بطون الصحف والمجلات بإهمال من صاحبها، فغفل عنها الدارسون والباحثون، الى ان قيض الله لها يحيى بن جنيد (الساعاتي)، فاستخرج منها ما يزيد على خمسين مقالة وقصة ونشرها عام 1400ه في كتاب تحت عنوان "من مقالات حسين سرحان"، فابتدأ منذ ذلك التاريخ الاهتمام بالجانب النثري عنده، وتوالت المقالات والدراسات، وان كانت في مجملها موجزة، ولكنها على أي حال لفتت الانتباه الى السرحان الناثر (15)، مما حمل علي جواد الطاهر - رحمه الله - على المطالبة بدراسة نثره وشعره بوصفهما جزءاً لا يتجزأ، وعن ذلك يقول: "من يقرأ "من مقالات حسين سرحان - النادي الادبي، الرياض 1400- 216ص" يكتشف في الشاعر كاتباً شاعراً من نمط خاص، يتكامل فيه الفنان، ولن يدرس - بعد اليوم - شاعراً منفصلاً عن المقالي" (16).
    ولعل من أهم الدراسات المبكرة لهذا الكتاب، دراسة الدكتور محمد بن سعد بن حسين التي نشرها عام 1400ه في مجلة الدارة، ثم اعاد نشرها في كتابه "كتب وآراء" في العام الذي يليه (17).
    ويهمنا في هذا المقام تحليله لظاهرة السخرية ودوافعها عند السرحان، وهو ما ينفرد به - تقريباً - من بين الدارسين والناقدين، فنراه يصف هذه الظاهرة فيقول: "حين تقرأ الكثير من مقالات حسين سرحان، وبخاصة تلك التي عالج فيها بعض امراض المجتمع تجد ان حديثه يمتزج بسخرية لاذعة، ولكنها مترفعة لا تسف الى حد اضحاك الناس، وانما هي من ذلك النوع من السخرية التي تنبه العقل بما يشبه الصدمة الكهربائية" (18).
    ويضع يده على اتجاهه في السخرية، وتدرجها من السخرية بالنفس الى السخرية بالآخرين في قالب غير مباشر، واضعاً نفسه كبش فداء فيقول: "يعمد كاتبنا حيناً الى نقد اخلاق الناس وعاداتهم ومحاولة توجيهها الوجهة الصالحة، فلا يجرؤ على مصارحتهم، بل يجعل من نفسه كبش فداء، أي انه ينسب هذه الاخلاق الى نفسه قاصداً في ذلك انتزاعها من نفوس الآخرين.. و حين يقصد الى النيل من شخص، فإنه يناله عن طريق لا يستطيع أحد ان يقول عنه: انه مسف، ولكنه مؤلم أشد الايلام" (19).
    وبينا استوقفت هذه الظاهرة ابن حسين، مضى يتلمس دوافعها، ومن ثم خلص الى تحديد اسباب ثلاثة:
    أولها: ان هذا اللون من الاساليب يجتذب القارئ اليه، وفي هذا كسب كبير لمن يهدف الى اصلاح ما اعوج او فسد من اوضاع المجتمع، ولاشك عندنا ان هذا من اهداف اديبنا كما تشهد به مقالاته..
    وثانيها: انه يجد في هذا الاسلوب متنفساً يقذف من خلاله ما تضطرم به نفسه ازاء تصرفات بعض الافراد.
    وثالثها: انه كثيراً ما أودع في تلك المقالات الساخرة آلام نفس سمت بها عزتها وانفتها عن الثرثرة في المجالس وعن محاورة الآخرين فيما يصدر منهم في حقها من اخطاء (20).
    وفي سياق دراسته لشعره، ألمح الباحث احمد المحسن - رحمه الله - الى هذه الظاهرة كاشفاً مزاياها فقال: "يلحظ في هذه المقالات جميعاً انه يسمها بميسم الذاتية حيث تجد نفسه في كل زاوية منها، وهذا ما جعل عنصر الصدق غالباً عليها، كما ان معظمها يتميز بعمق التفكير والنظر في النفس الانسانية وما فيها من عيوب وسيئات، وتتميز ايضاً بجودة التناول حيث يعرض المعنى من بعيد، فيلامس الاخطاء الاجتماعية ولا يعرضها عرضاً مباشراً خطابياً - إلا في النادر - مما يجعل القارئ لا يشعر بثقل النصيحة ووطأة القول" (21).
    وممن عنوا بتفسير الاتجاه الساخر عند السرحان بشكل خاطف، محمد حسين زيدان - رحمه الله - حيث ارجع ذلك الى الاحباط والبؤس فقال: "أما السخرية فهي من مرارة ما ذاق! لقد ذاق المرارة حسين سرحان حيث لم يعجبه الشيء الكثير فانحاز الى نفسه واصبحت السخرية هي زاده ومعاده" (22).
    ووصفه عبدالله الجفري بأنه "أحد الذين يجسدون امتداد المعرفة والأدب الجاد والساخر منذ اكثر من ستين عاماً ونيف" (23).
    وتربط الدكتورة خيرية السقاف بين السخرية والرفض فتصفه قائلة: "حسين سرحان الساخر الحانق، الصامت الرافض، كانت له فلسفة كشف عنها حرفه، تنم عن فكره... مبدأه الصدق والتجرد، ووسيلته الوضوح والمباشرة في غير كشف يجرح شفافية الفن" (24).
    ويبسط الدكتور عبدالمحسن القحطاني ملامح سخريته ومحاسنها فيقول: "أضفت على حديثه وقعاً في النفس، وايصالاً مباشراً للسامع بحيث يتخلص الاسلوب من حذلقة اللغة ورص الكلمات الى حركية النص وتناغمه مع بعضه، فكانت سخرية تربط السامع بالنص، وتجعله يلاحقه ملاحقة عجيبة، لأن السخرية تعطي عنصر المفاجأة والدهشة او المفارقة التي تحدث هزة عند السامع" (25).
    ويصف الدكتور محمد العوين سخريته بأنها مرة حزينة وتنزع الى نقد الذات فيقول: "العجيب في شخصيته ان السخرية المرة الحزينة لا تفارقه، ولا ينساها في جل ما يكتب"، و"نقد السلوك الاجتماعي يجيئ - احياناً - من نقد الذات نفسها، فحسين سرحان لا يدع شاردة او واردة من صفاته التي يعيبها حتى يراها حقيقة بالتفنيد.. فالسخرية هي أنسب ما يتأتى الى ذهن الكاتب من طرائق لعلاج ما يراه شاذاً او معوجاً، فهو يعتقد الا جدوى ترجى من الحياة على النحو الذي عاشه" (26).
    وكثيرة هي الاقوال عن الاتجاه الساخر لديه، فلعلنا نؤجل بعضها الى الفصل القادم عندما نتحدث عن آراء النقاد والباحثين في نثره.
    وفي ظني ان ظاهرة السخرية في أدبه بشكل عام تستحق دراسة مستقلة، او يكون نموذجاً ضمن دراسة عامة تدرس السخرية في الادب السعودي، لانه يعد بحق موطد اركان هذا الاتجاه في الادب السعودي، وصاحب مدرسة متميزة فيه، وتأثيره - وهذا هو المهم - واضح في أساليب عدد من الكتّاب السعوديين الساخرين مثل: غازي القصيبي، وعلي العمير، ومحمد الحمدان، وغيرهم.
    وربما كانت ظاهرة السخرية اقل بروزاً منها في قصصه ومقابلاته عنها في مقالاته، ولعل السبب يعود الى قلة ما بين أيدينا من القصص، والى نزوع المحاورين في المقابلات الى الاسئلة الجادة التي لا تحتمل السخرية وتتطلب اجابات مباشرة.
    ومن الامثلة على سخرياته في القصة، تصويره (الكاريكاتوري) لشخصية مسعود في قصة "الصياد والسمكة" فهو من طول معاشرته للصيد مدة تزيد على اربعين عاماً "اصبح سمكة ناطقة تسير على قدمين آدميتين، ولها مثل وجه الآدمي ايضاً مع بعض الانحراف المحسوس الى عرض الوجه بدلاً من طوله.." (27).
    ومثل ذلك ما جاء في قصة "حلم غريب" التي يحلم فيها البطل رشاد بأنه اصبح اذن حمار، ويأتي التفسير غير متوقع ملفوفاً بسخرية هازلة مرتبطة بالحلم: "وتزوج رشاد في ظروف لا يملك معها دفعاً ولا منعاً وانجب اكثر من خمسة بين ذكور واناث، وقر عيناً بعد ذلك، فإنه لم يعد اذن حمار، ولم يقنع كذلك بأن يكون حماراً كاملاً.. ولكنه امسى.. اصطبلاً للحمير!؟" (28).
    وفي المقابلات الصحفية نراه يسخر من نفسه وأدبه، فلقد سئل عما اذا كان يحتفظ بانتاجه الادبي فقال: "اذا نقصت الدنيا من انتاج المدعو حسين سرحان مع تحياتي اليه فماذا تنقص الدنيا؟" (29).وقد تكون السخرية ممزوجة بالجد والايجاز في العبارة، ومن ذلك اجابته عن سؤال عن مشكلة الزنوج والتي جاءت على النحو التالي: "المشكلة لن يحلها إلا قانون واحد هو ان يغير السود جلودهم، ويغير البيض ما بعقولهم" (30).
    وله اجابات يمتزج فيها الظرف بالسخرية من نحو قوله مجيباً عن سؤال نصه: "ما الذي لا ترتاح له في المرور؟"، قال: "المرور مرتاح مني، فأنا لا أعرف السيارات إلا بألوانها فقط" (31).
    ومما يمثل به على السخرية في مقابلاته، اجاباته الموجزة عن اسئلة لمجلة اليمامة عام 1409ه ، ومنها نختار الاسئلة والاجوبة التالية:
    7أين تحب أن تعيش؟
    - لو لم أعش كان أفضل.
    7من أين تبدأ قراءة الجريدة؟
    - من صفحة الاعلانات!
    7ما هو شعارك المفضل؟
    - لا شعار لي (32).
    وأخيراً نشير الى تلازم السخرية بأدبه تلازماً تاماً، وكل دراسة تغفل هذه الظاهرة في ادبه تعد ناقصة ومزيفة، لانه اتضح لنا من خلال الفصول والمباحث السابقة بأنها محور مهم ومؤثر في ادبه، فقد يتخذ عنواناً معيناً لاشباع هذه النزعة في داخله، وقد يستطرد كذلك بسببها، وربما اقتبس او ضمن او استشهد وفي ذهنه تحقيق السخرية، وربما جرى وراء حلية لفظية لاجتلابها، او استعان بجمل اعتراضية ولوازم اسلوبية استجابة لشهوة السخرية التي تلح عليه،
    ولكن السؤال المشروع الآن: هل يقتصر نثره على الاتجاه الساخر فقط أم ثمة اتجاهات أخر؟
    والجواب هو ان الاتجاه الساخر هو الأبرز والاهم، وهناك اتجاهان آخران، وهما: الاتجاه الواقعي، والاتجاه الرمزي، وهو ما سنتناوله في هذه المقالة في الحلقتين القادمتين بمشيئة الله.

    الهوامش
    (1) في مقالة له بعنوان "الاسماء المستعارة". انظر: من مقالات حسين سرحان. جمع يحيى ساعاتي، الرياض: النادي الادبي، 1400ه/ 1979م، ص
    12.(2) المصدر نفسه.
    (3) جريدة صوت الحجاز، ع 241، 1355/11/6ه ، ص
    4.(4) جريدة البلاد السعودية، ع 623، 1365/11/12ه ، ص
    4.(5) جريدة البلاد السعودية، ع 828، 1368/8/16ه ، ص
    4.(6) من ديوانه اجنحة بلا ريش، ص
    160.(7) جريدة البلاد، ع 650، 366/5/23ه ، ص
    4.(8) البلاد السعودية، ع 616، والبلاد، ع 1346، وعكاظ، ع
    644.(9) من قصائده الساخرة: بائع المساويك، الموظف الجديد. انظر: اجنحة بلا ريش، ص 132،
    157.(10) د. خيرية السقاف، جريدة الرياض، ع 9075، 1413/11/8ه ، ص
    25.(11) من مقالات حسين سرحان، ص
    112.(12) د. معجب الزهراني، من الشعر الى النثرية، جريدة الندوة، ع 12591، 1420/12/20ه .
    (13) اجنحة بلا ريش، ص
    10.(14) لعله لا يغيب عن الذهن ان كل هذه الدراسات تنصب على ما نسبته 18% فقط من مقالاته، في حين تقترب مقالاته من ثلاثمائة.
    وشيء آخر وهو ان السرحان يعتز بنثره اكثر من شعره. (الاربعاء، ع 280، 1409/3/30ه ، ص 9).
    (15) د. علي جواد الطاهر، معجم المطبوعات العربية،
    638/2.(16) انظر: حسين سرحان: ببليوجرافيا، ص
    180.(17) د. محمد سعد بن حسين، كتب وآراء
    185/1.(18) المرجع نفسه
    180/1.(19) كتب وآراء
    182/1.(20) أحمد عبدالله المحسن، شعر حسين سرحان: دراسة نقدية، ص
    42.(21) نادي جدة الادبي، المحاضرات، المجلد الحادي عشر، ربيع الاول 1413ه ، ص
    508.(22) نقطة حوار، جريدة الحياة، 1413/2/7ه ، الصفحة الاخيرة.
    (23) حروف وافكار، جريدة الرياض، ع 3692، 1406/4/11ه ، ص
    5.(24) قراءة في ادب السرحان، جريدة البلاد، ع 10549، 1413/12/4ه ، ص
    13.(25) د. محمد العوين، المقالة في الادب السعودي الحديث 271/1،
    300.(26) من مقالات حسين سرحان، ص
    69.(27) من مقالات حسين سرحان، ص
    182.(28) جريدة البلاد، ع 1983، 1385/4/16ه ، ص
    4.(29) المرجع نفسه.
    (30) البلاد، ع 8498، 1407/6/27ه ، ص
    7.(31) مجلة اليمامة، ع 1026، 1409/3/9ه ،

  2. #2
    الصورة الرمزية نورا القحطاني قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Nov 2005
    الدولة : لنــــدن
    المشاركات : 2,077
    المواضيع : 71
    الردود : 2077
    المعدل اليومي : 0.31

    افتراضي


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    حقيقة استمتعت بقراءة جزء من الموضوع ولم اكمله
    لضيق الوقت ..لا أحب السرد المطول للمواضيع
    وتعجبني طريقة التجزئه في حلقات قصيرة متباعده
    بعض الكتاب لا يهتم بهذه الطريقه ولا يلقى لها بال
    المهم عنده سكب ما في جعبته ثم المغادرة..!!

    *
    *
    *
    سلمت على اختيارك الجميل د.حسين

    هل تذوقت شربة من كأس الصراحة في ردي..؟

    فاعذرني على صراحتي ...لو ازعجتك.. نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    *
    *
    *
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    تحية عطرة
    نـورا

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3

المواضيع المتشابهه

  1. الاتجاه القومي في الأدب العربي في آخر العهد العثماني-حسين الهنداو
    بواسطة حسين علي الهنداوي في المنتدى قَضَايَا أَدَبِيَّةٌ وَثَقَافِيَّةٌ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 16-07-2016, 11:06 PM
  2. الاتجاه الاجتماعي إبان الحروب الصليبية:المستشار حسين الهنداوي
    بواسطة حسين علي الهنداوي في المنتدى قَضَايَا أَدَبِيَّةٌ وَثَقَافِيَّةٌ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 16-07-2016, 05:09 PM
  3. الاتجاه الإداري إبان الحروب الصليبية:الستشار حسين علي الهنداوي
    بواسطة حسين علي الهنداوي في المنتدى قَضَايَا أَدَبِيَّةٌ وَثَقَافِيَّةٌ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 16-07-2016, 05:07 PM
  4. مقالة هامة للدكتور موفق الجوادي
    بواسطة خليل حلاوجي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 16
    آخر مشاركة: 03-06-2008, 10:57 AM
  5. الحيدري وببليوجرافيا عن أستاذه ابن حسين
    بواسطة د. حسين علي محمد في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 22-02-2008, 07:18 PM