أحدث المشاركات

بكاء على الاطلال» بقلم أحمد بن محمد عطية » آخر مشاركة: أحمد بن محمد عطية »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»»

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 12

الموضوع: قراءة في قصة " لوحةٌ وبـزّة مـتـّسـخة" لانشراح حمدان

  1. #1
    الصورة الرمزية مهند صلاحات عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2004
    الدولة : الاردن
    العمر : 43
    المشاركات : 589
    المواضيع : 101
    الردود : 589
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي قراءة في قصة " لوحةٌ وبـزّة مـتـّسـخة" لانشراح حمدان

    قراءة في قصة " لوحةٌ وبـزّة مـتـّسـخة"
    للأديبة الفلسطينية انشراح حمدان


    مهند صلاحات - الأردن

    إن فن القصة القصيرة، فن راق ٍٍ ومعقد في نفس الوقت، حيث يتطلب من الكاتب الصدق في الطرح القصصي، مع العمق حتى يغني نصه بإشراقات تضع الضوء على دلالات النص مباشرة، كما أنه يُطلب من الكاتب أن يركز دعوته ولا يجعلها مفتوحة، فهنالك عناصر أساسية يستطيبها القارئ كالدعوة إلى الحرية و الدعوة للتضامن مع هم الإنسان وصراعاته مع قيود زمنه، وتصوير مشاكله وإحباطاته المتنوعة وهمومه الكثيرة، وأفراحه الصغيرة، من خلال نصوص ينبغي أن تزهو بفنيتها وقدرتها على التعبير السردي المكتمل الموجز، وعلى الكاتب أن يتعمق في هموم الإنسان العادي، ليكون أكثر قربٍ من قلب القارئ، وحتى يحقق نزاهة نفسه ويكون بعيداً عن إتهامات المثقف المزور أو الموالي، وقبل ذلك كله للغة دور مهم جداً في القصة القصيرة، حيث أن اللغة ورصانتها ترتقي بالقصة ومستواها الأدبي.

    كما أننا إن أردنا الوقوف على قصة قصيرة ما، فلا بد قبل كل ذلك إلى أن نشير إلى أهمية القصة القصيرة نفسها ودورها في الوقت الحالي، فأهميتها تكمن في كون نصوصها الجيدة تكشف عن تعدّد حقولها الدلالية، وتُساعد القارئ على إعادة إنتاج الرمز الذي ينهض به وعليه، أي فيما يتصل بحال الرسالة التي يُريد المبدع إيصالها إلى المتلقي سواء أكانوا أفراداً، أم مجتمعات، ويُغني النص في حالة القصة القصيرة عن نصوص سردية طويلة، وإن كان بالطبع لا يمثل إشباعاً فنيا كالقصة الطويلة أو الرواية، إنما حسبه أن يُمتعنا فنيا وجماليا ـ في لحظات ـ بالإضافة إلى المستوى المعرفي اليسير، فيقول الأديب والعالم الفيزيائي الدكتور أحمد زكي «ليس ألذ في أحاديث الناس من قصة، وليس أمتع فيما يقرأ الناس من قصة، والعقول قد تخمد من تعب، ويكاد يغلبها النوم، حتى إذا قلت قصة ذهب النوم، واستيقظت العقول، وأرهفت الآذان ...».

    هذه المقدمة الطويلة نسبياً كان لا بد منها عن الوقوف على نص أدبي تم تصنيفه على أنه قصة قصيرة، لشاعرة فلسطينية قبل أن تكون قاصة، فهذا يعطيني فكرة أن القصة التي بين يدينا هي قصة بلغة شاعرة.
    قبل كل شيء لا بد من تصنيف القصة وقياسها حسب مقاييس الأدب العربي لنخرج بتصنيف أدبي لها، فقصة "لوحة، وبزة متسخة" لانشراح حمدان تقترب من الشكل التقليدي ، ثمة بداية ووسط ونهاية، وهي قصة سردية من القصص التي تأخذ الطابع الرمزي، فالبداية والوسط فيها أخذت السرد الواقعي العادي، بينما أعطت النهاية البعد الرمزي أكثر فيها، وهذه القصة التي يمكن إيجازها في ثلاثة شخصيات رئيسية هي : صابر الخياط البسيط، والسيدة الشقراء ذات العيون الزرق، وسائقها المغلوب على أمره، وتتلخص القصة بوقوف سيارة في داخلها امرأة شقراء وسائقها أمام محل صابر الخياط، وتخبره بأنها تريد الدخول لمحله لانتقاء بزة لسائقها، لكن صابر يتردد في مسألة دخولها لمحله لأنه قد قطع لوالده عهداً بألا تدخل المحل امرأة، فيقوم بعرض عدد من النماذج عليها وهي في سيارتها فلا تعجبها فيفكر في عرضها على السائق باعتباره صاحب الشأن فيأتي جواب السائق مخيباً بالنسبة لصابر حين يقول له : الأمر لسيدتي، هي تفصّل وأنا ألبس.
    وفي النهاية تدخل المرأة للمحل وتختار البزة الرثة القديمة المعلقة على الجدار، حينها يبدأ صابر بالانكماش، ويصغر ويصغر حتى يغدو بحجم صرصار ومن ثم يقفز ويختبئ في جيب الجاكيت.
    فعلى الرغم من هذه النهاية التي تبدو خيالية أسطورية، إلا أنها نهاية أكثر واقعية من الخيال، فالرمزية كونها عنصر أساسي في الأدب الحداثي تعطي الحق للكاتب في أن يمتد بخياله نحو التحولات غير الممكنة، فعملية تحول صابر إلى صرصار هي أيضاً إشارة رمزية إلى ما تود الكاتبة قوله بشكل آخر مختلف.

    ونص انشراح حمدان هذا يثير العديد من الأسئلة ، وبخاصة أن الكاتبة أنجزت القصة في محاولة وصف واقع بين قديم وحديث مليء بالانتكاسات العربية، فجاء النص في خاتمة تفاصيله يحمل حدث الانتكاسة التي نعيشها ليكون السبب الذي أوحى لها بكتابتها في هذا الوقت بالذات، وإن كان قارئ القصة يتساءل أيضاً إن كانت ثمة علاقة بين شخوص القصة وبين الواقع بكل تفاصيله، فصابر الذي يشكل في القصة جزءاً من الواقع العربي وبين السيدة الشقراء بالعيون الزرقاء إشارة واضحة لغربتها عن الواقع العربي.

    لاحظنا أن انشراح تكتب عن عالم يلامسها من قريب، ولا تكتب عما تسمع، بل إنها تكتب عما عاشته ومرت به، ليس بالشكل التفصيلي فالقصة ذات بعد رمزي إنما التفاصيل التي تترجمها كونها قاصة وشاعرة إلى رمزيات أخذت النهاية فيها دور المتخيلة، وإن كان هذا العالم المتخيل ذا نصيب من الواقع ، وله حضوره.

    يتكون العنوان من ثلاثة مفردات "لوحة" و "بزة" "متسخة" . إنه مكون شخصي ومكون مكاني، وهي بالتالي تتحدث عن تفاصيل رمزية في مكان ما، سرعان ما يفصح عن هذه التفاصيل جسد النص، فالمكان هو محل للخياطة والذي يرمز للوطن أو البلد، والكاتبة حين جردت قصتها من تحديد بلد معين أو دولة معينة ، أرادت أن تكتب عن أجواء عربية بشكل عام. وليشمل "صابر": أهل الدولة أو البلد ، وتشمل السيدة الشقراء : " الاستعمار" الذي يحاول الدخول إلى المنطقة العربية، بينما يجسد " السائق" الشخوص الذين يختار لهم الاستعمار زيهم ونظامهم.
    فالبزة إذن والتي جاء الاستعمار ليفصلها لمجموعة ما لترتديها، تمثل الواقع العربي الذي بدأ يتحول باتجاه الانقلابات المدعومة بشكل واضح من الدولة الاستعمارية الكبرى "أمريكا".

    الموضوع الرئيسي في القصة هو موقف صابر ورد فعله إزاء حدث، وهو دخول المرأة الأجنبية لمحله رغم وعده الذي قطعه لوالده بعدم السماح لأي امرأة كانت بدخوله، هذا الحدث الذي تمّ رغماً عنه بسبب ضعفه في منعها من الدخول لتختار البزة العسكرية ذات الطراز القديم، مما يعني ذكاء الإشارة، وجمالية توظيف العبارة لتخدم الفكرة التي أرادت إيصالها القاصة، وهي أن هذه الشقراء التي تمثل أمريكا والتي ترفع شعارات لدخولها للمنطقة بالتغيير والديمقراطية قد كشفت زيف إدعاءاتها بالتغيير بأن اختارت الطراز القديم ذاته، أي أنها تريد استبدال شخوص فقط لا حالة، استبدال الجنرال بجنرال آخر قد أعلن لها الولاء والطاعة، ونجحت في توظيف المفردات في التعبير عن ذلك حين جاء جواب السائق على صابر :"الأمر لسيدتي، هي تفصّل وأنا ألبس".
    فمن خلال الرد نتعرف على موقف السائق المستسلم الخانع للإرادة الاستعمارية الجديدة، وهذا ما يعيد لذاكرتنا مقطع قصيدة الشاعر الراحل أمل دنقل بل ويجسدها أفضل تجسيد حين قال :
    قلت لكم في السنة البعيدة
    عن خطر الجندي عن قلبه الأعمى، وعن همته القعيدة
    يحرس من يمنحه راتبه الشهري وزيه الرسمي
    ليرهب الخصوم بالجعجعة الجوفاء والقعقعة الشديدة
    لكنه.. إن يحن الموت فداء الوطن المقهور والعقيدة
    فر من الميدان، وحاصر السلطان

    حقاً إن نهاية قصة " لوحة، وبزة متسخة" تنبئ بأن هناك تغيراً لا بد سيحدث، إلا أن الإفصاح عنه يبدو ، بوضوح، في تحول صابر وهربه ودخوله لداخل البزة . تنتهي بالعبارة التالية:
    " صرخ صابر صرخة مَن رأى وجه (ميدوزا) ، وراح ينكمش ويصغر ويصغر حتى غدا بحجم صرصار ثم قفز واختبأ في جيب الجاكيت " .

    أما لغة القصة، فيلحظ قارئ القصة نفسه أمام ثلاثة أشكال لغوية ، هي : شكل السرد وشكل الحوار وشكل لغة المونولوج الداخلي ، وقد راوحت القاصة في التنويع في الأسلوب القصصي.

  2. #2
    الصورة الرمزية زاهية شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2004
    المشاركات : 10,345
    المواضيع : 575
    الردود : 10345
    المعدل اليومي : 1.42

    افتراضي

    مهند الصلاحات
    أسعد الله أوقاتك بالخير
    من زمن لم أقرأ هكذا ألم
    رهيبة والله هذه القصة واسعة الخيال
    موجعة التصوير مبكية النهاية
    وقد قرئت بشكل جميل جداً
    أهلاً بك أخي الكريم
    أختك
    بنت البحر
    حسبي اللهُ ونعم الوكيل

  3. #3
    الصورة الرمزية مهند صلاحات عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2004
    الدولة : الاردن
    العمر : 43
    المشاركات : 589
    المواضيع : 101
    الردود : 589
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    شكرا لك زاهية على هذا الوقوف
    حقيقة بعض النصوص الجميلة صعب أن نمر عليها بمثل هذه السهولة
    لذلك مجد انفسنا مضطرين لأن نقف بوجهنا وواجبنا الحقيقي
    بعيدا عن الاستعراض الادبي بالكلمات
    بل ان نقف عند الحروف الحرية بالوقوف لجانبها
    وان نقرأها كمان نحب

  4. #4
    الصورة الرمزية زاهية شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2004
    المشاركات : 10,345
    المواضيع : 575
    الردود : 10345
    المعدل اليومي : 1.42

    افتراضي

    هذه القصة القصيرة جعلتني أفكر جدياً بالعودة لكتابة القصة القصيرة بعد أن أشحتُ عنها وجهي جمال القصة القصيرة أنها تختصر عالم بسطور.
    لاأدري إن كنت قد قرأت قصتي القصيرة الفأس فقد لاقت نجاحاً كبيراً عند الكثيرين
    من القراء كما لاقت النقد منه المفيد ومنه غير ذلك إليك القصة وأتمنى أن تقرأها
    **
    سقطََ بقبضة يدٍ لا يعرفُ صاحبَها, فظنَّ أنَّه فأسٌ عليه أن يحرثَ كلَّ الأرض, فلم يوفِّرْ تربةً, أوأيَّ شيءٍ من تراب, فسالت دماؤُه تغسلُ جسدَهُ من التراب0
    بقلم
    بنت البحر
    يكفيكم فخراً فأحمد منكم ***وكفى به نسباً لعزِّ المؤمن

  5. #5
    الصورة الرمزية مهند صلاحات عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2004
    الدولة : الاردن
    العمر : 43
    المشاركات : 589
    المواضيع : 101
    الردود : 589
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زاهية
    هذه القصة القصيرة جعلتني أفكر جدياً بالعودة لكتابة القصة القصيرة بعد أن أشحتُ عنها وجهي جمال القصة القصيرة أنها تختصر عالم بسطور.
    لاأدري إن كنت قد قرأت قصتي القصيرة الفأس فقد لاقت نجاحاً كبيراً عند الكثيرين
    من القراء كما لاقت النقد منه المفيد ومنه غير ذلك إليك القصة وأتمنى أن تقرأها
    **
    سقطََ بقبضة يدٍ لا يعرفُ صاحبَها, فظنَّ أنَّه فأسٌ عليه أن يحرثَ كلَّ الأرض, فلم يوفِّرْ تربةً, أوأيَّ شيءٍ من تراب, فسالت دماؤُه تغسلُ جسدَهُ من التراب0
    بقلم
    بنت البحر
    يكفيكم فخراً فأحمد منكم ***وكفى به نسباً لعزِّ المؤمن
    أعدك زاهية ان امر على القصة مرورا يكفيها حقها
    من القراءة الاولى قصة جميلة جدا
    ساعود لها

  6. #6
    الصورة الرمزية مهند صلاحات عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2004
    الدولة : الاردن
    العمر : 43
    المشاركات : 589
    المواضيع : 101
    الردود : 589
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    لوحةٌ وبـزّة مـتـّسـخة


    من خلف زجاج الواجهة بدت بعض ملابس رجالية معلقة على جدران المحل، تتوسطه منضدة خشبية متعبة مستطيلة الشكل مجردة إلا من بعض خطوط وأشكال رسمت على سطحها البني بالإضافة إلى شريط قياس ومقص ودفتر وقلم مكافحين.


    على جزء من الجدار الجانبي علت لوحةٌ لصورة رجلٍ تبدو عليه أمارات الوقار والإباء محاطة بإطارٍ ذهبي اللون أرهقه تراكم الغبار.


    في الركن القريب من الواجهة يجلس صابر على كرسيه الذي فقد إحدى قائمتيه الخلفيتين منكفئاً على ماكينة تئن من توالي السنين، يرتدي أسمالاً حانقة على جسمه النحيل ذي الرأس الكبير بوجه حنطي يتخلله بهاق اختبأ جزءٌ منه تحت لحية يميل لونها إلى الرمادي.



    هاهو منهمك في عمله يترقب ندف القدر مستذكراً بطولات السروج الخوالي، تارة يقص خيطاً وأخرى يحبك طرفاً من قماش أو يغير الخيط طبقا للون الثوب أو يفرط خياطة لا يكنّ ولا يتثاقل وكأنه آلةً مبرمَجة.
    رغم رثاثة حاله إلا أن ومضة سعادة تعلقت بأهداله استقى سناها من ربيع قلبه فحمد الله على نعمائه وراح يترنم بأهزوجة قطعها صوت بوق قريب، نظر خلال الزجاج فإذا بمركبة فارهة تقف أمام الباب، السائق تحيط بوجهه الأسمر كوفية بينما سيدة شقراء تجلس في المقعد الخلفي موجهة عينيها الزرقاوين نحوه، تشير بسبابتها أن يأتي إليها.
    تسارعت خفقات قلبه وتعرق جبينه، راح يتلفّت حوله ربما غيره المقصود بالإشارة...
    خرج بنصف إرادته متجهاً نحوها وبحروف مرتجفة بالكاد طاوعته قال :أمرك سيدتي، ماذا يمكنني أن أقدم لكِ؟
    بنبرة آمِرة أجابته: أريد أن تخيط لسائقي بزّة، سأدخل لأختار التصميم.


    وقعت كلماتها كصاعقة عرّشت على نفسه صقيعاً أشعره بجرح الكبرياء، وتذكر العهد الذي قطعه على نفسه بألا تدخل المحل سيدة، فلازالت قسمات وجه جده حاضرةً في مخيلته وهو يقول لوالده: "إذا دخلت المحلَّ سيدةٌ فإنها تشق ربيعَ الأرض بسيفها، وتسقيه من أودية الخرافة؛ فتنبت بقول الخوف في أوحال الهوان "




    ماذا باستطاعته أن يفعل؟


    تلمّس في شتاته أشلاء شجاعة منهكة وقال: لا تكلفي نفسك عناء الدخول سيدتي، سأحضر لكِ أحدث التصاميم وأجملها لتختاري وأنتِ مرتاحةٌ هنا.
    قبل أن يعطيها فرصة الرد دخل مسرعاً وفي لمحة خرج يحمل مجموعة من البزّات الجاهزة يعرضها عليها.
    أشاحت بوجهها مومئةً عدم استحسانها.
    رجع ثانية وأنزل جميع البزات عن الجدار إلا واحدة تركها متعمداً لثقته أنها لن تعجبها فتصميمها قديم جداً وقماشها متسخ بمرور السنوات، عاد مسرعاً، لم تنظر إلى ما أحضر وقالت: لا يروق لي شيئ منها.
    حدث نفسه : أليس هو مَن سيرتديها! لمَ لا أسأله؟


    استشعر فرجاً قريباً وتوجه إلى السائق: إليكَ آخر التصاميم وأكثرها طلباً لهذا الموسم، أليست جميلة؟
    طأطأ الأخير رأسه وقال: الأمر لسيدتي، هي تفصّل وأنا ألبس.
    نزلت السيدة من المركبة رافعة أنفها وقالت بغطرسة: أسمعت؟ أنا صاحبة القرار هنا ولي الخيار، سأدخل المحل وأختار بنفسي ما يروق لي.
    وهو يرتجف خوفاً: ولكن المحل غدا فارغاً من التصاميم سيدتي.
    لم تأبه به وتقدمت باتجاه المحل
    سبقها إلى الباب هلِعاً بقدمين لا تحملانه.
    توسطت المحل وأشارت إلى البزة المتبقية
    بوَجَل: هذه قديمة جداً ولن تعجبك سيدتي
    بعنف: أنزلها
    مد يداً مرتعشة إلى الجدار حيث تتكئ البزة على حمالة خشبية معلقة بمسمار أثقلته طبقة من الصدأ الأزلي، بحركة هزيلة أخذ يحررها من نتوءات الحمالة الشائكة بها، وما إن خلصها حتى نَسلت منها جماعاتٌ تشبه الصراصير هربت في كل صوب.
    صاحت السيدة فرحةً: رائع، أختار هذا التصميم
    جذبت الكرسي ذا الثلاث قوائم وجلست عليه مردفةً: سأبقى هنا ريثما تنتهي من صنعها.
    صرخ صابر صرخة مَن رأى وجه (ميدوزا) ، وراح ينكمش ويصغر ويصغر حتى غدا بحجم صرصار ثم قفز واختبأ في جيب الجاكيت.


    https://www.rabitat-alwaha.net/molta...ad.php?t=10343

  7. #7
    الصورة الرمزية محمد الدسوقي قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Feb 2004
    الدولة : doha
    المشاركات : 1,420
    المواضيع : 83
    الردود : 1420
    المعدل اليومي : 0.19

    افتراضي


    جميلة وموحية عن حال الأمة وما تعيشه من ترهلات ،

    فالمصيبة أن الخوف يصنع الجُبن .....في نفوسنا ...!

    وكلمة (لا ) أُلغين من قاموس عروبتنا ، فأصبحنا نسبق زماننا إلي الخلف ..!

    فالمادة التي شكلتنا تجذبنا إليها بعمق البسيطة ......وتسرق منا روح العزم .

    لهؤلاء أصحاب العيون الملونة ، نقول لهم : دوام الحال من المُحال ....

    فسينتعش فينا الشعور ، وينشط العزم ، ويتذكر التاريخ ما قد غمرنا ..

    تحيااااااااات

    مستاء مما يحدث

    كن بخير

  8. #8
    الصورة الرمزية محمد عصام عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Oct 2005
    الدولة : فى البعيد . . . بالجوار ؟!
    المشاركات : 783
    المواضيع : 40
    الردود : 783
    المعدل اليومي : 0.12

    افتراضي

    جميل دائما بتألقك الأجمل أخى العزيز / مهند
    بارك الله فيك ولك . . شكرا لك وفقك الله دائما
    سعدت بمرورى
    ودمت بصحة وسلامة
    مع محبتى لك.
    كن بخير

  9. #9

  10. #10
    أديب وناقد
    تاريخ التسجيل : Dec 2005
    الدولة : بعلبك
    المشاركات : 1,043
    المواضيع : 80
    الردود : 1043
    المعدل اليومي : 0.16

    افتراضي

    أخي العزيز مهند
    طفت حول القص بأشكاله و أساليبه فلم أجد أروع من الواقعية الرمزية إطارا ممتعا يقول الكثير و يخفي الأكثر فإذا بالقصة مائدة تصلح عيدا للقراء و النقاد على حد سواء .
    يسعدني التعرف إليك وسماع همس نبضك حول قصصي المنشورة هنا .
    دمت في خير و عطاء

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. "البائـس" ...قراءة نقدية تحليلية فى قصة "الانتقام الرهيب " للأديب : محمد نديم
    بواسطة د. نجلاء طمان في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 08-07-2022, 12:34 AM
  2. مجرد""""كلمة"""""ترفع فيك أو تحطمك........!
    بواسطة أحمد محمد الفوال في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 28-05-2009, 12:27 PM
  3. قصيدة "علامة الإدبار" للشاعر الكبير"جمال حمدان"
    بواسطة معارج الروح في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 08-02-2005, 01:04 AM
  4. سجال بين " روحان حلا خشبا " و " جمال حمدان"!!!
    بواسطة جمال حمدان في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 28-04-2003, 01:56 PM