أحدث المشاركات
صفحة 4 من 6 الأولىالأولى 123456 الأخيرةالأخيرة
النتائج 31 إلى 40 من 56

الموضوع: أم دغش ( قصة قصيرة بقلم / مجدي محمود جعفر )

  1. #31
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    المشاركات : 91
    المواضيع : 2
    الردود : 91
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    الجميل / مجدى جعفر
    صباح الخير أولا
    قرأت لك مجموعة من الأعمال المنشورة وقد كنت أتحين اللحظة لمشاغبتك , ككاتب جميل يروق لى مشاغبتة , وقد حانت لحظتى فى ( أم دغش ) فلنبدأ يا جميل
    بداية تهنئتى على هذا العمل الإبداعى المتميز فعلا , واسمح لى أن أبدأ من لحظات وقفاتى الخاصة بالعمل
    1_ الفقرة الأولى : _
    حين تقول أم دغش للمصريين :
    النيل00 النيل ما عاد يجرى!!
    النيل توقف من عشرين سنة
    وهنا مجدى جعفر يتحدث عن نيله الذى يعرفه بطريقته وكذلك تتحدث أم دغش أيضا عن نيلها الخاص , الذى توقف فعليا منذ لحظة إرتباطها بهذا السكّير بعيدا عن هويته , وهذا من جماليات النص لدى مجدى جعفر فى أنه يقوم بتعرية الواقع بكل مآسيه دون تحديد هوية ما 00
    وفى المقابل وهذا ما لا أحبذه بشكل شخصى , هو ختام الفقرة الأولى من العمل الإبداعى ( أم دغش) بغناء المصريين ( مصر هى أمى 00000 ألخ )ولم تكن الفقرة_ فى رأيى الشخصى_ فى حاجة اليها بالفعل , حتى لو كانت هذه الأسطر الغنائية البسيطة من المصريين , هى على سبيل المقابلة مع ما قالته أم دغش عن النيل000؟؟؟
    2 _ الفقرة الثانية : _
    لا أنكر مدى محبتى الكبيرة لكل أبناء الشرقية , وخاصة أن منهم أعز أصدقائى وانت منهم يا عمنا مجدى ضف الى ذلك الصديق عزازى وسهير المصادفة وعبد المنعم عبد القادر وفؤاد سليمان مغنم وصابر عبد الدايم وحسين محمد على والقائمة لا تنتهى أبدا , لأنى احبهم بالفعل واقدرهم قدر معرفتى بمفهوم التقدير الذى يستحقونه ولكن0000؟؟؟
    لم تضف لى هذه الفقرة الثانية شيئا يذكر الى الحدث الرئيسى للعمل القصصى , ولم أخرج منها حتى بدلالة موحية على سبيل النقلة النوعية الى الفقرة الثالثة , اللهم معرفتى بعزومة القطار , والفطير والعسل والجبن , ثم الغناء المتكرر بالخاتمة ( أنا المصرى00 كريم العنصريين )0
    الفقرة الثالثة : _
    أعود مرة واحدة ليس الى الفقرة الثالثة فقط هذه المرة , ولكن الى الفقرات مجتمعة من الثالثة الى السابعة لأجد تفتح العمل الإبداعى على العديد لا أقول من المفاجأت وفقط , بل العديد من الدلالات الكثيرة والغنية فى آن, خاصة العلاقة الحميمة التى تربط ( أم دغش) بالحمام , وتصويرها لغة وأسلوبا فنيا راقيا وكأننى فعلا بصدد حالة عشق من نوع خاص , وخاصة , وأكرر , وخاصة بالفقرة ( أقسم أحدنا أنه رأى أم دغش , تصنع جناحين كبيرين من ريش الحمام , وتقيسهما على ذراعيها ) والى هنا الفقرة أكثر من رائعة أيها الجميل مجدى , ولم تكن الفقرة فى حاجة نهائيا لإضافة ما يتعلق بعباس ابن فرناس , خاصة أنه وفى هذه الحالة هنا نصبح أمام النص الشارح , وأنت واحد من كتابنا الكبار الذين نعتز بهم ونقدرهم , لن أقف أمام الفقرة الرابعة ليس إعتراضا ولكن سأغوص قليلا بالفقرة الخامسة وخاصة حين تقول أم دغش ( كل يوم_ من عشرين سنة_ وأنا أحمل حمامة رسالة أبعث بها الى مصر , وكل يوم أنتظر , لا الحمامة تعود , ولا الرد يصل !
    سمعنا تحذير النملة لزملائها , من سليمان وجنوده , وحديث الهدهد والجان , والرجل الذى عنده علم , ولم نتبين حديث أم دغش مع الحمام !
    ما هذا الجمال والسمو باللغة والحدث الى أعلى درجة ومستوى بلغة هامسة كاشفة موحية معبرة الى أقصى درجة حقيقة00000
    بالفقرة السادسة تقول على لسان أم دغش : _
    ( باعونى ولاد الكلب000000
    أبويا , والعمدة , والمأذون, وطبيب الصحة , وشاهد العقد , 000000و00000000
    ألم أقل فى البداية أن الكاتب الجميل مجدى جعفر متخصص فى كشف زيف الواقع المراوغ الذى نعيشه , تحت مسميات شكلية , لا نمتلك من حقيقتها فى الأصل شيئا واحدا , بمعنى إذا كانت الجملة الشهيرة التى نتبعها دائما وأبدا _ وبكل أسف حتى الآن _ من أنه ( زواج البنت سترة ) فالقصة تفضح هذا الواقع الخرب , من التدليس والتواطىء من مختلف الجهات , من الطبيب الذى أعطاها عمرا وسنا أكبر من مرحلتها الطفولية التى تعيشها , ومن العمدة الذى تستر على ما يحدث وهو المسؤول عن حفظ الأمن والأمان للجميع , وكذلك شاهد العقد , وبمعنى أصح شاهد الزور , الذى وقع وأخرج بطاقة هويتة وسجل بياناتها وربما بصم أيضا , وتقاضى من الزوج ماليا ما يناسب شهادة الزور هذه 000
    نعود سريعا الى الفقرة السابعةوالأخيرة بقصة أم دغش , ولا يخفى على القارىء , إختيار الكاتب لفقرة النهاية السابعة , ولماذا لاتكون الثامنة أو التاسعة أو السادسة مثلا , رقم (7) وكما هو معلوم رقم يحيلنا بطبيعة الحال الى تراثنا القديم , ولا أقول التراث المصرى الفرعونى فقط , وهذا قائم , ولكنى أقول تراثنا الإنسانى بعامة , من السموات السبع , والأراضيين السبع , وأبواب الجنان السبع , وأيام الأسبوع السبع, حتى فى قصة الخلق , خلق الله الكون بما فيه ثم استوى على العرش فى اليوم السابع , ماذا يشير مجدى جعفر بهذا الرقم فى ختام عمله القصصى ( أم دغش ) هل هو يشير الى الراحة والهدوء والسكينة الدائمة والقائمة لأم دغش , بعد أشواطها الستة الماضية , من الغربة والفرقة والكد والجهد والملل والكآبة والبعد والهجير 0000؟؟؟؟
    هل يشير الى اختيار أم دغش لراحتها بقرارها دون تدخل أبوها والعمدة وزوجها وشاهد الزور وطبيب الصحة هذه المرة 0000؟
    هل يرمى الى الهروب من الواقع بواقع أكثر سواداوية بهروبها من الجحيم الى الجحيم 0
    أم يشير الى محاولتها الطيران والتحليق بعيد بعيدا بعيدا عن هذا الواقع الملوث الضمائر والعفن الذمم , والمتحجر القلوب حتى من أقرب الأقرباء0000
    العزيز / مجدى جعفر
    هذا قليل من مشاغباتى معك اليوم , على وعدبالمساهمة مرات كثرة لك ولكافة الأصدقاء , تقبل منى خالص محبتى وتقديرى , ومحاولتى البسيطة فى عمل قصصى جميل بكل المقاييس 000 نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    هنا إصدراتى الكاملة


    khtab_55@hotmail
    khtab20042005@yahoo

  2. #32
    قاص
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    المشاركات : 598
    المواضيع : 65
    الردود : 598
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي

    قراءة فى ام دغش

    بقلم جمال سعد
    --------------------------------------------------------------------------------

    - مجدى جعفر و ( أم دغش ) : فىقصة ( أم دغش ) للقاص مجدى جعفر مخاطبة للحساسية العامة والخبرات المشتركة بين البشر عن طريق موضوعات بسيطة لكنها إنسانية عميقة تؤكد إرادة الإنسان وقدرته فى مواجهة الطبيعة وتجتذب شخصية البطل فى قصص مجدي جعفر أنظارنا بما فيها من خيال حالم وإصرار عنيد، ولا يهتم الكاتب عند تصويرها بالزمان والمكان الخارجيين بشكل قاطع ، لكنه يعطي أولوية للزمن الداخلي ويتعمد أن يكون ( للمكان ) دلالة عامة لتكون أكثر تعبيراً عن فكرته ، ففى قصة ( أم دغش ) تجد تلك المرأة المصرية التى تزوجت من عربى .. لم يذكر الكاتب المكان تحديداً ( البلد العربى ) وإنما ركز على شخصية ( أم دغش ) وترك دلالة المكان عامة : ( كل يوم يمضى نكتشف فيه شيئا ، ونعرف عنها جديداً والجديد والمدهش هذه المرة أن أم دغش مصرية ، رحنا نضرب كفاً بكف وما كنا لنصدق أنها مصرية لولا أن أكد لنا دغش أنها مصرية مائة بالمائة ، وأننا أخواله ، انتظرنا أم دغش ، قبل أن تدخل البرج وقلنا لها : - لماذا تكرهين المصرين وأنت مصرية ؟ .. قصة أم دغش . والسرد فى هذه القصة يتعانق مع الحوار ويتسم بأنه لا يسير فى طريقه المعتاد ، صحيح أنه يبدأ من نقطة معينة ثم يسير معها إلى قمة الحدث أو العقدة ثم يتجه بعد ذلك إلى الانفراج ، إلا أن هذا لا يتم بشكل مستقيم ، ويمضى ببطء شديد يدور حول نفسه مرات ومرات ويحاول أن يرسم جواً ضبابياً كئيباً باعثاً على الفزع . ولغة ( مجدى جعفر ) لغة تنم عن فهم جيد لحقائق التشكيل الجمالي التى تحملها لغة الأداء الفني ، فهم جيد للتفاعل والفاعلية التى يبديها التوظيف الجيد للفظ ( الصوت ) وللتركيب ( الصيغة ) و ( العلاقة ) والامكانيات الفاعلة التى يمنحها النظام النحوى عند رصف الكلمات وتأليفها ، وعند بناء الجملة وكل ما يمكن لهذه العلاقات التشكيلية للغة الفن التركيبية من فيوض سحرها : " كانت رسائلى - عبر الحمام - فلولاه لمت كمداً ، ما تركت أحداً فى مصر إلا بعثت له برسالة حتى أولياء الله الصالحين ، مرة نمت ودموعي على خدى ، حلمت أنى حمامة طايرة ، ظللت أطير وأطير حتى شفت النيل ، نزلت فرحانة أبل ريقى صحيت على صوت الولد دغش ، وهو يبكى حضنته وقعدت أبكى وخلعت غطاء رأسي ودعوت على اللى كانوا السبب .. ) قصة أم دغش . يمكن الزعم أن قدراً كبيراً من الجاذبية السردية فى قصة( أم دغش) لمجدي جعفر ينبع من الجاذبية الخاصة لشخصياته المحورية ، ويمكن الزعم أيضا أن السحر الخاص لبعض تلك الشخصيات شكل الملمح الرئيسي الذى تمحورت حوله الطاقة الداخلية للشخصيات . ، وعند مجدى جعفر يتجادل كل شئ القاص وجزئيات الطبيعة البسيطة المتناثرة والشخصيات القوية جداً ، والضعيفة جداً ، كما يبرز التوتر الدائم والمتدفق فى كل جملة والجدل المستمر والمتصاعد فى كل شئ تحمله اللغة ، ونلاحظ أن تركيب البنية القصصية لدي مجدى جعفر يتم بوعي شديد فالجدل يحدث على مستوى الفعل إذ نجد الماضى والمضارع يتصارعان وكذا الاسم والفعل لتجئ الجمل قصيرة مشحونة بالتوتر ، مندفعة للأمام
    الصديق جمال
    أسعدني غوصك الجميل وابحارك الرائع - شكرا أيها الصديق

  3. #33
    قاص
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    المشاركات : 598
    المواضيع : 65
    الردود : 598
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي

    جماليات القص في «أم دغش»لمجدي محمود جعفر
    بقلم: د. حسين علي محمد
    ***
    أم دغش (قصص)، مجدي محمود جعفر،
    سلسلة «إشراقات جديدة»،
    الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 2002م، 160 ص.

    في المجموعة الثانية(1 ) لمجدي محمود جعفر، وهي بعنوان «أم دغش» نرى عالماً قصصيا رحباً، يمتد من القرية إلى المدينة، وتتسع آفاقه لرصد تجارب الحب الأول، والاستمتاع بالحياة، والتطلع إلى آفاق المستقبل، وتغص بالنجاحات الصغيرة والهزائم الكبيرة، وترسم دائرة الحلم لجيل يتطلع أن يقدم رؤيته للحياة الأدبية مشاركاً فيها بجسارة وهمة عالية.
    1-شعرية اللغة:
    نقصد بالشعرية هنا اللغة التي يوردها السارد في نصِّه متجاوزاً بها حدود الزمان والمكان والشيء الموصوف نفسه، وهو بهذا يفيد من إمكانات فن الشعر من خلال اللغة المجنحة التي تميل إلى الترميز والتخييل. ومن هذا قول السارد في الفقرة الأولى من قصة «شموس»:
    «صغاراً كنا حين مددنا أكفنا للشمس، عراة قفزنا في النهر لنمسك بقرصها المستدير اللامع .. بعيدة تلك الأيام بُعد الشمس عن الأرض .. كأسماكٍ خرجنا من النهر وأقراص الشموس على أكفنا الصغيرة، نجرى وقطرات ضوء تتسَّاقط من أجسادنا، وكلٌ أحكم قبضته على شمسه وخبأها في مكان أمين ليخرجها في الليل !!
    في الليل تشاجرنا وتعاركنا، من سرق الشموس»(2 ) (ص42).
    وفي القصة نفسها: «وكادت تموت بين يديَّ لولا أن رأيت القمر في عينيها، سقط في عينيها حين عثرت، استحم القمر في دموعها وبدا في عينيها أكثر إشراقاً، وتألقاً، وصفاءً .. اختلج قلبي الصغير في صدري، ومددت يدي إلى خدها، أمسح قطرات الدمع التي تسَّاقطت من سماء عينيها الجميلتين ..» (ص43).
    وللشعرية دورها في إثراء النص، وكسر حدة الوصف السردي، والتمهيد لما يقع من أحداث، أو الرمز لخصيصة من خصائص البطل في النص.
    ويقول في مطلع قصة «الثمن»:
    «حفاة كنا نجرى في الوحل والمطر والويل لمن يقع 00 نجرى وقلوبنا وجلة، وأنفاسنا لاهثة» (ص37).
    وفي القصة نفسها:
    «نظرت إلىَّ ونظرتُ إليها، تسلل إلى قلبي بريق عينيها، فأحسستُ به يختلج، عاجلتها بالحديث، همت أن تنطق، ولكنها في آخر لحظة ترددت، ابتلعت الكلمات، ذابت على شفتيها، يحدثني قلبي بأن ثمة شيئاً ما يقلقها، بأنها تحمل هماً في قلبها الصغير، فقلت وأنا ألمح دمعاً يترقرق في مقلتيها.
    ـ خبريني ليلى عما بك، فأنا أفعل المحال من أجلك، ابتلعت ريقها وحملقت في اللاشيء وقالت في صوت كسير:
    ـ أنـا 00
    ـ أنت ماذا ؟» (ص39).
    ومن شعرية اللغة نرى استخدامه لمقاطع من السيرة الذاتية، فترى فيها بساطة التعبير وتلقائيته وصدقه، ومن ذلك مطلع قصته «كسوف» التي يكتبها عن صديقه أحمد محفوظ:
    « هاتفني! .. عشر سنوات انقضت ولم نلتق إلا بضع مرات بالمصادفة، نتعانق لدقائق في الشارع (إزي الصحة .. إزي الحال!) .. يهاتفني من العريش .. كان يكبرني بسنوات قليلة .. يهنئني بنشر قصة لي في جريدة سيارة .. أداعبه: هل ما زالت أشعارك حبيسة الأدراج؟ .. يأتيني صوته ضاحكاً: "نويت أن أفك قيدها، وأطلق سراحها .." .. ما زلت أحتفظ بوهج بداياته .. كان متيماً بأمل دنقل .. ضحكاته تجلجل عبر الهاتف، يضرب لي موعداً : "نلتقي غداً ظهر الأربعاء".
    ـ لماذا تختار وقت كسوف الشمس يا مجنون ؟!
    ـ أختار اللحظة النادرة يا صاحبي .. لا تصدق علماء الفلك، فالشمس والقمر يتعانقان يلتقيان، لقاء الحار بالبارد، والسالب بالموجب»(ص72).
    إن صاحبه الشاب يقضي نحبه في رحلة أثناء الكسوف، فكأن كسوف الشمس كان إيذانا بكسوف صاحبه الذي توهجت شاعريته، ولكنها لم تُبِن عن نفسها!
    2-المفارقة التصويرية:
    يقوم بناء قصص المجموعة على المُفارقة التصويرية «وهي طريقة في الأداء الفني مختلفة تماماً عن الطباق والمقابلة، سواء من ناحية بنائها الفني، أو من ناحية وظيفتها الإيحائية، وذلك لأن «المفارقة التصويرية» تقوم على إبراز التناقض بين طرفين كان من الفروض أن يكونا متفقين، والتناقض في المُفارقة التصويرية فكرة تقوم على استنكار الاختلاف والتفاوت بين أوضاع كان من شأنها أن تتفق وتتماثل»(3 ).
    ولعل خير ما يمثل ذلك قصة «أم دغش» ـ التي تحمل المجموعة عنوانها ـ وتحتل اثنتي عشرة صفحة ( ص ص 5-16)، وتدور حول امرأة مصرية زوّجها أهلها من رجل كويتي يكبر أباها سنا، ولم تستطع أن تتوافق مع «مجتمعها» الجديد، أو "تتكيَّف" معه، فبنت لها على سطح منزلها برج حمام وحاولت أن تقيم معه علاقة بديلة عن علاقتها بالبشر، وأخذت تُرسل رسائل مع الحمام إلى أهلها وإلى مقامات أولياء الله الصالحين!
    لقد كان من المنتظر أن ترحب السيدة صاحبة البيت (المصرية الأصل) بالمصريين الذين يبحثون عن سكن (في الكويت)، ولكن يدور بينها وبينهم مثل هذا الحوار:
    ـ مصريون؟
    ـ نعم.
    ـ ولماذا جئتم؟!
    ـ بحثاً عن لقمة العيش يا خالة.
    زامت، و ضيقت ما بين حاجبيها، و تمتمت بكلمات لم نتبينها ثم قالت:
    ـ من خرج من داره قل مقداره! (4 ).
    ولكننا نعرف السرَّ في هذه المفارقة حينما نقرأ جزءاً آخر في القصة:
    قالت أم دغش :
    " باعوني أولاد الـ 000 "
    ـ 000000000
    " أبويا ، والعمدة ، والمأذون ، وطبيب الصحة، وشاهدا العقد 000 و000 " !
    ـ 00000000
    " قبضوا الثمن و رموني للقيظ والحر والصحراء والبداوة والحياة القاسية، ورجل مزواج، فارغ العينين، يكبر أبي سناً، ويقارب جدي في العمر"!
    ـ 00000000
    " عشرون عاماً عشتها معه، ما شفت فيها راحة "! ( ).
    وهكذا كانت «المُفارقة التصويرية» عنصراً أساسيا في رسم الشخصية، وإبراز الحدث الرئيس في القصة، وهو زواج المصرية من كويتي ـ يكبر أباها سنا ـ بل يُقارب جدها في العمر!
    3-الوصف:
    يقوم الوصف بدور لافت في هذه المجموعة، وفي قصة «أم دغش» ركّز القاص في وصفه على معاناة المصرية، وتصوير أشواق روحها.
    ويتسم الوصف في هذه القصة بالمزج بين الواقعية والغرائبية، فمن وصفه الواقعي لأم دغش بعد جلستها اليومية مع الحمام:
    «تهدأ نفسها الثائرة و تستكين، يمتص الحمام ثورتها، ويشيع في نفسها البِشر والسرور، وكنا إذا أردنا منها شيئاً أجلناه لبعد قعدتها مع الحمام، ففي هذا الوقت لا ترفض لنا طلباً ولا تؤخر لنا أمراً ولا تبخل علينا بشيء، وتكون طيعة، لينة، هادئة 00» (5)
    ومن وصفه الغرائبي ـ الذي لا تحس بابتعاده عن الواقعي في الحدث والتصوير ـ قول القاص عن جناحين تصنعهما «أم دغش» على مهلها لتطير بهما راجعة إلى مصر:
    «أقسم أحدنا أنه رأى - أم دغش - تصنع جناحين كبيرين من ريش الحمام، وتقيسهما على ذراعيها - وتحدانا - أن نتسلل إلى البرج في الليل - وسنرى الجناحين معلقين على الحائط، و قال أنه لا أثر لريش أو لزغب في المكان، وأم دغش رأيناها أكثر من مرة تنتف ريشاً و تنزع زغباً ... قلنا: من يدرى 00 عباس بن فرناس أول من حاول الطيران و فشل و قد تنجح أم دغش !! » (6).
    إن «أم دغش» هذه المرأة التي استُلبت: ففقدت كينونتها كامرأة لها حق اختيار الزوج، وتزوجت زواجاً أقرب إلى الصفقة من رجل أكبر من أبيها، وفقدت اسمها فأصبحت لا تعرف إلا بكنيتها «أم دغش» .. هذه المرأة يموت ابنها الذي يربطها بالحياة في الكويت التي لم تكن تهواها أبداً، ولا تريدها لأنها ارتبطت بهذا العذاب الذي تعيشه، ومن ثم نراها وقد شقت جلبابها ولطمت خدَّيْها، وأصبحت ترى الحياة في الكويت بلا معنى!
    وقد أخذها المصريون بصعوبة إلى السطح وأدخلوها برج الحمام
    «سمعنا نوح الحمام وبكاءه .. وفى اللحظة آلتي كان يخرج فيها دغش مُحملاً في النعش، كانت أم دغش تقف على قمة البرج، تلبس الجناحين، يغطى الريش والزغب مناطق كثيرة من جسمها العاري، وحولها الحمام يحلق و ينوح. وبينما الناس تتأهب للسير بالنعش - صحنا فيها:
    ـ ارجعي 00 ارجعي يا مجنونة»(7).
    إن هذا الوصف يُكثف ما ساقه القاص حواراً على لسان «أم دغش» المرأة المستلبة حتى من اسمها، فقد صارت أما لدغش، لا تُعرف إلا به، وها هو «دغش» الحبل السري الذي يربطها بالحياة التي تكرهها ـ قد مات، فلماذا لا تهرب من هذا الجو، وتعود إلى مصر التي قال في حوارها مع المصريين عن حبها العظيم لها:
    « = 00000000
    -"امرأة جاهلة مثلي، إذا خرجت أبعد من ها الشارع تتوه"!
    = 0000000
    -"كانت رسائلي - عبر الحمام - فلولاه لمت كمداً. ما تركت أحداً في مصر إلا بعثت له رسالة - حتى أولياء الله الصالحين" 00
    مرة نمت - و دموعي على خدي - حلمت أنى حمامة طايرة - ظللت أطير وأطير، حتى شفت النيل، نزلت فرحانة»( ).
    وقد تتخلل الوصف جمل قليلة من الحوار، تكون جزءاً منه تثريه، أو تضيف شيئاً يقصده السارد، كما في هذا الوصف اللافت الذي يصف فيه السارد «أم دغش» ليلاً وهي تنظف زوجها وتضربه، وحينما أرادوا إنقاذ الرجل ـ من بين يديها شتمتْهم:
    «ما كدنا نضع رؤوسنا على الوسائد حتى نهضنا فزعين على صراخ الولد دغش وطرقاته على الباب:
    - الحقوا أمي تضرب أبويا !!
    صكت الكلمة آذاننا، وتلاقت أعيننا في استنكار، ونهضنا، حفاة - عدونا وبسرعة البرق وصلنا للدور الأرضي - لنرى أم دغش مُمسكة برجل مُسن، كنا نظنه أباها - كشفت عن مؤخرته، وأطلقت عليها خرطوم الماء، وكانت تقرعه عليها وتشتمه وتلعن الأيام السوداء0
    والرجل المسن منكمش كالطفل، و عندما حاولنا أن نتدخل، هبت فينا كالمسعورة، وأطلقت خرطوم الماء في وجوهنا، وراحت تسبنا، ولا ندرى لماذا أخذت تسب المصريين و تجرى وراءنا كالمجنونة 00
    عرفنا فيما بعد - أن الرجل العجوز - أو الشايب كما يقولون - هو زوجها - وعلى هرمه لا يفيق من سكر ولا يتحكم في عملية الإخراج، ويعملها على نفسه في الشارع أو في الفراش !!» ( ).
    لقد كانت هذه الفقرات الوصفية لازمة لبناء القصة، لتُرينا كيف تعيش هذه المرأة، وكيف تتعامل مع زوجها، ولتُبرر لنا النهاية التي رأيناها، وهي محاولة لصق جناحين من ريش والطير بهما إلى مصر!
    وفي لوحات وصفية قصيرة مختزلة ينجح في أحيان كثيرة في رسم صورة كانت تحتاج إلى إطناب، ومنها هذه الفقرة التي تصور حال القرية المصرية في قصة «القادم»:
    « مواسم الأفراح أنكرت بنات القرية، فلوزة القطن ضعيفة، وتساقطت أهدابهن مع نوار القطن، وتبددت أحلام الصغار في أحذية وجلاليب، فالأسعار نار ومصروفات المدرسة زادت .. وحشرة "المن" التي التهمت وسواس القطن جعلت الفلاح يسب الحكومة و المبيدات الفاسدة وينعى عرق الأيام ومصاريف العام ..»(ص32).
    ويمهد هذا لانتظار ابن القرية القادم الذي قد يحقق لها بعض أحلامها.
    4-التناص:
    يفيد القاص من التناص فيوظفه توظيفاً فنيا لافتاً في السرد، وبقدر ما يكشف عن الثقافة الشعبية والعربية والعالمية، والأقوال التراثية الذائغة، فإنه يوظفه لخدمة النص، ويستعملها في مكانها تماماً، فتصير الجملة المقتبسة (أو الحاملة لإشارات نصية) جزءاً أساساً في نصه. ومن هذا التناص:
    *«الغربة كربة وتذل أولاد الأصول !!» (ص33).
    *«الحكومة لا ترحم ولا تخلي رحمة ربنا تنزل !!» (ص33).
    *«هاجت الناس و ماجت» (ص32).
    وفي قصة «دون كيشوت» يتخذ من الوهم الذي يمثل له بمحاربة طواحين الهواء عالماً لقصته، وتوضح الفقرة الأولى مُراده من القصة، وهو أننا لا نعيش حاضرنا كما ينبغي أن نعيشه، ونُشارك فيه: «أقسم الولد قائلاً: إن المسافة بين الكلمة والفعل تزداد اتساعاً يوماً بعد يوم، وأن الجملة الاسمية في اللغة العربية تأنقت، وتألقت، وتعطرت، وتعملقت، ولم نعرف من الأفعال غير أفعال الماضي وأفعال الأمر» (ص142).
    لكن تغيير الواقع صعب، والتحرر من ربقة العادة أمر جسيم، وما لم نمتلك القوة والعزيمة فقد تكون المجابهة مستحيلة. ها هو بطل دون كيشوت (الذي يمثل المثقف الذي يدمن الكلمات ولا يقترف الفعل) يعجز عن التغيير الذي لا يمتلك أدواته يُطلعنا على مأساته:
    «أغمدت سيفي في كتب التاريخ .. وفى دفاتر الشعراء .. في .. وفى .. وفى ..، أحسست أني "دون كيشوت" أبله، أحارب طواحين الهواء، وارتد سيفي إلى نحري، ووجدتني وحيداً منزوياً في زنزانة رطبة»(ص142).
    وهكذا تقوم التناص بدوره في إثراء النص، وهو عنصر بارز وفاعل في قصص هذه المجموعة، لا يُمكن إغفاله.
    5-التحليل النفسي للشخصية:
    رغم صعوبة تصنيف قصص مجدي محمود جعفر إلا أننا نجد بعض قصصه تنتمي إلى ما يُمكن أن نسميه «تيّار القصة التحليلية» الذي كان من روّاده إبراهيم المصري ويوسف جوهر وأمين يوسف غراب ... وغيرهم، ومن الأجيال التالية (جيل الستينيات): عبد العال الحمامصي، وعنتر مخيمر، وحسني سيد لبيب.
    «وأصحاب هذه المدرسة يعنون بالتحليل النفسي لشخصيات قصصهم، وحتى يجيء الفعل المُعاكس أو المتحول عند البطل مبرراً فإنهم يعنون برسم صورة البطل عناية كاملة(8 ).
    وقد اعتنى القاص بالتحليل النفسي لكثير من شخصيات قصصه، ليبرر الصورة التي قدمها لنا. وهو يقدم هذا التحليل من خلال الاستبطان، أو حديث الشخصية عن نفسها، أو عن طريق وصف مجرد، أو سرد حكوي لشخصية أخرى غير شخصية البطل. ففي قصة «أم دغش» نرى البطلة تقول للمصريين الباحثين عن سكن في الكويت:
    «-كنت أتمنى أن آكل يوماً و أجوع يوماً في مصر، أرقد في عشة على النيل مع بائع فجل أو سائق عربة حنطور أو أعيش عمري كله عانساً بدون زواج!» ( 9).
    فهو بهذا القول الذي ساقه على لسان «أم دغش»، كأنه يُلح علينا ويذكرنا بحسرتها القديمة، التي تريد أن تقول إن زواج المرأة المصرية الفقيرة ـ من الغريب الثري الذي قد يُساعد أسرتها على مواجهة أعباء الحياة! ـ زواج فاشل، ومحكوم عليه بالتعاسة!
    ***
    لقد نجح القاص مجدي محمود جعفر في استخدام هذه العناصر الفنية استخداماً جماليا في البناء الفني لمعظم قصصه في هذه المجموعة، ومن ثم فقد نجحت مجموعته تلك نجاحاً فنيا لافتاً.
    ***
    (1 ) نشر في «الأهرام المسائي»، في 10/8/2003م) تحت عنوان «عناصر الإبداع الفني في قصة «أم دغش» لمجدي محمود جعفر».
    (2 ) مجدي محمود جعفر: أم دغش، سلسلة «إشراقات جديدة »، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 2002م، ص42.
    (3 ) د. علي عشري زايد: عن بناء القصيدة العربية الحديثة، ط2، مكتبة دار العلوم، القاهرة 1979م، ص138 (بتصرف).
    (4 ) مجدي محمود جعفر: أم دغش، ص5، 6.
    (5 ) السابق، ص13.
    (6 ) السابق، ص15.
    (7 ) السابق، ص12.
    (8 ) انظر مقالة قراءة في قصص حسني سيد لبيب للدكتور حسين علي محمد في كتاب «حسني سيد لبيب: سيرة وتحية» سلسلة «أصوات مُعاصرة» سبتمبر 2001م، ص61.
    (9 ) مجدي محمود جعفر: أم دغش، السابق، ص15.

  4. #34
    قاص
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    المشاركات : 598
    المواضيع : 65
    الردود : 598
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي

    أم دغـــــــــش
    بقلم
    محمد عبد الله الهادي
    ـــــــــــــــــــــ
    " أم دغش " هي المجموعة القصصية الثانية للقاص مجدي جعفر " بعد مجموعته الأولى " أصداء رحلة شاب علي مشارف الوصول " .. و" أم دغش " هي المرأة الغريبة في بلاد الغربة ، التي قبلت أن تؤجر حجرات دارها للراوي وزملائه المصريين المغتربين ، وهي التي أثارت فضولهم بمفردات حديثها عنهم وعن مصر ، كذلك طقوس حياتها وبرج حمامها الذي صنعت من ريشه وزغبه جناحين ، وولدها الوحيد وزوجها الكهل ، ثم تكشف القصة حقيقة أنها مصرية ممن تزوجن وأبعدن عن ديارهن بصفقة بيع وشراء للغرباء الذين يملكون المال ، وتتجلى الفاجعة في حياة " أم دغش" عندما تفقد ولدها تحت عجلات سيارة ، فتلبس الجناحين ، وتصعد لسطح دارها ، وتتهيأ للطيران للبلاد التي تتوق إليها ، وصوت الراوي يزعق بها : " ارجعي يا مجنونة " .. ثم تتوالى قصص المجموعة ما بين قصص الطفولة : التي تتميز بالعفوية والصدق مثل قصة " الثمن " و قصة " شموس " وغيرهما . والقصة الريفية التي تتناول القرية بناسها ودورها الطينية وخضرتها وأحلامها البسيطة والمشروعة كما في قصة : " القادم " الذي جاءهم من الغرب بالأحلام الوردية في صنع غدٍ افضل فلم يجدوا لديه إلاَّ ما لا يسر القلب ، وقصة " انتظار " بين الجد والحفيد في مراوحة بين الماضي والمستقبل . والقصص التي تتناول الصراع العربي الإسرائيلي مثل قصة " المهر " و قصة " مصري ".. في ديمومة كفاح متصلة من أجل الحرية والتحرر . وتعتمد بعض قصص المجموعة في بنائها علي الأفكار المجردة التي تتسيد الحدث الرئيسي مثل قصة " طريق الندامة " و " الجني آدميون " ، كما أن قصة " دراما شعبية " تتناول بسخرية عبثية الحياة السياسية ممثلة في الانتخابات في المدن الصغيرة . كما لا تخلو المجموعة من القصص القصيرة جداً كقصة " سعاد حسني " و " دون كيشوت " وغيرها ..
    لغة السرد بسيطة خالية من الزخارف ، تعتمد الوصف أحيانا ، والحوار بالفصحى ، ولم ينس مجدي جعفر مهنته كمدرس رياضيات ليكتب لنا قصة تقوم في مجملها علي المصطلحات الهندسية والرياضية كما في قصة : " العرَّافة " ، كما تطول منه بعض القصص فتؤكد ـ كما أشار الأديب الراحل " شمس الدين موسى " في الدراسة المرفقة بالمجموعة ـ أنه ينحو في أعماله نحو كتابة القصص الطويلة والرواية ، وهذه حقيقة ، فقد نشر مجدي جعفر روايته الأولى " أميرة البدو "منذ عدة سنوات في سلسلة أصوات معاصرة .

  5. #35
    الصورة الرمزية موسى نجيب موسى قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    المشاركات : 72
    المواضيع : 33
    الردود : 72
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي ما اجمل روائعك يا مجدى

    انت دائما هكذا يا مجدى رائع وتتحفنا بتلك القطع الادبية الرائعة التى تمس اخص خصوصويات حياتنا اليومية وكم استمعت بمجموعتك عندما اهديتنى اياها ونحن فى ميت غمر وكم اسعد واستمتع كلما طالعت اى نص من نصوصك الجميلة فالى مزيد من المتعة والإبداع والتحليق فى سماوات الإبداع دائما يا مجدى

    الأديب المصرى موسى نجيبي موسى

  6. #36
    قاص
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    المشاركات : 598
    المواضيع : 65
    الردود : 598
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي

    المشاركة الأصلية بواسطة / نسيبة بنت كعب
    الأديب / جمال سعد محمد

    مفيد كعادنك

    شكرا على هذا التحليل والنقد الأدبى الجميل

    سنقوم بتجميع المواضيع بعد اذنك

    اى سأرسل هذا الموضوع الى ام دغش على بركة الله

    الى اللقاء عند ام دغش


    تحية لك
    شكرا ياسيدتي ولك تحياتي

  7. #37
    أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    المشاركات : 9,079
    المواضيع : 101
    الردود : 9079
    المعدل اليومي : 1.38

    افتراضي

    الاستاذ مجدي...
    عذرا لهذه الهرطقة...
    قرأت القصة لاكثر من مرة...
    ظننت بان ام دغش في البداية عراقية... لان دغش يستمعل عندنا بالاخص في مناطق وسط الفراتين.. واخذني الاسم الى اجواء البدو هناك..وفي رحلتي تذكرت المرحوم الياس خضر..وهو يغني ياحمد حبهم دغش.
    لكن بعد السير بخطا مثقلة مع السرد..وجدت ما يبرهن لي عكس ذلك.. لذا ظننت بان دغش اسم يستعمل في مناطق البادية العربية بصورة عامة..
    ولعلي اثناء القرأة هذه اقول لكم لماذا غيرت ظني..؟
    ملامح الشخصيات بدت لي واضحة لاتحتاج الى قراءة جانبية..وما الوصف الذي بدأت القصة به الا دليل هذا الوضوح..فالنساء العربيات البدويات بسبب الظروف المعيشية والبيئة الصحراوية والمناخ...وووو...كل هذه الامور جعلتها تتصف بالرغم من الجمال البدوي ببعض صفات الخشونة في البنية الجسدية..لذا كانت دهشتهم طبيعية..من كون ام دغش لاتمتلك تلك الصفات
    ولهذا اود ان اشير الى ان رسم الشخصيات جاء بصورة اكثر من رائعة لكونه لازم الحدث بصورة عفوية دون تصنع..ولايخفى على احد ان رسم الشخصيات في اية قصة له علاقة مباشرة مع اتمام الحدث وبهما يتم قطع اشواط طويلة من نجاح العمل الادبي الفني..ولقد كان للقصة ذلك..فالشخصيات ساهمت كثيرا في رسم الحدث واتمامه..وهذا ما يجعلنا ان نضع القصة في خانة القصة الواقعية على غير ما يذهب اليه البعض من ان عدم الافصاح عن معنى معين..هي من سمات القصة الواقعية..فالواقعية هي تصوير للحدث كاملا..وفي هذا التصوير يكمن ما يتضمن معنى الحدث..
    فالحدث في كثير من الاحيان ينشأ عن موقف معين ثم يتطور الى نهاية معينة ومع ذلك يظل الحديث ناقصا فتطوره من نقطة الى اخرى انما يفسر لنا كيف وقع ولكنه لايفسر لِمَ وقع فلكي يستكمل الحدث وحدته ويصبح كاملا يجب ان لايقتصر على الاسئلة الثلاثة..كيف وقع واين ومتى..انما يجب اضافة...لِمَ وقع...ومن خلال قرأتي البسيطة لهذه القصة وجدتها تعطينا الاسئلة الاربعة باجوبتها دون نقص.
    كيف وقع..نجد الاجابة واضحة..سواء للهجرة التي حدثت..ام ما يخص حادث دغش..
    فالظروف التي ادت الى الهجرة..هجرة ام دغش اولا..ومن ثم الشباب..هي ماثلة امام العيان..وكذا حادث دغش..واين..الاجابة كامنة في بداية القصة..وكذا في مكان وقوع الحادث الاخير..ومتى.. قبل عشرين عام..وفى اللحظة آلتي كان يخرج فيها دغش مُحملاً في النعش...اما لِمَ..فالسبب واضح جدا...لان دغش هو كل مابقي لها اولا...ثم لانها منذ عشرين عام تتمنى ان تعود لمصر...؟
    اذا من خلال هذا السرد وجدنا بان القصة قد احكمت كتابتها..لذا ليس لنا الا ان نعود لنغوص في المعاني التي خلفتها القصة في نفوسنا.
    فمع صور البيئة البدوية..وتذكير بالنساء البدويات..وكذلك الظروف المعاشية التي يعيشها الناس هناك..ومن ثم اضطرار الكثيرين الى الهجرة من اجل ايجاد عمل..ومن ثم بقاء حب الارض..في الذات..ومن ثم التغني بمعالم الارض الام..ومن ثم تلك الرمزية التي تبعتها ام دغش في وصف النيل..بانه جف من عشرين عام..وبعدها اظهار بعض الاطعمة الشعبية المصرية..ولعل اكثر ما يجذب الانتباه مسألة العلاقة التي نمت بين ام دغش وحماماتها.. تلك العلاقة الرمزية التي تصف لنا حالة نفسية معقدة..حيث عندما لايتكيف المرء مع واقع فانه لايجد في غير هذه الامور بديلا لتخفيف وقع الغربة..وكذلك نسيان تلك الظاهرة اللامنطقية التي شاعت ولم تزل في مجتمعاتنا..زواج المراة من من يكبرها بعدة سنوات مما يخلف وارءه اثارا اجتماعية..كما حدثت لام دغش وزوجها فهذا الزوج بالطبع لم يعد بحكم التفاوت العمري يلبي رغبات ام دغش..كذلك ام دغش لم تعد تستطيع من رعايته لكبره وانخراطه في السكر..وحتى .....؟
    كل هذه الامور خلقت في نفس ام دغش نوع من اللامباة التي لم تستطع اخفائها كلما ذكر اسم مصر امامها...لانها اصبحت ترى بان مصر هي من اجبرتها على الدخول بهذا الوضع..ليست مصر كارض انما اهل مصر...لذا ياتي شتمها كردة فعل طبيعية عندما يذكر اسم مصر امامها..ومع هذاه اللامبالاة..نجد بانها لم تقطع الامل..لكنه امل يحتاج الى معجزة..ليس لشيء انما للظروف التي هي فيها..من فقر..وزوج سكير يتغوط في ملابسه..ووووو...وهنا اصل الى سبب تغيري لرأي بشأن جنسية ام دغش..فبعد وقع حادث الدهس لدغش..ذكر هنا هوية المكان حسب اعتقادي وهي احدى دول الخليج..
    وليس العراق..لكون العراق لم يستقدم الهنود للعمل فيه..حتى وان وجدوا فيه لم يكن احوالهم لتصل الى امتلاك سيارة..المهم هذه وجهة نظر..ففي الخليج تقول الاحصائيات بانهم يشكلون العنصر الثاني بعد الاصليين ان لم يكن ينافسونهم في بعض الاماكن.
    وها هي تباشير نهاية الحدث تظهر لنا جليا..وتبشرنا بنهاية غير متوقعة..فحادث دغش غير الكثير من مسار القصة..بل نحى بها الى غير مايمكن ان يحقق امل ام دغش بالعودة..لذا وكأن نتفها للريش وتلك الجناحان..لم يكونا حدثا اعتباطيا انما قرأة زمنية مستقبلية لام دغش لمصيرها..لذا عندما هم الناس باخراج نعشه..كانت هي تنتظر الحظة لتحقق فرضيتها في صناعة الجناحين ونتف الريش..ولاشي في مثل هذه الظروف يردع الانسان من اتمام ما عزم عليه.
    جاءت النهاية مكلمة للحدث الاول..اقصد للشخصية الاساسية في القصة..وهذا ما كنا نعني به..من رسم الشخصيات ومساهمتم في اكمال الحدث لتضع بين ايدينا قصة واقعية من النوع الفريد.
    عمل ادبي كامل..
    تقديري واحترامي
    جوتيار

  8. #38
    الصورة الرمزية محمد إبراهيم الحريري شاعر
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    المشاركات : 6,296
    المواضيع : 181
    الردود : 6296
    المعدل اليومي : 0.95

    افتراضي

    الأخ الأديب مجدي جعفر
    تحية
    من يستظل بحروفك لا بد سيفعل مثل أم دغش ، مناجاة سريرة وسخط على واقع ، ونبرات تلوي أعناق الإعجاب بتبتل وجد في بيت هديل يضج بما يقرأ على صداح البراء ة من حمائم النفس ، ولا بد للقارئ أن يستعين بجناحي محال يحلق في آفاق الروح ليجد متنفس الأشجان بين زغب فطرة ، وريش أمل .
    وكذلك سيطبع خلقه بميسم التمرد القسري على حياة عفنة لم يطهر رجسها ماء لم يعد يجري بخيال ولم يستطع تطهير القلوب فقست بعد لين منذ عشرين عاما .....
    نعم أيها الرائع هي دنيانا التي يبس ضرع حياتها فغدت عجوزا كأم دغش ،
    كل عناصر القصة توحي بالتخشب والأمل الوحيد هو الطيران بريش طري لا يقوى على حمل هم واحد ، الجميع مشغولون بهمومهم لا تصل إليهم رسائل النجدة حتى الحمام لا يعود ............
    تكتمل المأساة بموت الأمل الوحيد ....الابن .........
    الزوج سكير و يبلل فراش السكينة بنجاسة وعفونة ....
    ماذا تريد أكثر .....لست ناقدا لكني أفهم ما يقصد ...
    لك حبي وتقديري
    لاجئ أدبي
    أخوك محمد
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  9. #39
    قاص
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    المشاركات : 598
    المواضيع : 65
    الردود : 598
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي

    المشاركة الأصلية بواسطة / الديداموني
    الأديب الكبير / مجدى جعفر
    أم دغش قصة ثرية فنيا
    تعبر عن الواقع الأجتماعى للحياة العربية
    كما أنك استفدت بلا شك من الواقعية السحرية التى أضفت على النص جمالا واضحا
    كل التقدير يا صديقى المبتعد
    شكرا أيها الجميل على هذا التعقيب الذي أسعدني بالتأكيد

  10. #40
    عضو مخالف
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    العمر : 42
    المشاركات : 1,799
    المواضيع : 128
    الردود : 1799
    المعدل اليومي : 0.27

    افتراضي

    أخي العزيز الأستاذ القاص البارع مجدي، إنني أشهد بقدرتك القصصية الفائفة هنا.. ولكن كان لي بعض الملحوظات يا سيدي، وقد قرأت القصة سريعاً:
    - أنت كنت تضع علامات الترقيم مثل"علامة الجملة الاعتراضي" "والشرطة" هكذا بدون أي تقدير، فما وجدتها صحيحة إلا في موضع واحد من كل عشرة مواضع.

    - استخدام العلامة "=" بدل الشرطة أثناء إقامة حوار.. وهذا لم أقرأ عنه..
    - كلمة الصدئ.. أنا لا أقلو إنها خطأ ولكني وجدت الأصدأ، وأحسب صحة الصديء، فإن وجدت المعلومة مؤكدة فأفدني أفادك الله.
    - أحياناً وضعت الفصلات بدلاً من ":"
    - وضع "-" أيضاً ليس صحيحاً في الغالب، ومثال ذلك "ضحكت، لأول مرة-نراها تضحك
    - "بإبتسامة" الأصح همزة الوصل

    - "تلجه في منقار الحمام" الفعل ولج هنا لازم، ولا يصح تعديته.. وقد يجوز لك أن تقول "تولجه"

    - كأطفال صغار -يستقبلون أمهم... ما فائدة هذه الشرطة المعترضة؟
    - "قال أنه لا ريش" الواجب كسر همزة "إن" في جملة القول
    - " ذراعيها - و تحدانا - أن نتسلل إلى " ما فائدة جملة الاعتراض هنا؟
    - "دغش" كلمة غير ممنوعة من الصرف، فلا أنت وضعتها بين قوسين، ولا أنت صرفتها
    - "هستريا" أحسب أن لهذه الكلمة معناها العلمي المحدد الذي يجب أن تستخدمه بدلاً من المعنى العامي البسيط.
    -طلمة "آلتي" أحسبك قصدت بها "التي"
    - "و نهضنا ، حفاة - عدونا و بسرعة البرق وصلنا للدور الأرضي - لنرى أم دغش مُمسكة " علامات ترقيم.
    - "-هو زوجها- علامات ترقيم.
    - "رؤوس" الصحيح حسب القاعدة "رءوس"
    - "الحمام يحلق و ينوح - و بينما الناس تتأهب للسير بالنعش - صحنا فيها :
    " علامات ترقيم
    أرجو أن تتقبل ملاحظاتي الخاطئة ككلمة من أخيك الصغير، وملاحظاتي الصحيحة ككلمات من أخيك الأصغر

صفحة 4 من 6 الأولىالأولى 123456 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. جدتي والطائر ( قصة بقلم / مجدي محمود جعفر )
    بواسطة مجدي محمود جعفر في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 52
    آخر مشاركة: 03-11-2018, 07:19 AM
  2. الثور ( قصة قصيرة بقلم / مجدي محمود جعفر )
    بواسطة مجدي محمود جعفر في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 34
    آخر مشاركة: 15-08-2016, 05:10 PM
  3. د ( حسين علي محمد وأحلام البنت الحلوة ( رؤية نقدية بقلم / مجدي محمود جعفر )
    بواسطة مجدي محمود جعفر في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 27-05-2007, 12:15 PM
  4. محمد عبد الله الهادي يقيم حلقة ذكر على شرف الفقيدة ( رؤية نقدية بقلم مجدي محمود جعفر
    بواسطة مجدي محمود جعفر في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 05-08-2006, 12:18 PM