في «بنا ت الريا ض»
رجاء الصانع تفتح النار على المجتمع السعودي

بقلم: أ.د. خليل أبو ذياب
.................................

" بنات الرياض " مجموعة حكايات متناثرة متشتتة تحكي أطرافا متشعثة من حكايات أربع فتيات من مدينة الرياض ـ ربما كانت الكاتبة إحداهن ، أو على الأقل الأكيد أنها مشاهدة ومتابعة لأحداثهن وأخبارهن بطريقة أو بأخرى .. أما أن تكون تلك الروايات والأخبار والمتابعات من نسج الخيال أو التصور فأمر لا يمكن قبوله بحال من الأحوال .. المهم أن الكاتبة سعت في هذا الكتاب أو الرواية كما أرادت ذلك وأطلقت عليها ، أن تطرح مكاشفة أو مفاتحة للتغيير ومعالجة مواطن التحجر والفساد في المجتمع السعودي في رأيها ، تلك التي لا ترضي نزعات التحرر والانحلال وعدم المبالاة بالتقاليد والأعراف والقيم الراسخة والمتأصلة في هذا المجتمع ، والتي تسعى إليها صواحبها بشتى الطرق والممارسات الإباحية المتحللة .. ويبدو أن الكاتبة كانت تحس أنها واقعة بين فكّي كماشة ، أو بين سندان التقاليد والأعراف السائدة في المجتمع وما يسيطر عليها من تعتيم وتكتيم ورفض لأن يطلع عليها أحد أو يعلم بها كائن من كان ، وتحرّج واسع وبالغ من الإفصاح عن شيء منها وكشف القناع عن الوجه الأسود الكالح الذي يسودهذا المجتمع ، أو قل ازدواجية القناع الذي يتقنع به وضرورة الكشف وإزاحة هذا القناع لتتكشف عن تلك السلوكيات المرفوضة وغير المقبولة والممارسات الفاسدة والمنحطة ، وبين مطرقة التحرر والانفلات والرغبة في تغييرها ؛ وقد رفضت الكاتبة ما يبدو ويشيع من قبول الناس في المجتمع لتلك السلوكيات والمواقف الكابية واقتناعهم بها والدفاع عنها بشيء من الشراسة وعدم السماح بإبداء الآراء الناقدة أو الرافضة كائنة ما تكون .. بل إن ما كان يبدو منها بين الحين والحين لم تكن لتتاح له الفرصة لتنبيه الغافلين وتوعيتهم فضلا عن المناداة بضرورة التغيير.. كل هذه التراكمات للسلبيات التي رصدتها الكاتبة في المجتمع دفعها إلى وضع هذه الحكايات ونشر ما يشيع فيها من فضائح كما تسميها الكاتبة نفسها في عنوانها الألكتروني " سيرة وانفضحت " محورة الأصل المنقول وهو " انفتحت " ؛ هكذا أرادت الكاتبة ، وهكذا جاءت حكاياتها محاولة صاخبة وحادة ، وتفكيرا بصوت عال وصاخب للدعوة إلى التغيير والمكاشفة والمجابهة مع أساسيات المجتمع السعودي .. ولذلك لم تتورع عن رصد طرف من سلوكيات الخليجيين وما يسودها من تحرر بالغ عند الخروج من نطاق المجتمع وتجاوز دائرة الوطن بحثا عن السياحة في أرض الله .. وهو ما كانت تمارسه بعض بطلاتها أو صديقاتها ورفضها أن تصنع ما يصنعه الآخرون من تغيير ملابس السياحة وارتداء ملابسهم الوطنية من ثياب وشمغ وغتر وعباءات النساء ونقاباتهن وغيرها في باحات المطارات وحماماتها ، وكانت تصرّ على ارتدائها في الطائرة لتعود إلى هيئتها القديمة قبل الهبوط .. (134) وكأنها بذلك تكرّس فكرة الازدواجية في شخصية المجتمع ؛ وهو الأمر الذي ترفضه الكاتبة بجرأة وحماس وإصرار وفقا لمنهجها في قص حكايات صواحبها الأربع ..
ومهما يكن فهذه الازدواجية وما يتبعها من ذلك السلوك التعتيمي الذي يسود المجتمع جعل مثل هذا العمل الأدبي أو الحكايات التي احتوتها " بنات الرياض " أشبه بقنبلة فراغية زرعت في بعض أساسات هذا المجتمع أو الكيان السعودي لتزلزل أركانه التي شيدتها العادات والتقاليد وأرستها عقودا متطاولة .. وجاء هذا العمل بمثابة المطرقة التي لا تريد أن تكفّ عن الطرق على سندان التقاليد والعادات في محاولة غير يائسة للتغيير والتحرر بعد أن عجزت عن الاحتمال ، فانفتلت الكاتبة تفصح عن كل ما تعلمه وتكشف ما قدرت عليه من أسرار وخبايا ، وهي تصرخ في وجه المجتمع بكافة طوائفه : من يمارس شيئا من هذا الانحراف ، ومن يقتنع بالتعتيم والتكتيم ، ومن يؤمن بنظافة المجتمع وسلامته ونقائه من كل شر وفساد ، وزيف تلك الادعاءات المغرضة الموتورة والحاقدة .. هكذا جاءت " بنات الرياض " تشكل القنبلة الموقوتة : قبِلها من قبِل ورفضها وأنكرها من رفض وأنكر ، وسكت عنها من سكت .. وهذا ما أتاح لها فرصة الظهور والانتشار لتحدث كل هذه الضجة ! وكان من حظ الكاتبة أن قنبلتها جاءت في الوقت المناسب الذي أتاح لها الانفجار بهدوء لذيذ مع كلام النواعم ، ولو أنها سبقت بهنيهة قصيرة لما انفجرت وظلت صرخاتها مكبوتة لا سبيل إلى إطلاقها وإعلانها أو الإشارة والتلميح إليها ، ولظل الوجه المشرق البهيج يطغى ويطفو على السطح دون أن يفطن أحد أو يتنبه لما وراءه أو يخفيه من بثور وطفح وتشوهات.. ومن هنا يمكن تصنيف القراء أو النقاد لهذا العمل أو حكايات " بنات الرياض " ، أو قل تأثيرها فيهم فريقين : فمن كان يؤمن بسياسة التعيم والتكتيم والتسليم والخضوع لسيطرة العادات والتقاليد أو ما يمكن أن يعرف بسياسة " النعام " أو سياسة " العين الواحدة " ، رفضها واستنكرها وطالب بإحالة أوراقها هي إلى المفتي ، أو أوراق روايتها إلى المحرقة ؛ ومن كان يؤمن بالموقف الآخر وهو الإيمان بالمكاشفة والمواجهة والمناصحة وضرورة التغيير ، وآمن أن أهم مراحل العلاج الصحيح تحديد مواطن الداء وتشخيصه بدقة لتبدأ عملية استئصال الداء والقضاء عليه ، آمن بها وقبلها وصفق لها .. ومثل هؤلاء يؤمنون أن مبضع الجراح عندما يطال الأعضاء الحساسة والمهمة في الجسد كالقلب والكبد وغيرهما ، ليمزق من هنا ويقطع من هناك ويستأصل ، إنما يسعى لبعث الحياة واستمرارها في الجسد وطرد شبح الموت الرهيب والخلاص من الآلام المبرحة !
وهذا ما فعلته الكاتبة وصواحبها في حكايات " بنات الرياض " ؛ ويحس القارئ لها أن شبح المجتمع المرعب لا يكاد يختفي أو يغيب من تلك الحكايات لحظة واحدة ، بل إن ما يختفي أو تغفل عنه الكاتبة لا يلبث أن يتكشف من جديد لتبدأ عملية تشريح أخرى حادة على نحو ما كانت تمارس التشريح في مشارح كلية الطب وقد اخذت رائحة الفورمالين والجثث المتفسخة تنبعث منها .. وقد يدرك القارئ أن شغلها الشاغل وهدفها الأساسي من الكتابة عن صواحبها وعن نفسها هو تحليل شخصية المجتمع السعودي وتحديد مواطن المرض أو التخلف والفساد وإبرازها بشكل مثير ومفزع ، لم يكن بغية تشخيص حالته المرضية لتحديد العلاج المناسب والدواء الناجع لتحقيق التوازن الدقيق ونشر الحياة السليمة ، بل كان بهدف التشهير والفضيحة .. ولذلك شاعت هذه الأمور بشكل لافت ومثير في جوانب الحكايات ولم تخل منها حكاية أو فصل من حكاية ..
وإذا أردنا أن نذكر أطرافا من هذه المواقف الرافضة لسلوكيات هذا المجتمع كما صورته الكاتبة ، وجب علينا أن نذكر موقف الكاتبة ورواياتها لحكايات صواحبها واقتناعها بها وعدم استنكارها أو التنديد بها منذ البداية مع احتفال البنات بصاحبتهن " قمرة " وما شاع في أحاديثهن عن مطاردات الشباب السعودي لهن وما تمخض عنها من علاقات بهم ومغامرات ولقاءات واتصالات هاتفية متنوعة وغير ذلك مما أدارت كثيرا من أحداثها وحكاياتها عليها .. كذلك ما ساد جلسة الاحتفال تلك من رقص وغناء وشرب وما تجسد في هذا المجلس من رواسم مجتمع مغاير للمألوف المكشوف في المجتمع السعودي .. ومنها أيضا ما يتصل بـ " أم نوير" حاضنة الصبايا ومرشدتهن وملتقاهن في بيتها لتجود عليهن بنصائحها وتوجيهاتها .. " أم نوير" هذه التي تؤمن بالحب ، ولكنها تعلم أن الحب الصادق لا يجد له متنفسا في هذا البلد ، وأن أية علاقة مهما كانت عفيفة لا بد وأن تقابل بالرفض والكبت الذي قد يدفع أبطالها للوقوع في الكثير من الأخطاء " ! (104)
كما وصفت " ميشيل " الأمريكية الأم هذا المجتمع بـ " المجتمع المتناقض " ! بل إن الكاتبة نفسها لا تتورع عن وصف هذا المجتمع بسيل من الأوصاف البالغة السوء .. كما تردّ الأغاني الباكية والأشعار الحزينة في تراثنا والقصص الحزينة وخيبات الأمل إلى هذا المجتمع بكل سلبياته وسلوكياته المنحرفة وأخطائه الفادحة .. (112) وتواصل ميشيل حديثها عن هذا المجتمع فترى أن هذا المجتمع لا يؤمن بالحب ولا يؤمن إلا بموروثاتهم وتقاليدهم ، وأنه لن يلوّث عقلها بأحكامهم ، ولن يقتل براءتها بأفكارهم السامة .. بل إنها تفصح عن سعادتهاوأنها منحظوظة لأنها ليست من هذا الوسط الفاسد ..(129) ؛ وتصف الكاتبة هذا المجتمع مرة أخرى على لسان ميشيل نفسها بأنه " يسوس أفراده كما البهائم " ! (131) .. ويبدو أن الكاتبة وجدت في " ميشيل " الأمريكية الأم نموذجا أو محكّا لرصد عيوب المجتمع السعودي وتقاليده وأعرافه وعاداته التي لا تتناسب وطموحاتها وثقافتها للتنديد بها واستنكارها والدعوة إلى الثورة عليها .. تلك الفتاة التي كان هذا هو شغلها الشاغل ، ولم تكن تتحدث إلا عن فساد المجتمع السعودي وتخلفه ورجعيته وتعقيداته .. (142)
وفي فصل " فاطمة الشيعية " (146) نجد " قمرة " و" سديم " تحذران " لميس " من تناول أي طعام أو شراب في بيتها لأنهم ينجسونه خفية إذا عرفوا أن سُنّيّا سيأكل منه .. بل إنهم لا يتورعون عن دسّ السم فيه لينالوا ثواب قتل سنّيّ ... كما تشير إلى عادتهم في تأخير الإفطار في رمضان تحريا للدقة في الوقت ..
كذلك وقفت الكاتبة عند حاثة إلقاء القبض على " لميس " و" عليّ " شقيق فاطمة في أحد المقاهي من قبل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واستدعاء والدها لاستلامها والتوقيع على تعهد بعدم تكرار هذا الأمر ..(161) ..
ومما يلفت النظر وقوف الكاتبة طويلا عند العلاقات التي تكوّنها الإنترنت بين الشباب والفتيات وما يجر ذلك من مشكلات لا أخلاقية لا حدود لها .. (175...)
وتحرص الكاتبة على الوقوف عند كثير من القضايا الاجتماعية التي تجسد موقف جيل الشباب وما يريدونه ويسعون إليه من تحرر وممارسات لا أخلاقية بالغة السوء بدعوى الحرية دونما رقيب أو حسيب من المجتمع الذي يمثل في رأيها ، أو لا يعبّر إلا عن رأي الأقوى .. (188)
وربما كانت مشكلة المرأة " المطلقة " التي صنعتها العادات والتقاليد الاجتماعية من أهم القضايا التي عُنيت بها الكاتبة بحق وصدق وموضوعية .. وهي بالفعل قضية تستحق التأمل والبحث عن علاج كامل وعادل ومناسب لها إنصافا للمرأة وتسويتها بالرجل الذي لا يطاله أذى أي أذى من مشكلة الطلاق ، بل إنه سرعان ما يجد البديلة والبدائل تترى من حوله ينتقي منهن من يشاء ليمارس بحقهن الطلاق من جديد كلما آنس من إحداهن ما لا يروقه ، أو ما يريبه غير عابئ بما يلحقها من ظلم المجتمع واضطهاده مما يسهل عليها الوقوع في الجريمة والإثم والفساد .. أو على الأقل الإحساس المرهق الحاد بالظلم مما لا يجوز ، ولا يرضاه الدين ! وهي بالفعل مشكلة اجتماعية خطيرة ، وتتطلب حالتها المثيرة والمرفوضة في مجتمعاتنا العربية حلولا جذرية وعادلة .. وتعود من جديد أوصافها السيئة للمجتمع بأنه " متناقض " ، و" متزمت " .. (207) وهذا ما جعلها تقدم تحليلا لبعض المجتمعات يأتي على لسان " ميشيل " الأمريكية الأم معقبة على قول سديم التي تعتبر السعودية الدولة الإسلامية الوحيدة في العالم التي تطبق الشريعة الإسلامية مؤكدة أن غيرها من الدول إسلامية أيضا " فالإمارات دولة إسلامية ، في نظرها ، لكنها توفر الحرية الدينية والاجتماعية لشعبها .. وتوضح سديم الأمر بقولها : " إن السعودية هي الدولة الوحيدة التي تحكم بالشرع وحده وتطبقه في جميع النطاقات ؛ أما الدول الأخرى فإنها تعمل وفق الشريعة الإسلامية في القوانين العامة ، لكنها تدع القرارات الفرعية لحكم البشر وذلك لمواكبة التطور المضطرد في شتى جوانب الحياة ... (250)
كذلك تلتفت الكاتبة على لسان ميشيل أيضا إلى العقد النفسية التي تتحكم في الرجال في العادة وهو تحاول أن تحدد موقفها من حمدان الإماراتي الذي كانت على وشك الزواج منه .. (276)
ووراء ذلك كثير من الأحداث والأقوال التي أعلنتها الكاتبة مؤكدة فساد المجتمع السعودي من وجهة نظرها .. ومن ذلك ما يتعلق بالزواج الثاني للمرأة وما يترتب عليه من أمور ومشكلات ..
كما نجدها تنكر وتنقد سلوك الدولة السعودية إزاء الاحتفال بعيد الحب ، أو ما يعرف بـ" عيد فالنتاين " وما تمارسه من عقاب للطالبات اللاتي يحتفلن به .. (71) ..
ووراء ذلك كثير من القضايا والأمور التي تتعلق بهذا الجانب وتنقد العادات والتقاليد التي يقدسها المجتمع السعودي لما تنطوي عليه من تشدد وكبت للحريات ومنع الفتيات والشباب من ممارسة ما يحلو لهم من أمور العبث والفساد .. مما كانت الكاتبة تتبنى فيها موقف المدافع عنها والمندد بمحاولات كبتها ومنعها ومعاقبة من يمارسها .. وهذا الأمر لعله أخطر ما تنطوي عليه الرواية أو الحكاية التي سردتها الكاتبة ، والتي يجب أن تراجع موقفها منها بحيدة وموضوعية تثبت منه ما يستحق البحث والتأمل ، وتشطب منه ما يدعو إلى خلافه ..
أما ما يتعلق بالرواية باعتبارها عملا أدبيا أو روائيا أو غير ذلك ، وما توافر لها من تقنيات وما افتقدته منها في اللغة التي جنت عليها الكاتبة جناية بالغة ، وما حرصت عليه من إيداعها كثيرا جدا من الحوارات العامية بلهجات كثيرة خليجية وغير خليجية ، وما امتازت به من اقتدار فذ وعجيب على تمثل هذه اللهجات العامية ، فضلا عن الألفاظ والعبارات الأجنبية الإنجليزية التي ساقت الكثير منها بالأحرف العربية ، وساقت بعضها بالأحرف الإنجليزية فجاءت الحكايات على نمط أو أسلوب ما يسمى " بـالـ " فرانكو أراب " ؛ وهو أسلوب بدا ارتياح الكاتبة له في جوانب الحكايات بشكل لافت وخطير ..
وكذلك ما يتصل بالحبكة والسرد والحوار والتي أخرجتها من دائرة الرواية ذات الموضوع الواحد الذي تدور أحداثه وتتردد أبعاده وعناصره على ألأسنة شخوصها إلى مجموعة متناثرة من الأجزاء التي إذا تكاملت أنتجت قصة قصيرة أو حكاية من حكايات ألف ليلة وليلة التي كانت تقف شهرزاد عند مواضع التشويق عندما يدركها الصباح فتسكت عن الكلام المباح لتكملها في الليلة التالية كوسيلة من وسائل الإبقاء على حياتها من شهريار المتربص بها .. أو هي بعيارة أخرى مجموعة من الخواطر أو المذكرات أو الفضائح ـ كما يحلو لها أن تسميها ـ التي كتبتها عن الفتيات الأربع ، فقد جاء الكتاب يحوي قصة الفتيات الأربع : " قمرة " و" لميس " و" سديم " و" ميشيل " كلاًّ على حدة ، ولكن من خلال أسلوب التشتيت والتبعثر والاستطراد الذي فرضته الكاتبة عليه .. ولو أنها عمدت إلى تنسيق هذه القصص والحكايات لأخرجت كلاًّ منها على حدة ، وجعلت الكتاب في أربعة فصول فقط بدلا من الفصول الخمسين التي وزعتها عليها على طريقة المسلسلات ، والتي جاءت وفاقا للإيميلات التي كانت ترسلها إلى قرائها طوال الأسابيع الخمسين أو السنة التي استغرقتها في كتابتها .. وهنا أقول للكاتبة الفاضلة إذا أرادت أن تكون روائية جيدة ، وهو أمر متاح لها وقادرة عليه إن شاء الله ، أن تكف عن هذا الأسلوب وألا تعود إليه لأنه لا يصلح إلا لسرد الحكايات ولا يتناسب مع أسلوب الرواية الذي يعتمد على الحبكة المتقنة وتسلسل الأحداث وتصعيدها بشكل طبيعي مجرد من التمزق والتشتت والبعثرة وحكاية السواليف والدردشة والحش .. فالعمل الروائي قمين بأسلوب متميز وممارسة واعية وجهد هائل وتخطيط دقيق للأحداث وبناء الشخوص .. فضلا عن العقدة والحل أو لحظة التنوير في كل حكاية منها ما لها وما عليها .. وغير ذلك من تقنيات .. فكل ذلك مجاله القسم الثاني من هذه الدراسة ..
وفي النهاية لا يسعنا إلا أن نؤكد أن الكاتبة الفاضلة تمتلك موهبة الكتابة والقص والقدرة على بناء الأحداث ومتابعة تطويرها وتصعيدها ، والقدرة الفائقة على رصد الأبعاد وتحليل الشخصيات والمجتمعات .. كما تمتلك ثقافة واسعة قادرة على تحقيق المجد الروائي لها .. ولكنها تحتاج مزيدا من الوعي بتقنيات الرواية والقصة ، والرقي الواسع باللغة والحرص على تنقيتها من مختلف الشوائب المفسدة لها .. وأنصحها بالقراءة الواسعة للأعمال الروائية العربية وغير العربية لتتمكن من صقل موهبتها الروائية والقصصية .. وألا تتعجل الشهرة التي سرعان ما تزول بنفس السرعة التي وقعت وتحققت لها .. وكلنا أمل أن نراها من بين روائيينا المشاهير ..
والله الموفق ؛؛؛ خليل أبو ذياب