أحدث المشاركات
صفحة 2 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 40

الموضوع: اختبار زوندي الاسقاطي اداة في تحليل الشخصية !

  1. #11
    الصورة الرمزية نورية العبيدي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Nov 2005
    الدولة : العراق
    المشاركات : 653
    المواضيع : 32
    الردود : 653
    المعدل اليومي : 0.10

    افتراضي

    2. تحليل القدر على أنه جزء من سيكولوجية الأعماق: يعد تحليل القدر (بالمعنى العام) فرعا من فروع علم نفس الأعماق Depth Psychology. وقد وجد في التحليل النفسي لسيجموند فرويد، كما أنه يشكل جسرا للسيكولوجية المركبة Complex Psychology لكارل يونغ، وهذا يعني عمليا أن التأكيد يأتي أولا على تحليل ما هو دون الشعور الشخصي Personal Subconscious ، الذي يظهر عن طريق العلاماتsymptoms والمظاهر المميزة للفرد Character features. ومن ثم ما دون الشعور العائلي familiar subconscious الذي يعبر عن نفسه من خلال أشكال مختلفة لاختيار الفرد، حيث يصبح مركز الاهتمام، وأخيرا يمكن التعامل مع اللاشعور الجمعي collective unconscious ، الذي يعد لغة لما هو رمزSymbols . وإلى جانب هذا الهدف المتكامل، الذي يشكل جسرا بين المدارس الثلاث، فإن تحليل القدر يتمم علم نفس الأعماق من خلال التطورات اللاحقة، التي تشكل جزءاً من نظامه الرئيس.

    3. المظاهر الجوهرية لسيكولوجية القدرEssential features of fate Psychology : ومن تلك المظاهر:

    الأول: نظام الدافع أو الحاجة The drive or need system، الدافع ظاهرة نفسية بيولوجية، ترجع إلى أساسيات وجذور قد تكون شرطا للوجود البشري human existence وتحافظ عليه. ولا تقاس عوامل الجذر هذه على وفق مقياس الزمن، لأنها موجودة دائما في خبرة الإنسان، وسلوكه، وأن محتوياتها غير محددة، وهذا يعني أنها مختلفة في ظهورها (Szondi, 1972, p.25). وتقع أهمية نظام الدافع drive system في الآتي:

    أ. إمكانية عَزُو الظاهرة النفسية والفنتازيات البدائية primal fantasies إلى جذور الفرد radicals individual وإلى مدارات الدافع drive circles، ومظاهر التدرج من البيولوجية إلى البشرية، ومن الصحية healthy إلى المرضية pathological.

    ب. إنه يفيد أيضا في فهم أفضل لديناميكياتهما dynamics - الظاهرة النفسية والفنتازيات البدائية- .

    ج. إنه يساعد في وصفهما على أنهما انقسامات cleavages، أو انحلاليات disintegrations أو إضافات تكميلية complementary supplements، ليُقدِّمهما على انهما محتويات قابلة للتبادل فيما بينهما مع محددات في كل حالة وظيفية ثابتة، وله إمكانية التمييز بين الحالتين (المحتوى والوظيفة) (Kursteiner, 1987, pp.195-225).

    الثاني: نظرية الأنا The Theory of the Ego، تميز سيكولوجية القدر بين دافع الأنا
    the Drive ego والأنا الفخمة pontifex ego. ويظهر دافع الأنا مع أربع وظائف مجتمعة هي؛ الإسقاط projection، والغرور inflation، والغرس introjection، والإنكار negation. وتتغير تبعا للعوامل الوراثية – العائلية وكذلك تحدد فرديا بسبب التفاعل مع البيئة. وتمثل جزءاً من مادون الشعور والديناميكية الانفعالية من الأنا (Kursteiner, 1987, pp.195-225).

    أما الأنا الفخمة ؛ فتُحدَّد بثلاث وظائف أخرى هي؛ التسامي transcendental، والتكامل integral، والمشاركة participating، وهي تمثل الجزء من الأنا الأكثر إدراكا وتقويما. وتصف هذه الوظائف الثلاث للأنا الفخمة الخطوات الأساسية للعملية العلاجية وعواملها الكفوءة. حيث أن العمل العلاجي therapeutic يشمل سيكولوجية الأنا
    (Kursteiner, 1987, pp.195-225).

    الثالث: مادون الشعور العائلي Subconscious The familial: عمل تحليل القدر على تكملة اكتشاف اللاشعور الشخصي باللاشعور العائلي. وأطلق زوندي في البدء على محتويات اللاشعور العائلي هذا بالأسلاف ancestors، التي تجاهد لتأخذ شكلها ثانية في حياة السليل descendant، وهكذا فإن الأسلاف تكون مكافئة equivalent للوجود المحتمل existence possible للشخص، التي يمكن تعريفها أيضا؛ بأنها أعراض متزامنة للدافع . والبنية الجدلية للنفس Psyche أو الدوافع المتناقضة contradictory drives تقتضي كفاية متكاملة. فإن النجاح أو الفشل في حل الدوافع المتضادة antagonistic drives يؤثر في توازن العقل أو اضطرابه. حتى لو كانت بعض الميول موروثة، فمع ذلك يمكن إعادة تنظيمها بطريقة شخصية personally وذلك بعزم من الشعور (Szondi, 1952, p. 28).

    إن تأثير اللاشعور العائلي ينعكس في أشكال مختلفة لاختيار الشخص. وفي هذه الحالة هنالك سؤال حول الأفعال المترتبة على الاختيار فيما يتعلق بالحب، والصداقة، فضلا عن اختيار المهنة، والأمراض، وربما اختيار الموت. ونظرية الأسلاف ومتطلباتهم تقود إلى القدر المحتوم compulsive fate. ومع ذلك، يمكن لهذا القدر المحتوم، أن يكون قدرا اختياريا من قبل الشخص بسبب الحرية النسبية للانا
    (Szondi, 1956, p.10).

    4. تطبيق لتحليل القدر

    يتبع



    .


    الصديقة الغالية سحر الليالي

    دائما يسعدني وجودكِ ، فاهلا ومرحبا بكِ دائما نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    عيني على وطني
    د. نورية العبيدي

  2. #12
    الصورة الرمزية نورية العبيدي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Nov 2005
    الدولة : العراق
    المشاركات : 653
    المواضيع : 32
    الردود : 653
    المعدل اليومي : 0.10

    افتراضي


    4. تطبيق لتحليل القدر Practice of fate analysis:

    يشير العرض الآتي إلى تحليل القدر في حدود ضيقة، وفي العلاج بالتحديد؛

    أ. الفحوص التمهيدية Preliminary examinations: وهي تؤدي إلى التشخيص diagnosis والتوضيح indication ، وتشمل بشكل عام المقابلة interview ، والسيرة الذاتية curriculum vitae، ووصف ما هو معروف في أسلاف المفحوص عما قد يورث عنهم، واختبار زوندي ( Szondi, 1963, pp.149-190).

    ب. مرحلة التحليل النفسي Psychoanalytical phase: ويتم تحليل اللاشعور الشخصي على أساس التحليل النفسي التقليدي، متضمنا التحويل transference، والتحويل المضاد counter transference، والمقاومةresistance ، والتفسير interpretation، والتسديد working-through، والتعفف (Szondi, 1963, pp.149-190)

    ج. مرحلة تحليل القدر Fate analysis phase : يأتي الكشف عن اللاشعور العائلي لاحقا بعد مرحلة التحليل النفسي، مع الأخذ بالاعتبار مساعدة طرائق مجتمعة قابلة للتأثيرات الخارجية passive associative methods، وتفسير الأحلام. وتتضمن تلك الطرائق التحويل، والتحويل المضاد، والمقاومة، والتفسير، والتسديد. وإذا لم تكن محتويات اللاشعور العائلي قادرة على أن تُختبر في علاقة مع المحادث Interlocutor (التحويل) بينما تكون هذه المحتويات وثيقة الصلة بالموضوع، أو إذا لم يتم اختبارها بكفء، فإن العلاج سيحفز الخبرة للدوافع العائلية المتناقضة، أو لمطالب الأسلاف بطرائق فعالة، ويمكن أن تؤدي إلى المواجهة confrontation من قبل المفحوص. وحسب الموقف وشخصية المعالج يمكن تطبيقها أكثر أو أقل أو بقوة بشكل مكثف؛ وتشمل تقنيات التكرار repetitive ، والإعادة iterative وصدمة التداعي shock associative، والمواجهة مع إمكانيات الوجود مقدمة في وصف ما هو معروف في أسلاف المفحوص عما قد يورث عنهم (genogram) في اختبار زوندي. وهذه تُتبع بتحليل الأنا مع الهدف المناسب للوجود البشري (Szondi, 1963, 149-190).

    5. منظومة الدوافع المصيرية Fateful drives system: أقام زوندي منظومة دوافع ترتبط بالمصير على غرار منظومة الدافع التي أقامها فرويد بين الأنا ودافع الجنس. ومع أن زوندي استمد نظريته عن فكرة التضارب conflict بين دوافع الجنس ودوافع الأنا من فرويد، غير أنه أضاف إليها دوافع أخرى جديدة. وكان نتيجة ذلك أن أخذت المعايير الآتية أهمية كبيرة في منظومة الدوافع المصيرية.
    المعيار الأول، مكونات الدافع Constituents of drive: تكمن النقطة المشتركة بين جميع الدوافع – حسب نظرية زوندي- في أصلها الوراثي. فالجينات على هذا الأساس هي المكونات الأساسية لجميع الدوافع، بل هي مصدر الدوافع كلها. والطابع المشترك لهذه المكونات الدافعية هو أنها تنقل بصورة أزلية ميولا ومطامح من الماضي العائلي للفرد إليه وإلى الأجيال التالية، لتستقر في اللاشعور العائلي. وكل مكونة من تلك المكونات تستهدف - كما يذهب علم السلالات genealogy – إلى أن تعيد في الجيل الجديد حالة سابقة- وهذا ما عبر عنه موسر Moser بقوله "إن الدوافع من النوع المحافظ" وفي هذه النقطة يلتقي تحليل المصير أو القدر مع التحليل النفسي لفرويد، الذي يذهب إلى أن كل دافع يستهدف إعادة تكوين حالة سابقة. وتسمح النظرية الوراثية للدوافع أن نميز داخل منظومة الدوافع ما يأتي:

    (أ) ميل Tendency
    (ب) حاجة أو عامل Need or Factor
    (ج) موجه أو دافع Vector or Drive

    والميل من الوجهة الوراثية هو أصغر وحدة دافعية. ويرتبط ارتباطا وثيقا بشريكه الذي هو ميل مضاد له، الذي يشكل معه من الناحية الوراثية البيولوجية زوجا من الاستعدادات الدافعية. فيؤلفان معا حاجة أو عاملاً. وتتكون الحاجة أو العامل من زوج من الميول الدافعية أحدهما من ناحية الأب والآخر من ناحية الأم. أما الموجه أو الدافع، فينشأ عن اتحاد حاجتين أو عاملين يكون اتجاههما الفسيولوجي واحداً ويستهدفان تحقيق الهدف الدافعي نفسه. فمنظومة الدوافع المصيرية تتألف إذن من ابسط الوحدات المصيرية وهي الميول. وينتظم كل زوج منها ويكونان حاجة أو عاملا، كما ينتظم كل زوج من هذه العوامل أو الحاجات ليكونان دافعا أو موجها (Moser, 1959, p. 348).

    المعيار الثاني، استقطاب الميول والحاجات



    يتبع

    .
    .

  3. #13
    الصورة الرمزية د. محمد حسن السمان شاعر وناقد
    تاريخ التسجيل : Aug 2005
    المشاركات : 4,319
    المواضيع : 59
    الردود : 4319
    المعدل اليومي : 0.63

    افتراضي

    سلام الـلـه عليكم
    الاخت الفاضلة الاديبة الاستاذة نورية العبيدي

    اعود لمتابعة هذه الدراسة الرائعة , اعود باعجاب جديد , لهذا
    الجهد العالي , لهذا المسنوى الراقي , وانا بدأت بنقل اجزاء
    الدراسة الى القرص الصلب , ثم بعدها ان شاء الـلـه ساقوم
    بطباعتها لتكون مرجعا في مكتبتي المتواضعة , انها دراسة
    قيّمة دون شك .
    بارك الـلـه بك .

    اخوكم
    السمان

  4. #14
    الصورة الرمزية معاذ الديري شاعر
    تاريخ التسجيل : Feb 2003
    الدولة : خارج المكان
    العمر : 49
    المشاركات : 3,313
    المواضيع : 133
    الردود : 3313
    المعدل اليومي : 0.43

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. محمد حسن السمان
    سلام الـلـه عليكم
    الاخت الفاضلة الاديبة الاستاذة نورية العبيدي

    اعود لمتابعة هذه الدراسة الرائعة , اعود باعجاب جديد , لهذا
    الجهد العالي , لهذا المسنوى الراقي , وانا بدأت بنقل اجزاء
    الدراسة الى القرص الصلب , ثم بعدها ان شاء الـلـه ساقوم
    بطباعتها لتكون مرجعا في مكتبتي المتواضعة , انها دراسة
    قيّمة دون شك .
    بارك الـلـه بك .

    امين ..
    وعاقد ايضا يتابع .
    عـاقــد الحــاجبــين
    http://m-diri.maktoobblog.com

  5. #15
    الصورة الرمزية نورية العبيدي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Nov 2005
    الدولة : العراق
    المشاركات : 653
    المواضيع : 32
    الردود : 653
    المعدل اليومي : 0.10

    افتراضي

    المعيار الثاني، استقطاب الميول والحاجات polarization the tendencies and the needs :

    من أهم مبادئ نظرية زوندي مبدأ استقطاب الميول والحاجات. فعندما يجتمع ميلان متضادان ليكونا معا حاجة دافعية أو عاملا تسمى هذه العملية "استقطاب الميول"، فمثلا يجتمع الميل h+ ، وh- لينشأ عنهما الحاجة h، وكذلك الميل s+ عندما يجتمع بالميل s- لينشأ عنهما الحاجة أو العامل s. أما عملية "استقطاب الحاجات" فتنشأ من تضاد حاجتين أو عاملين يجتمعان معا ليشكلا دافعا أو موجها، مثل اجتماع الحنان والعدوان. ومن هذا الاستقطاب بين الحاجات تنشأ الموجهات الدافعية أو الدوافع. فمن استقطاب الحاجة h والحاجة s يتكون الدافع الجنسي S. وفي الجدول (1) -أدناه- الذي وضح لنا تركيب المنظومة الدافعية لتحليل المصير نجد أن الميول تنتظم لتنشأ حاجات، وانتظام الحاجات يُنشئ موجهات أو دوافع هي؛ الموجه أو الدافع الجنسي Sexual drive or vector والموجه أو الدافع النوابي Period والدافع الفصاميSchizophrenia ، ودافع الاتصال Communication. وعليه، فإن النظام الدافعي لتحليل المصير يرتكز إلى ثنائية أو ازدواج الميول والحاجات. وهذا يعني أن الحاجات كان أساسها بيولوجي وراثي، وإن كل دافع أو موجه هو ناتج عن اتحاد عاملين أو حاجتين مختلفتين إلا أنهما يسعيان وراء نفس الهدف أو المصير الدافعي (Moser, 1959, p.349).

    ونستنتج من ذلك أن الدوافع لدى زوندي ليست ظواهر بسيطة التكوين، إنما هي مركبة. وهي ناتجة عن اتحاد أو تداخل مجموعة حاجات. ومن ذلك يرى زوندي من خلال نظريته تحليل المصير أنه من الأفضل ألا نتحدث عن سيكلوجية الدوافع، بل نتحدث عن سيكولوجية الحاجات. ولعل عدم اتفاق الباحثين حول عدد الدوافع يرجع إلى أن هذه الدوافع ليست غير مزيج مؤلف من حاجات، وأنها ليست بالأصل وحدات بيولوجية. فالدافع مركب ومن الممكن أن يتكون عدد من المركبات أكبر من عدد المصادر الدافعية الوظائفية physiologic ذات البنية البسيطة التي تتألف منها (Szondi, 1975, p.447).

    جدول (1)
    http://www.hdrmut.net/ufiles/1143036017.doc

    المعيار الثالث، توتر الدافع Tension of Drive : وينجم هذا التوتر عن تنافر الدوافع وتضادها، وهو كامن. ويبدو في صورة اندفاع يرتبط بقوة التضاد بين المكونات التي تحدد الحاجة أو الدافع (Szondi, 1975, p.447).

    المعيار الرابع، معيار الاعتلال النفسي Psychopathology : يعد زوندي "الاعتلال النفسي" ناتجا عن تغيرات مرضية متطرفة في الحاجات. أي عبارة عن اضطرابات دافعية تقل أو تزداد فيها مركبات معينة من الحاجات. والفرق بين الفرد المعتل نفسيا أو عقليا والفرد السوي هو فرق كمي وليس نوعياً. فالمكونات التي تسبب الاعتلال العقلي لفرد ما، هي مكونات دافعية توجد لدى جميع الناس، غير أن مقدارها أو كمها لدى الأسوياء أقل منه لدى المعتلين عقليا. وعليه يعد زوندي المعتلين عقليا معتلين دافعيا. وفي ضوء هذا المبدأ في الاعتلال النفسي والعقلي في نظرية زوندي، يرى زوندي أن العملية الوراثية التي يتضمنها الاعتلال النفسي أو العقلي تقابل منطقة مصيرية معينة من المناطق المصيرية الأربع التي تقوم عليها نظريته وعلى نحو ما مبين في الجدول (2) (Dumitrascu, 2000, p.7 ).

    جدول 2
    http://www.hdrmut.net/ufiles/1143036051.doc


    المعيار الخامس، ديناميكات الدافع Dynamics of drive : يمكن أن يكون الدافع المصيري مرنا، ويمكن أن يكون جامدا أيضا. فيمكن أن تعدل الظروف الداخلية والخارجية من حاجة الدافع. وقد وضح فرويد أن الدافع يمكن أن يعدلmodify إذا أمكن الفصل بين هدف الدافع وموضوع الدافع، وكلاهما قابل للتعديل. وبهذه الحالة ستظهر احتمالات مصيرية متنوعة للحاجة الواحدة. فالحاجة إلى العدوان مثلا قد تأخذ صورا متنوعة من الإشباع على نحو ما هو موضح في جدول (3) (Maebe, 2001, p.7).

    جدول 3
    http://www.hdrmut.net/ufiles/1143036082.doc


    وخلاصة الكلام أن منظومة الدوافع المصيرية تقوم على أساس المكونات البيولوجية الأولية –الميول- التي تعد اللبنات الأولى لمنظومة الدوافع. ثم أن استقطاب هذه المكونات الأولية يؤدي إلى ما سماه زوندي الحاجات أو العوامل، واستقطاب الحاجات يكون الموجه أو الدافع المصيري.
    ويمكن أن يمثل أحد الدوافع المصيرية بالمنظومة في الشكل الأتي: (Kenmo, 2001, p.30).

    شكل منظومة الدافع الجنسي
    http://www.hdrmut.net/ufiles/1143036121.doc


    6. تلخيص نظرية القدر على لسان زوندي:

    يتبع

    .
    .

    الفاضل د. السمان:
    الأستاذ الكريم عاقد الحاجبين:
    أكيد تهمني متابعتكما، فهي أجمل ثمن للجهد الذي كان.

  6. #16
    الصورة الرمزية د. محمد حسن السمان شاعر وناقد
    تاريخ التسجيل : Aug 2005
    المشاركات : 4,319
    المواضيع : 59
    الردود : 4319
    المعدل اليومي : 0.63

    افتراضي

    سلام الـلـه عليكم
    الاخت الفاضلة الاديبة الاستاذة نورية العبيدي
    تحية طيبة ,
    مازلت متابعا لجهودك ولهذا الموضوع القيّم , وانقله خطوة
    فخطوة الى القرص الصلب عندي كما اسلفت في مرة سابقا ,
    طبعا مع الاستئذان منك , ايتها الفاضلة .

    بارك الـلـه بك .

    اخوكم
    السمان

  7. #17
    الصورة الرمزية نورية العبيدي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Nov 2005
    الدولة : العراق
    المشاركات : 653
    المواضيع : 32
    الردود : 653
    المعدل اليومي : 0.10

    افتراضي

    6. تلخيص نظرية القدر على لسان زوندي:

    وهناك تلخيص لنظرية القدر على لسان زوندي نفسه وذاك من خلال مقابلة كان قد أجراها معه الاختصاصي Alfred Haster. فقد لخص زوندي نظريته وشرحها على وفق النقاط الآتية:

    أ. نظرية القدر: لكل شخص عدد من الخيارات القدرية. فمن وجهة نظرنا نعرّف القدر على أنه مؤلف من مجموعة كامل الخيارات المعيشية المتاحة للشخص. وفي الحالات الطبيعية يستطيع الشخص السليم (ذو الأنا السليمة) أن يختار قدره بنفسه.

    وهذا التعريف يجمع بين الجبرية والحرية، فمن جهة، نلاحظ أن لا خيار للإنسان في تحديد خياراته المعيشية، ولكنه من جهة أخرى حر في انتقاء واحد من الخيارات المتاحة له، والحرية التي نعنيها هي قدرة الشخص على الانتقاء واتخاذ المواقف من الخيارات المتاحة له. فنظريتنا تفترض أن الشخص يحمل في طياته الوراثية عدة احتمالات (محددة) إلا أنه لا يكون مجبرا على معايشتها جميعا. فأناه his ego هي التي تنتقي الاحتمال أو الاحتمالات المعاشة. فإذا ما أساء الشخص الاختيار كان من واجب المعالج تصحيح هذا الاختيار. غير أن هذه الحرية تبقى نسبية لأن العديد من الناس لا يعون كافة الخيارات المتاحة لهم وبالتالي فإنهم يجهلون هذه الحرية ويتصرفون على نحو إجباري. لذلك فإن الخطوة الأولى في علاجنا لا تكون كما هو التحليل التقليدي على الأريكة التحليلية، وإنما تكمن في جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن الوراثة النفسية للشخص وعن أوضاعه الصحية (من أطبائه إذا أمكن) بحيث نحدد للمريض خريطته الوراثية. أما الخطوة الثانية من العلاج فتكمن بإخضاع المريض للاختبارات وفي مقدمتها الاختبار المعروف باسم (اختبار زوندي).

    فنحن نستند إلى الخريطة الوراثية وإلى الاختبار في تحديدنا للخيارات المطروحة على الشخص في تحديدنا لإمكانيات علاجه. وفي الحالات التي نرى فيها أن المريض لا يملك خيارا أفضل من ذلك الذي أودى به إلى المرض فإننا نرفض علاجه، لأننا مقتنعون من عدم جدوى طريقتنا العلاجية في مثل هذه الحالات. وهذه الحالات ليست بالضرورة حالات متطورة أو معقدة، إذ يتراوح المرضى الذين نرفضهم بين العصابيين من مختلف الأنواع والوسواسيين. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن بعض الحالات المسماة بالعصاب الوسواسي (أو القهري)، يمكنها أن تخفي خلفها ميولا فصامية- تخشبية catatonia موروثة، حتى أن بعض حالات فصام التخشب تبدأ على شكل وسواسي أو قهري. ففي مثل هذه الحالة من الأفضل للمعالج أن لا يباشر العلاج التحليلي ونوجهه نحو العلاج النفسي – الدوائي. الذي يعطي في مثل هذه الحالات نتائج أفضل من نتائجنا. وباختصار، إننا نتجنب علاج الحالات التي يعاني فيها المريض وطأة وراثيات نفسية معقدة (لأن هذه الوراثيات تحد من الخيارات المثالية التي يمكنها أن تشفي المريض) وكذلك نتجنب علاج الحالات العصابية البسيطة (لأن هناك وسائل علاج أسهل لهذه الحالات). وبالمقابل نركز جهودنا على علاج الحالات العصابية الوراثية والحالات ما قبل الذهانية (المرشحة للتحول إلى الذهان) ومن خلال تجربتنا نستطيع التأكيد على فعالية علاجنا لمثل هذه الحالات.

    ب. قدر المريض وعلاقته بمرضه: وفق نظريتنا يملك الإنسان منذ ولادته مجموعة من الخيارات الحياتية عددها ستة عشر خيارا (وهي الخيارات التي تحدد عن طريق تطبيق اختبار زوندي) ويمكن للشخص أن يكون كما هو، أو أن يعمل لاعتماد خيار أصعب من ذلك المعروض عليه. وهذا الشخص يكون طبيعيا أو غير طبيعي تبعا لانتقائه خيارا متاحا له (طبيعي) أو غير متاح له وغير موجود ضمن الاحتمالات المعروضة أمامه (غير طبيعي).
    وانطلاقا من هذه الأسس النظرية فإن الشخص لا ينتقي طبائعه وخصائص شخصيته حسب، ولكنه ينتقي أيضا عصابه أو ذهانه أو اضطراب شخصيته، وإلى هذا الانتقاء يستند مجمل تاريخ حياة هذا الشخص.
    والتحليل القدري يبرهن أن اختيار الشخص وقدرته على الانتقاء تصل إلى حدود التدخل في الأدوات التي يستخدمها المنتحرون الراغبون في التخلص من حياتهم، فهذا الانتقاء هو ذو علاقة وثيقة بالاضطراب العقلي - الذي كان الشخص قد انتقاه سابقا-الوراثي للشخص. فعلى سبيل المثال نلاحظ أن الشاذين جنسيا والفصاميين يفضلون الانتحار بالسم أو بالمسدس، في حين يفضل الساديون الانتحار عن طريق الشنق أو السكين أو ما شابه. وإذا كان التحليل التقليدي يرد الانتحار إلى غريزة الموت والعودة إلى الصفر، فإن التحليل القدري يعدّ الانتحار خيار لا واع من ضمن الخيارات المتاحة. كما يعد القاتل والمقتول ممن يمتلكون خيارات حياتية متقاربة. كما كان هابيل وقابيل.

    ج. العلاج بالتحليل القدري: يختلف التحليل القدري عن التحليل التقليدي اختلافا بيّنا. ومن طرفنا، نعترف بثلاث مدارس تحليلية هي:
    1. المدرسة الفرويدية.
    2. مدرسة يونغ.
    3. مدرسة التحليل القدري.
    وتدريبنا للاختصاصيين يعتمد على هذه المدارس الثلاث دون غيرها.
    أما نقاط الاختلاف بين التحليل القدري وغيره من الأساليب التحليلية فيمكننا تلخيصها في اثنتين:
    الأولى: يبدأ التحليل القدري بدراسة وراثة المريض وتحديد خياراته الحياتية .
    الثانية: يخضع المريض للاختبار الذي يساعدنا على تحديد أدق لهذه الخيارات.
    وهكذا فإن بدء التحليل القدري لا يكون على أريكة التحليل وإنما بحث طبي ونفسي عيادي يتيح لنا الاطلاع على المعطيات العيادية الموضوعة للحالة.
    والهدف الأول للتحليل القدري هو مساعدة المرء للتعرف إلى خياراته، وللتآلف معها، وبالتالي مع نفسه وصولا إلى مساعدته لكي ينتقي افضل هذه الخيارات. غير أن الوصول إلى هذا الهدف يقتضي أولا ممارسة التحليل بطريقته التقليدية وصولا إلى تحرير المريض من مكبوتاته المتراكمة منذ عهد الطفولة. إلا أننا مع تقدم هذا التحليل نلاحظ فجأة وجود ثغرة في التحليل تعيق المريض عن الاستمرار فيه - ثغرة ناجمة عن عجز المريض عن تبرير اختياره للمسار المرضي المؤدي للكبت-. وعندها نعمد إلى تطبيق التحليل القدري وهو اكثر عمقا وديناميكية. وللإيضاح نورد الحالة الآتية؛ رجل يمتلك القدرة التامة لممارسة نشاطاته المهنية ابتدأ بعد 5 أو 6 أشهر من التحليل القدري بالكلام بلغة غير مفهومة تماما مثلما يتكلم المرضى المصابون بالفصام العظامي. (وذلك طبعا أثناء الجلسات فقط في حين استمر في ممارسة حياته بشكل عادي)، تركت هذا المريض يستخدم لغته الخاصة هذه أسابيع دون أن اعترض على ذلك، وبعد ذلك عمدت إلى سؤاله عن هذه اللغة الغامضة الجديدة بهدف التعرف إلى ما تخفيه وراءها. وكان الفارق بين هذا المريض ومريض ذهاني يكمن في قدرة مريضي على مناقشة هذا الخلط اللغوي. ومن خلال هذه المناقشة توصل المريض إلى؛ إنني أتحول إلى فصامي على أريكة التحليل! وبهذه المناسبة ذكر لي المريض أن أحد أعمامه كان فصاميا وان والده أُدخِل للمصح العقلي في فترة ما، ومع متابعتنا للماضي المرضي للعائلة رأينا أن أفرادا عديدين من عائلته كانوا يعانون من الذهان ذي الطابع الديني وهي كما يرى زوندي (أفكار هلاسية وهلوسات ذات محتوى ديني).
    وفي سبيل تدعيم أنا ego هذا المريض في مواجهة المرض كان عليه أن يدرس علم النفس الديني وهذا ما فعله حتى انه ألف كتابا في هذا المجال. وإذن فان المريض (حتى الفصامي) يظل قادرا على انتقاء الخيار الحياتي الأفضل (وهو بالطبع غير خيار المرض) ولكن هذه القدرة على الاختيار تتعلق مباشرة بمدى قوة الأنا لدى هذا المريض أو ذاك. فالأنا من وجهة نظرنا تمتاز بميزتين أساسيتين هما؛ إمكانية أن تكون وإمكانية أن تملك.
    وهكذا فإننا أمام الفصامي نقوم بمجابهته مع مرضه ومع علاماته المرضية أو انه يقوم بذلك وحده. فإذا ما أنسنا قوة الأنا لدى المريض أمكننا القول بإمكانية العلاج في مساعدة مريضنا للتسامي بنزواته وغرائزه التي تلصقه بالمرض الفصامي.

    د. دوستيوفيسكي والنفس الإنسانية: كنت قد قرأت دوستيوفيسكي في مرحلة مبكرة، - والكلام لا زال لزوندي - وكان لهذه القراءة أثرها العميق في تفكيري وفي نشوء نظريتي القدرية. ففي هذه المرحلة المبكرة سألت نفسي؛ لماذا كان أبطال دوستيوفيسكي جميعا ينتمون إلى واحدة من فئتين؛ قديسين أو قتلة؟ وفي ذلك الوقت فكرت انه رأى في عائلته القديسين كما رأى القتلة. وبعد ذلك بوقت طويل أجاب الكاتب الفرنسي H.Troyat على تساؤلي، فقد ألف كتابا عن عائلة دوستيوفيسكي، وفيه ذكر أسلافا له من القرنين السابع والثامن عشر كانوا مميزين بعدائية فائقة تصل بهم إلى مرحلة الإجرام. وعلى سبيل المثال فان إحدى أخوات جدوده كانت قد دفعت أحد الفرسان لقتل زوجها لدى خروجه من الحمام. ومن ناحية أخرى ذكر Troyat أجدادا لدوستيوفيسكي تصح تسميتهم بالقديسين … ونحن إذا ما راجعنا رواية (الأخوة كارامازوف) كما سائر روايات دوستيوفيسكي، نلاحظ هذا النمط في توزيع أشخاص الرواة (أي قديسين ومجرمين). وهذه الملاحظة كانت الأساس في اعتقادي بتأثير الخصائص النفسية – الوراثية، واعتماد هذا التأثير أساسا نظريا لنظرية القدر. وقد بزغت هذه الفكرة لدي منذ سن الثامنة أو التاسعة عشرة حتى أنني أذكر أن عرضي لهذا المبدأ كان في حينه قد تم في دائرة محدودة من المقربين. ومنذ لحظة عرضي للمبدأ أذكر أن الناس انقسموا بين مؤيد ومعارض بنفس الأسلوب الذي اتبع لاحقا في تأييد أو معارضة النظرية لدى ظهورها متكاملة، هذا ويلاحظ القارئ مدى تأثري بدوستيوفيسكي خاصة وبالأدب عامة، وذلك لاعتقادي الراسخ بقدرة الأدباء - ولا سيما دوستوفيسكي - على التسامي بنزواتهم وميولهم العدائية وصولا إلى تمكنهم من عرض الأمور وكأنهم علماء نفس مع أنهم لم يكونوا على دراية بهذا العلم. وفرويد نفسه عندما قرأ دوستيوفسكي، في مرحلة متأخرة، علق على كتاباته بالقول؛ (لو أتيح لي الاطلاع المبكر على كتابات دوستيوفيسكي لكنت تخليت عن بعض مواضيع كتاباتي لأن دوستيوفيسكي سبقني إلى ذلك).

    هـ. قصة قابيل وهابيل: على وفق الكتب الدينية قام قابيل بقتل أخيه هابيل فمات الأخير دون خلف، وبقينا نحن جميعا من نسل قابيل، وملكنا في ذواتنا الميول القابيلية المجرمة. وهكذا فإن لدى كل منا ميوله القابيلية المدمرة. وفي رأيي انه لا يوجد ذلك الشخص الذي لم تمتلكه قط الرغبة في القتل (على الأقل كفكرة عابرة)، عندما يكون في قمة غضبه، أو حقده أو غيرته أو رغبته بالثأر أو غيرها من المشاعر السلبية. وليس نادرا ما نسمع المتمدد على أريكة التحليل وهو يقول (كنت أود قتله) أو ما يعادلها من الجمل التي تفضح فكرة الرغبة في القتل. فالقتل موجود لدى الجميع على أنه إمكانية خيار. وفي المقابل، لدى الغالبية العظمى من الناس القدرة على التسامي بهذه الرغبة، وبالتالي إبدالها بخيارات أكثر اجتماعية. ومن هذه البدائل اختيار ذوي الميول العدائية (نَصِفُها بالعشوائية) لمهن من نوع الجراحة أو الجزارة… الخ. كما يحدث أحيانا أن يؤدي إدراك الميول العشوائية إلى عمل الشخص لإصلاحها. كأن تنتقي ابنة أحد الجلادين طريق الدين وتهب نفسها له في محاولة لإصلاح هذه العشوائية. ومن خلال تجربتي أستطيع أن أعرض سلسلة طويلة من الشجرات الوراثية حيث يتعاقب القديسون والمجرمون في العائلة الواحدة. وفي عودة إلى الطب نذكر أن مرض الصرع يسمى بالـ Morbus sacer أي المرض المحرم، وحيث يكون المرض المحرم يكون هنالك الإنسان المحرم.
    والصرع إن هو إلا نمط للأمراض القابيلية، ونعني بها تلك المتأثرة أو المتفجرة عن طريق المشاعر السلبية (حسد، حقد، كره، ثأر… الخ). ومن هذه الأمراض نذكر الربو والشقيقة والتأتأة. وباختصار فإن كافة الأمراض التشنجية هي أمراض قابيلية.
    على كل منا أن يتساءل، وأن يبحث عن السبب، وعن الدافع لاختياره مهنة دون أخرى. وفي هذا الاتجاه قام تلامذتي في لوفان بتطبيق اختباري على مجموعة من الرهبان والراهبات، فكانت النتيجة أن غالبيتهم العظمى كانوا يملكون ميولا عشوائية (قابيلية) عمدوا إلى التسامي بها عن طريق الرهبنة. وبهذه المناسبة أذكر أن أحد رجال الدين الكرمليين (كان فرنسيا) سألني عن رأيي في التسامي الديني فذكرت له أن هذا التسامي يخفي خلفه ميولا عدائية وأمراضا قابيلية وفي مقدمتها الصرع، ولدى انصرافه قال لي: (إن اثنتين من عماتي عانتا من مرض الصرع).
    وهكذا بات بالإمكان الكلام على نوعين من العقد القابيلية هما:
    1- القابيلية الهدامة.
    2- القابيلية المتسامية.
    وقبل الانتقال للبحث في كل منهما أود أن أوضح، بأن قابيل ليس فقط قاتل أخيه وإنما هو أيضا إنسان نشيط، فهو ونسله مزارعون وبناة حضارة، حتى أن عددا من الصفات القابيلية مثل المنافسة والحسد والرغبة بالربح … الخ، تعد أساسا لنشوء الحضارة وتطورها.

    و. القابيلية الهدامة والقابيلية المتسامية: من الممكن للقابيلية أن ترتدي أحد ثوبين؛ فهي إما هدامة وقاتلة ومجرمة، أو هي متسامية بناءة. وبما أننا لا نستطيع الكلام على الهابيلية فقد إخترنا الكلام على القابيلية البناءة التي تمارس في سبيل الأهداف السامية. فيذكر عن النبي موسى (عليه السلام) أنه قضى بعقاب أربعة وعشرين ألفا من البشر بالقتل. ولكن هدفه كان ساميا وكان مدافعا عن ديانة سماوية. وعلى نفس النمط نستطيع القول بأن الجراح وإن ارتكب فعلا اعتدائيا على جسد المريض فإنما يرتكبه لهدفٍ سامٍ هو شفاء المريض.
    إن العنصر القابيلي أو العقدة لا تقود الشخص بالضرورة إلى القتل أو الهدم. فالشخص يبقى قادرا على الانتقاء بين الهدم والتسامي. فالقابيلية تحمل في طياتها ما يكفي من الدوافع البناءة، وهذا ما نلاحظه واضحا لدى السياسيين والفنانين والمبدعين ورجال الدين وغيرهم.
    وقد لاحظنا لدى دوستيوفيسكي قرابة بين الميول الهدامة والميول البناءة وهذه الازدواجية هي في رأينا شرط رئيسي لملكية القدرة على التسامي…

    س. الحرب والعقدة القابيلية: في كتابنا – ولا زال الكلام لزوندي- (قابيل وجوه السوء) أشرنا إلى تحكم العقدة القابيلية بالعالم، وهو التحكم القابيلي الهدام الذي نلاحظه في تاريخ البشرية بحروبها، ولا سيما الحروب الأهلية بظلمها، وباغتيالاتها… الخ. وهذه الأمور والمظاهر لم تتغير في عالمنا المعاصر. ومن خلال تتبع القارئ لكتاباتي يلاحظ أني لا أنظر للغالبية من الناس على أنهم قابيليين هدامين بصورة دائمة. إذ أن تطبيق نظرية القدر يثبت لنا أن هذه الغالبية هي قابيلية متراوحة. بمعنى أنها تستسلم أحيانا لمشاعرها الهدامة ولكن ليس دائما. وقابيل الهدام يستيقظ في نفوس غالبية الناس، لدى معاناتهم للمشاعر السلبية من حقد وثار وكره ومنافسة… الخ. والحرب تجمع هذه المشاعر السلبية كافة، وتوقظ مشاعر الهدم القابيلية الموجودة في أعماق كل منا. وهذه المشاعر الهدامة، تتردد في طبيعتها ما بين السادية والماسوشية. وفي أجواء الحرب، نلاحظ أن المشاعر البناءة، تتردد ما بين الموت وبين الشفاء، وفي صراع ما بين العدالة والظلم. تكون على وجه العموم المشاعر الهدامة دائما سادو- ماسوشية.

    ح. إعادة التربية: إن التربية المعاصرة تهتم بشكل أساس، بتنمية وتطوير الصفات والخصائص الذهنية. وعلى أساس أن هذه الصفات هي أكثر نفعا من الخصائص الأخرى (الاجتماعية والنفسية والجسدية- الرياضية… الخ)، التي تعدها هذه التربية ثانوية. ولطالما تكلم فرويد على دور التحليل النفسي، في تكميل عملية التربية وإتمامها. وقد عنى بقوله هذا، أنه بالإمكان استخدام التربية في التحليل، بمثل استخدامها أثناء الطفولة. وهنا يحضرني ذكر إحدى المحللات السويسريات ((M. Sechehaye التي توصلت إلى نتائج ملفتة في هذا المجال، وعرضت المحللة بعضا من هذه النتائج في أحد كتبها، وتحديدا حالة شابة استطاعت المؤلفة عن طريق (التحقيق الرمزي للأمنية) دفعها نحو الشفاء بعد أن كانت المريضة حاملة لتشخيص (الفصام المراهقي) وهذه الفتاة توصلت اليوم لأن تبرأ تماما وتعمل محللة. وهناك حالة المريض، الذي أبدل وسواسه القهري (الذي كان يحول دون تمكنه من ارتداء ملابسه)، بوساوس من نوع آخر لا تعيق المريض عن ممارسة حياته الاجتماعية بشكل عادي. إن ما نلاحظه في هذه الحالة، من إمكانية إعادة التربية، المؤدية إلى إبدال المظاهر المرضية، بأخرى أقل تأثيرا، يأخذ أهمية قصوى، في حال إمكان تطبيق مبدأ إعادة التربية، على ذوي الميول الإجرامية. بحيث نستبدل ميولهم الإجرامية بأخرى متسامية. وبهذه المناسبة، تحضرني حالة رجل ارتكب جريمة قتل امرأة عجوز، وحكم بالسجن الانفرادي، حيث ظهرت لديه حالة جنون- هياج، كان يكسر خلالها كل ما يقع في يده. وهنا سمح له مدير السجن بترك زنزانته الانفرادية، (وهو أمر ممنوع قانونا في هذه الحالة) والعمل في تكسير الحطب، وكان لهذا التكسير مفعول التطهير النفسي لدى هذا السجين، وتوقفت مظاهر الجنون- الهياج لديه، وكان لعلاجه بإعادة التربية وإبدال رغبته بالتحطيم والقتل بالعمل في التحطيب الأثر الكبير في تهدئته.

    ط. الدين والعلاج النفسي: إن عملية الإيمان (من الناحية الفكرية)، تقتضي بحد ذاتها، ملكية الشخص للمواهب. وعندما نجد لدى مريض، ما يمكننا تسميته بموهبة الإيمان، فإن من واجبنا استغلال هذه الموهبة إلى أقصى الحدود. وأذكر أني قلت في إحدى محاضراتي (1949)، (أن علينا متابعة علاج المريض حتى يصل إلى مرحلة يستطيع معها الصلاة)، واعترف أني كنت بالغ التفاؤل، وأستطيع أن أقول بعد خبرة طويلة من السنوات، أن الوصول ببعض المرضى إلى مرحلة الصلاة أمر مستحيل. فهنالك أناس يصلّون بسهولة وبتلقائية، ولكن هناك آخرون ممن يعجزون تماما عن الصلاة، ويراجعوننا بسبب فقدانهم لمشاعر الإيمان والأمان العاطفي – الديني. فإذا ما ملك المريض الحس الديني، علينا استغلاله لأقصاه، في علاجنا لهذا المريض. فيلاحظ القارئ، أنني معارض للعلاج النفسي الملحد، أو الذي لا يأخذ العامل الديني بعين الاعتبار. فأنا أرى أنه ليس من حق المعالج النفسي حرمان المريض من مواهبه الدينية، ومن قدراته الروحية. كما أنه ليس من حقنا، أن نفرض موقفا روحيا ما على المريض. ولكن ملكية المواهب الدينية هي، في رأينا، عامل مساعد وفاعل لدفع المريض نحو التسامي بمشاعره القابيلية الهدامة. فالعامل الروحي ذو صلة وثيقة بأنا ego الشخص، وبفكره، وهي عناصر أساسية في تحقيق التوازن النفسي. وهذا يدخل في صلب معادلة التحليل القدري، فالفكر هو المحور، وهو خاص بالشخص، في حين أن قسما من الأنا يكون موروثا، (وبالتالي مفروضا على المريض)، والتحليق المتسامي يمكنه أن يكون مدفوعا بالفكرة وبالدين وبالفن والعلم. وكلها جديرة بتشجيع عملية التسامي كما رأينا.
    ومن هذه المنطلقات، يعد التحليل القدري أن تمهيد الطرق المؤدية للتدين هو واحد من أهدافه، بشرط أن تكون مثل هذه الميول موجودة لدى المريض.

    وفي النهاية، لي عودة إلى فرويد الذي أراه مؤمنا بالمعنى الواسع للكلمة. فإذا ما راجعنا مؤلفه (مستقبل وهم) نراه معاديا للدين ومصنفا له بمثابة عصاب وسواسي إلى ما هنالك من التعبير الذي يمكنه أن يوحي بعدم إيمانه. ولكن أحد الأطباء النفسيين الفرنسيين كان قد قابل فرويد وحاوره حول موضوع الدين. وخلال هذا الحوار، لم يكن فرويد كثير الثرثرة والنقاش. ولكنه قال في نهاية الحوار (لقد مات فرويد)، بهذه العبارة قصد فرويد القول، بأن آراءه هي التي ماتت وبأن الموت لن يلحق بالأديان (هاستر، ؟؟19، ص94-98).


    مناقشة النظرية
    .
    .
    .

    يتبع



    الاستاذ الفاضل الدكتور السمان
    من دواعي سروري متابعتكم واحتفاظكم بالموضوع...
    وزادنا الله علما ...

    مودتي وتقديري

  8. #18
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    الاخت الرائعة الدكتورة نورية

    لازلت أقرأ على مكث

    وأنتظر نهاية البحث

    لافجر قنابلي وأعتراضاتي على هذه النظرية

    مررت لأسلم الآن فقط
    الإنسان : موقف

  9. #19
    الصورة الرمزية نورية العبيدي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Nov 2005
    الدولة : العراق
    المشاركات : 653
    المواضيع : 32
    الردود : 653
    المعدل اليومي : 0.10

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خليل حلاوجي
    الاخت الرائعة الدكتورة نورية

    لازلت أقرأ على مكث

    وأنتظر نهاية البحث

    لافجر قنابلي وأعتراضاتي على هذه النظرية

    مررت لأسلم الآن فقط


    وعليكم السلام نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    إذن ، سلامٌ، فكلامٌ ، فقنابل ! نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    ما عرفتك إرهابيا يا أستاذي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    سنتابع ان شاء الله، وأنت يا سيدي جهز القنابل على مهلك لان الموضوع سيطول، كنت ساختصره لولا أن الدكتور الفاضل السمان أعجبه الموضوع، فسأضيف من أجله ومن أجل من يُحب ومن يعترض أيضا ! نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  10. #20

صفحة 2 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. اختبار ..
    بواسطة محمد ذيب سليمان في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 22-11-2015, 12:38 AM
  2. اختبار‏d.n.a‏ لتحديد نسب جاموسة
    بواسطة محمود سلامة الهايشة في المنتدى عُلُومٌ وَتِّقْنِيَةٌ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 19-03-2012, 12:48 AM
  3. اختبار شخصي نفسي رائع ..تفضل جرب...!!
    بواسطة نورا القحطاني في المنتدى عُلُومٌ وَتِّقْنِيَةٌ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 01-04-2006, 09:55 AM
  4. اختبار..
    بواسطة بثينة محمود في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-03-2006, 07:30 AM