قراءات في مجموعة «أحلام البنت الحلوة» للدكتور حسين علي محمد
.................................................. ......................
«أحلام البنت الحلوة»
بقلم: محمد جبريل(1)
قرأت لحسين علي محمد محاولاته الأولى في أواسط الستينيات، كان يكتب في شعر العامية المصرية مع شفيق أحمد علي، وحجاج الباي، والسيد الجنيدي، وفنجري التايه، وماجد يوسف، وسمير الفيل، ومحمد العتر، وإبراهيم رضوان، وزكي عمر، ومحمد أبو شوارب .. وعشرات غيرهم. واصل البعض طريقه، بينما شغلت البعض هموم إبداعية وحياتية أخرى.
فاجأني حسين علي محمد في إحدى رسائله: لماذا تنشر الأقل من قصائدي .. هل لأني طالب في الإعدادية؟
والحقيقة إني لم أكن أعرف عنه أي شيء. كانت صلتي الوحيدة به ـ مثلما كانت وظلت مع الكثيرين ـ هي طابع البريد .. أنشر ما يستحق النشر بالفعل دون وساطة إلا من الفن الجميل، فضلاً عن وجوب إتاحة الفرصة للعدد الأكبر من المبدعين في مجالات الأدب المختلفة. وتصوّر حسين ـ لا أدري كيف ـ أني أرجئ نشر محاولاته لأنه طالب في الإعدادية، فهو صغير السن بعد، وليس لأن إبداعات الآخرين تنتظر هي أيضاً حقها في النشر.
وزارني حسين في اليوم الأول لدخوله آداب القاهرة، كان قد كتب شعر الفصحى بالإضافة إلى دراسات نقدية متباعدة. واكتشفتُ فيه ـ باستمرار الصداقة ـ طاقة إبداعية وبحثية تعنى بالمتابعة والتحليل والتعبير في العديد من مجالات الإبداع، وحصل في أثناء ذلك على درجتي الماجستير والدكتوراه، وحققت له إسهاماته مكانة متفوقة في حياتنا الثقافية.
الإبداع الروائي والقصصي هو مجال الكتابة الأدبية الوحيد الذي لم يكن قد مارسه حسين علي محمد. وهاهو ذا يُطالعنا بمجموعته القصصية «أحلام البنت الحلوة»، رُبما يُتبعُها بمجموعات تالية، وربما يُطالعنا فيما بعد برواية أو روايات، لنتعرّف في إبداعه على ما تميّز به جيل الرواد، وهو تنوع معطياته، مما يُعيد طرح قضية اطمئنان المبدع إلى الجنس الأدبي الأقرب إلى موهبته ونفسه، فيصبح الكوكب بين نجوم إبداعاته.
كتب صلاح عبد الصبور في الدراسة النقدية والترجمة والتراجم وغيرها، ولكن صورته تحددت في الشاعر، وتحددت صورة يوسف إدريس ـ مع تنوع معطياته ـ في كاتب القصة القصيرة .. والأمثلة كثيرة.
وإذا كان حسين علي محمد قد حقق الإجادة في تعدد كتاباته، فإني أجد تميزه في شعر الفصحى. إنه واحد من أجمل شعراء جيله.
ــــــــ
(1) محمد جبريل: من المحرر، صحيفة «المساء الأسبوعية»، في 10/7/1999م.