المقطع من مذكراتي الخاصة
حنين عمر/// يوميات امرأة تكتب ///
العالم تفاحة فاسدة!
والحب كائن أسطوري أعمى يسير تحت الشمس دون أن يعرف إلى أين تقوده الخطى التائهة.
أمشي في شوارع وطني...من أول ميدان "أودان " حتى ساحة أول ماي ...أنتبه أن كل الشوارع التي أمر بها مر بها الحزن قبلي واعتنى بوضع لافتة بإسم " شهيد " ما على أول حائط فيه...
هي إذن شوارعك يا جزائر...كلها دم وأحلام .
وأنا لا أريد ان اتذكر عدد شهدائك قبل اربعة وخمسين ولا عدد شهدائك في سنوات التسعينات لأن كمية الدماء التي تغطي كل شبر من هاته الطرقات تتعب طفولتي المتأخرة...
أحيانا يخيل لي أني مريضة نفسيا وأن لدي عقدة مخيفة من الكبر...تخيفني السنوات ويخيفني الزمن ويخيفني أن أجد نفسي فجأة مثل كل الكبار الذين اعرفهم..."عاجزة عن الحلم "
اليوم هو السابع من أيلول...و الساعة الرابعة إلا ربع
وقلبي...الذي كان يجب أن يكون محطما لحظتها لم يكن محطما لسبب بسيط جدا هو أنه مات بالسكتة الشعرية منذ أمد طويل ولم أجده في صدري حين ذهبت اليوم لعزائه بعد أن مات شخص عزيز جدا علي وعليه...
وجدت ورقة على باب بيته مكتوب عليها نعيه !
" رحمه الله وأسكنه فسيح جهنمه " لأن النار وحدها هي ما يحيل الاوراق إلى رماد ويريحه من عذاب القهر "
من رآها ؟
من رآى منكم فتاة تحمل حقيبة يد بيضاء بلا اهتمام ... تتأرجح في يدها قريبا جدا من الأرض دون ان تلامسها وكأنها حمامة سلام بينها وبين التراب المبلل برذاذ الخريف بكل كمية الاوراق الشعرية المتناثرة داخلها وبرنة الموبايل الحزينة التي تنبعث من عمقها كما تنبعث همسة من شفاه طفل يموت...وتلبس سروال جينز على الطريقة الأمريكية وقميصا ضيقا أزرق بمربعات صغيرة يشعرها برغبة في التخلي عن جسدها في أول حاوية تصادفها والمضي كطيف هواء الى حيث لا يوجد عبارات غزلية تتبعها كاللعنة في الشوارع...؟
من رآها...؟
تضفر شعرها وتضع أقراطا فضية وأساور ملونة كأنها تحاول أن تستعيد أمجاد العرب الخائبة في الرنين أو تحاول الاحتفاظ ببعض الفرح بين اصطدام اسوارتين...؟
من رآها ؟
تسير حزينة وشاردة...تراقب أحيانا وجوه المارة وأحيانا أخرى مواضع وطئ حذاء ابيض يشابه حذاء اليس الضائعة ولا فرق بينها وبين أليس سوى كون الاولى ضاعت في بلاد النوائب...
تلك "أنا"....وكان عليه أن يستوقفني للحظة ويقول لي ولو كذبا : " كل شيء على ما يرام".
18:45
9/7/05