هذه حقيقة (بنات الرياض)
رؤية ونقد لرواية (بنات الرياض)
كتبها / خالد بن عبدالعزيز الباتلي
محاضر بالجامعة الإسلامية
هذه حقيقة (بنات الرياض)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
فقد ضجت أوساط المجتمع في الآونة الأخيرة برواية صدرت عن الكاتبة رجاء عبدالله الصانع بعنوان "بنات الرياض"، وصارت حديث الناس في المجالس والمنتديات ووسائل الإعلام وغيرها.
وقد تيسر لي قراءة الكتاب كاملاً قراءة متأنية، ولا أخفيكم أني صعقت مما قرأت حتى صرت أراجع نفسي: ما هي الرياض التي تتحدث عنها الكاتبة؟ أهي الرياض التي أعرفها وعشت فيها قبل أن تولد الكاتبة؟ أم أن هناك مدينة أخرى بهذا الاسم في أمريكا أو أوروبا أو أستراليا؟
أيها الفضلاء.. اسمحوا لي أن أنقلكم إلى بستان أنيق، وروضة غناء، كأنها العروس في جمالها وحليها، توزعت بين أرجائها ملايين الأزهار التي تنوعت في أشكالها وألوانها الزاهية، وهي تضوع عبيرا كالمسك الفياح، وانتشرت في جوانب تلك الروضة أشجار خضراء مورقة جميلة، وقد اصطف على أغصانها طيور تصدح وتسبح، وبين تلك الأشجار تنساب جداول من المياه الرقراقة الصافية، وقد اكتست الأرض ببساط أخضر يشرح الصدر ويسر الخاطر.
وكل من دخل تلك الروضة لايملك إلا أن يسبح الله تعالى على جميل خلقه وبديع صنعه، ودخلها يوما رجل من الناس فتجول في أنحائها، ثم أراد أن يصفها للناس بمقالة ينشرها، فكتب عن زهرة متعفنة تفوح منها رائحة خبيثة رآها في زاوية من زوايا البستان، ثم تحدث عن ديدان وحشرات مقززة رآها تحت بعض الحشائش هناك، وهكذا استطرد في وصف منفر من تلك الروضة وما فيها، ولما نقم عليه الناس وتعجبوا من كلامه – وهم الذين يعرفون الروضة جيدا وما عليه من جمال وبهاء – قال لهم ذلك الرجل: أنا أتكلم عن الواقع، ولم أكتب إلا عن أشياء موجودة ورأيتها في البستان!.
أيها الإخوة.. هذا المثال ينطبق تماما على رواية (بنات الرياض) فما ذكرته الكاتبة عن حال صديقاتها كحال ما ذكره ذاك الرجل عن تلك الروضة، أمر لاينكر وجوده على الإطلاق لكن على نطاق ضيق جدا لايستحق الذكر، فضلا عن النشر، فضلا عن أن يقدم واقعا لبنات الرياض.
أيها الأحبة... سوف أكتب لكم رأيي في هذه الرواية الذي يشاركني فيه السواد الاعظم من أهل الرياض، وما كان لي أن أسود هذه الأوراق لولا انتشار الرواية وتلبيس بعض الكتاب بالثناء العجيب على هذا العمل الروائي غير المسبوق. وسوف أحرص في طرحي على الموضوعية والهدوء بعيداً عن التشنج أو الاندفاع، وسيكون ذلك على شكل وقفات متسلسلة حرصاً على ترتيب الأفكار وتناسق الكلام.
وقبل أن أشرع في المقصود أعتذر للقراء عما يرد في هذه الوقفات من كلام يمس العقيدة أو الأخلاق، أو كلام مجانب للحياء، لكن دفعني لذكر هذه الأمثلة ضرورة توثيق الكلام، ودفع تهمة الاندفاع العاطفي والحماس الزائد التي تكال جزافاً على أهل الخير.
الوقفة الأولى: فكرة الرواية.
تدور فكرة الرواية حول أربع صديقات من بنات الرياض اصطلحت الكاتبة على تسميتهن: قمرة ولميس وسديم ومشاعل (ميشيل).
تقول ص10: "آثرت تحريف القليل من الأحداث مع تغيير الكثير من الأسماء، حفاظاً على العيش والملح، بما لا يتعارض مع صدق الرواية ولا يخفف من لذع الحقيقة".
وتسرد الكاتبة ما حصل لهؤلاء الأربع بكلام تضمن مخالفات متنوعة وبلايا ورزايا، ثم تنشره باسم "بنات الرياض".
الوقفة الثانية: المخالفات العقدية.
نقلت الكاتبة ص 189 ما نصه: " متى أحبت المرأة، كان الحب عندها ديناً، وكان حبيبها موضع التقديس والعبادة".
وتقول ص276: " لا تعتقد ميشيل أنها ستتفق يوماً وقدرها على رجل مناسب لها، فبينها وبين القدر ثأر قديم... إن هي ارتضت رجلاً لنفسها أباه القدر، وإن هي كرهته، ألقى به القدر تحت قدميها".
وتقول ص69: " في يوم الفالنتاين أو عيد الحب، ارتدت ميشيل قميصاً أحمر وحملت حقيبة من اللون نفسه، وكذلك بالنسبة إلى شريحة كبيرة من الطالبات، فاصطبغ الحرم الجامعي باللون الأحمر، ثياباً وزهوراً ودمىً. كان العيد أيامها تقليعة جديدة استلطفها الشبان الذين صاروا يجولون في سياراتهم في الشوارع مستوقفين كل فتاة جميلة ليقدموا لها وردة حمراء ملفوفاً على ساقها "الرقم"، واستلطفتها الشابات اللواتي وجدن أخيراً من يهديهن وروداً حمراء كما في الأفلام". ثم تقول بعد ذلك: "يمنع الاحتفال بعيد الحب في بلادنا ولا يُمنع الاحتفال بعيد الأم أو الأب مع أن الحكم الشرعي واحد. مضطهد أنت أيها الحب في هذا البلد".
إلى جانب مخالفات أخرى في هذا الباب أشير إليها، ومنها:
1. الرجوع إلى الأبراج والترويج لكتبها، وهذا منثور في مواضع من الرواية. انظر مثلاً: ص143، ص137، ص64، ص225.
2. الاحتفال بعطلة رأس السنة. انظر مثلاً: ص63، ص105، ص209، ص318.
3. قراءة الكف والفنجان. انظر ص65.
4. الاحتفال بعيد الميلاد. انظر ص121.
الوقفة الثالثة: الهمز واللمز بالدين وأهله.
تقول ص54: " ذهلت ميشيل مرة عند سماعها إحدى الطالبات وراءهما تستغفر بحنق عندما سمعت بالصدفة وصف لميس للفستان الذي سترتديه الليلة في عرس ابنة عمتها".
وتصف الكاتبة فئة المستقيمين على الدين من الرجال فتقول ص82: "بالنسبة للرجل، تتلخص فئة المطاوعة في نوعين: الأول "صايع وتطوع"، والثاني "خاف أن يصيع فتطوع"، وكلا النوعين يخشى أن يصيع بعد الزواج، ولذلك فإنهم عادة ما يتزوجون أكثر من زوجة واحدة ويفضلون أن تكون زوجاتهم على الدرجة نفسها من الالتزام الديني أو أكثر".
وانظر ص60 التندر بالحجاب والمحافظة عليه.
وتقول ص 171 ـ بعد أن أشارت إلى أن قمرة تعرضت لحادث في لبنان ـ: "لكنها لم تجرِ عملية تجميل بعده كما عرض عليها الطبيب، لأنها تؤمن كما يؤمن الجميع بأن عمليات التجميل حرام".
الوقفة الرابعة: مخالفات شرعية متنوعة.
طفح الكتاب بمخالفات شرعية في مواضع كثيرة، وأذكر من ذلك على سبيل المثال:
1. السفر بلا محرم.
انظر مثلاً: سفر سديم إلى لندن بمفردها ص73.
2. نزع الحجاب.
وذلك في مواضع من الرواية، ومنها على سبيل المثال: تقول ص73: "قبل هبوط الطائرة في مطار هيثرو، توجهت سديم نحو حمام الطائرة وقامت بنَزع عباءتها وغطاء شعرها لتكشف عن جسم متناسق يلفه الجينـز والتي شيرت الضيقان، ووجه بريء التقاطيع تزينه حمرة الخدود الخفيفة "البلاشر" وقليل من الماسكارا ومسحة من ملمع "لب قلوس" للشفاه".
3. تربية الكلاب.
تقول في وصف أحد اللقاءات بين فيصل وميشيل "مشاعل" ص105: "أمسك فيصل بكلب ميشيل المدلل "باودر" يداعبه، وهو كلب أبيض صغير من فصيلة البودل".
4. التبني.
تقول ص 107 على لسان ميشيل وهي تخاطب عشيقها فيصل: "عدنا بعد ذلك بثلاث سنوات إلى الرياض ومعنا مشعل. هل تصدق أنني أنا التي اخترت ميشو من بين مئات الأطفال حتى يكون أخاً لي؟ لقد شعرت حينها بأنني أصنع القدر".
5. سماع الأغاني.
وهذا في مواضع كثيرة جداً من الرواية.
الوقفة الخامسة: قلة الحياء وبذاءة الألفاظ.
تقول الكاتبة عن نفسها ص158: " أنا كأي فتاة في سني، بل كأي إنسان في أي مكان ! فرقي الوحيد عنهم أنني لا أتوارى ولا أحب السكوت ولا أستحي مما أنا عليه".
وتقول ص 159: "أعجبت لميس بعلي لطوله قبل كل شيء ! كان معظم الشباب الذين تلتقيهم أقصر منها أو في مثل طولها الذي يبلغ مئة وستة وسبعين سنتيمتراً. كان طول علي لا يقل عن مائة وتسعين سنتيمتراً، وكانت سمرته الجذابة المشربة بحمرة وحاجباه الكثان، تضفي عليه سحراً ورجولة طاغية".
وتقول ص 166: " كان الهاتف هو المتنفس الوحيد تقريباً للحب الذي جمع سديم بفراس، مثل كثير من الأحباء في بلدهما. لذلك أسلاك الهاتف في هذه البلاد كانت قد اتسعت أكثر من غيرها في البلدان الأخرى لتتحمل كل ما يسري فيها من قصص العشاق وتنهداتهم وتأوهاتهم وقبلاتهم التي لا يمكنهم "أو هم لا يريدون، نظراً للتعاليم الدينية والتقاليد الاجتماعية" استراقها على أرض الواقع".
وذكرت حواراً بين سديم وامرأة أخرى تذكر فيه سديم علاقتها القوية مع عشيقها فراس، وكان مما قالته لها ص 191: "تخيلي أنه مرة من المرات راح بنفسه للصيدلية الساعة أربعة الفجر عشان يجيب لي "أولويز" لأن سواقي كان نايم".
وتتابع الوصف ص193: " أتخيل نفسي وأنا أستقبله كل يوم في بيتنا بعد الزواج وهو راجع من الدوام تعبان. أجلّسه هو على الكنب وأجلس أنا على الأرض قدامه. أتخيل نفسي أغسل رجوله بموية دافية وأبوسهم وامسح بهم على وجهي".
وتقول ص256: "كانت سديم ترقص في مكانها مغمضة عينيها وهي تطقطق بإصبعيها الإبهام والوسطى مع أنغام الأغنية، مع هزة من كتفيها بين الحين والآخر، بينما تحرك قمرة ذراعيها وساقيها باستمرار دون توافق مع اللحن، وعيناها شاخصتان إلى الأعلى. أما لميس فتهز وسطها وردفيها وكأنها ترقص رقصاً مصرياً وتردد مع الطقاقة كلمات الأغنية".
وتنقل ص267 حواراً بين سديم وقمرة دار في زواج صديقتهما لميس بنِزار تقول فيه سديم: "وهذا نزار ما غير يبوس راس لميس كل شوي ويدينها وخدودها وما خلا شي".
وكانت الكاتبة قد وصفت عرس قمرة على راشد فقالت ص19: "انصرف الرجال بعد دقائق قليلة، توجه بعدها العروسان نحو قاعة الطعام لقطع قالب الحلوى، تتبعهما المقربات من الحاضرات. هناك هتفت صديقات العروس بحماس: "عاوزين بوسة" فابتسمت أم راشد واحمر وجه أم قمرة، أما راشد فحدّجهن بنظرة أسكتتهن في لحظة. لعنتهن قمرة في سرها لإحراجها أمامه بهذا الأسلوب، ولعنته أكثر لإحراجه إياها أمام صديقاتها بعدم تقبيلها".
وتقول ص20 في وصف الأيام الأولى من زواج قمرة: "قمرة على طرف السرير، في غرفتها بفندق جورجونيه في فينيسيا. تمسح فخذيها وقدميها بمزيج مبيض من الجليسرين والليمون أعدته لها والدتها، وقاعدتها الذهبية تملأ ذهنها: "لا تصيري سهلة..." التمنع هو السر لإثارة شهوة الرجل. لم تسلم أختها الكبرى نفلة نفسها لزوجها إلا في الليلة الرابعة، ومثلها أختها حصة، وها هي ذي قمرة تحطم الرقم القياسي ببلوغها الليلة السابعة بعد زواجها دون أن يمسها راشد حتى الآن، مع أنها كانت على استعداد للتخلي عن نظريات والدتها بعد أول ليلة معه، عندما نزعت ثوب زفافها وارتدت قميص نومها السكري".
وتقول ص 26 في وصف إحدى السهرات لتلك الصديقات التي سحبت عليهن بنات الرياض: " وُزعت الشيش الجديدة في الخيمة لأن شيش الأب تنتقل معه حيثما يسافر. أعدت الخادمة الفحم وأخذت الأغاني تصدح وبدأ الجميع بالرقص والتعسيل ولعب الورق، حتى قمرة جربت المعسل هذه المرة بعد أن أقنعتها سديم بأن "الواحدة ما تتزوج كل يوم" وأعجبها معسل العنب أكثر من غيره". وأعتذر عن إكمال بقية الكلام.
وتقول ص 31 في وصف ما يدور بين شباب وبنات الرياض – في نظرها -: "اشترى فيصل كوبين من القهوة المثلجة له ولها وجال بها في سيارته الفخمة في شوارع الرياض". ثم تقول: "بعد ساعتين أو أكثر بقليل أعاد فيصل ميشيل إلى منزل أم نوير بعد أن أدار لها رأسها أكثر مما توقعت بكثير".
وتنقل الكاتبة قصيدة من قصائد نزار قباني ص32 جاء فيها:
" نلف نساءنا بالقطن .. ندفنهن في الرمل .. ونملكهن كالسجاد.. كالأبقار في الحقل.. ونرجع آخر الليل.. نمارس حقنا الزوجي كالثيران والخيل.. نمارسه خلال دقائق خمس.. بلا شوق، ولا ذوق ولا ميل".
وتصف الكاتبة إحدى اللقاءات بين وليد وسديم فتقول ص39: "كان يدعوها مرة كل أسبوعين على العشاء في مطعم فخم، أما في باقي الأماسي فقد كان يجلب معه طعاماً أو حلويات تحبها. كانا يقضيان الوقت في الحديث والضحك أو في مشاهدة فيلم استعاره من أصدقائه أو استعارته هي من صديقاتها، ثم بدأت الأمور تتطور، حتى ذاقت طعم القبلة الأولى. كان معتاداً على تقبيل وجنتيها كلما قدم لزيارتها أو أراد توديعها، إلا أن وداعه لها تلك الليلة كان أشد سخونة من ذي قبل. ربما كان للفيلم الذي شاهداه معاً دور في خلق الجو المناسب حتى يطبع على شفتيها العذراوين قبلة طويلة".
وتصف لقاءً آخر بينهما تم في بيت سديم فتقول ص40: " ارتدت في تلك الليلة قميص النوم الأسود الشفاف الذي اشتراه لها ورفضت أن ترتديه أمامه يومها، ودعته للسهر في بيتها من دون علم والدها الذي كان يقضي الليلة مخيماً في البر مع أصدقائه. الورد الأحمر الذي نثرته على الأريكة، والشموع المنتشرة هنا وهناك، والموسيقى الخافتة التي تنبعث من جهاز التسجيل المخفي، كلها أمور لم تثر انتباه وليد كما أثاره القميص الأسود الذي يكشف من جسمها أكثر مما يخفي. وبما أن سديم كانت قد نذرت نفسها تلك الليلة لاسترضاء حبيبها وليد فقد سمحت له بالتمادي معها حتى تزيل ما في قلبه من ضيق تجاه تأجيلها لزفافهما. لم تحاول صده كما اعتادت أن تفعل من قبل إذا ما حاول تجاوز الخطوط الحمراء التي كانت قد حددتها لنفسها وله في بداية أيامهما بعد عقد القران. كانت قد وضعت في ذهنها أنها لن تنال رضاه الكامل حتى تعرض عليه المزيد من "أنوثتها" ، ولا مانع من ذلك في سبيل إرضاء وليد الحبيب".
وتصف الحال بينهما بعد أن قرر وليد الانفصال عنها، فتقول ص42: " هل اعتقد وليد أنها فتاة "مجربة" !!؟؟ هل كان يفضل أن تصده ؟؟ هي لم تفعل أكثر من التجاوب معه بالطريقة التي تراها على شاشة التلفاز أو تسمعها من صديقاتها المتزوجات أو المجربات، وقام هو بالبقية".
وذكرت الكاتبة مثالاً للخلافات بين قمرة وزوجها راشد فتقول ص91: "فحينما أراد تركيب جهاز استقبال للقنوات التلفزيونية، اختار الباقة التي تضم قنواته المفضلة، مع أنها لا تضم قناة "إتش بي" أو التي تعرض مسلسلها المفضل "سكس آند ذا سيتي"، المسلسل الذي يتحدث عن العلاقة بين الرجال والنساء، وتتابعه قمرة بشغف"
فهذه الأمثلة وغيرها مما تركت؛ أقدمها لمن يبجل الرواية، ويقول: ما قالت شي غلط، ما قالت إلا الواقع!!.
وأقول: ماهو الغلط إذن بعد هذا كله؟!.
* إضاءة:
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت" رواه البخاري.
الوقفة السادسة: لَمْزُ جهات الدولة الحكومية.
تقول الكاتبة الشابة منتقدة صمام الأمان بإذن الله في مجتمعنا "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" ص160: "خلال أحد لقاءات لميس بعلي في أحد المقاهي في شارع الثلاثين، انقضت عليهما جوقة من رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر محاطين بأفراد من الشرطة واقتادوهما بسرعة إلى سيارتين منفصلتين من نوع الجمس "الجي أم سي" توجهتا بهما نحو أقرب مركز للهيئة. هناك تم أخذ كل من لميس وعلي في غرفة على حده، وبدأ التحقيق معهما. لم تستطع لميس تحمل الأسئلة الجارحة التي وُجهت إليها، راحوا يسألونها عن تفاصيل علاقتها بعلي بفظاظة، ويسمعونها كلمات تخجل من التلفظ بها أمام أقرب صديقاتها، فانهارت باكية بعد أن جاهدت ساعات لتبدو واثقة من نفسها ومقتنعة بفعلها الذي لا تعتقد أن فيه ما يشين. وفي الغرفة المجاورة كان المحقق يضغط على علي الذي فقد أعصابه أمام ادعاءات الرجل بأن لميس قد اعترفت بكل شيء وأن لا مجال أمامه للإنكار".
ثم تقول ص 161: " شعرت لميس بالشفقة على علي بعد أن سمعت الشرطي يهمس في أذن والدها في مبنى الهيئة أنهم اكتشفوا أن الفتى الذي كان معها من الرافضة، وأن عقابه سوف يكون أقسى بكثير من عقابها هي. لأول مرة تجد في الرياض اضطهاداً لفئة من المواطنين أكثر من اضطهادهم لأهل الحجاز".
وتتندر الكاتبة من جهود المسؤولين في الجامعات في حماية بناتنا مما يسمى بعيد الحب، فتقول ص 71: " في السنوات التي تلت كان التفتيش يتم على الملابس قبل أن تنزع الطالبة عباءتها عند البوابة، حتى يتسنى للمفتشات إعادتها مع سائقها إلى منزلها بمجرد العثور على أية دليل للجريمة الحمراء في حوزتها، حتى وإن كان الأحمر، ربطة للشعر".
وتقول ص 97: " سمعت أن مدينة الملك عبد العزيز تسعى لحجب مواقع البريد الإلكتروني التي أبعث رسائلي الأسبوعية من خلالها، من باب سد الذرائع ودرء المفاسد".
الوقفة السابعة: إفساد الفتاة.
دأبت الكاتبة على تشويه صورة بنات الرياض وأنه لا هم لهن سوى البحث عن الشباب وإقامة العلاقة معهم، وما يتبع ذلك من تهوين الخلوة والاتصالات بين الجنسين، وهذا مبثوث في الكتاب وكثير جداً.
تقول ص31: " فمثلاً عندما أرادت ميشيل أن تلتقي بحبيبها فيصل، التقت به في بيت أم نوير، ثم عرضت عليه الخروج لتناول القهوة أو الآيس كريم في أي مكان. كانت تلك هي المرة الأولى التي تلتقي فيها ميشيل فيصل بعد أن قام بـ "ترقيمها" في السوق. لم ترد ميشيل أن تخبره بخطتها مسبقاً حتى لا يتمكن من الاستعداد للموعد وحتى تتمكن من رؤيته على طبيعته. عندما خرجت لتركب معه في سيارته صدمت بأنه أكثر وسامة بكثير بالبنطال الجينز والتي شيرت واللحية غير المهذبة مما بدا عليه في السوق وهو يرتدي الثوب الأنيق والشماغ الفالنتيونو. لاحظت أن لباسه هذا يبرز عضلات صدره وساعديه بشكل جذاب جداً. اشترى فيصل كوبين من القهوة المثلجة له ولها وجال بها في سيارته الفخمة في شوارع الرياض".
وانظر ص 238، ص224 في العلاقة بين لميس ونزار.
ص251 في العلاقة بين ميشيل مع حمدان.
ص124، ص258-262 في العلاقة بين سديم مع فراس.
ص313 في العلاقة بين سديم مع طارق.
وتقول ص24 في وصف إحدى الوقائع لتلك البنات في مدينة الرياض: "عند مدخل السوق، نزلت الفتيات تتبعن مجموعة لا يستهان بها من الشباب، الذين وقفوا حائرين أمام رجل الأمن "السيكيورتي" الذي لا يسمح بدخول العزاب إلى السوق بعد صلاة العشاء. انصرف المستضعفون ولم يبق سوى شاب واحد، تجرأ وتقدم نحو ميشيل التي بدا واضحاً له ولغيره من المطاردين منذ البداية – لجمال وجهها ونعومة تقاطيعه التي عجزت عن إخفائها – أنها ولميس فتاتان جريئتان تبحثان عن المغامرة، وطلب منها أن تسمح له بالدخول معهن كفرد من العائلة مقابل ألف ريال. ذهلت ميشيل لجرأته إلا أنها وافقت سريعاً، وسارت وبقية صديقاتها إلى جانبه وكأنه فرد من المجموعة. داخل السوق، تفرقت الفتيات إلى مجموعتين، مجموعة البنات تترأسهن سديم، ومجموعة الشبان المكونة من لميس وميشيل وإلى جانبهما ذلك الشاب الوسيم." ثم تتابع فتقول: "ضحك الشاب الوسيم معهما ودعاهما إلى العشاء في مطعم فاخر خارج السوق إلا أن ميشيل رفضت الدعوة. أعطاها ورقتين من فئة الخمسمائة بعد أن خط رقم هاتفه الجوال على إحداهما. واسمه الكامل على الأخرى"
وتقول ص103: " وجدت ميشيل في فيصل كل ما كانت تبحث عنه في الرجل، فقد كان يختلف عن بقية الشباب الذين تعرفت عليهم منذ استقرارها في السعودية، وأكبر دليل على ذلك استمرار العلاقة بينهما لما يقارب العام، مع أن أطول علاقاتها السابقة لم تدم أكثر من ثلاثة أشهر. كان فيصل شاباً متحضراً، يعرف تماماً كيف يتعامل مع المرأة ولا يستغل الفرص كما يفعل الآخرون، كان لديه العديد من الصديقات كما كان لدى ميشيل العديد من الأصدقاء".
وتربي الفتيات على التمرد على الحشمة والحياء فتقول ص131: "ظلت ميشيل بانتظار قبولها في إحدى الجامعات هناك حتى تحزم أمتعتها وترحل عن هذا البلد الذي يسوس أفراده كما البهائم ـ كما تكرر لنفسها ـ. لن ترضى لنفسها أن يملي أحد عليها ما يجب أن تفعله وما لا يجب ! إذاً فما فائدة الحياة ؟! إنها حياتها وحدها وستحرص على أن تعيشها بالطريقة التي تحلوا لها... لها فقط".
وفي ص134-138 سردت حواراً طويلاً بين سديم وعشيقها فراس وقد تضمن من قلة الأدب وخلع جلباب الحياء ما أستحي من نقله هنا.