مقدمة
قال الشافعي ( حكمي في أهل الكلام ان يضربوا بالجريد والنعال ، ويطاف بهم في القبائل ويقال هذا جزاء من ترك كتاب الله وسنة نبيه واشتغل بعلم الكلام )
ونجزم ان الشافعي يقصد أولئك الذين اتخذوا علم الكلام ذريعة لنفي صفات الرب أو الاعتقاد الفاسد فيه سبحانه .
وإلا فهو اكثر من أشغل عقله في مواضع الاجتهاد .
بسم الله ....
الاسلام / العقل / الفلسفة / المعتزلة / علم الكلام / أشياء أخرى ....
كانت هذه بعض المحاور التي عرضت في نقاشنا او حوارنا مع الاخوة في موضوع قريب .
وقد كنت طلبت أن نحدد نقطة محددة للنقاش .
وسأبدأ من أهم القضايا هنا وقد ألمحت لها قبلا وهي تقديم العقل على النقل !
وهي أول قضية فكرية يجب طرقها ، لأنها أساس الأسس .
لقد كان الاسلام ذا منهجية واضحة في تحكيم العقل وتشجيعة ليكمل رحلة الاكتشاف ، ويقيم سلطان الحجة ويؤيدها ..أعطاه قدره بلا زيادة ولا نقصان .
ففتح له أبواب الاجتهاد وأمره بالتفكر في خلق السموات والارض ، والبحث في أدلة الوجود ، وسبر أغوار الكون ..دون ان يعطيه مطلق الحكم الغير مقيد بالنص في مسائل النص .
ولذلك تقرر من قواعد الأصول المتفق عليها : لاعقل مع النص .
والمقصود بالنص : ما دل على شيء واحد محدد بعينه .
إن المعتزلة انطلقوا من نقطة خطيرة وهي أن القرآن حروفه من الله ومعانيه لايعلمها غيره ، ومن هنا نشات الطريقة الكلامية العقلية والباطنية في تفسير النصوص ، وهذا ما وجدته في كلام إحدى اخواتنا حين قالت او نقلت عن آية النملة انها ربما تكون بلقيس !
ولاشك أن القرآن نزل بلغة العرب على ما يفهمونه فعظمت الحجة حينئذ عليهم دون غيرهم ، فكيف نميل بالنصوص لمعانٍ بعيدة من اجتهاداتنا ولم يدل على ذلك التاول دليل أو قرينة .
سيكون حيمئذ كلام الرب تعالى طلاسم لاتفهم !!
كما كان المعتزلة يقولون ايضا عن آيات الصفات إنها على غير ظاهرها ، وانه ليس لله يد على الحقيقة ، وإنما هي ألفاظ لها معانٍ لانعلمها !!
أعود فأقول :
لقد بهر الكثيرون بشخصيات إسلامية ونسبوها للفلسفة فقالوا الفيلسوف فلان .
مع انه هذا اللقب لاينبغي إعطاؤه إلا لمن قدّم للعالم نظرية فلسفية صحيحة .في حين ان أؤلئك لاينطبق عليهم ذلك ، وإنما ينطبق عليهم انهم متفلسفة ، خائضين في الفلسفة فقط .
إن قضية تقديم العقل على النقل كانت من اهم طرق الفلاسفة ومن تبعهم من المسلمين امثال المعتزلة المعطلة والذين استخدموا هذه القاعة لنفي صفات الرب سبحانه وتعالى احتجاجا بالعقل الفاسد .
وهنا لابد من تعجب واستغراب وسؤال :
هل يمكن ان يعارض النص الشرعي الصريح الصحيح العقل الصحيح ؟!
لقد قرر ابن تيمية من بضعة وستين وجها ان هذا التعارض غير موجود أصلا !
وقرر ذلك غيره أيضا .
فإنه إن كان النقل صحيحا صريحا لايمكن ان يصادم العقل الصحيح .
لكن المشكلة ان نعارض النقل بعقل فاسد !
او ان نعارض العقل بنقل ضعيف او موضوع او غير صريح .
ومن هنا كان الرد الول على من يقدم العقل على النقل فنقول له :
لايمكن ان يتعارضان أصلا حال كونهما بهذا الوصف .
وهو محور نقاشنا
آمل ممن يرى تقديم العقل على النقل كالأخ جوتيار أن يبدي نقاشه حول هذه النقطة المهمة
وكذلك باقي الاخوة ..مع المحافظة على قدر من الانضباط في نقطة النقاش .
دام الجميع بخير .