جُـنُوْحُ الـمَسَار
شعر\ عيسى جرابا
4\4\1427هـ
فَرَضَتْ عَلَيْنَا الـحَالِكَاتُ حِصَارَهَا
وَذَرَتْ عَلَيْنَا السَّافِيَاتُ غُبَارَهَا
لَعِبَ الـهَوَى بِالغَافِيَاتِ مِنَ النُّهَى
فَسَرَتْ تُرِيْقُ عَلَى يَدَيْهِ قَرَارَهَا
شَعَّتْ تَقَاسِيْمُ الطَّرِيْقِ وَلَمْ تَزَلْ
فِيْهَا الـخُطَى تَهَبُ الـجُنُوْحَ مَسَارَهَا
اللَّيْلُ كَالأَعْمَى يَقُوْدُ وَرَاءَهُ
عُمْياً تُجَادِلُ فِي الضِّيَاءِ نَهَارَهَا!
عَتَبِي عَلَى أَهْلِ الرَّجَاحَةِ سَوَّغَتْ
بَيْنَ الوَرَى عَثَرَاتُهُمْ أَعْذَارَهَا!
وَحَمَائِمُ العُتْبَى تَـنُوْحُ أَسَىً وَقَدْ
أَعْطَوْا مَقَالِيْدَ الأُمُوْرِ صِغَارَهَا!
مَا لِلحَقِيْقَةِ غَيْرُ وَجْهٍ وَاحِدٍ
ضَلَّتْ إِذَا ضَرَبَتْ عَلَيْهِ خِمَارَهَا
الشَّمْسُ سَاطِعَةٌ وَكَمْ مِنْ أَرْمَدٍ
يَشْتَاقُهَا نُوْراً فَيَصْلَى نَارَهَا!
فَاحَتْ خَبِيْثَاتُ الرَّوَائِحِ أَزْكَمَتْ
فِيْنَا الأُنُوْفَ وَمَنْ يَعِيْ أَخْطَارَهَا؟
الـمَوْجُ عَاتٍ كَالـجِبَالِ وَفَوْقَهُ
سُفُنٌ حَيَارَى لَمْ تَجِدْ بَحَّارَهَا
صَرَخَتْ كَثَكْلَى أَحْرُفِي وَاسْتَعْبَرَتْ
أَسَفاً وَشَقَّتْ حُرْقَةً أَطْمَارَهَا!
زَمَنٌ عَلَى جُثَثِ الـمَشَاعِرِ يَرْتَقِيْ
وَبِهِ الـمَبَادِئُ شَيَّعَتْ أَنْصَارَهَا
وَالصَّمْتُ فِي فَمِنَا بَنَى أَعْشَاشَهُ
وَالنَّرْجِسِيَّةُ أَيْقَظَتْ أَسْوَارَهَا
لُجَجٌ عَلَى لُجَجٍ تَزِيْغُ لِهَوْلِهَا
أَحْلامُنَا أَتُرَى نَخُوْضُ غِمَارَهَا؟
أَنَّى اتَّجَهْتَ فَكُلُّ شَيْءٍ غَامِضٌ
تَقِفُ الـحَيَاةُ إِذَا ارْتَدَتْ أَسْرَارَهَا!
الوَهْمُ أَوْرَقَ وَالصَّفَاقَـةُ أَيْنَعَتْ
مَنْ يَسْتَطِيْبُ ظِلالَهُ وَثِمَارَهَا؟
وَمَنَاهِجُ التَّغْرِيْبِ لَيْسَ لَهَا سَنَاً
إِنْ لَمْ تُوَشِّحْ بِالـهُدَى أَفْكَارَهَا
هِيَ لُعْبَةٌ...! كَلاَّ وَلَكِنْ خَيْبَةٌ
رَكِبَتْ فَوَارِسُهَا الأُبَاةُ حِمَارَهَا!
يَا أَحْرُفِي الثَّكْلَى فَدَيْتُكِ أَحْرُفاً
تَخِذَتْ مِنَ الـحَقِّ الـمُبِيْنِ شِعَارَهَا
كُوْنِي سِهَاماً تُمْطِرُ البَاغِي لَظَىً
وَصَوَاعِقاً هَابَ الدُّجَى أَنْوَارَهَا
هَذِيْ قَوَافِلُنَا تَسِيْرُ وَلِلخُطَى
وَقْعٌ يُمَوْسِقُ فِي الوَرَى إِصْرَارَهَا
غَصَّتْ بِمُخْتَلَفِ الصِّعَابِ طَرِيْقُهَا
فَمَضَتْ تَدُكُّ طِوَالَهَا وَقِصَارَهَا
وَالطَّامِحُوْنَ نُفُوْسُهُمْ وَثَّابَةٌ
كَالصَّافِنَاتِ إِذَا رَأَتْ مِضْمَارَهَا
وَالـحُرُّ يَأْنَفُ أَنْ يَكُوْنَ لِجَوْقَةٍ
طَبْلاً أَصَمَّ وَلِلدُّمَى سِمْسَارَهَا
كَمْ أَصْغَتِ الأَرْضُ الوَلُوْدُ! وَكَمْ وَعَتْ!
وَغَداً تُحَدِّثُ جَهْرَةً أَخْبَارَهَا!