ما في حدا .... لا تندهي......
ما في حدا, لا تندهي, ما في حدا....
ويسافر الصوت بعيدا, يحلق في المدى الشاسع, يتغلغل في الغيم الخمري, ينفلش في أوراق الشجر
, يكرج دمعة في الأحداق, يشرد كالطيف في الفضاء, ينسرب في مسامات الروح....
فيروز... احرقي الصوت بخورا في مدن الحزن الساكنة غي الأعماق....
فيروز... ما في حدا كانوا... لكنهم رحلوا... لم يغيبهم زمان أو مكان... هراء هي المسافات, ضلال هو الزمان...
لم تخطفهم غيمة أو نهر, لم تسرقهم بلاد أو جلاد... ما وضعوا الأحلام والأشواق في حقيبة وقالوا: نلتقي.. لم يشرقوا بالدمع... كل ما كان أن النسيان أكل ذاكرتهم, استباح دمها, شربها حتى الثمالة, فنسوا وجه الأحبة, أحلامهم, أصواتهم المسكونة بالتعب.. أرصفة طالما غنوا لها ومعها...
لا تندهي... لن يسمعوا الصوت, ما عاد الحنين يأكل خطواتهم, ما عادت عيونهم ترشح بالأسئلة الصعبة, غيبتهم مدن الضباب والإسمنت والتيه, قلوبهم هشة, تخشى ان ترفع إصبعا في وجه القبيلة... طأطئوا والرؤوس , ولتدوسكم قبائل الخراب,....
فيروز غني... للميتين غني, للعيون الزجاجية غني, لقبائل النمل غني... للأحبة الخائنين غني, أتراهم يسمعون اللحن... سيذبحونه إن سمعوه, ما عادوا يفرقون بين أغنية ورصاصة, غني لي وحدي يا فيروز...
لعيوني التي بت أخاف أن يرقأ الدمع فيها, لهذا الحزن المتمرد الذي يأبى الخضوع , لهذا التعب المشغول من أهداب الفقراء وأحلامهم المسروقة.
ما في حدا... كانوا خنجرا في خاصرتي وكنت أحبهم, كانوا سياجا من حرقة وشوك في عيوني وكنت أعشقهم,
كانوا ضجيجا في أعماقي, يشتتني ويعيد صياغتي في كل لحظة.. وكنت أعبدهم.
كانوا منارة عشق , وجوع أبدي لعذابات تتجدد, وأسطورةخرافية لصعاليك أنبتهم القهر والحنين لدوامات تخلع شهوة الإبحار في عوالم بلورية من عيونهم لتلقيها في قلوبهم...
كانوا....
أيها الجرح خذ مداك, وتمادى في الصهيل, وأنقش وردة الحزن على تفاحة القلب وارتحل مع الاغنيات...
فيروز غني.....