أن نفهم لماذا يثني السياح على البلدة .. ولما تحظى بحبهم ..
يحتاج ذلك إلى كشف سر جمال البلدة..إنهم يحبونها ..
يحبون التجار المعلبين داخل دكاكينها الضيقة ضيق أفق أحلامها..
يحبون دروبها العتيقة ..لون تلك الدروب مضيء.. ولا ضوء يقودك في ظلمة الدروب الحديثة البناء..
حافظت على ماضيها كما يحافظ البالغ على ألذ مرحلة من عمره ..
وكالزيت الذي يطرد الماء، يطردأهلها كل جديد.. فيظل بريق القديم يسبح في كل اتجاه..
وتظل كل محاولة لتغيير البلدة موضع رجم..كل تغيير يهدد اطمئنان أهل البلدة يرجم ..
ظلت كما تظل القردة داخل أقفاصها..
ظلت البلدة موضع اعجاب السياح الذين تلقي بهم العملة الصعبة إلى دروب البلدة وفنادقها..
ظلت دكاكينها لاتسع غير جسد صاحبها.. كانت تخشى أن يتسع المكان لغير ذلك الجسد..
وكان الجسد ينمو داخل الدكان كما الضيق داخل النفس..
وفي أغلب هذه الدكاكين تجد أجساد أصحابها مستلقية فوق السلع ينبعث الشخير في فضائها كأنه موسيقى لجلب الزبائن..
والجسد من فرط الاستلقاء يصبح سمينا فيستحيل أن يقف لتلبية رغبات الزبائن..
لذلك غالبا ما كان صاحبه يضع إلى جانبه عصا طويلة يحد طولها الدكان الذي لم يكن يتجاوز امتداده امتداد الجسم المستلقي به..
وكالفقيه الذي يرسل معرفته بالضرب على رأس أطفال "الكتاب" يرسل صاحب الدكان السلعة المطلوبة إلى الزبون معلقة في عصاه..
هكذا كان التبادل التجاري يتم بدروب البلدة الأثيرة للسياح.
ملاحظة: إنها فقرة من عمل أكتبه ليس رواية، وليس سيرة ذاتية، ولا سيرة مدينة، بل هو يجمع هذه الأنواع وإذا كان في الامكان تسميته بالمقامة لكان مقامة من مقامات ما بعد بديع الزمان الهمذاني.