أحدث المشاركات

قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» بكاء على الاطلال» بقلم أحمد بن محمد عطية » آخر مشاركة: أحمد بن محمد عطية »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»»

النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: قراءة في مسرحية «الغائب والبركان» لمحمد سعد بيومي

  1. #1
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Mar 2005
    المشاركات : 1,000
    المواضيع : 165
    الردود : 1000
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي قراءة في مسرحية «الغائب والبركان» لمحمد سعد بيومي

    قراءة في مسرحية «الغائب والبركان» لمحمد سعد بيومي

    تقنيات العمل المسرحي في مسرحية "الغائب والبركان"
    للشاعر الكبير محمد سعد بيومي

    بقلم: أ.د. خليل أبو ذياب
    ..................................

    شاعرنا الكبير الأستاذ محمد سعد بيومي ، مؤلف هذه المسرحية هو أحد الشعراء المعاصرين الذين أخذوا يثرون الساحة الأدبية بإبداعهم المتميز في مختلف مجالات الأدب : الشعر والقصة القصيرة والرواية والمسرحية النثرية والشعرية .. ولشاعرنا الكبير قدم راسخة وباع طويل في هذا الإبداع حيث وضع عددا من هذه الإبداعات الشعرية ما بين مجموعات شعرية ـ دواوين ـ وبين مسرحيات شعرية كانت باكورتها مسرحية " وينتصر الموت " الفائزة بجائزة أفضل نص مسرحي متميز لعام 2005 ، كما وضع مسرحية أخرى بعنوان " بلقيس " ، ووضع بعض الدواوين منها " رحلة آدم " ، ومنها أيضا بالاشتراك مع آخرين " حوار الأبعاد " ، و " نصغي ويقول الموج " وغير ذلك من الإبداعات الشعرية والنثرية التي تؤكد عبقريته ، وتجسد اقتداره الفذ على الإبداع ..
    وقد جاءت مسرحية " الغائب والبركان " لتجسد مهارة هذا الشاعر وإبداعه في بناء المسرحية الشعرية خاصة لما وفر لها من تقنيات وجماليات دفعتنا إلى أن نقوم بهذه الرحلة العجلى في جنباتها نتحسس أطرافا من تلك الجماليات والتقنيات ..
    وأول ما يتبادر إلى الذهن ونودّ التنبيه عليه في هذه المسرحية أنها تعالج قضية اجتماعية لها وجودها وأهميتها وتأثيرها البالغ في المجتمع الريفي المصري إلى يوم الناس هذا وهي قضية الثأر التي لم تفلح موجات التطور الاجتماعي الهائل التي اجتاحت هذا المجتمع في زعزعتها أو زحزحتها لتحتل مكانا متخلفا في مسيرة هذا المجتمع برغم كل المحاولات الإصلاحية والسياسية والتطورات الاجتماعية التي كرست لتحقيق هذا الهدف أو تلك الغاية فظلت هذه الغاية أو القضية تشغل بال المجتمع الريفي المصري ، وتتحكم في مسيرته الخلقية والاجتماعية والفكرية على السواء ، وعلى كافة مستوياته ، مما جعلها من أهم ، بل أهم القضايا الاجتماعية التي تشغل بال المصلحين الاجتماعيين ، وسائر المفكرين ، كما صارت هذه القضية من أهم الموضوعات التي عُني بها الأدباء والمبدعون ، وأنتجوا فيها كثيرا جدا من الأعمال الأدبية والفنية من أفلام وتمثيليات وروايات وأقاصيص ومسرحيات شعرية ونثرية .. وعلى الرغم من خفوت صوت حدة هذه الظاهرة الاجتماعية في هذه المرحلة قياسا إلى ما كانت عليه في المرحلة السابقة خاصة وغيرها من المراحل عامة بطبيعة الحال فإنها ما تزال تحرك المياه الراكدة ، وتلقي فيها بين الحين والآخر بعض الحجارة التي تثيرها وتنشر فيها الاضطراب ، وتعيدها جذعة بعد ما كادت تختفي وتنسحب من على خشبة المسرح الاجتماعي .. وهكذا ما تزال هذه القضية الاجتماعية البالغة التأثير تحرك التيار الاجتماعي ، وتشغل كافة مؤسسات الدولة والمجتمع السياسية والاجتماعية والثقافية والفكرية والدينية وغيرها ، وما تزال تلحّ وتضغط وتصرخ بقوة وعنف ، وبأعلى صوتها عسى أن يستجيب لها أقطاب الإصلاح ودعاة الفكر الاجتماعي ليوجدوا لها حلاّ جذريا ودواء ناجعا يمحو آثارها ، ويخلص المجتمع من شرورها وآثامها المدمرة ، ويوقف نزيف الدم المنهمر من شرايين المجتمع بين الواترين وأصحاب الأوتار الذين ما تزال تلك الترات تصرخ في آذانهم في كل حين ، تنشر فيها طنين الثأر ، وصراخ العار والهوان الذي لا يفارقهم حتى يأخذوا بثارتهم من واتريهم ..
    هكذا وجد شاعرنا الكبير الأستاذ بيومي نفسه مدفوعا إلى رحاب هذه القضية الاجتماعية البالغة الأثر لتكون موضوعا لمسرحية " الغائب والبركان " في محاولة يائسة لتكريس الإصلاح الاجتماعي عبر محو قضية " الثأر" في المجتمع الريفي المعاصر .. ولكن ، هل يا تُرى نجح هذا الشاعر في تحقيق هذه الغاية ؟ أم أنه كان رقما على قائمة المصلحين الاجتماعيين الذين مارسوا محاولة الإصلاح الاجتماعي الخاص بهذه القضية ؟!
    وسنرجئ الإجابة عن هذا التساؤل إلى نهاية الدراسة التحليلية لهذه المسرحية !
    هكذا اختار شاعرنا الكبير " بيومي " موضوع الثأر ليكون موضوعا لمسرحيته " الغائب والبركان " محاولا علاجها وفق معطياته ومرئياته الثقافية والفكرية والاجتماعية الخاصة ..
    فأما " الغائب "، فهو الأب " عبد الله الصابر" الذي غيّبه القتل بعد اعتداء زوج أمه عليه وتدبير قتله بسبب الطمع والرغبة في الاستيلاء على ثروة أمه ـ ممتلكاتها ومصاغها ـ والحيلولة دون وصولها إلى ابنها من قِبَل الزوج الطماع الجشع الشرس ..
    وأما " البركان " ، فهو الثورة والتمرد على مرتكبي هذه الجريمة ، وعدم الركون والاستسلام لإرادتهم والمطالبة بثأرهم والانتقام لأبيهم المغدور.. كما نلمح في الكلمة الرغبة الهائلة للانتقام والثأر من قاتل أبيهم ، والاستعداد التام له .. (ص21)
    ويتتبع المؤلف أحداث المسرحية منذ أن أخذ " الضبع " زوج الأم الشرس يمدّ يده إلى ممتلكاتها يأخذ منها ما يشاء ، أو يقدر عليه راضية مرة وكارهة مرارا .. ورأى الابن " عبد الله الصابر " ولمس معاناة أمه وآلامها وعذاباتها التي كان الضبع يصبها عليها بلا رحمة لم يطق السكوت والصبر على ذلك فقرر وضع حد لتلك التصرفات الشرسة العنيفة ، والتقى الضبع وتمكن من معاقبته وحذره من معاودة إيذاء أمه .. وأسرها الضبع في نفسه ، واستعان ببعض رجاله المجرمين لتأديب الصابر بل لتغييبه ليخلو له الجوّ مع الأم فيستولي على بقية ممتلكاتها ليتمتع بها وحده ، بل إنه أقام في القصر الذي استولى عليه من ممتلكات الأم التي ورثته عن زوجها الأول والد عبد الله الصابر ..
    وتنقضي فترة طويلة بلغت عشرين سنة على هذه الأحداث سكت عنها المؤلف باعتبارها مرحلة ـ فترة الإعداد للانتقام وتهيئة الموتورين للأخذ بثأرهم من قاتل أبيهم .. وهي الفترة التي شهدت ميلاد الابن والابنة بعد قتل أبيهما .. وقد أسقطها المؤلف من حساب مسرحيته ليفتتحها عندما بلغ الابنان " زاهر وزهرة " التوأمان العشرين من العمر لتبدأ مسيرة الحدث المقرر للمسرحية والمتعلق بأخذ الثأر من قاتل أبيهما " الضبع " ! وهو الحدث الذي أدار حوله المسرحية ، والغاية التي تغيّاها منها وهي " الثأر وضرورة الانتقام من المجرم واستعادة الحق الضائع " .. على أننا لا ندري لماذا سكت المؤلف عن هذه الغاية إلى بلوغ الابنين العشرين من العمر إلاّ أن يكون من تأثير التطور الاجتماعي الذي عاشت فيه الأسرة المنكوبة في المدينة .. وهو مجتمع مخالف ومغاير لمجتمع الريف والكفور والنجوع الذي لا يطيق على الثأر كل هذا الصبر والانتظار.. المهم أن الشاعر هنا رصد لحظة التطور أو التحول عند بلوغ العشرين من العمر ؛ ومع ذلك وجدناه يسكت عن قضية الثأر ولا يشير إليها أية إشارة على لسان الأم " شمس " أو الخال " نور" ، وهما مناط الأمر ومداره ، بل هما محركا القضية باتجاه الثأر المنتظر .. ويدع الأمور تجري بتلقائية غريبة ويحس القارئ وكأنها لا تعنيه من قريب ولا من بعيد .. ثم يحدث انكسارا حادا ، وانعطافا مفاجئا غبّ طروحات متعددة حول غياب الأب واحتمالات ذلك الغياب غير المبرر صدرت عن زاهر وزهرة .. والغريب أن الأم هنا في هذه المرحلة نراها تتدخل لتوقف تلك الاحتمالات ، وتضع حدا لتلك المداولات الدائرة بين ابنيها وكأنها لم تكن تفكر في الأمر ، ولم يكن يعنيها أن يفكر الولدان في قضية الثأر والانتقام لوالدهما القتيل .. وكأنها على الأقل كانت تودّ أن ترجئ الأمر إلى وقت آخر بلا مبرر منطقي معقول .. وهكذا جاء موقف الأم غريبا ومنافيا للموقف وهي تحاول إيقاف سيل الاحتمالات المتدفق والذي أبدت تجاهه برما ظاهرا وضيقا بالغا .. ومن غير أن تشير أو تكشف لهما شيئا من أسرار غياب أبيهما وحقيقة غيابه الذي طال كثيرا الذي يمكن أن يضع حدا لتلك الاحتمالات .. بل على العكس وجدناها ـ أو دفعها المؤلف إلى أن يطرح الولدان كافة الاحتمالات غير المفيدة وغير المناسبة التي تشغلهما جانبا ، والالتفات إلى حياتهما ليمارساها بشكل طبيعي مناسب ، ويتمتعا بما فيها من سعادة .. ويطول الحوار بين الأم وابنيها حول " الأب الصابر " ، والسر الذي قد يكون وراء غيابه الطويل وتخفيه عنهما ..خصوصا وأن الأم لم تخبرهما بموته بل برحيله وسفره .. وهو أمر يدعو إلى الانتظار والترقب والأمل في اللقاء ..
    وعلى غير العادة والمألوف في مثل هذه الحالات يغادر زاهر المكان في توتر شديد بلا داع أو سبب مكشوف لما يسود الأمر من تلقائية وطبيعية معهودة .. فكثرا ما يموت الآباء والأطفال صغار ، أو قبيل ولادتهم ، وتمضي الحياة بشكل طبيعي عادي خاصة إذا اعتادوا عليه وألفوه ولا يجدون مالا يدفعهم إلى البحث فيه أوالتنقيب على أسراره وخفاياه .. ولكن صاحبنا الشاعر المؤلف هنا أبى إلاّ أن يعقّد الحدث ويؤجج الصراع ، ويضع في قلب المسيرة عقبة كأداء ن أو يلقي في النهر حجرا ضخما يثير الأمواج محدثا الانحراف الحاد في مسيرة الحدث الذي قامت عليه الرواية أو المسرحية .. حيث اخرج زاهرا متوترا وفي عصبية هائجة لم تألفها الأم من قبل .. لماذا ؟ لا ندري ؛ ثم ردّه إلينا بسرعة خاطفة ، أو كما يقول المؤلف " كالبرق " ، وقد استلّ سكينا ويقف في مواجهة أمه وشقيقته زهرة ، واندفع يلوّح بها لهما مهددا أن يغرسها في أحشائه إن لم تكشف له الأم عن حقيقة أبيه وسرّ غيابه الطويل .. ولا تجد الأم بدّا من إماطة اللثام عن هذا السر الذي أخفته عنهما كل هذه السنين ، وكشف حقيقة غياب الأب مكتفية بتحذيره من مغبة التهور والرغبة في الانتقام وعواقب الثار الوخيمة .. أو كما يقول المؤلف ، من عواقب البركان الذي يوشك على الانفجار والثورة ، وما ينذر به من تدمير وهلاك للجميع وخصوصا لابنيها العزيزين اللذين سيكونان أول ضحاياه .. ثم تكشف لهما السر الذي اختزنته في أعماقها كل هذه السنين وأن الضبع زوج الجدة هو الذي قتل أباهما قبل ولادتهما بمساعدة رجاله الأشرار غدرا وغيلة لموقفه المدافع عن أمه وحمايتها من بطش الضبع الشرس وابتزازه الذي لا ينقطع ..
    والذي نود الإشارة إليه هنا في هذه الحركة أو الجزء من الحدث فيما وراء ما أسلفنا من افتعال ظاهر غير مبرر، وحركة مسرحية فاترة غير منطقية مع انعدام المناسبة المعقولة فيها ، أن الشاعر المؤلف هنا يذكرنا ـ واعيا أو غير واع لذلك ـ بطرف من قصة قيس بن الخطيم الأوسي الذي قتل أبوه وجده قبل أن يتمكن أحدهما من الأخذ بثأر الآخر .. وكان قيس ما يزال طفلا حدثا ، فعمدت أمه إلى كومة من التراب جعلتها في صحن الدار وأوهمته أنها قبر أبيه وجده اللذين ماتا كما يموت الناس ، إلى أن نازع فتى من لداته فعيّره بقتل أبيه وجده وعدم الأخذ بثأرهما .. فانطلق إلى أمه يستخبرها حقيقة الأمر ، فأنكرت ما تناهى إليه مؤكدة ما أوهمته به كل تلك السنين خوفا عليه من نفس المصير الذي آل إليه أبوه وجده ، وأنهما ماتا كما يموت الآخرون .. فما كان منه إلا أن عمد إلى سيف وغرسه في الأرض ، ثم هددها بالاتكاء عليه ليخرج من ظهره إن لم تخبره بحقيقة الأمر ؛ فاضطرت كارهة لإخباره ، ثم دلته بعد أن تجلى عزمه للانتقام والثأر على من يمكن أن يساعده على ذلك إلى آخر القصة المعروفة المروية في أخبار قيس بن الخطيم في ( الأغاني 3/2ـ7) ..
    على أن المشكلة هنا ليست في اعتماد المؤلف المسرحي الحديث على هذه الحكاية وتوظيفها في مسرحيته ، أو الإفادة منها في بعض جوانبها .. فذلك شيء مشروع وغير منكور ولا غضاضة فيه .. ولكن المشكلة أنه لم ينجح في التمهيد لها تمهيدا مناسبا وطبيعيا يشبه ما حدث لقيس بن الخطيم يساعد على تصعيد الحدث بتلقائية طبيعية مناسبة خالية من التكلف والاعتساف ، بل جاء به منقطعا مبتوتا ومبتورا دونما مبرر معقول ..
    (يتبع)

  2. #2
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Mar 2005
    المشاركات : 1,000
    المواضيع : 165
    الردود : 1000
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    ( 2 )

    على أن شمس " الأم " هنا كانت فيما يبدو تريد لابنها زاهر ما كانت تسعى إليه أم قيس بن الخطيم وتتمناه لولا التحول غير المتوقع والمفاجئ الذي وقع لابنها .. وهكذا بدت " شمس " حريصة على نسيان الماضي برمته ليتمكن الفتى من التمتع بحياته على الرغم من الإفصاح عن موقفها المغاير والادعاء بأنها كانت تعدّهما لهذه المهمة " الأخذ بثأر أبيهما من قاتله "!
    وإن كنا نظن أن ذلك محض اختلاق دفعت إليه محاولة زاهر ابتزاز الحقيقة من أمه بطريقة مقلدة لطريقة قيس بن الخطيم الآنفة الذكر ، وإن تباينت عنها في الدوافع والظروف ومبلغ تلقائيتها أو افتعالها ..
    وتتواصل مسيرة الحدث في المسرحية فتخبر الأم ابنها عن جريمة الضبع وقتله أباه ثم قتله عمه " بهاء " لتأمين عدم وجود من يمكن أن بأخذ بثأره منه والانتقام له خصوصا وأنه ارتكب جريمتيه دون أن يعلم بحمل الأم وما يمكن أن تضع من ولد يمكن أن يأخذ بثأره منه وذلك لاختفاء الأم منذ وقوع الجريمة وفشله في العثور عليها برغم بحثه الطويل والمضني عنها .. وفي المقابل ظلت الأم تواصل مراقبتها الشديدة والدقيقة للضبع والتعرف على تحركاته إلى أن يأتي الوقت المناسب الموعود للثار .. ثم تأخذ الأسرة في التنسيق للثأر والانتقام بتوجيه الخال "نور" وتخطيطه بعيدا عن عيون الضبع وأعوانه ، وعن إجراءات السلطة بعد أن أغلقت ملف القضية وعلقت القضية " ضدّ مجهول " كما هو الشأن في كثير من جرائم الريف خاصة .. والذي يتبادر إلى الذهن أن زاهر وزهرة هما المخولان الرئيسان للانتقام والثأر خاصة وأن الشاعر كشف منذ الكلمات الأولى في المسرحية عن عنايتهما المتميزة برياضة " الكاراتيه " و" الجودو " ، وما تميزا به من براعة فائقة خارقة فيهما ، وأنهما ستكونان وسيلتهما الفعالة للانتقام والثأر.. بيد أن ما حدث فيما بعد لم يستطع أن ينجح في الكشف عن هذا الدور الذي تأهبا له واستعدا كل ذلك الاستعداد ، ولم يساهما في تصعيد الحدث في المسرحية ، بل تركه المؤلف وكأنه يتعامل مع أشخاص عاديين لا دور لهذه الرياضة في تصرفاتهم وأفعالهم .. وبدلا من أن يقوم الابنان " زاهر وزهرة " بدور المواجهة مع الضبع ورجاله ، قامت الأم شمس بهذا الدور في حركة سرعان ما اكتشفها الضبع وعرف حقيقتها برغم انقضاء عشرين سنة على آخر لقاء بينهما ، وبرغم ما كان يسود ملامحها من مظاهر جديرة بأن تخفي معالمها الحقيقية ، وبرغم تأكيد الطبيب الخاص بالضبع أن جروحها سطحية .. وبرغم تصنعها وتمثيلها عليهما ، أكّد الضبع أن صوتها ليس غريبا عليه ، بل إن ملامح وجهها تخبره برياح الصابر .. حتى إذا أدرك كل ذلك ألقى في وجهها بالحقيقة وأكذ لها أنها امرأة الصابر .. وفي الحقيقة إن كل هذه التفاصيل تمثل افتعالا ظاهرا بدا من المؤلف للتعجيل بالنهاية وتصعيد الحدث بصورة مفتعلة وغير طبيعية خصوصا بعد اكتشاف الضبع أمرها وأدرك صلتها بالصابر ، وأمر بتقييدها في المكان في انتظار تنفيذ حكم الإعدام فيها لإقدامها على هذا العمل الخطير.. بيد أن المؤلف في هذه اللحظة يكلف الأم بحركة كاراتيه تمارسها بسرعة البرق وهي تستل سكينا تضعها على رقبة الطبيب مهددة الضبع .. ويدور حوار طويل بينهما بغية إيجاد حل مناسب يرضي كافة الأطراف المتنازعة ، وينهي القضية على وفاق تام بينهم مع تأكيده المتواصل على براءته من دم زوجها الصابر .. وفي هذه اللحظة يدخل بعض رجال الضبع ، ويتمكنون من إفشال خطة شمس ، وتنعطف مسيرة الحدث في المسرحية عند هذه النقطة ، وتأخذ الضبع في التفكير بارتكاب جريمة جديدة بقتل شمس .. وكاد الأمر يتم له كما أراد قبل حضور الأبناء والخال الذين كان ينتظر منهم تدارك الأمر وتحويل الحدث لتحقيق النتيجة المرجوة والغاية المقصودة .. ثم يدور حوار طويل آخر يجريه المؤلف بين شمس وسالم ـ أحد رجال الضبع ـ والذي عرض عليها مساعدتها وفك قيودها مؤكدا لها براءته من دم زوجها الصابر وغيره ، وأنه لم يقتل أحدا ، ولم يرتكب جريمة واحدة في حياته فيما وراء سكوته وعدم الإدلاء بشهادته في قضية مقتل الصابر خوفا من انتقام الضبع .. ثم ينصحها بالابتعاد عن طريق الضبع محذرا لها مما يمكن أن يقع لها من شره وأذاه .. وتتعقد الأحداث عندما يفاجئ الضبع سالم وهو يحاول فك قيود شمس فيستجديه أن يفك قيودها لتنصرف .. ويوهمه الضبع بأنه كان بالفعل يهمّ بتحقيق هذا الأمر ، ثم يأمره بفك قيودها ، ويخرج من جيبه مدية يغرسها في ظهر سالم فيسقط على الأرض مضرجا بدمائه .. وهنا يتوعد شمس بقتلها كما قتل سالم .. ويستدعي رجاله فيحضر منهم ثلاثة ..كما يحضر ثلاثة آخرون هم زاهر وزهرة ونادر ابن الخال نور بعد أن تمكنوا من تقييد الثلاثة الآخرين من رجال الضبع ، وانتزعوا ملابسهم وارتدوها ليبدوا كأنهم من رجال الضبع .. ويدور حوار طويل بين أفراد فريق الصابر حيث أخذت شمس تحرض على ضرورة الإسراع في قتل الضبع ، في حين دعا نادر إلى ضرورة تقديمه إلى المحكمة لينال عقابه المناسب .. وإذ يحتدم الجدل بين آل الصابر يتمكن رجال الضبع من فك قيودهم في غفلة من آل الصابر وينقضوا عليهم ويتمكنوا منهم ويقيدوهم ويقتادوهم إلى غرفة داخلية .. ويظل الضبع يرسف في قيوده ويلح على بعض رجاله أن يفكوا قيوده ، وتبدأ المساومة بينهم : الثروة في كفة وحياة الضبع في كفة أخرى .. وبعد حوار طويل وجدل واسع يتمكن المقنعون من الحصول على مفتاح الخزنة فينقسمون فريقين : فريقا يبقى في حراسة الضبع ، وفريقا يذهب لجمع الأموال من الخزنة .. حتى إذا طال غياب فريق الخزنة ، أخذت الوساوس تغزو نفوس المقنعين الذين بقوا في حراسة الضبع بعد أن عرضوا أطرافا من سيرتهم القذرة في رفقة الضبع وخدمته وما ارتكبوا من جرائم لخدمته وتنفيذ أوامره .. وكان الضبع لم يكف عن توسلاته لهم أن يفكوا قيوده ليخلص من انتقام شمس .. وأخذ يوحي إليهم بهروب أصحابهم بالمال .. حتى إذا تكشفت لهم حقيقة أصحابهم وهروبهم بالثروة فكوا قيود الضبع .. وقبل أن يتمكنوا من الخروج داهمهم فريق الصابر الذين تمكن الخال نور من فك قيودهم وحاصروهم .. وهنا حاولت شمس أن تقتل الضبع ويلح سالم عليها أن تسمح له بتنفيذ هذا الأمر انتقاما من الضبع ويتمكن من ذلك .. وفي هذه اللحظة تظهر الجدة " حياة " أم الصابر ، ويلتئم شمل الأسرة من جديد بعد أن نال المجرم جزاءه العادل .. وتذهب الثروة المسروقة مع بعض رجال الضبع الهاربين ليردد الجميع عبارة :
    " المجرم ما زال طليقا " !
    = حركة الحدث ومسيرته وتطوره وتصعيد ه :
    من هذا العرض السابق لأحداث المسرحية تبينت لنا مسيرتها وما وفر لها المؤلف من تصعيد جيد ومناسب لا يخلو من التشويق والدقة والتنامي المناسب المجرد من الافتعال فيما وراء المقدمة أو التمهيد الذي شهد حوار زاهر مع أمه شمس ، والذي يمكن أن يعدّ خارجا عن إطار الحدث الرئيس للمسرحية الذي بنيت عليه ، والذي ابتدأ منذ كشف شمس حقيقة ما جرى من أحداث غياب الأب الصابر ، ومن ثم بدأ التخطيط للانتقام والثأر من المجرم الضبع وهو أس الأحداث التي قامت عليها المسرحية .. ومنذ لحظة الكشف وتحديد هوية المجرم القاتل ، ومعرفة زاهر له انطلقت مسيرة الحدث منذ اللوحة الثانية من لوحات المسرحية وهي تشهد تصعيدا طبيعيا وتلقائيا ومتوازنا لم يترك المؤلف فيها ثغرة للصدفة أو الافتعال المفسد لبنية الحدث ومسيرته .. والمتأمل في اللوحة الثانية يجدها تبدأ في طرح قضية الصراع بين عبد الله الصابر والضبع الذي ينتهي بقتله ..
    ثم تأتي اللوحة الثالثة لتواصل مسيرة الكشف عن سر الصابر" الغائب " ، ودور شمس في تنشئة زاهر وزهرة وإعدادهما للثأر من قاتل أبيهما بعد أن تخلص الضبع من العم بهاء محاولا أن يسدّ منافذ الثار من حوله ليحقق لنفسه الأمن والأمان .. ثم يبتدئ التدبير للوصول إلى الضبع والانتقام منه وفق الخطة الدقيقة التي وضعتها شمس ، وبدؤوا تنفيذها بكل ما شهدته من ضروب التصعيد والتنامي والمفاجآت التي اعترضت مسيرة الحدث بشيء كثير من التلقائية والبعد عن الافتعال فيما وراء تمكن الضبع من التعرف على شمس بعد كل تلك السنين ، وسيطرتها على الموقف بعد تمكنها من الانقضاض على الطبيب ، خاصة منذ أن ساعد سالم شمس وأمكنها من دخول القصر بصفتها امرأة نالها قدر كبير من العذاب والألم ، وموقف الضبع من ذلك وتخوفه من العواقب ، ورفضه لسلوك سالم محذرا مما سيجره عليه من أذى وشر على النحو الذي رأيناه آنفا .. كما يشكل مجيء المقنعين من رجال الضبع في هذه اللحظة تصعيدا جيدا ومناسبا لما ينطوي عليه من الإثارة والتحول والانعطاف في مسيرة الأحداث لما نجم عنه من سيطرته على شمس وما تبع ذلك من أحداث لعل من أبرزها بداية التحول في مسيرة سالم مع الضبع باتجاه شمس في نهاية اللوحة الرابعة وإعلانه عزمه على مساعدتها للخروج من القصر والإفلات من قبضة الضبع .. ويتأزم الموقف عند مفاجأة الضبع لسالم وهو يحاول فك قيود شمس ، ويرميه بسكين تنغرس في ظهره .. ويظهر التصعيد من جديد عند وصول المقنعين الستة ودخولهم القاعة التي كان فيها الضبع وسالم وشمس .. وإن ظهر الافتعال في تواجد زاهر وزهرة ونادر من بين المقنعين قبل أن يكشف المؤلف عن ظروف تواجدهم معهم في هذه اللحظة .. بيد أن التصعيد يبلغ الذروة عندما يهم الضبع بقتل شمس حيث فوجئ بضربة جودو من زاهر الذي كان يتخفى في لباس أحد المقنعين لينكشف أمرهم عندئذ .. وهنا بدأ فريق الصابر في ممارسة دورهم الذي أعدّوه للانتقام من الضبع .. وعندما بدأت المشاورات بينهم في تحديد طريقة الانتقام المناسبة للضبع وتنفيذ العقوبة فيه أحدث المؤلف تطويرا جديدا في الحدث بما أوجد من صراع أو خلاف بين أعضاء فريق الصابر حيث تصدى نادر لرفيقيه رافضا تنفيذ عقوبة الإعدام في الضبع بيدهم مصرا على إحالة القضية إلى القانون ، أو جهة الاختصاص المسؤولة في الدولة لتقوم بمحاكمته والاقتصاص منه على جريمته التي ارتكبها بحق عبد الله الصابر ، ويصر رفيقاه الآخران على تنفيذ العقوبة والحكم في الضبع بأيديهم ..
    كذلك أحدث المؤلف تصعيدا آخر في مسيرة الحدث في المسرحية عندما أخذ المقنعون من فريق الضبع في الاقتراب من بعضهم في أثناء انشغال فريق الصابر في قضية الانتقام من الضبع حتى تمكنوا من فك قيودهم .. وفي هذه اللفتة حركة درامية جيدة لها دورها وتأثيرها البالغ في تصعيد الحدث حيث تمكنوا عندئذ من الانقضاض على فريق الصابر ومفاجأتهم وسيطروا عليهم وقيدوهم واقتادوهم إلى حجرة أخرى داخلية .. وكانت الخطة التي وضعها فريق الصابر تقضي بإبقاء الخال نور خارج القصر تحسبا للظروف ، أو حدوث شيءما يمكن أن يفسد خطتهم فيهرع لإنقاذهم .. وهذا ما حدث بالفعل بعد سيطرة فريق الضبع عليهم
    ويلقانا تصعيد آخر في الحدث عندما بدأت المساومة بين الضبع ورجاله المقنعين الذي عرضوا عليه إنقاذه وحياته مقابل ثروته .. ثم يتوالى تصعيد الأحداث عندما طال عياب فريق الضبع الذي ذهب للحصول على الخزنة حيث أخذ رفاقهم يتوجسون خيفة من هروبهم بالمال وعدم عودتهم إليهم .. وقد أبدع المؤلف في رصد هذه الحركة وما تنطوي عليه من تحول في المواقف وتسجيل ما ارتسم على ملامحهم من آثار، وساد تصرفاتهم من توتر وقلق ظاهرين .. ويستغل الضبع هذه اللحظة وما شهدته من تحول في استمالة رجاله إليه لتدبير خروجه من القصر للحاق بالآخرين الذين سرقوا المال ..
    (يتبع)

  3. #3
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Mar 2005
    المشاركات : 1,000
    المواضيع : 165
    الردود : 1000
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    ( 3 )
    أما التصعيد الأخير في مسيرة أحداث المسرحية فكان عندما حاولت شمس قتل الضبع فتصدى لها سالم ليقوم هو بهذه المهمة انتقاما لنفسه ، وشفاء لغليله لما لقي من الضبع ..
    = بناء الشخصية في المسرحيـــة :
    أول ما يمكن أن يلاحظ على بناء الشخصية في مسرحية " الغائب والبركان " أنها كادت تأتي جميعها متوازنة ومتساوية من حيث الأدوار التي حددها لهم المؤلف وأدوها فيها وإن بدا في بعضها في أحيان نادرة شيء يسير من التفاوت على نحو ما حدجث لشخصية سالم مثلا في المشهد الأخير من المسرحية عندما أصر على أن يقوم بدور رئيس ومهم بتطوعه وإصراره على قتل الضبع دون شمس .. ذلك أن الشاعر بنى مسرحيته على فريقين متقابلين : فريق الصابر وفريق الضبع ؛ أما فريق الصابر فكان شخوصه الزوجة شمس والابن زاهر والابنة زهرة والخال نور وابن الخال نادر وعبد الله الصابر الزوج وحياة أمه أو الجدة ؛ وكان فريق الضبع مكونا من " الضبع " الذي كان أبرز الشخوص ـ أو الشخصية الرئيسة بصفته مدبر جريمة قتل عبد الله الصابر ، إضافة إلى ممارساته العدوانية تجاه الأم / الجدة حياة للاستيلاء على ما لديها من مال بعد قتل ابنها والاستيلاء على القصر وهروب شمس من وجهه .. وهكذا يبدو الضبع الشخصية الرئيسة في المسرحية من هذا الجانب .. حتى إذا احتدمت الأحداث وتتابعت وتوزعت على بقية الشخوص ألفينا الضبع يتساوى مع غيره من الشخوص منذ البدء وحتى الختام .. وهذا ما يجعلنا نرى في بناء الشخصية في هذه المسرحية شيئا ظاهرا من التساوي والتماثل وعدم التميز الذي يجعل من بعض الشخوص شخوصا رئيسة أو محورية ، ومن بعضها الآخر شخوصا ثانوية ..
    على أن بناء المسرحية بهذا الشكل حرص على إيجاد الفوارق المتنوعة بين شخوصها فجعل من بعضها شخوصا رئيسة ، وجعل من بعضها الآخر شخوصا ثانوية .. ولكنها سرعان ما تواصلت مع غيرها لتثبت وجودها الرئيس في مسيرة الأحداث والوصول إلى النهاية .. وبعبارة أخرى نستطيع ـ ربما ـ أن نقرر ما أسلفناه منذ قليل ما يتعلق بطبيعة الشخوص في هذه المسرحية وما يميزها من تساو وتماثل ظاهرين ..
    أما شخوص فريق الصابر فكانوا قسمين : قسم محوري وأساسي وهم شمس وزاهر وزهرة ونادر.. وهؤلاء تساوت ملامحهم وتماثلت أدوارهم وتحركاتهم على خشبة المسرح وإن تأخر ظهور بعضهم حينا من الدهر " نادر" الذي ظهر في القصر في أثناء الصراع مع الضبع والرغبة في الانتقام منه ، ثم تلاهم الخال نور من خلال المهمة التي نفذها وهي إنقاذ أفراد فريق الصابر في النهاية .. أما عبد الله الصابر فقد كان ظهوره في أثناء مواجهة الضبع لوضع حد لتصرفاته العدوانية على الأم حياة وإيقاف ابتزازه المستمر لها ..حتى تم قتله على يد رجال الضبع بعد أن أعيته الحيلة في إبعاده عن طريقه .. وقد جاء دور عبد الله الصابر وظهوره في المسرحية في نهايتها عقب استرجاع مصاغ الجدة حياة .. وإن سبقت الإشارة إلى هذا الأمر عند كشف حقيقة غياب الأب بعد إصرار زاهر على معرفة الحقيقة ..
    كذلك جاءت شخوص فريق الضبع قسمين : شخوص رئيسة وهي الضبع وسالم ، وثانوية وهم المقنعون من رجاله الذين كانوا أدوات تنفيذ لجرائمه وتصفية خصومه .. وظلوا على هذه الحال إلى أن جاءت فرصة الخلاص منه عبر المساومة التي دارت بينه وبينهم لتخليصه وإنقاذه مقابل ثروته .. كما أن المؤلف قسم المقنعين قسمين : فريق فاز بالمال ، وفريق أبقاه في مراقبة الضبع قبل أن يقرروا مغادرة القصر للحوق بفريق الثروة ..
    وهذا قد يعني أن المؤلف وقف بأحداث مسرحيته عند نقطة النهاية للقضية الرئيسة التي أقام عليها المسرحية وطرحها فيها وهي الثأر والانتقام من الضبع لقتله عبد الله الصابر .. وعلى الرغم من تحقق هذه الغاية وإن تم على يد سالم ، فقد أراد المؤلف لمسرحيته أن تحمل غاية أخرى تتمثل في القضاء على كل من كان على شاكلة الضبع ورجاله الأشرار الذين يعيثون في الأرض فسادا ويروعون الآمنين وينشرون الشر والأذى بينهم .. ولذا جاء صراخ فريق الصابر في ختام المسرحية يجسد هذه الغاية وهم يرددون في غيظ وحسرة وأسف ورغبة في الانتقام من كل المجرمين أمثال الضبع ورجاله :
    السارق والقاتل ما زالا في الأرض طليقين
    المجرم ما زال طليقا
    المجرم ما زال طليقا ! (68)
    أما الملامح التي حاول الشاعر المؤلف التركيز عليها في بناء شخوص المسرحية فكانت كذلك محدودة ومتميعة وغير حاسمة وغير فعالة في أطرها التي حددها لها .. ولأنه رصدها في موقف محدد جاءت ثابتة وغير متنامية أو متطورة ، وذلك أن الحدث في المسرحية كان يسعى إلى تحديد ملامح الشخوص لعنايته بالحدث فيها وما يمكن أن يتبعه من تطوير وتصعيد لبلوغ النهاية أو لحظة التنوير .. ومن هنا جاءت ملامح شخصية كل من شمس وزاهر وزهرة ونادر ونور(فريق الصابر) واضحة ومحددة .. بل إننا نجد أبرز ملامح شخصة زاهر وزهرة مثلا إجادة رياضة الكاراتيه والجودو .. وهذا قد يوحي إلى القارئ أنهما سيقومان بدور رائع ومتميز في إطار هذه الرياضة الحاسمة في الصراع الشخصي أو القتال الفردي وما يتوخاه من الدفاع عن النفس .. ومثل هذا التفوق الذي تحقق لهما فيها قد يوحي من جانب آخر إلى المتلقي أو القارئ بما سيقومان به من دور فعال في توجيه أحداث أو الحدث في المسرحية من خلال هذه الرياضة المتميزة .. بيد أن المؤلف تناسى كل ذلك من أجل أن يحدث تصعيدا وتطويرا مفاجئا في حدث المسرحية وتشريقا يشد المتلقي عندما جعل المقنعين ـ الذين يمكن أن تكون رياضة الكاراتيه والجودو من أساليب القتال التي يتدربون عليها ويحرصون على حذقها لمواجهة مختلف الظروف ـ يتمكنون من فريق الصابر ويعطلون قدراتهم الخاصة والمتميزة في رياضة الكاراتيه والجودو .. على أن ذلك يمكن أن يكون من قبيل حرص المؤلف على البناء الواقعي المحتمل لحدث المسرحية ..
    = ا لإخراج والديكـــور :
    يشكل الإخراج والديكور مظهرا أو جانبا مهما ورئيسا من جوانب العمل المسرحي لما يؤديه من وظيفة التعدد المكاني والزماني المناسب لتطورات الحدث في المسرحية ، وكذلك التطوير النفسي المصاحب لبعض الأحداث والشخوص .. والملاحظ أن المؤلف في هذه المسرحية قد حرص حرصا بالغا على وظيفة الإخراج المسرحي وتشكيلات الديكور المناسبة لتطوير أحداثه وحركات شخوصه تمثلت بوضوح في عمليات توزيع الأضواء لتتواءم مع تطور الأحداث ومواقف الشخوص وفق مخطط نفسي دقيق وواع.. وقد كشف المؤلف عن هذا الأمر أو الجانب المهم في الإضاءة وهو يقدم مسرحيته حيق يقرر أن " الإضاءة تلعب دورا هاما في هذا العمل المسرحي الشعري؛ فسحب الإضاءة يشير إلى اغتيال اللحظة المشرقة ، ولتكثيفها مدلول ، ولمزجها مدلول ، ولبقائها مدلول ، في حالتي المزج والنقاء " . (5) وهو هنا يقسم الإضاءة ثلاثة أقسام : " سحب الإضاءة أو انزياحها من على خشبة المسرح " ؛ وهذا يكون عند الإعلان عن انقضاء مرحلة سعيدة أو بهيجة من الحدث لتحل محلها مرحلة أخرى مثقلة بالكآبة أو الحزن .. وهي بذلك تغدو إشارة إلى حدوث تغير نفسي أو حدثي مهم إلى الأسوأ .. والملاحظ أن المؤلف حرص على توزيع الأضواء على خشبة المسرح وفق ما تقتضيه الأحداث وتطورها ، ونجح في ذلك إلى حد كبير وإن لوحظ إغفاله للإضاءة في بعض الأحيان وفي مواطن كثيرة كانت تستدعي وجودها وفق الدرجات الضوئية التي قررها في نصه السابق كما في ص ص 27 ، 35، 51.. كما وجدناه في ص 45 يشير إلى خفض الأضواء الحمراء دونما إشارة سابقة إلى وجودها ..
    كذلك استخدم المؤلف المؤثرات الصوتية وخاصة الموسيقية في جوانب من المسرحية للدلالة على تطور الحدث وتصعيده فيها ..
    كذلك حظي الديكور بعناية محدودة من المؤلف وثابتا لكونه يتردد بين نموذجين ك نموذج خاص بمنزل آل الصابر في اللوحتين الأولى والثالثة ، ونموذج القصر الذي كان يقيم فيه الضبع ـ قصر الأم أو الجدة حياة الذي استولى عليه الضبع بع قتل عبد الله الصابر في اللوحات 2، 4، 5، 6 حيث دارت أغلب الأحداث في القصر ..
    = الزمان والمكـــان :
    للزمان والمكان أهمية بالغة في العمل المسرحي لارتباطه الوثيق بالأحداث وتطورها ، وكذلك بالنسبة للشخوص فيها الذين يقومون بالتردد ما بين الأزمنة والأمكنة فيها وفق ما يقتضيه تطور الأحداث .. ويلاحظ قارئ المسرحية أن الزمان في البداية دار حول عبد الله الصابر الذي طال غيابه ، أو قل المجهول المصير بالنسبة لزاهر وزهرة .. وهذا يعني أن الأم شمس لم تخبر ابنيها بموت أبيهما بل أوحت إليهما أنه مسافر منذ زمن ولم يرجع بعد وأنها ما تزال في انتظار عودته شأنها في ذلك شأنهما .. وهذا ما دعاهما إلى مواصلة التساؤلات عنه والإلحاح في ذلك لمعرفة الحقيقة .. وإن جاء موقف المؤلف سلبيا في هذا الجانب حيث غلّب احتمال العودة على احتمال الموت الذي لا رجعة منه كما توحي بذلك مناقشات وأحاديث الابنين وحوارهما منذ فاتحة المسرحية وما كان يوحي به من تفاؤل بعودته ولقائه واختفاء احتمال الموت وما يوحي به من انقطاع الأمل والرجاء في العودة واللقاء .. ونتيجة للتطور غير المنطقي الذي رأيناه في موقف زاهر من أمه وتهديدها بقتل نفسه بالسكين جاء تقريرنا عما في هذا المشهد من افتعال وانقطاع عندما وقعت لحظة المواجهة وهدد زاهر أمه بقتل نفسه إن لم تخبره بحقيقة أمر والده وسر غيابه الطويل . حتى إذا أخبرته كارهة بالحقيقة رأينا الزمان والمكان يتقدمان خطوة مهمة وأساسية وحاسمة عبر تدبير الانتقام والثأر من الضبع وإعداد الخطة المناسبة لذلك .. ثم بدأ تنفيذ الخطة . وفي قصر الضبع أخذ الزمان يتدرج عبر تطور الأحداث وأدوار الشخوص على نحو ما مرّ بنا حتى حانت لحظة النهاية بمصرع الضبع على يد سالم أحد رجاله لئلا تتورط شمس في هذه الجريمة فيطالها القضاء .. على أن الانفتاح الزماني في المسرحية يمكن أن نلحظه من خلال الجملة التي كررها فريق الصابر غبّ مصرع الضبع وهروب المقنعين من رجاله بالثروة :
    " المجرم ما زال طليقا " !
    لما توحي به من ضرورة الملاحقة والمتابعة للقبض عليه وتقديمه للمحاكمة للقصاص منه وإنهاء القضية وإقفال ملفها .. وهذا يوحي بإضافة زمن جديد تتم فيه هذه الأحداث ..
    (يتبع)

  4. #4
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Mar 2005
    المشاركات : 1,000
    المواضيع : 165
    الردود : 1000
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    (4)

    كذلك جاء المكان في المسرحية محدودا جدا وفق ما اقتضاه تطور الأحداث فيها بين مكانين رئيسين هما منزل آل الصابر، وقصر الجدة حياة حيث كان الضبع يقيم .. وقد كان منزل آل الصابر مسرحا لأحداث اللوحة الأولى والثالثة ، في حين جاء مسرح الأحداث أو مكانها في قصر الضبع في اللوحات الباقية 2، 4، 5، 6 .. كذلك يلاحظ قارئ المسرحية دور الديكور والمؤثرات الصوتية والإخراج والإضاءة في تشكيل المكان فيها ..
    = ا لإ يقـــاع الموسيقي في المسرحية :
    تقوم هذه المسرحية من أولها إلى آخرها على تفعيلة واحدة هي تفعيلة " الخبب " فعِلن " أو " فعْلن " مستغلا سائر تحولاتها الإيقاعية الممكنة ؛ هذا في إطار الحوار الدائر ما بين الشخوص في المسرحية .. أما فيما يتعلق بعبارات الإخراج والديكور والأضواء وتوزيع الأدوار بين الشخوص وترتيب الأحداث ، فقد جاءت كلها في أسلوب نثري بحت قصد المؤلف من ورائه إلى وضع فواصل دقيقة بين النص المصور للأحداث وتطويرها وأدوار الشخوص فيها وبين مظاهر الإخراج الفني .. مع أنه كان يمكنه أن يصوغ كل ذلك في إطار موسيقي دون أن تفسد بنية المسرحية على نحو ما فعل ويفعل كثير من كتاب المسرحية الشعرية كما هو مألوف .. ولا نستطيع نحن ولا غيرنا أن يفرض على المؤلف مثل هذا البناء الإيقاعي دون غيره إّ له مطلق الحرية والقصد في البناء الذي يرتضيه ..
    بيد أن الذي يمكن أن نبديه نحن أو غيرنا هو التساؤل عن التزام المؤلف بتفعيلة واحدة في المسرحية وعدم التنوع في استعمال تفعيلات أخرى قد تكون أنسب لتطوير الأحداث والتغييرات التي تلحق الشخوص خلافا لكثير من الشعراء الذين نوّعوا في تفعيلات مسرحياتهم ، بل نوّعوا في إطار القصيدة الواحدة في كثير من الأحيان ؟
    على أن هذا التساؤل يمكن أن يتجاهله المؤلف تماما ولا يجيب عنه لأنه حق خاص له ولا يمكن لأحد أن يفرض غيره عليه سواء اقتنعنا بتبريره إذا وجد ذلك التبرير أم لم نقتنع ..
    على أننا إذا تناولنا المسرحية من هذا الجانب الموسيقي الخاص بتفعيلات الخبب ألفينا كثيرا من التجاوزات الموسيقية المتعلقة بالوزن أو الإيقاع التي أفسدته إفسادا ظاهرا في كثير من المواطن ومنها ما جاء في قوله على لسان زهرة وهي تصف أخاها زاهرا : (ص10)
    شا بٌّ ممتاز .. بطل من أبطال الجودو
    حيث اجتمع ساكنان في كلمة واحدة هي " شابٌّ " المشددة الباء ؛ وهذا فساد ظاهر في بنية التفعيلة وغير جائز وإن وقع فيه أو ارتكبه كثير من الشعراء المعاصرين الذين اطلعنا على شيء من أشعارهم ونوّهنا بذلك كثيرا .. ولسنا ندري لماذا يصر هؤلاء الشعراء المبدعون على ارتكاب هذه الخطيئة أو الجناية الإيقاعية وفي طوقهم التخلص منها بسهولة ويسر كأن يبدلوها بكلمة " شبّ " بدون المدّ وهي تؤدي المعنى المقصود من سابقتها تماما ..
    وقد تكرر هذا الخطأ ذاته في قوله :
    النار الشابّة في وجداني تزأر .. (30)
    وكان يمكنه تغييرها إلى كلمة " المتأججة بأعماقي " مثلا ..
    وقد وقع الشاعر في هذا الخطأ أيضا في قوله : (ص36)
    " خفت من الضجة والمارّة " ؛ وكان يمكنه تغييرها بكلمة " والناس " .
    وفي (ص 11) وقع خطأ طباعي أفسد الإيقاع في قوله :
    " فقال لي " ؛ وصوابه : " فقل لي " !
    وفي عبارة أخرى وردت على لسان زاهر حيث يقول : (ص13)
    " هذا ما قالته الأم إليّ " !
    وحذف " إليّ " خير وأهون من بقائها على هذا الفساد .. إذ الصواب أن يقول : " لي" بدلا منها ، أو تقديم " لي " على الأم .. وكذلك قوله : (ص14)
    من قال " أنسى " ؟!
    حيث وصل همزة القطع في كلمة " أنسى " على سبيل الضرورة القبيحة ، وذلك لإمكانه الخروج منها بإضافة السين إليها فتصبح " سأنسى " ؟!
    وفي جملة " وكلام معاد " (16) فساد وزني قد يستقيم بإحدى طريقتين : بمنع صرف " كلام " ، كما يمكن إصلاحها بتغيير كلمة " معاد " إلى كلمة " يتكرر " مثلا .. والأخرى أصوب من الأولى وأسلم استعمالا .. كذلك كان يمكنه تكرير كلمة " مكرور" التي سبقت مع كلمة " استفسار" ليكون بين يديه ثلاث طرق لإصلاح الفساد الوزني في هذه الجملة ..
    ومن ذلك ما جاء في قوله على لسان شمس تخاطب زاهرا : (17)
    لا يا بني .. أبوك لم يهرب
    وإصلاح هذا الفساد الوزني يمكن أن يتمّ بتغييرها إلى : " لا لا يا ابْني .. فأبوك لم يهرب ".
    وفي هذه الصفحة نفسها جاءت عبارة " فالصفحة مملوءة بالآلام " ! وقد جاء فيها فساد وزني ظاهر في كلمة " مملوءة " التي يمكن إصلاحها باستبدال كلمة " مترعة " أو " مثقلة " مثلا بكلمة " مملوءة " .
    وفي عبارة " هل كنت تشكّ في طهر أبيك " (19) وقع اضطراب موسيقي يمكن إصلاحه بنحو قوله : " هل كنت تشكّك في ..." ، أو هل كنت تشك بطهر أبيك " !
    وفي عبارة " وانساب الدم من فيه المجرم " (24) نلمس قلقا واضطرابا في التركيب يمكن إصلاحه بتغييرها إلى عبارة " من فم ذاك المجرم " ..
    وفي عبارة " لم تعثر أيدينا عن أثر ليدان القاتل " .. (26) وهذه يمكن إصلاحها بمثل عبارة " لم تعثر أيدينا قطّ على أثر ... "
    وفي قوله : " أرجوك أفيقي .. وإلاّ سأضيع " (39) ؛ ويمكن الاستغناء عن كلمة " وإلاّ " فيها .. وفي كلمة " جراحك " في قوله : " يعرف كيف يداوي جراحك " خطأ وزني يرجع في أغلب الظن إلى زيادة الألف فيها ، ويمكن إصلاحه بإسقاطها لتصبح " جرحك "!
    وثمة فساد وزني ورد في عبارة " أو ماذا أتى بي إلى بيتك " (40) .. ومثله ما جاء في قوله : " كي ينقضّوا على عنقك فيهم غلّ الدنيا " (56) ، وعبارة " لكن الكرة في أيدينا " (58) ، ويمكن إصلاحه بتغيير " في " بحرف الباء لتصبح " بأيدينا " ، أو بكلمة " بملعبنا " وتلقانا عبارة " أنت وأنت انضمّا إلي " (61) ، ويجب تغيير كلمة " إلي" بكلمة " لي "..
    وفي عبارة"ولماذا أفكّ قيودك يا ضبع"(64)أحدث إطلاق ألف" ماذا" فسادا وزنيا ظاهرا..
    على أن قارئ هذه المسرحية يعثر في جنباتها فيما وراء هذه الأخطاء الوزنية أو الإيقاعية بعض الأخطاء المتنوعة ومنها ما جاء في قوله :
    ... وأبعدتكما عن أيدي الضبع دواما خشية أن تمتد ّ أياديه ..
    وتغرس في جسدي كل مدية ليل ... "
    ففي كلمة " دواما " حشو ظاهر لا حاجة إليه ، كما نجد في كلمة " كلّ مدية " اضطرابا إيقاعيا يستدعي إسقاط كلمة " كل " ؛ كما أن كلمة " أياديه " يمكن إسقاطها والاستغناء عنها تماما لورودها في بداية العبارة خصوصا وأنها قد تعني جمعا ليد التي هي " الفضل والمعروف ".. وفي هذه الحال يمكن أن تأتي العبارة على هذا النحو :
    " خشية أن تمتدّ وتغرس في جسدي مدية ليل " ...
    وقد كررها مرة أخرى في قوله : " لا بدّ وأن يمثل بين أيادينا " (30)،(34) ، حيث يمكن تغييرها إلى " يدينا " ؛ أو عبارة " لا بدّ وأن نحضر ذاك المجرم .. لنحاكمه ونحاسبه ... "
    وفي عبارة " لكننا لم نعلم " (34) خطأ طباعي بزيادة إحدى النونين في " لكننا " ..
    وفي عبارة " لم أنس طعان الصابر " (29) خطأ مرده إلى أن كلمة " طعان " تعني المطاعنة مصدرا آخر لـ " طاعن " ، وهذا ما لم تقصده شمس ، بل قصدت ما أصابه من طعنات الضبع القاتلة .. وكان عليه أن يقول : مثلا : لم أنس الطعنات الغادرة بجسم الصابر"
    وفي قوله على لسان سالم مخاطبا الضبع :
    ولقد خفت من القيل .. وخفت من القال " (36) وكان يمكنه الجمع بينهما في مثل قوله : " خفنا من قيل ومن قال .. " ؛ ومن ذلك ما جاء في قوله : " لم أعثر قط على أرضك " (44) ، حيث أفضل كلمة " أثرك " عليها ..
    ويلقانا خطأ لغوي في كلمة " وتشفي " (50) وصوابها " وتشفٍّ " بالتنوين وإسقاط الياء لأنها اسم منقوص في حالة الجر ، وتقدر حركة الإعراب على الياء المحذوفة .. ومثلها كلمة " متدلي " (55) وصوابها " متدلٍّ " بإسقاط الياء منها ..
    وفي كلمة " لم يتوفر" خطأ لغوي آخر شائع صوابه " يتوافر " أي يتحقق ويتهيّأ له ، أما " يتوفر" فتعني العكوف على الشيء لفحصه ومعرفته ..
    وهناك عبارة كررها الشاعر مرتين في المسرحية تكشفان عن الخيبة وعدم تحقيق النفع المرجو من العمل ؛ وقد أفادها من التعبير الشعبي المكرور " خرج من المولد بلا حمص " !
    وكانت عبارة المؤلف : " لكنا لم نخرج من هذا اللعب المحموم بلا حمص " (57 ، 64) ؛ وهي محاولة للتمرد على النص الشعبي الموروث بلا مبرر مناسب أو معقول فيما وراء الصياغة الشعرية المفروضة ..
    على أن هذه الهفوات التي أشرنا إليها ربما بشيء من الإلحاح ـ لا يسعني إلا الاعتذار عنها ـ لا يمكن أن تطعن في بنية هذه المسرحية ، أو تفسد جمالياتها التي حققها لهذا العمل المسرحي لمتميز الشاعر الكبير المبدع الأستاذ محمد سعد بيومي ، ولا تعدو أن تكون هفوات بسيطة ومحدودة جدا .. ولكننا رغبنا من وراء هذا الحصر أن يتخلص الشاعر الكبير منها ومن أمثالها في أي عمل إبداعي آخر ليحقق له إشراقا وجمالا ظاهرين ..
    وإلى أن نلتقي بهذا الشاعر الكبير في إبداعات أخرى نتمنى له ولكافة أدبائنا الشباب مزيدا من التفوق والإبداع لتحقيق رسالتهم الأدبية ، وخدمة أمتهم العربية والإسلامية ؛؛
    والله من وراء القصد وهو حسبي ونعم الوكيل ؛؛؛
    أ.د خليل أبو ذياب

المواضيع المتشابهه

  1. قراءة في القصّة الشّاعرة (أشرقت) لمحمد الشحات محمد
    بواسطة كاملة بدارنه في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 18-04-2021, 02:52 PM
  2. إلهام الشعر ( قراءة فى نصوص ) إلهام أحمد سعد
    بواسطة محمود الديدامونى في المنتدى أَدَبُ العَامِيَّة العَرَبِيَّةِ
    مشاركات: 21
    آخر مشاركة: 26-05-2009, 11:28 AM
  3. قراءة في قصيدة " من أدب الحكمة " لمحمد السديري
    بواسطة د.مصطفى عطية جمعة في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 17-09-2007, 10:54 PM
  4. رواية "الأسوار" لمحمد جبريل: قراءة نقدية
    بواسطة د. حسين علي محمد في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 27-11-2006, 11:08 PM
  5. قراءة في رواية «المينا الشرقية» لمحمد جبريل
    بواسطة د. حسين علي محمد في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 10-05-2006, 12:05 AM