|
ضمّي جناحَيْكِ، هذا الحبُّ ما نَضَبا |
وسَلسِلي الخيرَ هَدْياً أثْمَرَ العَجَبا |
هاتي من الحبِّ أسراراً مُعَتَّقَةً |
وأهْرقيها طيوباً تُسْكِرُ الحِقَبا |
هاتي طيوبَكِ، ما التاريخُ يُنكِرُها |
إذا تَنَكَّرَ للتاريخِ مَنْ كَتَبا |
واهْمي على الكونِ ماشاءَ الهوى عَبَقاً |
وأمْطِريهِ .. فخيرُ الحبِّ ما انسَكَبا |
ودثّري مقلتي بالنور مؤتَلِقاً |
وهَدْهِدي قلبيَ المحرومَ والعَصَبا |
|
يا قِبْلةَ الكونِ أرواحاً وأفئدةً |
وتوأمَ الشمسِ تاريخاً وملحمَةً |
بالنورِ تَخفِقُ، جَلَّ النورُ ما وَهَبا |
صَبَتْ مآذِنُكِ البيضاءُ فاتّخَذَتْ |
سبيلَها للعُلا تمضي بهِ سَرَبا |
على جبينِكِ رشَّ الصبْحُ قُبلَتَهُ |
وفي إزارَيْكِ صلّى الفجْرُ مُنْسَكِبا |
ومنْ عيونِكِ هَزّتْتني فُجاءَتُها |
كادتْ مفاتِنُكِ الغرّاءُ أنْ تَثِبا |
|
إنّي أتيتُكِ .. جَفَّ الشعرُ في شَفَتي |
إنّي أتيتُكِ .. شقَّ الصوتُ حَنجَرَتي |
وأشعَلَ القَهْرَ في أنحائها لَهَبا |
وجئْتُ تحملُني الأوهامُ نِضْوَ ضَنىً |
قلباً تكسّرَ بالآلامِ واضطرَبا |
ومُهجَةً أسلَمَتْ للآهِ بسمتَها |
ومُقلةً أرَّقَتْ من حزنِها الهُدُبا |
على مآقيَّ أحلامُ النبيِّ غفَتْ |
وفي عروقِيَ صوتُ الحقِّ قد رَسَبا |
بكَتْ خيولِيَ فرساناً لها، نزلَتْ |
عن صهوةِ المجدِ، تنضو العزَّ والغَلَبا |
بكَتْ سيوفِيَ سِفْراً من ملاحِمِها |
أخْنى عليهِ زَمانٌ بالخَنا نُكِبا |
|
إنّي أتيتُ .. طيوفُ الحقِّ قد ذَبُلَتْ |
زادي من الأمسِ ما تحلو مَواسِمُهُ |
بيتٌ من الشعرِ آخى الغيمَ فانسَكَبا |
وفارسٌ صاغتِ الأفلاكُ جبهتَهُ |
وساعدٌ بمِِدادِ الشمسِ قد خُضِبا |
|
يا شامةَ الأرضِ أنداءً وذَوْبَ سَنًى |
مدّي يدَاً بَلْسَماً سِرُّ المسيحِ بها |
تستنقِذُ المجْدَ والحُلْمَ الذي سُلِبا |
ألقي على الأرضِ ظِلاًّ تسْتَفيءُ بهِ |
لقدْ تَهَتَّكَ سِتْرُ الأرضِ فانتُهِبا |
وأترعي مُقَلَ الأيامِ فَيْضَ رؤىً |
من بعدِ ما شرِبَتْ أهدابُها النَّصَبا |
وبلّلي تربةَ الأرواحِ ، كم صرَخَتْ |
جذورُها ظَمأً تستمطِرُ السُّحُبا |