قراءة في كتاب «أدب الطفل وثقافته وبحوثه»
للدكتورين محمد الربيع وأحمد زلط

عرض: أ.د. حسين علي محمد
...............................

صدر مؤخراً كتاب «أدب الطفل وثقافته وبحوثه في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية» للدكتورين محمد الربيع وأحمد زلط.
وهذا الكتاب تحتاجه المكتبة العربية في حقل الطفولة العربية، فهو دراسة متأنية تناولت بالتحليل والنقد الموضوعي أهم الدراسات الأدبية والتربوية وغيرها التي نشرتها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية من البحوث وثيقة الصلة بالطفل وتنشئته ورعايته وثقافته وأدبه، وكان الكتاب أشبه بمصباح يُلقي الضوء على منظومة المجهود العلمي الذي تبذله الجامعة في هذا الميدان.
وقد خلصت الدراسة إلى توصيات ونتائج مهمة، عسى أن يهتم بها المخطط التربوي لدفع رعاية النشء إلى الرقي والنماء، في ضوء أسس العقيدة السمحة، وضوابط الشريعة الغراء.
***
ويقع الكتاب في ثلاثة فصول:
*في الفصل الأول وعنوانه «سلسلة «القصص الإسلامية»: دراسة وتحليل» (ص ص11-90) درس المؤلفان القصص التي صدرت في سلسلة «قصص إسلامية» من خلال محورين، أولهما: إحصائي تحليلي، والثاني: استقرائي نظري، مما دلَّ على وجود أدب للطفل في قوالبه المتنوعة بالإضافة إلى وجود ثقافة للطفل( تربيته، ورعايته، وتعليمه) فيما صدر عن الإدارة العامة للثقافة والنشر بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بين الأعوام (1403-1416هـ).
وقد أسهمت جامعة الإمام بإصدار (46) ستة وأربعين عنواناً في سلسلة «قصص إسلامية للناشئين» في مبادرة طيبة وتجربة رائدة ومدروسة بعمق، إيماناً منها بأن التربية عن طريق الأسلوب القصصي المشوق من أهم وسائل التربية.
وهذه القصص بما تحمله من أفكار وقيم تغرس في نفوس ناشئتنا العقيدة الصحيحة، وتعرفهم سيرة أجدادهم وآبائهم المسلمين، ليتمثلوا بالقدوة الصالحة، ولقد كان هذا الأمر هدفاً حرصت عليه الجامعة.
ولعل أرقام الطبع والتوزيع التي وصلت إلى المليون ونصف المليون نسخة من مجموع إصدارات تلك السلسلة يُعطينا مؤشراً حقيقيا على حرص الجامعة على الأطفال واهتمامها بهم، وقد اضطلعت الجامعة بذلك بوصفها واحدة من كبريات الجامعات الإسلامية في العالم، وهذا العمل المتميز يعكس دور الجامعة في خدمة الأمة الإسلامية في أعز ما تملك، وهم أطفالنا: نابتة الحاضر وأمل المستقبل.
وقد وضعت الجامعة شروطاً لا بد من توافرها لنشر هذه السلسلة بما يتفق وأهدافها وما ترجوه وتسعى إليه في تربية جيل من الشباب المسلم ينهض بالأمة ويُعلي قدرها.
وقد صدر من سلسلة قصص إسلامية العناوين الآتية: (1) الوحي، (2) الكوثر. (3) النفس المطمئنة. (4) الرسول والصلاة. (5) الفتح المبين. (6) الفتح العظيم. (7) أهل الكهف. (8) ويؤثرون على أنفسهم. (9) ملغاة لضوابط شرعية. (10) قصة النبي الأعظم محمد  (11) التفاحة. (12) أسامة بن زيد. (13) زيد بن حارثة. (14) جعفر بن أبي طالب. (15) عبد الله بن رواحة. (16) مُثُل عليا. (17) أسد الإسلام. (18) رحلة عبر الزمن. (19) حدث في الساقية. (20) أصحاب البستان. (21) الساقية. (22) البصير. (23) قاضي الجيران وحكايات أُخرى. (24) في المسجد. (25) أخلاق إسلامية. (26) نحن نحب هؤلاء. (27) الاكتشاف الكبير. (28) رجل وحصان. (29) جدي يحدثني: يا بني كن مسلماً. (30) فتى من دمشق. (31) لؤلؤة وجمرة. (32) عزير .. الميت الذي عاد إلى الحياة. (33) هكذا الدنيا. (34) أبو خليل والحلم الجميل. (35) في ملكوت الله. (36) كيف يصنع الزبد. (37) واحة الأصدقاء. (38) رجال في السر. (39) ليل وضياء. (40) مهاجرات إلى الله-1. (41) مهاجرات إلى الله-2. (42) مهاجرات إلى الله-3. (44) سر في الصالحية. (45) لله ما أخذ وما أعطى. (46) عاقبة الغرور.
وقد وقع اختيار المؤلفين على أربع قصص، هي: رجل وحصان، ولؤلؤة وجمر، ورجال في الأسر، ولله ما أخذ وما أعطى.
وبعد التحليل المضموني والفني لهذه القصص واستقراء نظائرها في السلسلة، رأى المؤلفان أنها تتفق مع الضوابط التي أقرّها المجلس العلمي للنشر بالجامعة، والذي عملت به الإدارة العامة للثقافة والنشر، وقد تلخّص فيما يلي:
1-خلو موضوع القصة مما يُخالف العقيدة.
2-القصة في قيمها وأهدافها صالحة للأطفال.
3-دقة معالجة المؤلف للأحداث التاريخية ( وبخاصة الأسماء والمواقع والأعلام).
4-الالتزام بالمصادر الإسلامية الأصيلة.
5-وضوح الأسلوب وملاءمته لسن الطفل الناشئ.
6-حسن الإخراج وجودة الطباعة.
ومن الضوابط التي وُضعت للقصص التي تُنشر في السلسلة ما يلي:
1-أن تكون الكتابة في أحد الموضوعات الآتية:
قصص القرآن ـ السيرة النبوية ـ سيرة الصحابة رضي الله عنهم ـ سير الدعاة والمصلحين ـ التاريخ الإسلامي والبطولات والمعارك الإسلامية الخالدة ـ التاريخ العلمي للمسلمين وإبراز اكتشافاتهم في مجالات الطب والعلوم ـ القيم والأخلاق الإسلامية كالصدق والكرم والمروءة والإحسان والعفو وحسن الجوار … إلخ.
2- أن يكون أسلوب الكتابة في مستوى الأطفال الذين يُكتب لهم (من سن 9 سنوات إلى سن 12 سنة).
3-مراعاة صحة المادة، والدقة التاريخية في عرض الحوادث والوقائع.
4-أن يهدف الكاتب لتحقيق ما يلي:
أ-تقوية العقيدة الإسلامية في نفوس الناشئة.
ب-إثارة حماسهم للتمسك بالإسلام عن طريق إبراز التطبيق العلمي العملي لمبادئه، في سيرة أبطال القصص التي يكتب عنها، بحيث يُصبح بطل القصة قدوة للناشئ.
ج-الارتقاء بلغة الأطفال من حيث الوضوح في كتابة القصة ودقة التعبير.
*والفصل الثاني وعنوانه «بحوث في ثقافة الطفل المسلم: نظرات تحليلية» (ص91-112) تناول فيه المؤلفان مجموعة من البحوث المتعلقة بثقافة الطفل المسلم التي أصدرتها الجامعة، وإن كان هذا المسمى لم يتوافق مع محتوى هذه البحوث إلا أن فيه ما يمت بصلة إلى ثقافة الطفل المسلم، لأن أهم ما يشغل تفكير المهتمين بالطفل المسلم في العصر الحديث هي قضايا تربية الطفل وتنشئته على نهج إسلامي صحيح، يحفظه من عواصف الغزو الثقافي المنحرف، ويحفظه من تيارات الإلحاد والتبعية الفكرية لغير المسلمين، حتى يتحقق لهذه الأمة أملها في شبابها، ويعود إليها ما درس من مجدها على أيدي هؤلاء الشباب.
وعناوين البحوث العشرة التي صدرت في سلسلة «بحوث في ثقافة الطفل المسلم» عن جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية هي:
(1) عثمان بن عفان في أدب الأطفال، لمحمد بسام ملص. (2) عذراء قريش في أدب الأطفال، لمحمد بسام ملص. (3) الأطفال في التراث العربي، لعبد الرزاق حسين. (4) النهضة الأوربية في أدب الأطفال، لمحمد بسام ملص. (5) أهم أسس تربية الطفل المسلم وتطبيقاتها في المناهج الدراسية، لمحمود أحمد شوق. (6) مهمات المناهج الدراسية في بناء المجتمع المسلم، لمحمود أحمد شوق. (7) أسس التربية البيئية في الإسلام، لعبد الرحيم الرفاعي بكرة. (8) فتح الأندلس في أدب الأطفال، لمحمد بسام ملص. (9) وصايا إسلامية في أدب الذرية، لإسماعيل عبد الكافي. (10) ذكاء الطفل المسلم، لإسماعيل عبد الكافي.
والبحوث السابقة لا يُمكن تصنيفها تحت مسمى ثقافة الطفل، أو أدبه، أو تربيته، وإنما يُمكن تصنيفها تحت أُطُر ثلاثة:
1-بحوث أدبية ونقدية، وتضم:
-عثمان بن عفان في أدب الأطفال.
-عذراء قريش في أدب الأطفال.
-الأطفال في التراث العربي.
-فتح الأندلس في أدب الأطفال.
2-بحوث تربوية وتضم:
-أهم أسس تربية الطفل المسلم وتطبيقاتها في المناهج الدراسية.
-مهمات المناهج الدراسية في بناء المجتمع المسلم.
-أسس التربية البيئية في الإسلام.
3-بحوث ثقافية (معرفية وأخلاقية) وتضم:
-النهضة الأوربية في أدب الأطفال.
-وصايا إسلامية في أدب الذرية.
*والفصل الثالث وعنوانه «دراسات الطفولة في كليات جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية: مقاربة وصفية نقدية» (ص ص113-147)، يعرض فيه المؤلفان لمجموع الرسائل العلمية المقدمة لنيل درجتي الماجستير والدكتوراه في الفترة الزمنية بين عامي (1401-1415هـ)، وقد أُنجزت هذه الدراسات في كليات الجامعة بالرياض والمدينة المنورة، وعناوينها، ويندرج قسم منها تحت مفهوم التربية الإسلامية للأطفال، وهي ست رسائل:
(1) حقوق الأولاد في الإسلام، لمسفر بن دخيل بن مسفر العتيبي. (2) أحكام اليتيم في الفقه الإسلامي، لعبد الأحد ملا رجب. (3) الرضاع وأحكامه: بحث مُقارن بين المذاهب الأربعة، لمحمد موسى الصديق. (4) أحكام الحضانة في الإسلام: دراسة مُقارنة بين المذاهب الأربعة، لسعد بن عبد العزيز بن كليب. (5) الحضانة وأحكامها في الفقه الإسلامي، لعبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز المجلي. (6) أحكام الصغير المميز في الشريعة الإسلامية: دراسة مقارنة، لعبد العزيز فهد السعيد.
ويندرج قسم ثان تحت مفهوم الوسائط (أو الوسائل) التربوية والإعلامية، ويضم أربع رسائل هيا:
(1) دور المدرسة الابتدائية في إعداد الداعية، ليوسف عزت مرسي الصباغ. (2) أسس التخطيط والإنتاج لبرامج التليفزيون: دراسة تطبيقية على برامج التليفزيون المحلية في المملكة العربية السعودية «القناة الأولى»، لعبد الله بن ناصر الحمود. (3) تأثير الإعلانات التجارية في التليفزيون السعودي على الأطفال، لعبد الله بن سعود المعيقل. (4) دور التليفزيون في التنشئة الاجتماعية، لعم بن عبد الله العمر.
ويندرج القسم الثالث تحت مفهوم أدب الطفل وثقافته، وفيه ثلاث رسائل هي:
(1) سلسلة «الحكايات المحبوبة للأطفال»: دراسة تقويمية في ضوء الإسلام، لزيد بن عبد الكريم بن علي الهياف. (2) قصص الأطفال في الأدب العربي الحديث: دراسة نقدية إسلامية، لحبيب بن معلا اللويحق المطيري. (3) ثقافة الطفل المسلم: مفهومها، وأسس بنائها، لأحمد بن عبد العزيز الحليبي.
ولأن الطفل العربي التي تُكتب عنه هذه الدراسات يعيش في مجتمع مسلم يهتم بالصغير،ويرعاه في طفولته ونشأته، ويُحافظ على حقوقه، ويتعهده بالرعاية حتى يصير عضواً فاعلاً في المجتمع، فقد تنوعت الدراسات ما بين النواحي العقدية والفكرية والتربوية والأدبية. ولقد وقفت الموضوعات الرئيسة في تلك المباحث عند المحاور الثلاثة التي أشرنا إليها، وهي:التربية الإسلامية للأطفال (التنشئة والرعاية والحقوق)، والوسائط التربوية والإعلامية للأطفال في ظل التصور الإسلامي، وأدب الطفل وثقافته في ظل التصور الإسلامي.
ومن الملاحظ ـ بعد قراءة الفصل الثالث:
1-أن الرسائل الجامعية التي أشرنا إليها قليلة العدد، بالقياس إلى الفترة الزمنية، وإلى حجم الجامعة والأقسام العلمية بها.
2-أغفلت الرسائل ـ في الفترة المشار إليها ـ أدب الطفولة وفنونه المختلفة (كالشعر والقصة والمسرحية).
3-كشفت الرسائل عن ضرورة توجيه طلاب الدراسات العليا لدراسة الموضوعات التنظيرية والتطبيقية التالية:
-أدب الطفولة في المملكة، وخصائصه.
-وسائط أدب الطفولة في المملكة.
-ثقافة الطفل.
-معايير الكتابة للأطفال.
4-كشفت الرسائل الجامعية عن ضرورة البدء في بناء مناهج جامعية في أقسام الأدب والنقد لدراسة أدب الطفولة العربي: تأريخه، مفهومه، رواده، نماذجه، قضاياه الموضوعية والفنية، أشكاله التعبيرية، أدب الطفل وفق التصور الإسلامي.
***
وفي خاتمة الكتاب تسع وعشرون توصية نتعرف من خلالها على ضرورة تقديم الكتابة الجادة الملتزمة للأطفال، حتى تُسهم في التكوين العقدي والمعرفي والثقافي للأطفال: نصف الواقع، وكل المستقبل.