= نشيد كنعاني =
شعر : جمال علوش
( شاختْ مخالبُ الجبل .. نهشت أوراق شجرةٍ طيِّبة تنبتُ الحياة .. سالتْ دماء الشجرة ، واستطالتْ ، حتى احتوت الجبل ! )
" أسطورة بابلية "
يمتدُّ ظِلُّ الموتِ
يكبرُ
في الشوارعِ
والحَواري
يمتدُّ مُحتفِلاً ب "إيتوبيّةِ " الأطفالِ
ترفعُها أكُفُّهُمُ النَّبِيَّةُ
فوقَ مُتَّسَعِ الرَّدَى
وتحفُّها المُهَجُ التي جُبِلَتْ
بِزَيتونٍ وغَارِ
يمتدُ ظِلُّ الموتِ
" كَنعانُ " الجليلُ
يمرُّ مُتَّئِدَاً ، ويُحصي
وارِدَ اليومِ الملوَّنِ
بالدِّماءِ
وبالبكاءِ
وبالحِصارِ
" كَنعانُ " يا أبتي
تَقَدَّسَ وجهُكَ الذهبيُّ
دَامَ بَهاؤهُ
هَيِّىءْ لَنا مِنْ ماءِ
جُرْحِكَ بعضَ مايُجْدي
لينهضَ من حريقِ عيوننا
قَمرٌ يُضيىءُ سَوادَ هذا
الحُزْنِ
يُعْلِنُ أنَّهُ مازالَ ماءٌ
للفحولةِ
في عَنانَتنا الكذوبَةِ
أنَّهُ مازالَ متَّسعٌ لِنُنْجِبَ
- يابَهِيُّ –
شَذا قَرَارِ
" كَنعانُ " يا أبتي تَبَصَّرْ
هَلْ تَرى
مابَيْنَ غُربتنا وذُلِّ هَوانِنا
شيئاً يُشَاكِهُ حُلْمَنَا المأسورَ
أو غَضباً يَلَذُّ .. فنفتديهِ
بِألفِ أغنيةِ انتظارِ
هُمْ يحصدونَ هَناءنا
في كُلِّ ثانيةٍ
ودَبَّابَاتُهُمْ قَدَرٌ
يُسَيِّجُ عِشْقَنا الأزليَّ للأقصى
بِبَارودٍ ونَارِ
" كَنعانُ " تُدرِكُ مايدورُ بِخَلْدِ
لَهفتِنا
وتَعْرِفُ جيِّداً أنَّ انكسارَ
الدِّفءِ
لمْ يطفحْ هنا أبَدَاً ، ولم يخطرْ
على بَالِ الصِّغَارِ!
" كَنعانُ " يا أبتي
أعِرْنِي نايَ وَجْدِكَ
مُرْ دَمِي ، لِيَفزَّ مبتهجاً ،
ويخرجَ من مساراتِ العَناءِ
إلى فضاءِ الجُلَّنارِ
لِيَقولَ : ماماتَ الوَلَدْ
أبَدَاً ، ولاماتَ البَلَدْ
مازالتِ القُدْسُ البَهِيَّةُ
والأبِيَّةُ
كُلَّ ثانِيَةٍ تَلِدْ
قَمَرَاً لِتكبرَ أمَّةٌ
ويظلَّ خَلْفَ المَدِّ مَدْ
مازالتِ القُدْسُ ابنهالاً
دَافِئاً يرنو إلى فرحٍ
أشدّْ
فَرَحٌ فَضاءٌ لا يُجَارى في العُلوِّ
وليسَ يُدركهُ أحَدْ
" كَنعانُ " يا أبتي أفِقْ
هذا " مُحَمَّدُكَ " البَهِيُّ أتى
وفي عينيهِ رُعْبٌ
وابتهاجٌ
واعتِزازٌ
لا يُحَدّْ
هُوَ ( دُرَّةُ ) الأحلامِ
كَوكَبُ كُلِّ ماكانَ
وما سَوفَ يَجِدّْ
" كَنعانُ " يا أبتي احتَضِنْهُ
وَخُذْهُ مُبْتَهِجَاً لِصَدْرِكَ
وامْسَحِ الخوفَ الذي رسَمَتْهُ
كَفُّ القاتِلِ الذِّئْبِيِّ
فَوقَ ملامِحِ الوجْهِ الذي
مَزَجَ البراءَةَ
بالجَّلَدْ
خُذْهُ إلى أعلى وأعلى
ما مُحَمَّدُ غيرُ نُورٍ فاضَ
مِنْ جُرْحِ الكرامَةِ
دافِئاً ،
وأضاءَ ليلاً قدْ حَسِبناهُ أبَدْ !
" كَنعانُ " .. ها أجسادُنا – ياعَذْبُ –
تُعْلِنُ عَنْ تَجدُّدِها
تُعَمِّدُهُ بِماءِ البُرتقالْ
أجسادُنَا جِسْرَاً تصيرُ
لِكَيْ يَمُرَّ الرَّائِعونَ إلى
البِلادِ
ويُعْلِنُوا في اللحظةِ ( الذكرى )
اكتمالَ الحُلمِ
بَهْجَتَهُ
وقَدْ كَبُرَ الحصى شَجَرَاً ، وأينعَ
واستطالْ
أهْدَى لَنَا ماعَزَّ
أكْرِمْ بالحِجَارَةِ حينَ ينضجُ
بَرقُها
ويعيضُ عنْ قِيلٍ وقَالْ
" كَنعانُ " يا أبتي تَبَصَّرْ
إنَّها الجُثَثُ الشهيدَةُ والجديدَةُ
والقَرابينُ التي مُزِجَتْ بِحُبْ
عَلِّقْ على أهدابِنا
دَمَكَ اللهَبْ
وادْخُلْ بِنَا
لاشَيءَ ينقصنا سِوى وَرْدٍ
يُبَارَكُ بالهُطُولِ
وَحَقْلِ زَهْرٍ مِنْ غَضَبْ
لاشيءَ ينقصُ – ياجَميلُ – سِوى
العَرَبْ !!!
------------------
* جمال علوش
عضو اتحاد الكتاب العرب
=======================