أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: رقصة تنفيض الوجع ( قصة لأحمد محمد عبده )

  1. #1
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : May 2006
    المشاركات : 11
    المواضيع : 1
    الردود : 11
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي رقصة تنفيض الوجع ( قصة لأحمد محمد عبده )

    رقصـة تنفيض الوجع

    ارتسمت علي جبينٌكِ خريطة للغضب ، كانت نشازاً مع التاج الرقيق ، و أنوثة ألوان الطيف علي صفحة وجهٌكِ ، توقعنا أن تأمري – فأنتِ الملكة - بإلقائها خارج الفندق - لكن يبدو أنكِ استدركتِ حساسية الموقف ، فسرعان ما شكّلت ألوان طيفكِ , مهرجاناً من أضواء ذابت فيها تجاعيد الخريطة العابسة ! واتسع صدُرِك .. وقلتِ " هي مفروضة عليً ، فلا لزوم للفضائح ، فربما لم يلحظ الناس أنها أختي " , ثم استحضرتِ في نفسكِ أرق إحساس وأرهف إشفاق لعروس مثلك . تجاه شقيقة لها - أنتِ و هي - كأنكما " فولةُ وانقسمت نصفين " لولا ما انطبعتْ عليه هى من " َطَمشْ " عجيب ,. والملح المجنزر في تضاعيف نحرها ، والقشف الُمضّمخ بالحناء علي ظهر كفيها وذراعيها , حينما تنحسر عنها أكمامها , و علي شقوق كعبييها- فقلتِ " دعيها وهمومها .. فمن الليلة .. سوف يطول تقلبها في سريرها ، فلن تعد تجد ضفائري كي تظل تعبث في تلافيفها .. فأصرخ في وجهها .. و لا تكُف عن عبثها حتي أغيب في النوم، كما أنها لن تعد تجد هياكل العظم ولا الجمجمة لتحضنها وتقبّلها و تغني لها الأغنية التي تلبّستها بعد الواقعة ! ".
    فمن يوم أن سقطت بطتهم الوحيدة في البئر, وسقط في إثرها سرب من صغارها الخضر .. من ساعتها وهي لا تكف عن ترديد :
    شـر شير .. شير .. شير
    بطتنا وقعت في البـــــــــــير
    وكان أبوها ينهرها ، تشاؤماً وخوفاً من أن يكون ما ينفـرط منها فألاً نحساً علي جاموسـته.
    لكن يا ترى حينما نكون في قاعـة " ألف ليلـة وليلــة " .. أيضا نقول " كوشــة " ؟
    خجلتٌ أن أسأل أحـداً ، فكفـي ما تفعـله بهيجـه في الهيلتون !
    بهيجة ترقص في الهلتــون !!

    فى ذات المكان الذي تدب عليه أقدام وإيقاعات وتوقيعات و تقاسـيم , لأروع سـيقان َقدِمت من روسـيا البيضاء . أو خرجـت من مصر القمحـاء .. .
    تجلسـينَ بجوار عريسـك في الكوشـة ، و علي رأسـك الطرحـة التوللي، بينما هو علي رأسـه شـال أبيض وعقـال ! .
    هو لم يكف - منذ بدأتْ بهيجـة في الرقص - عن القهقهـة والكحـة والحشـرجة ، فطغت عليكِ نوبـة من الأسـف الشفيف المغلـف بإبتسـامة مواربة, وضربتِ كفـاً بكـف ربما لتصرفي الأنظار عن محاولة ربطهم بين " فصـي الفولـة " !!
    تحفــة . . والله تحفــة ..
    ولو أن " سـهير أو نعيمة " هي التي ترقص .. ما َضجّت القاعة بهذا النشـيج الضاحك ، فلا نعرف - من بين ثنايا شنهفاتهم - ورغرغة الدمـوع في عيونهم ، إن كانوا يبكون أم يضحكون .. .
    " ….. كانت تقول أنها سترقص في فرحـي ، كنا أجبرناها علي حـك حراشـف قدميها ، و كنا ألبسـناها - غصبـاً عنها - جلبـاباً مغسـولاً "
    هي حاجـة من اثنتـين : إما كنتم تُقيمون الفرح في العـزبة ، وإما كان واحـداً ممن لهم تأثـير عليها , يمنعها من أن تفلت لتذهب .. مرة واحدة .. إلي " كورنيش النيل " ! .
    و هل كان " الشــيخ " يرضي بأن يكون زفافـه في عزبة ؟
    ونظـن أن أحـداً - مهما كان - لم يكن ليقدر علي واحدة عيارها مفلوت !
    زغـر لها أبوها حينما شرعت في إنزال طرحتها السمراء ، وراحت تتحزم بها ، التقت عينها الناعسـة علي صدرها .. بعين أبيها الزاغرة . لم تهتم وواصـلت حنجلتها وتفقيرها مثل مجاذيب الزار في تطويحات سريعة و متتابعة وهي تغـني :

    شـر شير .. شير .. شير
    بطتنا وقعت في البــــير
    طرحتها حزام فوق ردفيها المهطولين ، وجلبـاها الفضـفاض المنقوش بفصوص توت بنفسـجي .. كأنه نذرُ عليها أن ترقص في فرح أختــها " اللكتــورة "
    يمنعوهــا .. يضـربوها
    - لازم أرجـص لا ز م
    - يا بهيجــــــة
    - لازم ارجـص لا ز م
    - يا بنـت النـــاس
    - لا ز م .. لا ز م
    ذراعيها .. مع رأسـها .. في المنتصف ، مثل الشـمعدان .. تميـل مرة نحو الشـمال فتبرز فلقـة ردفهـا اليمني .. ومرة نحو اليمين فتعلــو فلقـة ردفهـا اليسـرى .. وتظل علي ناحية منهما .. لثـوانٍ .. لتظل فلقــة الردف المٌشـرعة تنبـض .. وتنتفـض .. من تحت جلبـابها .. ويشـتد تصـفيق المعـازيم ، كلمـا قب الردف أو غطـس ..
    برطشـة الحنـاء ، تخُضّـب القشـف البـادي ، ولمعـة عرق " العافيـة الهابلة " علي فتحـتي أنفها .. وشقوق كعبيها تترك بصماتها علي نعومة الباركيـه ..
    ثم خرجت من قلب الدائرة ، راحت تتجول في أنحـاء القاعـة الكبيرة ، توقفت أمام لوحـة ! كانت لوحـة " فلاحـة من بحرى " فانهمكـت تضـرب بكلتـا كفيهـا علي فخـذيها .. وهي تنـط مع كل خبطـة. ثم سـارت و هي تتهجـي الرقص ، و قفـت أمام بورتريـه لـ " شـهرزاد " وهي تحكـي لشهريار ، فصفقت و أطلقت الزغـاريد .. ثم مشـت إلي ركن آخر من أركان القاعـة ، تَسـمّرت قديمها أمام لوحـة " مسـرور " وهو يرفع سيفه ثم ٍانهمكت تغني :
    شـر شير .. شير .. شير
    بطتنا وقعت في البـــير
    ***

  2. #2
    الصورة الرمزية حسام القاضي أديب قاص
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    الدولة : مصر+الكويت
    العمر : 63
    المشاركات : 2,213
    المواضيع : 78
    الردود : 2213
    المعدل اليومي : 0.34

    افتراضي

    الأخ الفاضل الأديب / أحمد محمد عبده

    أولا مرحبا بك في واحة الفكر والأدب .

    رقصة تنفيض الوجع قصة عميقة تدل على قاص واع متمكن من أدواته ، أسلوب سرد شيق ضفرت في طياته ما أردت قوله على المستوى الآخر ، أغنيتك المعبرة :
    شير شير بطتنا وقعت في البير.
    ( قاعة ألف ليلة وليلة )
    ثم .. على رأسك الطرحة التوللي ، بينما هو على رأسه شال أبيض وعقال !
    لوحة فلاحة من بحري ،( بورتريه شهر زاد وهي تحكي لشهريار )
    ( لوحة مسرور وهو يرفع سيفه )
    بدا الأمر لي وكانك تكتب ( نداهة جديدة ) فإذا كانت نداهة يوسف ادريس ( المدينة التي نادت القرية ) فهل نداهتك العقال ( وما يرمز إليه ) تنادي الفلاحين ( المصريين ) أراها كذلك .
    مرحبا بك مبدعا متميزا .
    حسام القاضي
    أديب .. أحياناً

  3. #3
    الصورة الرمزية إكرامي قورة شاعر
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    الدولة : المنصورة-مصر
    العمر : 49
    المشاركات : 1,822
    المواضيع : 75
    الردود : 1822
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    سبقني الأديب الأستاذ حسام القاضي للترحيب بك
    فأنت أهل للترحيب وهو أهل للسبق

    مرحبا بالقاص المبدع

    أحمد محمد عبده

    مرحبك بك على صفحات واحة الكبار
    فأنت أهل لكل احتفاء يليق بقدرك

    مرحبا بك
    وأرجو أن تطيب لك الإقامة هنا

  4. #4
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : May 2006
    المشاركات : 11
    المواضيع : 1
    الردود : 11
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    الأديب دائماً....حسام القاضى
    تصادقت معى فدخلت فى تلافيفى فصدقت
    أشكرك يا أ خى على هذا المرور الذى يرقى لدرجة القراء ة المتأ نية حتى اننى
    اشعر انها تمهيد لقراءة اخرى .. تكاد تقترب من الماسة الحجرية التى تنفض عليها بهيجة .. الفلاحة .. مسكينة العصور الطويلة اوجاعها

  5. #5
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : May 2006
    المشاركات : 11
    المواضيع : 1
    الردود : 11
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    الشيّق ..الجميل..الدكتور اكرامى قورة
    اولاً اشكرك على هذه الحفاوة المتهللة و المترامية الاطراف حتى اننى تخيلت وقفتك فى الفراندة عندك فاتحا ذراعيك لى ..... هذا اولا..
    اما ثانيا ..فأ ين انطباعاتك ياحبيبى على هذه ..التى ادعى انها قصة ؟
    صوتك النقدى الجميل ..فى انتظاره.. حتى لو بالسالب

  6. #6
    الصورة الرمزية صابرين الصباغ كاتبة وقاصة
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    الدولة : الإسكندرية .. سموحة
    المشاركات : 1,680
    المواضيع : 131
    الردود : 1680
    المعدل اليومي : 0.25

    افتراضي

    أحمد محمد عبده

    المصرية تصرخ بقلمك ، تفاصيل التفاصيل ..

    تصوير بكاميرا قلم تعي كل اللقطات التي تنقلها لعيون مشاهد لا قاريء

    قدرة على حبكة قصة من متخصص يعلم ماذا يقول ومتى يقول

    احمد ....

    أول مرة أقرأ لك واعتقد أني سأدمن حرفك

    دمت مبدعا

  7. #7
    في ذمة الله
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    المشاركات : 3,415
    المواضيع : 107
    الردود : 3415
    المعدل اليومي : 0.50

    افتراضي

    نص قصصي ممتع من مبدع .
    تعايشت مع تلك الرائعة فكل منا له بهيجة ، وعليه تقبلها كأمر واقع .
    فبهيجة هنا ترمز إلى كل ما يخالف الطبيعة السوية فينا نحن البشر ، " ….. كانت تقول أنها سترقص في فرحـي ، كنا أجبرناها علي حـك حراشـف قدميها ، و كنا ألبسـناها - غصبـاً عنها - جلبـاباً مغسـولاً "
    تقصير وإهمال في حق من يستوجب منا الإهتمام ، وتلك تحسب عليها كطبيبة ومتعلمة فكان يجب عليها رعاية بهيجة ولا تكتفي بضربت كفـاً بكـف لتصرف الأنظار عن محاولة ربطهم بين " فصـي الفولـة " !!
    فتقول : ـ تحفــة . . والله تحفــة ..
    كاتبنا المبدع ـ أحمد محمد عبده
    لنصك وقفات وتأملات تستوجب منا إعادة النظر في أمور حياتنا من تقصير في حق من وجب علينا رعايتهم والأخذ بأيديهم .
    تحياتي وتقديري .

  8. #8
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : May 2006
    المشاركات : 11
    المواضيع : 1
    الردود : 11
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    شقيقتنا المبدعة/صابرين الصباغ
    لاتعلمين مدى السعادة التى داخلتنى حين قرأت مرورك الذكى الجميل
    غير أنه أهلنى لحالة نفسية تجلت عند التعليق الذى يليه / إلى هناك.

  9. #9
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : May 2006
    المشاركات : 11
    المواضيع : 1
    الردود : 11
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    شقيقتنا الرائعة /عبلة محمد زقزوق
    جاء تعليقكِ بمثابة المرآة التى رأيت فيها مأساتى .. أقصد مأساة بهيجة ..أقصد مأساة الملايين فى عالمنا العربى من أمثال بهيجة..تلك التى لم تعرف البهجة يوما ..إلا هذه الحظة (العبيطة)التى أرادت أن تنفض فيهاأوجاع وأدران ألاف السنين..صدقينى..ذرفت عينى دمعة..حين استدعاؤك(كانت تقول..... كنا أجبرناها على حك حراشف قدميها....)
    ـــــــــــــــــــــــــ
    هى لحظة تاريخية..وليست عبيطة.

المواضيع المتشابهه

  1. علام انتصب .. من "إعراب القرآن لابن هشام الأنصاري" لأحمد بن محمد الرفاعي الحنفي
    بواسطة فريد البيدق في المنتدى النَّحوُ والصَّرْفُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 27-10-2010, 11:58 AM
  2. حسين علي محمد يكتب عن نقش في عيون موسى لأحمد عبده بجريدة الجمهورية المصرية
    بواسطة مجدي محمود جعفر في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 27-05-2007, 12:12 PM
  3. لَيْسَ الرِّثاءُ لأَحْمَدٍ مَحْمودَا
    بواسطة محمود مرعي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 27-03-2004, 09:20 PM
  4. إعلان مبوب ( قصيده اعجبتني ) لأحمد مطر
    بواسطة محمد الدسوقي في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 27-03-2004, 08:27 PM
  5. اخر ما قرأت لأحمد مطر
    بواسطة تامر علي في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 16-09-2003, 01:55 PM