لمَّا أتى ..
كنَّا على نيَّاتنا ، وأرضنا يبابْ
فلوَّنَ السحابْ
وأنزلَ المطرْ
وقال للتراب " ذُبْ في عالمي "
فذابْ !
لمَّا أتى ..
مرَّ على قلوبنا
وحط قربها عذابه وكلَّ ما لديه من أكوابْ
وقال في وصيةٍ له " اشربوا "
وغابْ !
من يومها
لم يبق في أعصابنا أعصابْ
جن جنون شعرنا
فتارةً تصيبهُ سعادةٌ
وتارةً يصيبهُ اكتئابْ
لمَّا أتى ..
تبدلت أحوالنا
وحلَّ في حياتنا انقلابْ
الليلُ لم يكنْ مُقَطِّبَ الجبينِ هكذا
وشاحباً ،
ونظرةُ الوديان لم تكن حزينةً ،
ولم تكنْ صفراءَ بسمةُ الهضابْ
ولا شذا الورود كان هكذا ،
ولا نضارةُ الأعشابْ
وضحكةُ الربيع أينها ؟
تبدَّدتْ ..
وهي التي كم ردَّدت أصداءَها الشعابْ
والشمسُ والنجومُ والقمرْ
كئيبةٌ ، كأنها تدق ناقوس الخطرْ
وتعلن اقترابنا من لحظة الخرابْ
وكل ذا يثيرُ الارتيابْ
لا ، لا تمتْ
يا حبنا الأخير لا تمتْ
ولتنتظرْ حتى نموت نحن أوَّلا
واتركْ حبال الشِعر في أصواتنا ،
مشدودةً إلى السما
لا بأس إنْ أسقيتَنا العذابْ
لا بأس إن أفقدتَنا الصوابْ
لا بأسَ إنْ ألبستنا ما شئتَ من أثوابْ
لكننا ، نرجوك ، لا تمتْ
ولا تدعنا هكذا ، نجري وراك كالذي
يجري ورا سرابْ ..
من يجعل الحياةَ في عيوننا جميلةً ، رغم الأسى ،
وتخلب الألبابْ ؟
وإن ذوى شبابُنا ، يضخُّ في دمائئا دماءَهُ ،
مجدداً فينا الشبابْ
من يكسر الروتينَ في أيامنا ؟
وإن تلبدت سماؤنا بالغيم ، زانها
بطيفه السحريِّ والجذابْ
مَن يُقنعُ المودِّعين الذاهبينِ بالإيابْ ؟
ومَن يقولُ ، للذين ما دروا أنَّا نحبهم ،
بأنهم لنا أحبابْ
من يكتب النهاية التي نريدُ في كتاب عمرنا
وبابتسامة على الشفاه ، يختم الكتابْ ؟!
لا ، لا تمتْ !
يا حبنا الأخير لا تمتْ
ولتنتظرْ حتى نموت نحنُ أوَّلا
وننتهي ، ونمتلي ،
بكل أسباب الغيابْ !
=======
من ديوان ( عد غداً أيها الملاك )