الأرض قد رفلت ثيابها الخضراء على أشجان الطيور.
والبحر قد عربد عليها غاضبا فتراه يهيج و يحور.
وللغصون رجفة و للنسيم رقة .
و للورود تألق وحبور.
هنالك عندما أعفت الليالي نجومها مؤذنة تباشير الصباح بالسفور .
رأيتها و قد أتت تغذ خطاها في تردد و خفور .....
ترددت ....
تملكتني الحيرة.....
أأضحك أم أبكي , أأمضي أم أقف , أأسكت أم أتكلم
أهذه ليلاي أم ليست ليلاي
أتلك هي عيونها التي طالما عذبتني بسلطان الحب والهوى
أذلك هو وجهها النير الذي طالما شردني في فيافي الشوق و الجوى
فإن كانت فما ذلك البؤس في محياها و ما ذلك التغير في هيئتها
وإن لم تكن فما لي أرى تلك اللهفة في عينيها و ذلك الشوق في خطواتها
أتكون مريضة أتكون مريضة يا ترى.....
أطرقت رأسي قليلا وقد خنقتني العبرة و تغشاني ما تغشاني من الهم و الحزن .
وما انتبهت إلا على صوت خطاها وهو يقترب شيئا فشيئا
تمالكت نفسي و وقفت انتظرها وانتظر ذلك السر المجهول في عينيها الحالمتين .
***
فادي....
فادي...
و على وقع ذلك الصوت الندي وقفت أمامي بدلالها وجمالها كأتم ما تكون
علت البسمة محياها والتورد وجنتيها.....
تكسرت أجفانها خجلا و هي تناديني بتدله ودلال .....
فادي
فادي أنا ليلى ......
فشعرت بروحي وهي تطير في عالم اللامكان واللازمان
وأحسست ببرودة تكتسح جميع أطرافي
و نيرانا و براكينا تتفجر في أعماق أعماقي
ثقل لساني وتوقفت أزمنتي
و تمزقت آهاتي وأناتي لتطلق دويا مؤلما
ليلى .......
ليلى ......
أهذه أنت يا ليلى .......
أمسكت بقلبي وتشبثت به من أمام طوفانها الجامح
و لكنني لم أستطع أن أتفلت من سلطان عينيها
حاولت أن أتكلم ولكني عجزت وأنا أنظر إلى أقنعة حروفي
وهي تساقط من أمامي تارة بعد أخرى......
لا مست يدي يداها
و تلاقت عيني وعيناها
فادي .....
فادي .....
أنا ليلى ماذا دهاك ؟ ألم تعرفني ؟
لملمت ما بدا لي من حروفي المتساقطة
و استجمعت على عجالة بقية أنفاسي المتشردة
وبدأت أهذي و أهذي .........
في سكرة و تدله ..............
يا مالكة قلبي
يا آسرة روحي
يا نور عيني و يمن حياتي
كيف لا أعرفك وأنت إسراري و إعلاني
و أنت أحلامي وآمالي
يا فاتنتي
يا معذبتي
فادي ....
بالله عليك توقف ….
ودعنا من هذا الهراء ......
نظرت إليها والآهات ملء حروفي ... ودموعي ...
أتوقف ….
أتوقف ….
وهل أبقيت لي عقل يزجرني
أو حدا يمنعني
أو ماض يمنيني ويسليني
أتوقف.....
وقد بلي سناني
وتهدمت أركاني
و تقهقر يمني و زماني
فادي اسمعني قليلا
سبحان الله
تارة ترقين وتارة تصدين
و أنا بين ذلك في دنيا الافتراضات والاحتمالات
أحرق شمعة حياتي أمام شواطئك
وأنت أنت ما بين مد وجزر
لا ترحمين ولا تترحمين
أمسكت بيدي تهزهما هزا عنيفا .
وقد اغرورقت عيناها بالدموع حتى سالت على لجين خدها الأسيل
ارتجف قدها المياس كقضيب من قضب الريحان في طي إعصار عاصف
و تتابعت على أثره سنابل قمحٍ قد انهمرت و تساقطت من غير ترتيب أو نظام على حدائق الورد و الجلنار
هزتني وقد وشت الآهات حروفها والرعشة مبسمها القاني .
فادي
فادي
حنانيك اسمعني
نظرت إلي عينيها و قد بدا منهما حزن عميق
فتذكرت ما أصابني من الحيرة والذهول عندما كنت أرقبها وهي قادمة
واسترجعت ما زورته في نفسي من أسئلة ما أنسانيها إلا نزق الشوق و سكرة اللقاء .
ليلى أأنت مريضة
أأصابك مكروه
ليلى أجيبيني
فادي إنني .........
يتبع.......