أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 19

الموضوع: النص الكامل للمجموعة القصصية " سنوات الجنون الأبدية " لسامح عبد البديع الشبة

  1. #1
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    الدولة : مصر - بلطيم
    العمر : 49
    المشاركات : 285
    المواضيع : 38
    الردود : 285
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي النص الكامل للمجموعة القصصية " سنوات الجنون الأبدية " لسامح عبد البديع الشبة

    النص الكامل للمجموعة القصصية " سنوات الجنون الأبدية " لسامح عبد البديع الشبة

    ***********************

    ( 1 ) قصة قصيرة :- مريم

    *************

    انتهى كل شيئ ... طفولتى وشبابى ، حتى شيخوختى قاربت على الانتهاء .
    أعرف ما سيقولون حين يلقون وجهى الوسيم ... كنت فى الماضى لا أرتضى أنأعيش وحدى ، ولكنى الآن مقيد بالوحدة ... تطاردنى حتى فى الحلم .
    هى الوحدة ، ولكنها وحدة من نوع خاص ... ترفض الناس وترفض مقتنياتك الغالية عليك ... ترفض حتى الثمين منها ... تنظر إلى كل شيئٍٍ بنظرةٍ مريبة ... تحترس الإقتراب من كل شيئ حتى ولو يعينك على استمرار حياتك الباقية منها ... هكذا أنت داخل البرج العاجى الذى شيدته فى عالم سحرى جميل ... تخشى أن تتركه فتلاقى ما لقيته مريم .
    مريم ... مريم ... رحت مدفوعاً بتذكر هذه الفتاة المشعة بالجمال ، فالطالما صعدتما معاً سلم البيت المهجور ، وتحدثتما عن قصص العشق والغرام ، وقلت لها وأنتما على النافذة المطلة على الحارة الشرقية :-
    - " لا عشاق قبلنا ... نحن فقط العاشقان الوحيدان فى الدنيا ... فلا ثالث لنا " .
    تسمع همساتها ... تعلن نبأ زفافكما وتختارها من بين بنات الحارة الحسناوات ، فهى عندك الحسن كله ... يبارك والداها زفافكما ، ويتمنى لكما الحياة السعيدة وأن يرزقكما بالبنات والبنين .
    كنتما فى غاية السعادة ... كدت تطير بها لولا أنك خشيت أن تهوى كما هوى ابن فرناس من فرط ما كان به من بهجةٍ وسرور ونشوة .
    دائماً كنت تحلم أن تحلق بها إلى أقصى ارتفاع لا يمكن أن يصعد إليه إلا الشجعان الذين وهبوا أنفسهم لآمالهم البعيدة التحقيق ، وحققت أخيراً ما كان يصبوا إليه قلبك ، ونلت أميرة الحارة ... مريم .
    تتأمل نفسك فى مرآة قصرك ... وجدت هيكل عظمى واحد يكسوه لحم ، نظرت خلفك فلم تجد الهيكل الجميل جوارك .
    على سريرك الحريرى تتلألأ صناديق الذهب والزمرد .
    ( موسيقى شجية يصاحبها تنهيدة عميقة ) .
    تتوهم أنك تعانى من سكرات الموت ... تستيقظ من هذا المشهد الجنائزى .
    تتفاءل ... تنفست بعمقٍ وارتياح ، واكتشفت أن ما أخفقت فى تحقيقه بالأمس يمكن أن تناله اليوم ... أسرعت ... فأغلقت صناديق الذهب والزمرد ، وأغلقت صوت الموسيقى الصادر من مذياعٍ قد وجدته على كرسى " الأنتريه " شمال النافذة المطلة على جنةٍ خضراء ... صرخت فرحاً ، تنادى على خادمك أن يحضر لك باقة زهور ، ولفت نظره أن يشترى أكبر باقة ورد بنفسجية اللون ، كما كانت تعشق هذا اللون العاطفى .
    حدثت نفسك :-
    " إنها امرأة تقبل التسامح فى أى وقت ، بل هى أميرة الأميرات التى تصفح عن كل الذنوب التى اقترفتها فى حقها " .
    وقررت أن تراها ، ترى ليلك القتول ... تبدو عاجزاً لا تتحرك من أمام المرآة .
    فجأة أشعلت سيكارتك ، وتقطعت أنفاسك ، بقيت على حالتك ... تتصبب عرقاً أمام المرآة ، همك الكبير أن تتوج سنوات جنونكما بعقدٍ شرعى ... فتحت النافذة بحدة ، فرأيت خامك المطيع حاملاً باقة زهور كبيرة الحجم على ظهره المقوس ... لدرجة أنه يهرول فى مشيته ، متخذاً الحذر من انزلاق الزهور من بين الذراعين ... تتذكر المثلث القائم الزاوية ومدرس الرياضيات ... تشم عبق النسيم القادم ... تتبدل ملامحك ، تبتسم ... تلوح إليه بيدك فرحاً ... تنظر غليه نظرةً يفهم منها أنك تستعجله ... وتزداد سرعته ، يسرع ... تراه بلونٍ بنفسجى قاتم ... تغمض عينيك ، تفتحها ، ترى الدنيا بنفس اللون ... تحدق فى المرآة ... تسبح فى خيال ، ترى معطفك قد تحول لونه الأسود - الذى اعتدت عليه - إلى لونٍ بنفسجى قاتم ... تغمض عينيك لتبصر جسدك عارياً ... تسأل نفسك :-
    - " أين المعطف؟ أين خادمى المطيع ؟ أين باقة الزهور البنفسيجية ؟ أين مريم ؟ أين عقد القران الذى طال انتظاره سنواتٍ وسنوات ؟
    يختفى كل شيئ حولك ... صناديق الذهب والزمرد ، سريرك الحريرى، صوت الموسيقى ... وجهت مؤشر الراديو إلى إذاعةأجنبية .. لم تفهم لكنة المتحدث ، ولكنك أنصت إليه ... أخرجت ورقة وقلم من سروالك ... أخذت تدون ما تسمع ، وكتبت حروف كلمات غير منتظمة ... نسقت كل الحروف والكلمات ... فاتت بضع ثوان " ستة وعشرون حرفاً اتحدت فى اسم عشيقتك ... مريم " ، تفيق ، فكل شيئ قد تحول ، حتى أنت ما عدت الرجل القوى ، قد اشتعل الشيب فى رأسك ، وتساقطت أسنانك الواحدة تلو الأخرى .
    تهرب من السكون المخيم على المكان بعد انقطاع موجة المذياع ... أطللت من النافذة تعتريك ارتعاشة من ريح تجوس داخلة إلى أركان قصرك وتفتك بعظامك ... تعرف ما ستقوله لمريم حين تلقاها :-
    - " مازلت على العهد القديم " .
    يومها سوف تعلن على الملأ الميلاد الجديد لكليكما ولجنونكما الأبدى .
    نعم يا صغيرتى !
    فليرحل الفراق ولترحل الدموع .
    ترسم بأصابعك صورة لفتاة صغيرة ... لها ضفيرتان قصيرتان ... تسكب زجاجة العطر البنفسيجية على المرآة ، فتمحى ملامح الفتاة ... سرت بانكسار ، حزين أنت ... وفجأة وجدت خادمك أمامك ، تحاول أن تخفى انكسارة ذاتك ... توارى وجهك خلف الستائر ... يربت خادمك على كتفك ... تلقى برأسك على صدره ... تبكى ... يمسح دموعك المنهمرة على وجنتيك الحمراوتين ... أسلمت له جسدك وارتخيت ... وها أنت فى سباتٍ عميق تحلم بالحلم الذى حلمت به الذى يجمعك بمريم تحت أسقف هذا القصر الأسطورى الذى شيدته لتعيش فيه مع فتاة أحلامك ... مريم .
    ( تمت )

    سامح عبد البديع الشبة

    sameh_ss_center@yahoo.com

  2. #2
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    الدولة : مصر - بلطيم
    العمر : 49
    المشاركات : 285
    المواضيع : 38
    الردود : 285
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي

    ( 2 ) قصة قصيرة :- تدرج وظيفى
    ***************

    1- قهوجى :-
    رشف رشفة شاى من فنجانه الذهبى ... ألقى بفنجانه فى اليم المقابل لواجهة شباك بيته ... اختلط الشاى بالماء ... ترسبت حبات العرق العالق على جبينه فى منديله ... وهنا أيقن تماماً أنه قهوجى من الدرجة الأولى .
    أدار مزلاج البيت الآخر ، وألقى بنفسه فى أحضان امرأته التى استولت على منديله ، وعلمت كيف تحافظ عليه ... ولن تدعه مرةً أخرى يخرج دون استئذان !

    2- فى المقهى :-
    يغزو المكان بالقهر ... هم يعرفونه كما يعرفون أنفسهم ... يجالس كل جنسٍ على حده ... يعانق أوهامه بشبق ... تطارده طفولته المشردة ... يفزع من حلمه الأوحد ... تنهار مملكته الأسطورية فى وقت الشفق متسائلاً :-
    أين المأوى ؟ أين الوطن ؟ أين العبق ؟
    يفيق على صراخ الولد :-
    - أبى ... أين أمنا الغالية ؟ أرى كل من بجوارى أبناء شرعيين !
    فأين أمى ؟
    يوهمه أن أمه على قيد الحياة ...
    - أنظر ... هذه أمنا المنسقة ... ودع القلق .
    تصدر أصوات أطفال صغار تعترض ... معلنةً النبأ :-
    - ما أنت إلا هواء فاسد ... وسيأتى الشتاء ... ويسقط المطر !
    يكبر الولد وينجب ... ويسأله من ذاك المعرب ؟!
    يجيب عليه بالكذب :-
    - ذاك المفسد ... دعه يسبح تارةً ودعه يغرق تارةً أخرى ... وأجب بالإيجاب ... وخالف ما دونت على الورق ... ولتبق قصيدته المطولة معلقة ... يقرأ من يريد ... ويهتف من يريد ... ويقتل من يريد !

    3- يصارع الموت :-
    عندما يحلم الحالم بحلم لذيذ يود أن يظل فيه للأبد ... هكذا حلم أنه يمتلك الطين والمال والجاه ... والعبيد - أحرار ماضيهم الجميل - منفذاً سلطته من خلال العنكبوت المتدلى من على أسقف جيرانه ... المتربصين له بالويل إن لم يترك لهم الأم الغالية .
    فهم يعيشون ... يموتون ... يلقون أقلامهم ... يدفنون أصواتهم فى قبة البيت ... وفجأة ... اتفقوا على توحيد الصف ... اتحدوا ... أيقظوا هذا الحالم على خبر وفاته ... وأن هذا الحلم ما هو إلا مجرد كابوس لنهاية يومه .
    لا يصدق ... ويصعق ... ويموت متناسياً ما رآه ... حالماً بحلم أبدى لا ينقطع أبداً ... مهما أيقظه أحد !

    ( تمت )

    سامح عبد البديع الشبة
    sameh_ss_center@yahoo.com

  3. #3
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    الدولة : مصر - بلطيم
    العمر : 49
    المشاركات : 285
    المواضيع : 38
    الردود : 285
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي

    ( 3 ) أقصوصة:- بَرد
    *********************


    الطريق الأسفلتى يرحب بالرحيل ... وقدمى التى أصابها نوع من الشلل عند بوابة العالم الخارجى تنعى حظها التعيس ... لتتساوى لحظات الفرح والحزن إذن ... روعة اللقاء ... ولوعة الفراق .
    والآن أيقنت أن ساعة الحزنِ قد حان ميقاتها ... حين أطفأ السهر ليلتنا ... وأنهى الزمن لقاءنا ... وحانت لحظة انفصال الكلمات من الأفواه .
    ليظل الجرح الغائر مكشوفاً للجميع ... ولتبق كل الأماكن راسخةً لا تتحرك ... وليبق الطلل مطلياً بأنات الأصوات الموجعة ... ليستمر تساقط أوراق الجزولين فوق الرؤوس ... ولتكملى بهدوء الإنسحاب من عالمى المبهم الغامض ... وليقضى الشتاء القارس على بهاء الوجوه .
    إن الليلة تحتاج للمزيد من غدق السحب .
    إن الليلة تحتاج للهبٍ يطفئ أبخرة الثلج ، لتسرى فى القلب والشرايين ... لتستعرى بلظى الجنون الجارف فى الأوردة الدموية .
    إرحلى إذن بسرعة إلى مكان الدفئ الأول ... وارتمى فى أحضان نيران العشق الأزلى ... ساعتها يتملكك القلق والخوف من نفسك ... يهددك الخطر بقطع أنفاسك البشرية ... فاستجيبى له ولا تترددى بإبدالها بنفسٍ واحدة ... عمرها كل الأعمار ... ولدت من بدء التكوين ... ويزداد ميلادها ونضارة شبابها يوماً بعد يوم - بعد الفناء الجسدى المؤقت - بيدكِ أنتِ وحدك السفر إلى بقطارى أو بقطار الشرنوبى ... اللا محطة لهما ... واللا نهاية لقضبانهما الحريرية .
    ( تمت )

    سامح عبد البديع الشبة
    sameh_ss_center@yahoo.com

  4. #4
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    الدولة : مصر - بلطيم
    العمر : 49
    المشاركات : 285
    المواضيع : 38
    الردود : 285
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي

    ( 4 ) قصة قصيرة :- الرجل الذى لم يفصح بأى شئ
    **********************************************


    ساعتها قرر - وبهدوء - أن يهبط من شقته بالدور التاسع ، ويتشاجر مع بواب العمارة عما حدث فى هذا الصباح .
    أدار مزلاج باب الشقة ، لم يفتح بسهولة ، حاول أن يستمد من بنيانه بعض القوة لفتح هذا الباب ... لم يفلح ... استعاد مرة أخرى ما لديه من قوةٍ كامنة فى هذا الهيكل العظمى ... كأن قوة جسده كله - التى تزن الخمسين كليو - قد تجمعت فى كفه الذى التصق بمقبض الباب ... حاملاً باقة زهور بنفسيجية اللون تحت إبطه ... سأل جاره عند صعوده سلم العمارة - كعادته - عن أحواله المعيشية هذا اليوم .
    فأراد الرد المعتاد عليه فى كل مساء :
    - حياتى هادئة يا جارى العزيز !
    تنبأ أن يلقى عليه تحية الوداع ، ويكمل صعوده ، وأهب نفسه للهبوط ، ولكن خابت ظنونه ... فقد حدث ما لا يخطر ببال أحد ... حدث شئ عجيب حقاً ... كيف يجرؤ هذا الرجل أن يفعل فعلته هذه ... أن يقدم بهذا التصرف الذى لا يحمد عقباه ... طالباً إياه أن يسمح له بفتح باب شقته والنوم فى غرفة نومه !
    - أن أتخلى عن غرفى ووسادتى وسريرى فى لحظات !
    تماسك أعصابه ، وقام بفتح باب الشقة له ، وتركه داخل شقته ... يفعل ما يشاء ، وما يحلو له ، وأثناه على هذه الروح الرياضية الطيبة .
    وبدأت رحلة طويلة له عند نقطة تماسه للدرجات السلمية ، وتنتهى عند المشاجرة - بل - وقد تصل لحد القتل !
    - واحد ... اثنين .
    اصطدم بدرابزين السلم ، فتناثرت الزهور البنفسيجية على درجات السلم ، وهنا تذكر رئيسه وولعه الشديد لهذا اللون ، رغم أن لم يشاهده من قبل مرتدياً هذا اللون ، ولكنه كان يشاهده وفى راحتيه أقلام حمراء وعلى مكتبه أوراق صفراء وأخرى سوداء !
    اعتدل بمنتصف السلم ، قدم القدم اليمنى ، تليها اليسرى ، وذراعيه ملتصقتان كأنهما ضلعان متوازيان بقدمه ، توقف ، أزال غباراً قد علق بحذاءه بمنديل ورقى قد ذاب وتساقطت منه بعض الوريقات المبتلة بعرق يده ، واستمر فى العد التصاعدى ....
    - سبعة وعشرون ... ثمانية وعشرون .... تسعة وعشرون .
    ود أن يكمل الرقم ويتم الثلاثين درجة ... تراءت أمامه صورة زوجته ... تزرف الدمع كليلة شتاء طوبية ، تدنو كثيراً متشبثةً به إلى أن غابت عن ناظريه رويداً ... رويدا .
    التقط أنفاسه بصعوبة بالغة ، تثائب ... جلس فى موضع وقوفه ... تصاعدت من وجهه حرارة شديدة الإرتفاع ، أحس أن درجة حرارته قد زادت عن العام الماضى من ثلاثين درجة إلى ما فوق الأربعين ، فاتخذ فى قرارة نفسه قراراً بالذهاب إلى الطبيب المختص ... الذى يفشل فى كل مرة بالتوصل للعلاج المناسب لحالته المرضية التى أصابته منذ سنوات عده ، مكتفياً ببعض المهدئات والفيتامينات لتناولها صباحاً ومساءً .
    - ثلاثين ... واحد و ....
    لفت نظره وجود عدد من البطاقات الحمراء ، قد ألف وجودها باستمرار فى شقته وعند رئيسه وفى شوارع المدينة ، أدام النظر إلى بطاقة بلون الدم قد استرعت انتباهه ، قرأها ومشى يهذى بأرقام :-
    - واحد وثلاثين .... عشرة .... ألف وتسع مائة .... ثمانية وتسعين .
    ( تمت )
    سامح عبد البديع الشبة
    sameh_ss_center@yahoo.com

  5. #5
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    الدولة : مصر - بلطيم
    العمر : 49
    المشاركات : 285
    المواضيع : 38
    الردود : 285
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي

    ( 5 ) أقصوصة:- قرار بالعودة
    ********************

    منذ الصغر قد عاهده أبواه أنها له وحده ... ولن يفرق بينهما إلا الموت ... تذكر أيام صباهما وقصة حبهما والفاجعة التى ألمت بهما ....
    أخذها القدر من يدها أمام عينى ... وأنا واقف صامت لم أتحرك ... لم أفعل شيئاً لإنقاذها منه ... تعذبت لفراقها ... تقرب شبح فراقها يمزق كيانى .
    ودعتنى والدموع منهمرة من عينها ... تتوسل إلى أن نهرب معاً قبل أن يأتى أبواها ويرحلا .
    نظرت إليها بانكسار وهى فى حالة تشبه رقدة الموت .. تنظر إلى باب قصرها الجديد بحذر ... خائفة من شبح الموت القادم نحوها ... أدخلها سيارته محاولةً الافلات منه ... ودموعها مازالت منهمرة ... كأنى رأيت ليلة شتاء طوبية لا تكف عن هطول المطر .
    وأنا مازلت واقفاً مكانى صامتاً صمت من هم أموات فى المقابر .
    انطلقت السيارة ... تنظر من خلف زجاج سيارتها ... يشع من بريق عينها قذائف نارية تلفحنى لأسقط صريعاً أسير ماضٍ جميل .
    رجعت للخلف ... نظرت فى مرآة بيتى ... وجدت رجلاً فقيراً غير صالح للتعارف والحب فى هذا الزمن ... سقطت مرآة البيت من يدى ... انحنيت بجسدى المتهالك لألتقط أشلاء الرجل ... وأعيد بناءه قبل أن يتسخ من أرضية الحجرة الرملية ... إلا أننى لم أستطع .
    خرجت خارج نفسى ... وجدت الرجل يتسلق المستحيل للحاقِ بحبيبته .
    صعد سلم الحياة العصرية ... يملك الثروة ... يملك الجوارى ... يملك العبيد ... يملك الجسد ... يملك الكأس براحتيه دائماً لا يتركه أبداً ... حتى فى أوقات النوم !
    قابلتها ذات يوم لنتواعد على الحب ولنحدد موعداً لزفافنا ... لكنها رفضت مطلبى بعد مرور أكثر من فترة شباب فى حياتى !
    واعدتنى أن نكون أصدقاء إلى الأبد !
    وأن أقابلها عندما أنظر لمرآة قصرى ... وأرى من أنا !
    نظرت إلى لا شيئ ... لم أجد ذلك الشخص الذى وجدته فى مرآة البيت آنفا ... وأخيراً اتخذت القرار لأرحل بعيداً عن هذا اللاشئ .
    ( تمت )

    سامح عبد البديع الشبة
    sameh_ss_center@yahoo.com

  6. #6
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    الدولة : مصر - بلطيم
    العمر : 49
    المشاركات : 285
    المواضيع : 38
    الردود : 285
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي

    ( 6 ) قصة قصيرة :- عندما زارنى الشيخ فى المنام
    *********************************

    1- النهاية الأولى للمنام :-
    لأول مرة فى حياته يحس بالخوف والورع ... ينتفض من على الكرسى إثر رعشةٍ سرت إلى جسده القوى ... يرتعش " المايك " فى يده ... يتمايل إلى اليمين تارةً وإلى اليسار تارةً أخرى ... وإلى أسفل تارة أخرى ... حاول أن يثبته على المنضدة الخشبية فلم يفلح فى ذلك ... وسقط على الأرضية الرخامية الخضراء .
    أحدث دوياًُ فى أركان الاستيديو ... وشاعت الفوضى المكان ... وانهال المخرج على معد ومقدم البرنامج ... بالنصائح ... وسرعان ما عاد الهدوء بعد أن نفى " المايك " فى غرفة مكيفة لمدة أسبوع مع زوجته !
    يتشاجران فيما حدث وقت الظهيرة ... كادت تصرخ :-
    - لماذا لم تقدم برنامج اليوم ؟
    - لقد انتظرتك أن تقابله ... ولم يحدث ذلك ... لماذا ؟
    2- النهاية الثانية للمنام :-
    للمرة الثانية فى حياته ... أحس بالخوف والورع ... انتفض من على الكرسى أثر رعشةٍ سرت إلى جسده الواهن ... ارتعشت يداه بعد أن ثبت " المايك " على المنضدة الزجاجية ... نظر إلى ساعة الحائط ... ضبط ساعة يده ثم تفوه:-
    - الباقى على مقابلته خمس دقائق .
    حاول أن يبطئ ارتعاشة يده ... حاول جاهداً ... تمالك أعصابه ... فلم يفلح ... انفلت الزمام من أمره ... أطاح بيده " المايك " سقط على الأرضية الرخامية الحمراء ... أحدث دوياً فى مبنى الإذاعة والتليفزيون ... انهال معد البرنامج على المخرج .... بالنصائح ... وسرعان ما عاد الهدوء بعد أن نفى المخرج عن إخراج هذه الحلقات وإسنادها إلى معد البرنامج .
    3- منتصف المنام :-
    لا أدرى كم من الوقت مكثته داخل الاستوديو ... تقدم الجميع يقدمون للشيخ باقات الورود ... كل العاملين ... مساعدى المخرج ... مديرى الإنتاج ... المصورين ... الصحافيين ... رجال الأعمال ... جلسوا جميعاًَ لينصتوا إليه .
    صفقت بكفى ... انتبه الجميع .
    إضاءة ... كاميرا خلف الضيف الجديد ... كاميرا أمامه ... كاميرا فى المنتصف .
    - كاميرا واحد إلى الأمام .
    على جانبى الاستوديو شاشات تليفاز تعكس صورة الشيخ مبتسماً ... يرتدى جلباباً بنى ... تلازمه مسبحته التى ظلت فى يده - لا يبارحها منذ ثلاثة أيام !
    - كاميرا اثنين .
    اضطرب معد البرنامج ... هدأ الشيخ من ورعه ... هرب الخوف .
    - سيدى ... قضية الحمام .
    - إن كان طائراً أحل صيده !
    بوادر الدهشة تظهر على وجه مقدم البرنامج :-
    - سيدى ... الحمام ؟!
    بلا مبالاة :-
    - نعم الحمام .. إن كان طائراً أحل صيده .
    - وإن كان ماشياً ببطء على الأرض ؟
    - يطلق عليه بالنار !
    - سيدى ... الحمام ؟!
    - نعم الحمام !
    - وإن كان كسيحاً لا مأوى له ولا وطن ؟
    - يؤخذ بجناحيه فى الماء المغلى .
    - سيدى ... الحمام ؟!
    - نعم الحمام !
    - وإن كان بلا جناحين ... سجين فى يد صاحبه ؟
    - يحمره فى الزيت !
    - سيدى ... الحمام ؟!
    - نعم الحمام !
    - وإن كان ....
    قاطعه الشيخ ... وهم واقفاً :-
    - من فضلك أين " التواليت " ؟!
    - كاميرا ثلاثة .
    تظهر شاشة تليفاز وضعها معد البرنامج أمام الشيخ ليشاهد مباراة دورى الأمم الكروية .
    ظهرت بوادر القلق على مولانا الشيخ ... قلق الجميع .
    أحرز الفريق المشاكس هدفاً ساحقاً فى مرمى فريق الحمام ... بكى مولانا ... بكى الجميع .
    تقدم فريق الحمام ... وها هو اللاعب المحترف يقترب من مرمى الفريق المشاكس ... يهلل مولانا الشيخ فرحاً ... ويقدم اللاعب المحترف ليحرز هدفاً ... اعترضه لاعب مشاكس وعرقله ... تخرج الكرة خارج الملعب فى يد الجمهور ... صفر حكم المباراة ... أخرج الكارت الأصفر للاعب المحترف و ... توعده إن حاول إحراز أى هدف سينال شرف الكارت ... الأحمر ... وسيحرم من متعة اللعب بالكرة وإلحاقه بلعبة العدو لمسافات طويلة !
    وتعلن صفارة الحكم إنتهاء المباراة بفوز الفريق المشاكس وتقدمه على فريق الحمام ... والحصول على الدورى هذا العام ... والعام القادم ... وكل عام !
    ***


    نفس المكان ... نفس الإضاءة ... نفس الشيخ ... نفس الشاشة ... نفس مقدم البرنامج ... كل شيئ كما هو .
    - سيدى ....؟!
    - من أراد منكم - أيها الرجال الكهل - إطلاق اللحى فاليطلقها ... ومن أراد منكم أن يحلقها ويتخلص منها ... فعليكم بالآلات الحادة ... أو حرقها بماء النار !
    - سيدى ....؟!
    - تحب تغير كام ؟!
    - سيدى ....؟!
    - أنا عايز أقول إن الحلال فى الأغنية دى الفلسفة اللى اتكتبت بيها !
    - سيدى ... من يأكله ؟!
    - الحمير طبعاً اللى انتشروا بطريقة فيثاغورس !
    - لا سيدى ... بطريقة الجواز !
    - جواز ... طلاق ... المهم إن كله رياضة !
    - والعدس ؟!
    - العدس قضية من أهم القضايا ... الكل يريد العدس ... كأن الدنيا لا تستطيع أن تحيا إلا بالعدس !
    - سيدى ... العدس ؟!
    - آسف !
    - مونتاج
    - العدس من حقنا نحن ... ولا يستطيع أحد أن يقتلعه من أرضنا ... إنه ملكنا نحن دون غيرنا ... فلن نسكت أبداً ... وسيرجع العدس لنا مرةً أخرى !
    - سيدى ... البيت الأبيض .؟!
    - عجباً ... ما شأن البيت الأبيض بيننا ؟!
    - سيدى .... ؟
    - بنوك الدم حلال مائة فى المائة ... والتبرع هدف إنسانى دعت إليه كل المستشفيات لإنقاذ المرضى و ....
    - سيدى .....؟!
    - آهـ .... آهـ ... أتقصد بنك الدم وبنك العظام ؟!
    - سيدى .....؟!
    - يجب من سرية الأرقام !

    انفض المجلس ... وآن الآوان للانتقال إلى إذاعةٍ خارجية لنقل شعائر صلاة الفجر .

    ( تمت )
    سامح عبد البديع الشبة
    sameh_ss_center@yahoo.com

  7. #7
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    الدولة : مصر - بلطيم
    العمر : 49
    المشاركات : 285
    المواضيع : 38
    الردود : 285
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي

    ( 7 ) قصة قصيرة :- وانطفأ القنديل
    *******************

    كان مستلقٍ على الأرض الرملية ، مستقيم الظهر ، نائماً على وسادته ، على شقه الأيمن ، يتطلع بين الحين والآخر إلى أضواء القناديل المتراصة على جانبى الطريق .
    مرت عليه آلاف من الوجوه ... من ينظر إليه نظرة عطف ... ومن يدهسه بقدمه ... ومن يقذف فى وجهه بالحجارة والقاذورات ، ويلعنه ويلعن والديه .
    تنفس الرجل الصعداء ... هب واقفاً ، ناصباً قامته ... هم أن يحدث نفسه ، ويفضى لذاته ذكرياته ... عندئذ مرت أمامه امرأة عجوز شمطاء ... لم يلتفت إليها ... سار فى طريقه يفكر عما سيفعله هذه الليلة ... أيذهب لينام ويخلد فى نومه ويستريح ... أيذهب للمسجد ليصلى ركعتين .
    أحس لأول مرة فى حياته أنه مسلوب الحول ... تائه اللب ، أحس أن شيئاً أقوى من عزمه يضطره أن ينظر للخلف ، ولو نظرة بارقة ... فوقع بصره على المرأة .
    كانت ذات قوام ذابل ... مصفرة اللون ، يكسو وجهها تجاعيد تكونت عبر أيام وسنين شاهدة على كهولتها ووهنها .
    خفق قلبه وارتعدت فرائصه ، وروعه وهنه ، ولم يدر لما هو حائر ، ولما هو فى هذه الحالة التى يرثى لها ، ولما هذه المرأة دون غيرها من نساء حواء ؟
    تشجع ... أسرع يخطو مخلفاً وراءه شبحاً يطارده ... عاوده الأمل فى أن يصل للمسجد ويصلى الركعتين .
    مضى يضحك لنفسه ، ويضحك من نفسه ، يحس تارةً أنه طفل برئ يضحك ، وتارةً أخرى بالبلاهة يضحك للمارين عليه حتى يضحكوا عليه وعلى أنفسهم ، أو يضحك كم تضحك الفلاسفة ... وتعددت الضحكات !
    وانقضت ساعة أو بعض ساعة ، وأقبلت عليه تلك العجوز ، أقبلت عليه كأنثى تطالب بحقها منه ... تطالب أن تحس بأنوثتها !
    - خائفة هى من الطريق .
    اصطحبها ، جلسا على حجارةٍ كبيرة خلف قنديل مضيئ ... تحدثا معاً بصوتٍ مسموع ... تحدثا معاً بهمس .
    وفجأة ارتعدت فرائصه ورزخت ... سحقه إحساسه بالذل والعبودية لهذه المرأة !
    إزداد يقينه أنه مهما فعل فلن يفلت منها ، حاول بكل جهده أن يردها لصوابها وينقذها ... توسل إليها ، ولكن هيهات ... هيهات أن تتركه ، وانطفئ القنديل ، وانطفئ معه طيف الأمل ، وانهار جسر ظل لربع قرنٍ يشيده ... انهار فى دقائق ... وسرعان ما عاود القنديل الاشتعال من جديد بألوان طيف محلقةً فى سمائه .

    ( تمت )

    سامح عبد البديع الشبة
    sameh_ss_center@yahoo.com

  8. #8
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    الدولة : مصر - بلطيم
    العمر : 49
    المشاركات : 285
    المواضيع : 38
    الردود : 285
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي

    ( 8 ) قصة قصيرة :- سرى جداً
    *****************

    أشاحت بوجهها بعيداً عنى ... وتوجهت بجسدها خارج الغرفة ... وغلقت باب الشقة ، إيذاناً بإنتهاء الموعد المحدد للقاء الرئيس ... ليلقى بياناً هاماً فى الجلسة الختامية لصالح نفوذنا داخل الشقة وخارجها أيضاً ... أدارت جسدها وتوجهت تجاه الرئيس ... وقد لاحظت كم هو عظيم بجبروته الخفى عن الأعضاء الحاضرين معى .
    المكتب الضخم ... والكرسى الدائرى ... فرحاً بما عليه ... وقد ارتسمت على جبهته علامات التقوى والإيمان ... قد كان ذلك قبل أن يلقى بيانه الإفتتاحى الهام ... وما أن بدأ يتلو حتى صمت الجميع صمت من هم أموات فى المقابر ... حتى ينهى بيانه ويتم مناقشته :-
    - على كل واحد منا أن .....
    كنت جالساً أمام صورة الرئيس غير مبالٍ لما يقال ... فقد مللت من بياناته .
    " قد أرسلتها له ليلة البارحة عندما دعانى على العشاء وأعطانى عربون "
    انطلق قلبى كانطلاق صاروخ خارج من مجاله الأرضى محلقاً فى فضاء روح عذبة وإلى وجه ذو كبرياء ... فمنذ أن سمعت رنين صوتها الذى ينم عن شخصية مركبة تركيباً كيميائياً ... عناصر ممتزجة مكونةً ملاكاً شفافاً ... وعناصر أخرى ممتزجة مكونةً مارداً متكبراً ... صرت كائناً هلامياً قابلاً أن تتحكم فيه وتسيطر عليه فى أى وقت شاءت وفى أى مكانٍ كان .
    تذكرت ذلك عند أول لقاء بها داخل الشقة مرحبة بى ... وتدعونى أن نتحدث معاً ... ولكن بحذر .
    وشربنا معاً وتواعدنا على اللقاء مرةً ثانية .. أنا وهى فقط .
    واليوم تجمعنا الأيام فى الجلسة الختامية ... تتجاهلنى وأعلم مكنونات نفسها ... هى تحبنى ... أعلم ذلك .
    - خذوا حذركم من ....
    كيف أثبت لها أنها تحبنى أنا دون هؤلاء الأعضاء الهامشيين .
    أحسست بحرارة جسدها الملامس لجسدى ... تجلس فى كبرياء ... أنا بجوارها لا شئ ... بل أدنى من الكرسى الملامس لزميله .
    - يجب أن يعرف كل منكم واجباته وحقوقه وأن ......
    همست فى أذنها :-
    - أحبك ... أحبك ... فلا داعِ للعناد والترفع .
    أدرت وجهى حين قذفت صراحتى لتواجهها ... وقد تبدل لون وجهها من اللون الأبيض الناصع إلى اللون الأحمر ... كأنى إشارة مرور أرغمت كل السائقين على الوقوف الجبرى .
    - من هنا أيها السادة نبدأ المسير .. والسلام عليكم ورحمة الله .
    انطلقت الرحى تصفق تصفيقاً حاراً ... ينظر كل منا إلى الآخر فى حالة فرح عم على الكل بعد انتهاء البيان .
    رأيتها تتحسس نفسها ... أحسست فى النصف ساعة الماضية بالغرق فى بحور العشق ... لم تساعدنى لإنقاذ حياتى ... بيدها أن تريحنى ... وتخلع نقاب كبرياءها أو أن ترحل بى إلى دموع العاشقين النكسرين ... التائهين .
    " كل يبحث عن رفيق حياته "
    الساعة تقترب من العاشرة مساءً ... ومازال الصمت يخيم على المكان .
    وفجأة انفجر البركان ... وحانت ساعة مناقشة البيان ... وتصاعدت واختلطت الأصوات ... كل يسمع صوته فقط :-
    - أوافق على ما جاء فى البيان ... ولكن ........
    - أتمانع أن نتحد ونصبح قوة .......
    - أرجوا الهدوء .
    - مازال أمامنا الوقت كى ......
    - ماذا تقول ؟!
    - كيف هذا ؟!
    - لا أوافق .
    - لى سؤال هام ... لماذا نحن مجتموعون هكذا اليوم ؟!
    - عندك حق .
    - ماذا ؟!
    - لما ؟!
    - لا .... لا ....
    - يعيش ويحيا ....
    - كلنا هنا من أجل .....
    - أحبك ... سأظل أقولها للأبد .
    - أمازلتم فى ثباتكم ... العدو الأول من الخارج ... وليس من الداخل .
    - أقول الصدق دائماً .
    - من أنت كى تحبنى ؟!
    - أحبكِ ولكن ...
    - أتعرف حقيقة من بالداخل أولاً لتعرف حقيقة من بالخارج ؟!
    - إنسان ذو كيان وإحساس ونبض قلب ... وروح اختارت روح لتشاركها لذة الصمت الكائن فى أعماقنا !
    - أنت عدو لنا .
    - أوافق .
    - أحبك ... أنتِ تدرين ذلك ... إذن متى المصارحة !
    - المصارحة الــ ...... لا لن تتحقق إلا إذا ......!
    - لا أقدر على مصارحتك ... فحبك أقوى من حبى لك .

    " لامست يدها وتوهجت النيران داخلنا ... ولن تطفئ أبداً "
    ( تمت )

    سامح عبد البديع الشبة
    sameh_ss_center@yahoo.com

  9. #9
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    الدولة : مصر - بلطيم
    العمر : 49
    المشاركات : 285
    المواضيع : 38
    الردود : 285
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي

    9 ) قصة قصيرة :- مشهد سينمائى
    ********************

    " أنا ابن الخادمة ... وأنتِ بنت الأمير "

    كانت تلك إحدى عباراته المشهورة التى ظل يرددها دائماً ، حتى أحسست بالفعل أنننى بنت أمير له سلطان وأمر واجب التنفيذ داخل العائلة ، وهو ابن الخادمة التى تنظف البيت ، وتطهى الطعام ، وتقوم بالليل لتغسل ملابسنا القذرة ذات الرائحة الكريهة ... تغسل فى " الطشت " ، ذلك الوعاء النحاسى الكبير الصلد الذى مهما نظفته من غبار السنين المتراكمة عليه كجثة بالية لن يرجع بريقه أبداً ... لأنه أعلن شيخوخته و ... وفاته !
    تفعل ذلك دون مقابل ، فهى ربة البيت بلا استثناء ، فهى لا تطلب إلا الستر ، رغم ما تقوم به من امتهانات لكرامتها ولأنوثتها المهدرة !

    " أنا ابن الخادمة ... وأنتِ بنت الأمير "

    تدوى تلك الكلمات القلائل فى المكان عندما نتجاذب الحديث ، ويعلو تحاورنا ، ويتلاشى صوتى تدريجياً أمام حنجرته ذات الصوت الأجش المرتفع دائماً ... كأنه فى دار سينما بالقاهرة !

    وفى نهاية الشد والجذب يتم التشاجر دونما يصل الطرفان لاتفاق يرضيهما ، كى يعيش كل منهما فى سلام مع الآخر ، قبل أن يفتضح أمرهما ويعلم من فى دار العرض الحديثة أنهما على خلاف دائم ، ويكونا أضحوكة من يريد أن يستهزئ بهما وبأبيهما الذى تزوج وأنجب أطفالاَ ....

    - لا أعرف بالضبط كم عددهم ، بعضهم مات ، والبعض الآخر على قيد الحياة .

    ماتت أمى أولاً ، والأخرى على قيد الحياة ، تشقى ، تتعب ، حتى تصورت أنها تعيش حياة ضنك ، خالية من الترف والترويح عن النفس ، فالطالما ارتميت على راحتيها أقبلها على ما فعلته من أجلنا .... تسهر الليالى على راحتنا ، حتى تطمئن أننا قد خلدنا فى نومنا ، وتوقظنا كل صباح على وجه كله حب وحنان وقلب نابض بالوفاء لأمى وأبى .

    " أنا ابن الخادمة ... وأنتِ بنت الأمير "

    كيف استقرت تلك العبارة فى أذهان الناس .... لا أدرى ؟

    أرى أحدهم مغادراً دار العرض مع أولاده " البنت والولد " موجهاً أمره لابنه :-
    - لا تكن السلطان عندما تكبر ، ولا تنجب أميراً

    واتجه كل منهما إلى طريقه ، ذاهباً هو إلى عمله فى استاد القاهرة ، حيث تدريب الأشبال على رفع الأثقال ... تركونى أعانى وحدى من التفرقة العنصرية .

    وهنا يبدأ التصفيق ، ويبدأ مشهد آخر .... !
    ( تمت )
    سامح عبد البديع الشبة
    sameh_ss_center@yahoo.com

  10. #10
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    الدولة : مصر - بلطيم
    العمر : 49
    المشاركات : 285
    المواضيع : 38
    الردود : 285
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي

    ( 10 ) قصة قصيرة :- حدوتة فوز العمدة واجب
    ******************

    هتافات وشعارات كثيرة ، وأهالى القرية يهتفون :-
    - عاش العمدة ، يا حامى بلادنا ، يا حامى ديارنا ، يا حامى فلوسنا ، يا حامى قوتنا .
    وفى نهاية يوم من الأيام تم التصويت لصالح العمدة ، وفاز بالعمدية ، وبعد التصويت ذهب كل شخص من أهالى القرية إلى بيته ، غالقاً عليه بابه ، إلا رجلاً واحداً فى ريعان شبابه لم يتعد الثلاثين من عمره ... خرج من كوخه الخشبى المطل على ترعةٍ جافة ، مهلهلة ملابسه ، ممسكاً بيده اليمنى عصاه الغليظة ، وبيده اليسرى منديله العتيق ، راسماً على الأرض الوحلة أشكالاً لوجوه تشبه وجوه البشر ، ويضربها بكل ما أوتى من قوةٍ صارخاً فيها :-
    - " ليه ما تكلمتوش ... ليه ... ليه " .
    وفجأة حل صمت رهيب ، وخيم على المكان نوع غريب من السكون لم يعهده من قبل ، فانقطع صوته ، وأحس داخله أنه غريب عن ذاته ، فانفجرت عيناه بالدموع باكية ، وارتعشت يداه مجففاً دموع الماضى والحاضر بمنديله العتيق الذى اشتكى من طول فترة الأسر ... لدرجة أن مزقته الرياح الرقيقة بمطرها القليل ... وبقوة كل عاصفة قادمة فى كل عام ، ولا شئ بيده غير الصبر كى يستريح ويتركه صاحبه ، ويقذف به فى اليم ليتشرب جرعات كثيرة من المياه ، ليغسل دموع صاحبه الأسير الذى أخذ يتراقص ويتغنى كالمصاب بهستيريا الغناء والعناء والرقص فى آنٍ واحد :-

    فوز العمدة واجب ... فوز العمدة واجب
    وأنا أعمل إيه ؟ !
    هو كده فايز ! ... هو كدا فايز !
    وأنا أعمل إيه ؟ !
    التعب ورانا ... التعب ورانا
    وأنا أعمل إيه ؟ !
    السكوت ويانا ... السكوت ويانا
    وأنا أعمل إيه ؟ !
    ***
    يا عمدة .. يا عمدة
    انت فين يا عمدة ؟!
    بتاكل إيه يا عمدة ؟!
    ما تدينى لقمة !
    وأنا أعمل إيه ؟ !
    لابس إيه يا عمدة ؟!
    ما تدينى هِدمه !
    وأنا أعمل إيه ؟ !
    ليه تسيبنى وحدى ؟!
    ما تدينى أرضى !
    وأنا أعمل إيه ؟ !
    فوز العمدة واجب ... فوز العمدة واجب
    وأنا أعمل إيه ؟ !
    هو كده ... كده ... كده .... أعمل إيه ... إيه ... إيه

    وما أن دنت منه مجموعة من النسور إلا وقد امتنع عن الغناء والرقص ، واحتبس الدمع فى عينيه ، وأطار المنديل مع عاصفةٍ قد اجتذبته وألقت به فى اليم ، ومزق جسده ، وتلاشت صورته ... وراح صوته هباء فى مهب الريح .***وعاد المنديل متطايراً ، راقصاً ... مرحاً ... فرحاً ، فهدأت العاصفة ، واستقر على الأرض ، وطار ثانية فى الهواء كمحبوسٍ خارج من زنزانته بعدما أطلق سراح السجان ، وهبط ... وتوقف بغتةً باكياً ، فلم يجد صاحبه الأسير ، فنادته من جواره العصا الغليظة ... ففرح فقد وجداً أثراً من آثاره .
    وخرج طفل صغير من بيته سراً ... يترقب المكان خوفاً من أن يراه أبويه ، ويكون عقابه عسيراً ، ودخل كوخ الأسير ، وأحضر عصاً غليظه رفيعة ، ورسم خارج الكوخ فى الأرض صوراً تشبه الفئران ، وأخذ يرقص ويغنى :-
    - " فوز العمدة واجب ... فوز العمدة واجب "
    هو كده فايز .... هو كده فايز !
    فخرج أطفال القرية من ديارهم يرددون معه أغانى الأسير ...
    فوز العمدة واجب ...
    وتوته توته ، فرغت الحدوته .
    ...... ولا ......

    ( تمت )

    سامح عبد البديع الشبة
    sameh_ss_center@yahoo.com

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. الشعرُ ضلّ وتاهت الأقلامُ (البحر الكامل والمحيط الكامل)
    بواسطة ربيع جرارعة في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 21
    آخر مشاركة: 24-03-2016, 04:20 AM
  2. النص الكامل " مراسيم شعرية "
    بواسطة محمد عبد المجيد الصاوي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 20
    آخر مشاركة: 06-04-2014, 12:19 AM
  3. كاتب يصدر مجموعته القصصية الأولى وعمره ( 9) سنوات
    بواسطة محمد سامي البوهي في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 08-07-2007, 08:01 AM
  4. دراسة نقدية :- حول المجموعة القصصية الأولى " سنوات الجنون الأبدية "للقاص/سامح الشبة
    بواسطة سامح عبد البديع الشبة في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 10-11-2006, 01:39 PM
  5. القاص/ سامح عبد البديع الشبة
    بواسطة سامح عبد البديع الشبة في المنتدى تَرَاجِمُ أُدَبَاءِ الوَاحَةِ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 15-03-2006, 07:28 PM