CC3300هل يصبح الأدب من اختصاص الطيور؟!

هل يتحول الأدب إلى مجرد تسلية وألعوبة؟
وهل يتحول الأدباء إلى مجرد منجمين على أبواب قلعة الصحافة؟
وهل يمكن إنقاذ آخر قاطرة تندفع بشعراء عام/2000/إلى هاوية التسكع؟
وكيف نجعل من الأدب سلاحاً في وجه الظلم والتسلط، والاستبداد؟
تساؤلات شتى تحرض فيروسات الموت في ذاكرة الأيام، واستفهامات شتى تبحث عن حلول لها في زمن لم تعد الإنسانية فيه إلا مجرد مصنع لتعليب الهواء وأجوبة تائهة تبحث عن أسئلة يدماغوجية قد تطرح بعد عام /2000/م على هوائيات حديثة تتمثل في جهاز جوال (متلفز وممذيع) تحاور فيه كل من تشاء من أدباء العالم كل واحد بلغته المختلفة ولكن بترجمة آلية عبر لغة عالمية واحدة.
وقبل الإجابة على كل هذه التساؤلات ، علينا أن نعيد اعتبارنا وموقفنا من الفنون والآداب في حركة عالمية متسارعة نحو المتغير أفقياً وشاقولياً.
هل عصر ما بعد عام /2000/م عصر الفنون والأدب أم هو عصر الحركة الرياضية والأرقام القياسية بحيث تصبح العاطفة (زائدة دودية)، علينا أن نتخلص منها ؟ وهـل عـام /2000/م القرن الحادي والعشرون سيكون عصر الوجدان بحيث تسهل على أي حشرة من حشرات الأرض ولو كانت (سحلية)، أو (برصاً) أو (عصفوراً) أو (صرداً) أن ينتقل لك مشاعره الحاره تجاه موقفه من هذا الإنسان اللاهث خلف بصيص ظلام يكتشف فيه أسلحة جديدة تدمر ما على الأرض دون أن تحدث خراباً في العمران فقط (د.د.ة) لقتل الإنسان وحده دون سواه.
وإذا كان من الصعوبة بمكان أن نضع تصورات جديدة لمدة تزيد على ربع قرن، فإنما ذلك لعجلة الحياة السريعة التي تضع أمام الإنسان مخترعات جديدة، ولكن يبقى هناك فسحة أمل يمكن من خلال دائرتها أن نلمح إلى تصورات جديدة للعالم خاصة فيما يتعلق بعلاقة الفنون والآداب بالحياة.
وعليه يمكن الجزم أنه سيكون قيمة نوعية للوجدان الصادق والعاطفة الحقيقية بحيث تبحث في جميع مختبرات العالم دون أن تحصل على درهم وجدان صادق، ونحن نعرف أن الوجدان الصادق هو لب القضية الأدبية والفنية ومن هنا سيكون انتشار واسع للفن والأدب الهابط، الرخيص المتصنع وسيكون للفن (الغجري) قيمة كبيرة جداً بحيث تندثر كل النصوص المبدعة في عصر ما قبل عام /2000/م وتصبح مجرد (علاك فاضي) على حد تعبير اللهجات الدارجة وسينظر إلى شعراء المعلقات أو المتنبي أو المعري وأبي تمام أو البحتري ... وغيرهم من الشعراء الأعلام بمفهومنا على أنهم شعراء متخلفين فناً ولغة وصياغة وفكراً وسينظر إلى شعراء مثل نزار قباني وعمر أبو ريشه والجواهري والخ ... على أنهم مراهقون كتبوا على جدران الحياة عبارات بليدة قاصرة لا يفهم منها إلا أنها أحلام بدوي في شوارع طوكيو.
وسينظر إلى الزير سالم والمهلهل والزيبق على أنهم شعراء فهموا عصرهم وتجاوزوه؟ وستصبح فنون الرقص الجنوبي هي التقليعة المسيطرة على هوائيات البث الشخصي.
لن أتجاوز حدودي فأقول إن ما قاله (طويس) أو غيره من مغني العصر كأم كلثوم وفيروز وعبد الوهاب وسيد درويش مجرد عواء ذئاب في صحراء النفس القاحلة وسيستعيض جمهور الناس عن هذه الأصوات إلى تسجيل أصوات الطيور والرياح والشجر والرعود. والجنادب والضفادع والخيول وغيرها من الحيوانات العجماء المستنكر صوتها.
لا أظنني واهماً فيما أقول بعد أن تغيرت حركة الحياة على رحى مختلفة من حيث الفعل والقول، فالأدب على تعبير (جدتي) مجانين والمجانين في (القاموس) الأدبي أدباء وفنانون تميزوا وتفردوا فكان الجنون والجنون كما نعرف مشتق من فعل (جن) وجنن كم يقول (ابن جني) في نظريته اللغوية (نظرية الأصوات) يدل على الستر والمجنون مستتر بذكائه.
لن أستطرد طويلاً وسأعود إلى عام /2000/م بحيث يمكن أن تتحول فيه المتغيرات وتنزاح السحرة والمشعوذون بشكل كبير بحيث يصبح عددهم حوالي نصف سكان العالم وسيكثر (الدجاجله) الذين يدّعون أن العالم أصبح خاتم سليمان في أيديهم.
أما الفنون الحقيقية والآداب الصادقة فلن يكون لها مكان في قاموس الحياة.
وسأدلل على ما أقول: لننظر على قول ابن ملحان إذا صدق ظني
عوى لذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى
وصوّت إنسان فكدت أطير
وهذا الكلام قبل تسعمائة عام على الأقل نشتم منه رائحة الهروب من الإنسانية من الكذب من الدجل إلى فطرية الحياة لماذا؟ أرى أن الذئاب ستتحول إلى بشر يمكن أن يستأنس بها بينما ستتحول البشر إلى ذئاب تنهش بعضها البعض ومن هنا ستتحول الحياة إلى مجرد معركة بين مغلوب ومغلوب ولا غالب إلا الأنانية والتدميرية والسادية وسيصبح أقل الأمراض النفسية خطورة الانفصام وسيظهر جيل الأقزام فكراً وشعوراً وعاطفة .
زمان الشعر والوجدان ولّى/ وخلّف بعده عهد الجنون(1)
فلا تأسف على عصر تدلى/ عناقيداً من الغضب السجين
فقد تمسي الأناس وقد تجلى / شعاع الشمس في الكون الحزين
ثعالبَ همها رقص بحقلٍ / وغيلاناً تفكر 1) بالجنون
(الأبيات من نظ