|
غَريبٌ بأرض النّيـلِ مَزَّقَـهُ الهَـوى |
أما عاد في قلب الكنانـة مـن غـدِ؟ |
غريـبٌ و أشبـاحُ المَنايـا تَلوكُنـي |
و نير الليالـي فـوق قلـبٍ مُسَهَّـدِ |
أُطَبِّـبُ أَدْواءَ الأَنــامِ وَ دَمْعَـتـي |
على الخد تكويني و قد عَزَّ مُنْجِـدِي |
فلا باكيًـا أمسيـت أَنْـدبُ غُرْبَتـي |
و لا شاكيًـا حالـي و مُـرَّ تَجَلُّـدي |
و لا ضائقًـا مِنْـوالَ عُمْـرٍ قَضَيْتُـهُ |
بعيدًا بذا المنفى، و عن حلم مولـدي |
غَنِيٌّ عن الدنيـا.. و تلـك مَعَزَّتـي |
و ما هِـيَ عَنّـي بالغنـيِّ المُزَهَّـدِ |
غَنِيٌّ و كـل النـاس حَوْلـي مَواقـدٌ |
على المال من عـانٍ فقيـرٍ و سَيِّـدِ |
إذا الليلُ يَسْقيني السُّهادَ فَما الضُّحـى |
يُريـح فـؤادي مـن عـذابٍ مخّلَّـدِ |
و ما الصُّبْحُ مِمّـا أَرْتَجيـهِ مَخافَـةً |
و ما الخطب يُضْني أي مُهْـرٍ مُعَـوَّدِ |
و لكنَّنـي ساءَلْـتُ دَهُـرِِيَ ساعـةً |
أداوي بهـا مـا أتلـف المُّـرُّ للغَـدِ |
رسمتكِ حلمـي و الْتَمَسْتُـكِ غايتـي |
و حَطَّمْتُ ما دون ابتغائـك مـن يـدِ |
فَبِتُّ و قد سُلّيـت عـن كُـلِّ مِحْنَـةٍ |
و أصبحت قـد نُسّيـت كُـلَّ تَشَـرُّدِ |
تَراني الدُّنا بالبشْرِ أَرْسـمُ صَفْحَتـي |
و بالحكم أرنو نحـو عِـزٍّ و سـؤددِ |
و ما كُلَّ بَسّـامٍ سَمـا الفـرح أُفْقُـهُ |
و ما كل وَقّاد مـن الحكـم يهتـدي |
و ما كل باكٍ من رُبـى الغـم ناهـلٌ |
فما الدمعُ غير البرءِ للجـرحِ و الغـدِ |
هو الحزن.. قهرُ الدمعِ إن لاح طيفـه |
و إحجـام آهٍ.. مـن فـؤادٍ مُـوَقَّـدِ |
و أَنَّـة قلـبٍ حَطَّـمَ اليَـأْسُ كَوْنَـهُ |
و بسمـة جـرحٍ صامِـدٍ مُتَجَـلِّـدِ |
أضاحك دمعي.. تلـك قلـة حيلتـي |
و أبرئ جُرْحـي بالحُسـامِ المُهَنَّـدِ |
و أشكو فؤادًا ناءَ بالشعر و الهَـوى |
و أضحى كَطَوْدٍ عاجِزِ القَلْبِ و اليـدِ |
إذا الليل أسـرى بـي إليـك رَدَدْتُـهُ |
و جَرَّعْتُ قَلْبي كَـأْسَ وَجْـدٍ مُسَهّـدِ |
أنا كبريـاء ليـس تُدْرِكُـهُ الـوَرى |
أنـا روح إنسـانٍ قتـيـلٍ مُـشَـرَّدِ |
و عِـزَّةُ نَفْـسٍٍ أَسْتَبيـحُ لأجْلِـهـا |
دمائي.. فإنـي صَـرْحُ عِـزٍّ مُوَطَّـدِ |
عزيزٌ فؤادي ليس يخفـضُ عَرْشُـهُ |
عُقاب الجَـوى، لكـنْ برِقَّـة سّيِّـدِ |
تضيق الدنا في مقلتَـيَّ و لـم يكـنْ |
سوى جُرْحِكِ المَعْجونِ بالهَوْلِ مَوْعِدي |
رأيت احتضـارًا أن أكابـر عيشهـا |
و أكبرَ جُرْمٍ أن أَقـولَ لَهـا: قَـدي! |
و أن أُسْلِمَ الغَـدْرَ العَتيـقَ جُذورَهـا |
ليجهض شعبًا ذاب شَوْقًا إلـى الغَـدِ |
فلا تتركينـي.. و السُّيـوفُ تحفنـي |
و أشْواكُ من تَدْرينَ غَيْبي وَ مَشْهَدي |
و لا تتركينـي.. فالسِّبـاعُ تَرَصَّـدَتْ |
و قد سَقَطَتْ قيثارَةُ الشِّعُرِ من يَـدي |
فكيـف إذا آنَسْـتُ قُرْبَـكِ رَدَّنــي |
هوانـي و إن أُقْصيـتُ لـم أَتَـرَدَّدِ؟ |
و كيف إذا وهْـجُ الحَنيـن يَقودُنـي |
لعينيك أهـوي تارِكًـا كُـلَّ مَقْصـدِ |
هو الحُبُّ يا غَيْـثَ الفُـؤادِ و لَوْعَـةٌ |
فريعانُ عمري أَنْتِ.. و الحُبُّ مَعْبَدي |
طبيب!! و لي أرضٌ تَفَتَّـقَ جُرْحُهـا |
و قد عَجزَتْ عن برْءِ آلامِهـا يَـدي |
طبيبٌ و لا يُجْـدي دَوائـي أَحِبَّتـي |
فكيـف بِعَيْـشٍ للطَّبيـب المُقَـعَّـدِ؟ |
سَئِمْـتُ زَمانـي و الحَيـاةَ بِأَسْرِهـا |
و بِتُّ أُنادي المَوْتَ إن كانَ مُنْجِـدي |
يلومونَ دمْعي إذ بَكَيْتُـكَ يـا هَـوى |
أمـا عَلِمـوا أنَّ الدُّمـوعَ مُهَـنَّـدي |
أَمـا عَلمـوا أنَّ العَزيمَـةَ دُمِّــرَتْ |
و في الدمعِ قيثاري و سيْفي و مِذْوَدي |
سَأَبْكيكِ يا شَمْـسَ الكِنانَـةِ ضائِعًـا |
فإن مـتُّ فانْسينـي و إِلاّ تَجَلْمَـدي |
و إن متُّ لا تَبْـكِ الوَفـاءَ بِمُقْلَتـي |
فقد عِشْتُهُ.. العُمْرَ الأَليـمَ بِـلا غَـدِ |