أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: لوحة من الجنوب ( تحية لنضال الشعب اللبناني )

  1. #1
    شاعر
    تاريخ التسجيل : May 2006
    المشاركات : 23
    المواضيع : 7
    الردود : 23
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي لوحة من الجنوب ( تحية لنضال الشعب اللبناني )

    أعادني العدوان الصهيوني الغاشم علي لبنان لقصَّة كتبتها إبَّان عدوانه السابق في الثمانينيات وكنت في البدايات من حيث الكتابة والنشر ، ونشرها الأديب الراحل " محسن الخياط " في صحيفة الجمهورية عام 1985 م .. وكتب لها مقدمة تقول :
    ( أحداث لبنان تشغل حيزاً كبيراً من اهتمام المواطن العربي ، فهو لا يرى تلك الأحداث بعيداً عن مأساة فلسطين وأزمة الشرق الأوسط .. وانفعال الأديب المصري بها ينبع من إدراكه أن الوطن العربي جسم واحد يتأثر أي عضو فيه بأي جرح يصيب الجسم .
    ومن هذه الحقيقة ولدت هذه المعالجة الجيدة التي يقدمها لنا في قصة أديب فاقوس محمد عبد الله الهادي )
    .. قصة أهديتها آنئذ لروح أول استشهادية لبنانية ضد المحتل ( سناء محيدلي ) التي مشي علي خطاها بطلات أخريات ليس في لبنان فقط بل في فلسطين والعراق .
    تحية لنضال الشعب اللبناني الذي يتعرض الآن لوحشية وهمجية النازيين الجدد .
    * * *

    قصة قصيرة
    لوحــــة من الجنـــــــوب
    بقلم
    محمـــد عبـــد الله الهـــــادي
    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
    مهداة إلي سناء محيدلي
    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ

    ـ " كيف تبدع هذا العمل الكبير ، وتعجز عن إيجاد اللمسة الأخيرة له ؟! "
    قالت زوجتي ذلك .. لكن لا مجيب ..
    أرهقها الانتظار جانبي ، ألقت جسدها علي المقعد ، طوحت رأسها للخف ، بدت الكلمات بمدلولاتها الكثيرة ، كشخوص هلامية عاجزة عن التعبير الصحيح ، كنت قد نسيت نفسي تمـاماً ..
    سويعات طـوال .. طـوال ..
    لا أدري كم من الوقت مضى ؟ ما هو الزمن ؟ ما هو المعنى لأن أكون الآن صبحاً أو مسـاءاً ؟ ..
    أمامي تماماً كانت اللوحة المستطيلة المرشوقة بعرض الحائط ، وكانت الفرشاة بين أناملي مرشوقة في معجون الألوان ..
    سويعات طـوال .. طـوال ..
    ضنَّت الفرشاة باللمسة الأخيرة علي وجه اللوحة ، كي تكتمل معالمها ، وتصير بناءً فنياً صـادقاً ..
    سويعات طـوال .. طـوال ، وأنا أحدق في وجهها ، عجزتْ الفرشاة ، تسربت الألوان من بين شعيراتها كما يتسرب الماء بين أناملي ، بدت النهاية مبهرة ، متوهجة ، أراها رؤية العين ، لا أدركهـا ..
    سويعات طـوال .. طـوال ، بين الصمت والسكون ..
    غفت زوجتي علي المقعـد ، أغمضت عينيها ، لا أسمع سوى همس أنفاسها الرتيبة ، ولا أرى سوى وجهها الذي ينعم بالهـدوء والطيـبة ..
    عدت أحدق في اللوحة ، الوجوه الجميلة ، نسوة يرتدين أردية بيضاء ، أغطية الرأس ناصعة ، كن يصرخن بصوت واحد خلف الشهداء :
    " الله أكـــــبر .. الله أكــــــبر "
    من بين شجيرات الأرز والتفاح أطلَّتْ ، شابة في عمر زهرة ، وجه جميل تحت قبعة حمراء ، هممتُ برفع يدي بالفرشاة ، عجزتْ ، انغمستْ في بطن اللون ، انكفأتْ ، همدتْ ..
    رشفتُ آخر قطرة من فنجان القهوة العربي البــارد ..
    المجنزرات الحديدية السوداء وحوش شرسة ، المحتلُّون في جوفها ، تمضي بذعر ، تقتحم القرية ، تتفجر البيوت ، تتناثر الشظايا ، أكاد أسمع أنين العجائز والأطفال والنسوة تحت الأنقاض ، أطلت بوجهها الجميل ، نفضتْ التراب ، أسرعتُ بغمس الفرشاة في اللون ، ثبتُّها في قلب الذاكرة ، رفعت يدي ، لكنها فرَّتْ ، سقطتْ يدي ..
    أشعلت سيجارةً ، أخذتُ نفساً عميقاً ، تلافيف الدخان تصنع دوائر بلا نهاية ، حلقات مفرغة لصراع السنَّة ، الشيعة ، الكتائب ، الدروز ، المرابطون .. ، تتصاعد ، تتلاشى ..
    من جوف السـجن ، خلف سواد القضبان ، يُضربون بالعصي ، بالأسلاك الكهربائية ، يُسحلون علي الأرض ، يطأ المحتلون أجسادهم بالأحذية الثقيلة ، نزفتْ جروحهم ، لم تندمل ، فاضتْ أرواح .. من بين القضبان أطلَّتْ بوجهها الجميل ، أمسكتُ بها ، أمسكتُ بالفرشاة ، فرَّتْ منِّي ، كادت السيجارة أن تحرق أناملي ، ألقيتها في المنفضـة ..
    سويعات طوال .. طوال ، رحتُ أحدِّقُ في الألوان ، أغوص في كينونتها ، كيف أعثر عليها وسط هذا المزيج .. لكنها ركبتْ سيَّارة ، ضغطتْ علي البنزين ، اقتربتْ من قافلة العـدو ، دبابات ، مصفحات ، عربات نقل ، محتلون بعيون شرهة وقلوب مذعورة ، اقتربت ..
    " لقـد قررت الفداء بنفسي "
    موسيقى صاخبة تنطلق من مذيـاع العـربة ..
    " لقد شاهدت مأساة الاحتلال .. قتل الأطفال والنساء والشيوخ "
    شمس الصباح تطل من علٍ ، أرخت شعورها الذهبية ، ، ضحكتْ بصفـاء ..
    " روحي وأرواح الشهداء تفجر زلزالاً علي رءوس الأعداء "
    ابتسم وجهها الصـبوح ..
    " هذا عرسي زفافي يا أمي "
    اقتربت ، بذلة خضراء ، قبعة حمراء ، قلب أبيض ، نبضات حب الأرض ، اقترب جنديان وتضاحكا ، ابتسمت ، صاح الثالث محـذراً ، ضغطت علي الزناد ، تفجَّرتْ السيارة في جـوف القافلـة ...
    غمست الفرشاة بقوَّة في اللــون ، وصرختُ بأعلى صوتي :
    " وجدتها .. وجدتها .. سناء محيدلي .. وجدتها .. "
    أفاقتْ زوجتي مذعورة ، انتفضتْ واقفةً ، بسملتْ ، كبَّرتْ ، بينما كنتُ منكباً علي وضع اللمسة الأخيرة لوجهها ، بمزيج من لون الدم وتراب الأرض وضـوء الفجـر الآتي .
    ـــــــــــــ

  2. #2
    في ذمة الله
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    المشاركات : 3,415
    المواضيع : 107
    الردود : 3415
    المعدل اليومي : 0.50

    افتراضي

    مرور ومصافحة أولى على رائعتك
    ولي عودة قريبة بمشيئة الله ؛ للوقوف على نبض كل حرف .
    تحياتي وتقديري أخي / محمد عبدالله الهادي

  3. #3

  4. #4
    شاعر
    تاريخ التسجيل : May 2006
    المشاركات : 23
    المواضيع : 7
    الردود : 23
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    راشيل وأخواتهـا - وجـــــهُ قـــــانـــــا..


    وجــهُ قــانــا..
    شاحبٌ كما وجهُ يسوع
    وهواءُ البحرِ في نيسانَ،
    أمطارُ دماءٍ ودموع...
    ***
    دخلوا قانا على أجسادِنا
    يرفعونَ العلمَ النازيَّ في أرضِ الجنوب
    ويعيدونَ فصولَ المحرقة..
    هتلرٌ أحرقهم في غرفِ الغاز
    وجاؤوا بعدهُ كي يحرقونا
    هتلرٌ هجّرهم من شرقِ أوروبا
    وهم من أرضِنا هجّرونا
    هتلرٌ لم يجدِ الوقتَ لكي يمحقَهمْ
    ويريحَ الأرضَ منهم..
    فأتوا من بعدهِ كي يمحقونا!!
    ***
    دخلوا قانا كأفواجِ ذئابٍ جائعة..
    يشعلونَ النّار في بيتِ المسيح
    ويدوسونَ على ثوبِ الحسين
    وعلى أرضِ الجنوب الغالية..
    ***
    قصفوا الحنطةَ والزيتونَ والتبغَ،
    وأصواتَ البلابل...
    قصفوا قدموسَ في مركبهِ..
    قصفوا البحرَ وأسرابَ النوارس..
    قصفوا حتى المشافي والنساءَ المرضعات
    وتلاميذَ المدارس.
    قصفوا سحرَ الجنوبيّات
    واغتالوا بساتينَ العيونِ العسلية!
    ***
    ... ورأينا الدمعَ في جفنِ عليٍّ
    وسمعنا صوتهُ وهوَ يصلّي
    تحت أمطارِ سماءٍ دامية..
    ***
    كشفت قانا الستائر...
    ورأينا أمريكا ترتدي معطفَ حاخامٍ يهوديٍّ عتيق
    وتقودُ المجزرة..
    تطلقُ النارَ على أطفالنا دونَ سبب..
    وعلى زوجاتنا دونَ سبب
    وعلى أشجارنا دونَ سبب
    وعلى أفكارنا دونَ سبب
    فهل الدستورُ في سيّدة العالم..
    بالعبريِّ مكتوبٌ لإذلالِ العرب؟؟
    هل على كلِّ رئيسٍ حاكمٍ في أمريكا..
    إذا أرادَ الفوزَ في حلمِ الرئاسةِ
    قتلَنا، نحنُ العرب؟؟
    ***
    انتظرنا عربياً واحداً
    يسحبُ الخنجرَ من رقبتنا..
    انتظرنا هاشمياً واحداً..
    انتظرنا قُرشياًَ واحداً..
    دونكشوتاًَ واحداً..
    قبضاياً واحداً لم يقطعوا شاربهُ..
    انتظرنا خالداً أو طارقاً أو عنتره..
    فأكلنا ثرثره... وشربنا ثرثره..
    أرسلوا فاكساً إلينا.. استلمنا نصَّهُ
    بعدَ تقديمِ التعازي.. وانتهاءِ المجزرة!
    ***
    ما الذي تخشاهُ إسرائيلُ من صرخاتنا؟
    ما الذي تخشاهُ من "فاكساتنا"؟
    فجهادُ "الفاكسِ" من أبسطِ أنواعِ الجهاد..
    هوَ نصٌّ واحدٌ نكتبهُ
    لجميعِ الشهداءِ الراحلين
    وجميع الشهداءِ القادمين..!
    ***
    ما الذي تخشاهُ إسرائيلُ من ابن المقفّع؟
    وجريرٍ.. والفرزدق..؟
    ومن الخنساءِ تلقي شعرها عند بابِ المقبره..
    ما الذي تخشاهُ من حرقِ الإطارات..؟
    وتوقيعِ البيانات؟ وتحطيمِ المتاجر؟
    وهي تدري أننا لم نكُن يوماً ملوكَ الحربِ..
    بل كنّا ملوكَ الثرثرة..
    ***
    ما الذي تخشاهُ من قرقعةِ الطبلِ..
    ومن شقِّ الملاءات.. ومن لطمِ الخدود؟
    ما الذي تخشاهُ من أخبارِ عادٍ وثمود؟؟
    ***
    نحنُ في غيبوبةٍ قوميةٍ
    ما استلمنا منذُ أيامِ الفتوحاتِ بريداً..
    ***
    نحنُ شعبٌ من عجين
    كلّما تزدادُ إسرائيلُ إرهاباً وقتلاً
    نحنُ نزدادُ ارتخاءً.. وبرودا..
    ***
    وطنٌ يزدادُ ضيقاً
    لغةٌ قطريةٌ تزدادُ قبحاً
    وحدةٌ خضراءُ تزداد انفصالاً
    شجرٌ يزدادُ في الصّيف قعوداً..
    وحدودٌ كلّما شاءَ الهوى تمحو حدودا..!
    ***
    كيفَ إسرائيلُ لا تذبحنا؟
    كيفَ لا تلغي هشاماً، وزياداً، والرشيدا؟
    وبنو تغلبَ مشغولون في نسوانهم...
    وبنو مازنَ مشغولونَ في غلمانهم..
    وبنو هاشمَ يرمونَ السّراويلَ على أقدامها..
    ويبيحونَ شِفاهاً ونهودا؟؟!
    ***
    ماالذي تخشاهُ إسرائيلُ من بعضِ العربْ...
    بعدما صاروا يهودا؟
    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
    نـــــــزار قـــــــبانـــــــي ـ لــــندن 1996



المواضيع المتشابهه

  1. الشعب يبقى الشعب / شعر شعبي عراقي غنائي /ياسر عليوي الكبيسي
    بواسطة ياسر عليوي الكبيسي في المنتدى أَدَبُ العَامِيَّة العَرَبِيَّةِ
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 08-04-2011, 09:30 AM
  2. سقط القناع -مهداة إلى أبطال فسطين وابطال الجنوب اللبناني
    بواسطة فارس عودة في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 20-09-2006, 07:53 PM
  3. هبّوا لنصرة الشعب الفلسطيني و اللبناني .
    بواسطة إدريس الشعشوعي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 14-07-2006, 12:58 PM
  4. أفراح الجنوب
    بواسطة د.جمال مرسي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 01-06-2006, 05:47 AM
  5. أفراح الجنوب اللبناني
    بواسطة د.جمال مرسي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 29-05-2004, 06:26 PM