الحل .... والربط
القوي من أحكم عقله، وتدبر أمره، والرابح الفائز من حسن خلقه، وشرح الله صدره..
يحكى أن أسداً نادى بالغابة: من أقوى مني؟؟ فلم يجبه أحد، ثم نادى ثانية: من أقوى مني؟؟
فأجابه ابن أوى: أنا أدلك على من هو أقوى منك..
قال له الأسد : ومن هو؟؟ ...
قال له: الإنسان..
فقال الأسد: ومن هو الإنسان؟؟.. هل هو ضخم؟؟... هل هو أقوى مني؟؟! لا يوجد في الغابة من هو أقوى مني!! دُلَّني عليه.
قال ابن أوى: اذهب وابحث عنه تجده.
ذهب الأسد يبحث عن ذلك الإنسان القوي، فوجد جملاً ضخماً، فقال له: أنت هو الإنسان؟
فقال الجمل : لا أنا لست إنساناً، فالإنسان أقوى مني، وأنا مسخر له، يفعل بي ما يشاء...
فتعجب الأسد؛ إذا كان هذا الضخم يقول أن الإنسان أقوى منه، فكيف يكون الإنسان!!
فقال الأسد للجمل : دلني على الإنسان.
فقال الجمل : اذهب وابحث عنه تجده.
ذهب الأسد يبحث ويجد البحث ..... فوجد فيلاً ضخماً فقال له: أنت هو الإنسان؟؟
فقال الفيل: لا.. الإنسان أقوى مني، وأنا مسخر له، يفعل بي ما يشاء ... فتعجب الأسد ثانية، وقال : إذا كان هذا مسخراً للإنسان، فكم قوة ذلك الإنسان؟ فقال الأسد للفيل: دلني عليه ...
فقال له الفيل : تجده هناك تحت الشجرة.
ذهب الأسد إلى تحت الشجرة .. فوجد الإنسان نائماً بظلها، فقال له : أنت هو الإنسان.
قال الإنسان: نعم أنا هو ... فنظر الأسد إلى جسمه وطوله وعرضه وتعجب! هذا أقوى مني!!؟؟
قال الأسد للإنسان : أتصارعني لنرى من فينا الأقوى ..
قال له الإنسان نعم أصارعك، ولكن قوتي ليست معي، تركتها في البيت.
فقال الأسد اذهب واحضرها وأنا بانتظارك هنا .. فقال له الإنسان وما يدريني أنك ستبقى هنا ..؟
فقال الأسد: أعدك بذلك..
فقال له الإنسان: بل أربطك في هذه الشجرة لأضمن أنك لن تهرب مني.. وحين أعود وأحضر قوتي أحلك ونتصارع.
وافق الأسد، وقام الإنسان بربطه إلى الشجرة، وأحكم الرباط حوله ... وأحضر سوطاً غليظاً، وراح يضرب به الأسد ضرباً شديداً، ويقول له: هذه قوتي في عقلي، وأنت لا عقل لك.. سأتركك مربوطاً هنا حتى تفنى...
فقال الأسد للإنسان: ما هو اسمك؟
فقال له: فلان .
ذهب الإنسان وترك الأسد مربوطاً، ولم يستطع أحداً فكه... فجاء إنسان آخر، فقال له الأسد: حل رباطي ولن أؤذيك بشيء..
فقام الإنسان الآخر، وحل رباطه وذهب ... فناداه الأسد .. ما اسمك؟
فقال له: علان ...
فقال الأسد: لن أسكن بعد اليوم في غابة فيها فلان يربط وعلان يحل...
وتلك حالة أمتنا ... فلان يربط وعلان يحل .... ولكن يحلون ويربطون على بعضنا البعض ... وعلى أولئك الذين لا يحلون ولا يربطون .... ولكن بيدهم الحل والربط .
وقد قال جدي رحمه الله ... بئس الرجل الذي تُسمع كلمته وتطاع ولا يقولها .... وبئس الرجل الذي لاتُسمع كلمته ولا تطاع ويقولها ...
بقلم / فارس الحريري