أنا... الحكاية...
شعر : صالح أحمد
لبُّ الحكايَةِ أنّني ما عُدتُ أقدِرُ أن أكونَ سوى أنا
صَمَتَ الزَّمان .. ولَفَّني صمتٌ ...
أليسَ الصَّمتُ مَلهاتي - أنا - ؟
قامت تُراوِدُني بِلَيلِ الصَّمت عن نفسي نجومٌ مُطفَآت
هذا السَّوادُ يَلفُّها..
ما لي أغيبُ به أنا ؟
والفجرُ يدعوني : "انتَبِه" ..
لا شمسَ تشرق غير شمس الأقوياء .
لا صمتَ يوجع مثل صمت الأقوياء
لاصوتَ يرجع غير صوت البأس يعرض في المدى أصداءَهُ ..
يمتصُّها شفَقٌ تَخَضَّبَ من دَمي ..
لِيَلوذَ صمتي بي ..أنا ...
منّي ... أنا...
ريشات عنقي مَلَّها حِبري ..وملت إنسكاب ملامحي...
في ليل صمتي ... وانكماشَ اللَّون في لوني ليمنّحَني اختِفائي
لا لونَ إلا في عيون الأقوياء الحائمات على مداخل لذَّتي ...
تمتصُّني لونا للوحة ليلها الممتد من عَبَثِيَّتي .
ماذا جنى ليلي المُكدَّسِ عُلبةً سوداءَ في أمنِيَّةٍ مُتَفَجِّرة ؟
شَفَقًا يُثيرُ مَرارَتي ؟
أم أغنية ؟!
يا أيُّها الزَّمنُ الذي ما عادَ يُبصِرُ بُعدَ ألواني .. وحِسُّ اللَّونِ من فَنّي أنا
الليل في لُبِّ الحكايةِ نُقطَةٌ سوداءُ لو دقَّقْتَ فيها ... لن ترى فيها -أنا ..
شاخَت ظنونُ الليلِ أن يَجتاحَني ...
وَيَقِرَّ في وَجَعي .
ويُبَعثِرَ الألوان تَخدَعُني ..
يَنسَلُّ من جَزَعي .
يا غيمةَ الألوانِ في زَمَني ...
باللهِ فانقَشِعي .
يا حُلكَةَ اللّيل الأخيرِ تَنَبَّهي ..
أنا لم ينل إلا "الأنا" منّي "أنا"
صمتٌ هنا ..
لُبُّ الحِكايَة أنّ صَمتي مَلَّ مِنّي ..
قد قال حتى اليوم ما لم يَبدُ مِنّي ..
سأقولُ بعد اليوم ما لا يرتَضيهِ .. ليمتَحِنّي ..
" الليلُ والبَيداءُ تَعرِفُني " ... وأنتَ تَغارُ مِنّي
" والرُّمحُ والقِرطاسُ " ذي فَنّي الذي صادرتَ مِنّي .
" والخيلُ والبيداءُ " ؟ هل ما زلت تذكُرُ أنَّها مِنّي... أنا
فجري دَنا ...
يا أيُّها الليلُ البَهيمُ... لِتَنأَ عَنّي
***
لُبُّ الحكايَةِ أنّني أُلبِستُ ثَوبًا لا يُناسِبُ خطوتي...
وفَطِنتُ بعدَ مَرارَةٍ أن لا أكونَ سوى أنا ...
فاصبُغ كما شِئتَ الغُروب .
صَوِّرهُ ثلجا لا يذوب .
فَسِّرهُ آمالا ، مَتاهاتٍ ، دُروب...
وارسُم خطوطا ههُنا وهناك ... وازرع أُمنِيات ، أو حُروب...
أنا لن أكون سوى أنا .
أنا لن أرَدِّدَ غيرَ أغنية اليَقينِ... وإن رأيتُ بها استِحالة !
صوتُ اليَقينِ لَسَوفَ تَجرَعُهُ مَلِيّا .
لا صوتَ يوجِعُ مِثلَ صوتِ الأبرياء مضى قَوِيّا .
وغَدًا ستسمَعُ صوتَ فَجري لا مَحالَة .
***
شَرِبَ السّوادُ مَرارَتي حتّى الثّمالَة .
أنيابُهُ حَفَرَت على جسدي تفاصيل المَقالَة .
والقَهرُ مارَسَ فوقَ أورِدَتي اشتِعالَه .
بالنّارِ قامَ على ضُلوعي...
حافِرًا فيها ارتِحالَه .
وَرَسا الزَّمانُ على جِراحي ...
مُبصِرًا فيها مَآلَه .
أنا لن أكونَ سوى أنا ...
لُبُّ المَقالَة
فلتُعلِنِ الألوانُ ثورَتَها خُطوطًا من شُحوب .
ولْتَختَلِط ...
لا لونَ يَبرُزُ مثلَ لونِ البَأسِ يَطلُعُ من دَمي ...
أنا لن أكونَ سوى أنا .
فَلتَبكني الأيامُ .. أو فلتَبكِ رِحلَتَها بَعيدًا عن مَداري
أنا لن أكونَ سوى أنا.
فلتَبكِني الأحلامُ... أو فلتبكِ شَطحَتَها بَعيًدا عَن قراري.
أنا لن أكون سوى أنا .
رَسَمَت بَراءَةُ بَسمَتي أمسي شُروقًا في مَساري .
يا نورَ أمنِيَتي ارتَسِم فَجرًا على أنقاضِ لَيلِ الإنكسار .
لُبُّ الحَقيقةِ أنَّني مَزَّقتُ لَوحَة "إِنبِهاري" .
فَأنا استَنَرتُ شُروقَ جُرحي... وانتَصَبتُ بما أنا ...
لَونٌ... وبَعضُ اللّونِ تُنكِرُهُ العُيون .
لونٌ... وسِرُّ اللَّونِ مَوجٌ.. قَلبُهُ مَوجٌ... وقلبُ الموجِ مَرساةُ الحقيقَة .
***
لُبُّ الحقيقَةِ أنَّني ما عُدتُ أقدِرُ أن أكونَ سوى أنا .
صَعَدَ الزَّمانُ يَبُثُّني صَمتًا يُراوِدُ سَكرَتي عن جُرحِها
لا جُرحَ يصمُدُ مِثلَ جرحِ الأبرِياء ..
قم.. لُُذ بجُرحى يا زمانُ لِتَنتَشي .
أنا لن أكونَ سوى أنا .