|
ذُهِـــلَ البهــــاءُ ... فقــــال : ما أبهــــــاكِ ! |
وَتَسَــمَّــرَتْ عينــــايَ فــــوقَ لُـــمــــاكِ |
خرساءُ تجهلُ ما تقولُ لِذُهْلِها |
شفتي .. ولكنَّ العيونَ حواكي |
فَهَمَسْتُ في سِرّي وقد بلغَ الزُّبى |
عَطَشي لكأسٍ من رحيقِ نَداكِ |
لا تَنْصبي شَركاً ...فإني قادمٌ |
طـــوعــاً أُبــــاركُ في هــــــواكِ هــــلاكي |
أدريكِ آسرتي ...وأدري أنني |
سأكونُ بين الناسِ رَجْعَ صداكِ |
العشقُ أودى بالذين قلوبُهم |
حَجَرٌ ... فكيفَ بخافقِ المتشاكي؟(1) |
صامت عن النَظَرِ العيونُ وأَفْطَرَتْ |
بجمالِ وجهِكِ فانْتهى إمساكي |
فَشَرِبتُ أَعْذَبَ ما تمنى ظامئٌ: |
نَغَمٌ تزخُّ لحونَه شفتاكِ |
عَصَرَ القَرُنْفُلُ فوق ثَغْرِكِ دمعَهُ |
واسْتأْثرا بجفونِهِ خَدّاكِ |
وَتَعَرَّتِ الأقمارُ ضاحكةَ السنا |
في مقلتيكِ ..فأنجمي عيناكِ |
صلّى دمي شوقاً إليكِ وكبَّرَتْ |
روحٌ تَهَيَّمها نقيُّ هواكِ |
قَبَّلْتُ كفك– لا الشفاهَ - فأَزْهَرَتْ |
شفتي ..وسالَ العطرُ من أشواكي |
خَضَّبْتِ بالحِنّاءِ صَخْرَ رجولتي |
وَفَرَشْتِ صحرائي بعشبِ صِباكِ |
أَحْبَبْتُ فيكِ نقائضي ..فأنا فتى |
نَزِقٌ .. وأنتِ خٌلاصَةُ النُسّاكِ |
وَتُمَحِّصين الدربَ قبلَ وُلُوجِهِ |
فكأنما القنديلُ ظِلُّ خُطاكِ |
وأنا إذا صَهَلَتْ خيولُ عواطفي |
بعْتُ السلامةَ واشتريتُ هلاكي |
الحمدُ للرحمنِ زانَ بلطفهِ |
قلبي فكان شغافُهُ مأواكِ |
لولاكِ ما رقَصَتْ حروف قصائدي |
طرباً .. ولا غَنّى دمي لولاكِ |
ولما حرصْتُ على حثالةِ جدولي |
لِيَزُفَّ هودجَ مائِهِ لرباكِ |
شَمَّرْتُ عن قلبي لنافلةِ المنى |
وَتَيَمَّمَتْ روحي بفوحِ شذاكِ |
دَثَّرْت بالنبضِ الطهورِ شتاءَهُ |
وأَضَأْتِ عتمةَ ليلهِ بسناكِ |
أَرَفيقَةَ العُمْرينِ ما حال الفتى |
في الغربتين لو استخارَ سواكِ؟ |
مَرَّتْ عليَ من الحسانِ قوافلٌ |
أَوْقَفْتُ حول مدارِها أَفلاكي |
لم يلقَ مثلَ رغيفِ وِدِِّكِ في الهوى |
وكماءِ نبعكِ في الهجيرِ فتاكِ |
خَبَرَ الهوى قلبي فكنتِ صديقتي |
ورفيقتي وحبيبتي وملاكي |
سَنَدي وعُكّازي يداكِ ..فخيمتي |
لولاكِ قد كانت بدونِ سَماكِ(2) |
علَّمْتِني صَبْرَ الرِمالِ على اللظى |
أَيُلامُ لو هتفَ الفؤادُ فداكِ؟ |
ما كان نهري يزدهي بنميرِهِ |
لو لم تَصُنْهُ بطهرِها ضفتاكِ |
وكفاكِ أني لا أُبادلُ كوثراً |
بوحولِ دجلةَ والفراتِ ...كفاكِ |
عَزِفَتْ عن الجاه الحرامِ ترفّعاً |
نفسي .. وأَثراني نعيمُ تُقاكِ |
و"جــــدان" مـــا عـــــادَ النخيــــلُ تميمــةً |
لفـــتىً .... ولا عـــــادَ العـــــراقُ حِـــمـاكِ |
بتنا – وربِ البيتِ – بين مُخاتلِ |
لــــــصٍّ ... وغـــــولٍ فاســـــقٍ أَفّــــاكِ |
دائي عصيٌّ – كالعراقِ - شفاؤُهُ |
فـــــأنــــا الضحــــوكُ المستبــــاحُ البـاكي |
الليلُ؟ بابي للصباحِ ...طرقْتُهُ .. |
أمّا الجراحُ فإنها شُبّاكي |
حاشا غصوني أنْ تخونَ جذورَها |
ويخونَ نخلُكِ نهرَهُ ... حاشاكِ |