على خاطر ربي...الجملة من اسان الدارج الجزائري

على خاطر ربي..."

ت"... على خاطر ربي..على خاطر ربي.."عندما يتعبها اليأس تسكت قليلا لترتاح . و ما إن يقترب منها أحد المارين على ذلك الرصيف و بجانبها طفل صغير أرمد العينين يعبث بجلبابها الأسود الوسخ.. حتى تعود إلى التوسل و الأمل ينشطها من جديد:"على خاطر ربي.." لكن لا أحد يلتفت إلى هذا الصراخ المستعطف, كأنها لا تقول شيئا أو كأن الناس صم. لولا خوفها من السيارات و سرعتها الجنونية لتوسطت الشارع و وقفت صائحة:"على خاطر ربي "و لولا عجزها أوقفت الراجلين ونادت:"على خاطر ربي ..أعطوني صدقة."
قادتني الصدفة ذات مرة و أنا عائد من العمل متعبا عبر الشارع الرئيسي مارا بذلك الرصيف و ما إن رمقتني حتى نظرت إلي تتوسلني:"على خاطر ربي".. كغيري من الناس لم أعر هذا النداء إهتماما, بل حاولت أن لا أسمعها و لا حتى أنظر ناحيتها..رغم وجود بعض الدنانير بحوزتي.. وددت أن أقول لها "جيب ربي" ثم امتنعت.
و انا اسارع الخطى ,استمرت تضرعاتها تلاحقني فأثارت عبارة"على خاطر ربي" إهتمامي فتساءلت بيني بين نفسي: لماذا لا تقول هذه المتسولة "في سبيل الله" بدلا من "على خاطر ربي" قد تكون أمية ؟ .. لكن هذه العبارة يعرفها الأمي كما يعرفها المتعلم .. حى الصغار لقد حفظناها قبل الدخول إلى المدرسة من كثرة ترديدها من طرف المتسولين . خمنت أن صاحبة الجلباب الأسود يئست من هذه العبارة لأنها لم تعد تحرك إحساس الناس من كثرة تكرارها. علمتنا المدرسة لما منا صغارا و الكتب لما صرنا كبارا أن " في سبيل الله " وهبت لها الأرواح و الأولاد و الأموال.. غيرأن هذه المسكينة إستخدمتها سنين كما جربت بعدها عبارة أخرى " على خاطر الوالدين" لكن بدون جدوى ايضا , لهذا اهتدت أخيرا " على خاطر ربي" ظنا منها أنها تنفذ مباشرة إلى القلوب فتثير الشفقة , عكس ذلك المتسول العجوز الذي منذ طفولتي و إلى يومنا هذا ما يزال يكرر نفس الخطاب:" لله يا لمومنين" و في نفس الشارع , الشيئ الوحيد الذي كان يغيره هو طريقة التسول فكان تارة يمد يده و تارة أخرى يضع أمامه أناء حديديا.
بعد هذا الحوار الداخلي تذكرت تلك المرأة صاحبة الجلباب الأسود و الطفل الأرمد العينين , إنتابني شعور بالشفقة .. فكرت في الرجوع إليها لأجود عليها ببعض الدنانير لكن سرعان ما عذلت عن هذه الفكرة و قلت : فرصة أخرى إن شاء الله.
و خطواتي تتسابق بقيت صورة المرأة تلاحقني و تضيف إلى تعبي تعبا آخر و خاصة إمتناعي عن إعطائها صدقة. فعدت إلى محادثة نفسي محاولا التبرير: هذه هي سنة الحياة فيها أغنياء و فقراء .. مترفون و متسولون .. فلماذا أتأسف على وضع موجود رغما عني و عن الذين يعيشونه .. هكذا الحياة.
تعلمنا أن إختلاف الناس في المال و العلم و القدرات يخدم الحياة .. إذ لايعقل كما تعلمنا أيضا أن يكون كل البشر من صنف واحد و طبقة واحدة... رغم هذه القناعات بقي الأسف يرهقني و السؤال لماذا يعذبني.

أخي الحبيب ابن الين علي:
يبدو لي أنني أقف عند حدود عالمك للمرة الأولى، وقد شدتني أحداث القصة التي تعبر عن المنولوج الداخلي المرتبط بوصف حالة مرت بك ، ولعل ما شدني أكثر أنك كنت تربط أجزاء قصتك بسر تحتفظ به طوال القصة ، ولا تحاول كشفه إلا في نهايتها ، وهذا ما فعلته فعلا ، ولكنني وجدت النهاية أقرب ما تكون إلى المقالة التي لابد فيها من نتيجة يذهب إليها الكاتب من خلال ما يكتب ، وكنت أمني النفس بنهاية أخرى، ومع ذلك فقد امتلكت ناصية القص باقتدار ، وأما قولك في نهاية القصة (رغم هذه القناعات بقي الأسف يرهقني و السؤال لماذا يعذبني.) فإنني أرى أن كلمة ( لماذا) مقحمة عليها ، وحذفها أولى..
وأما قولك في العنوان(على خاطر ربي...الجملة من اسان الدارج الجزائري ) فإنني لم أفهم معنى كلمة ( أسان) فأرجو منك توضيحها؛ لأنك أضفت إلى مخزوني المعرفي شيئا جديدا يتعلق بالدارج في الجزائر من العبارات من مثل ( على خاطر ربي).
لك خالص ودي وتقديري

السلام عليكم و رحمة الله أخي الدكتور سلطان الجرباوي :
على خاطر ربي هي باللسان الدارج الجزائري و ليس أسان لقد كتبت سهوا و معناها ٌ في سبيل اللهٌ التي يستعملها المتسولون لاستعطاف الناس , أما ما قدمته لي من ملاحظات فهي في الصميم ولك مني جزيل الشكر و الامتنان. و هذا ما يحفزني لإرسال المزيد من المحاولات
دمت لي أستاذا و موجها .

أخي العزيز ابن الدين علي
حين تكون الفكرة مطروقة بكثرة من قبل فإن الأسلوب الجديد في تناولها هو الذي يلبسها ثوب الجدة و الابتكار ولقد شرعت في تداعيات نفسية جميلة و متينة تظهر مشاعرك تجاه الموقف و لكنك فجأة دخلت إلى النص مقررا ما كان يجب فعله حتى أنك ختمت القصة بأسلوب هو إلى المقالة ينتمي كما تفضل الدكتور سلطان ؛ و كان الأولى أن تبين ذلك على لسان الشخصيات دون تدخل مباشر منك .
قدرتك على القص الجميل ظاهرة للعيان
دمت في خير و عطاء

على خاطر ربي من قبيل القصة القصيرة الكلاسيكية وهي جد ممتازة يا على ألم أقل لك إنك قاص يوما ما وكنت لا تصدق كاد أن يحبطك غل أهل البلدة وتكبرهم الثقافي المزور ..

هذا سلطان يثني عليك فماذا تريد ؟

بالمناسبة إسمه سلطان الحريري وليس سلطان الجرباوي يا علي قدم اعتذار هنا له لأنه أحسن من ينفعك شكرا

بن الدين أعود إليها مرة أخرى لأرى حسك المرهف في اقتناص أدوات القصة من شىء يبدة لنا مألوفا ..


أنت هنا جد متمكن

ابن الدين على
اقتربت بشدة من عالم المتسولين ، من خلال شخصية العجوز ، التي استخدمت نداءات متباينة لإستعطاف الناس وإثارة شفقتهم وعطفهم نحوها ليمدونها بالمال ، وكنت حاذقا وذكيا عندما مررت بنا نحن المتلقين على هذه النداءات التي تباينت وقمت من خلال التداعي الحر بتمريرها على العقل في محاولة للوقوف على مدلولاتها وينشط ذهن المتلقي أيضا بحثا عن سر هذه النداءات من نداءات دينية خالصة إلى نداءات شعبية إلى نداءات دينية امتزجت بنداءات شعبية ، وكأنها إشارة إلى التحولات التي تطرأ على الشحاذين أيضا نتيجة التحولات التي تطرأ على المجتمع الجزائري أو العربي ، ويظل المونولوج الداخلي ، كاشفا عن حالة تأرجح وذبذبة بين نداء العقل ونداء الواجب الإنساني ولوم النفس تارة وتبرئتها تارة ، وكأني أرى هذا الشخص ككرة البندول المأرجحة ، شكرا لك أيها القاص الجميل وفي انتظار ما تجود به قريحتك

التسول ظاهرة عالمية منتشرة في كل بلدان العالم، وهو أحد أبرز
الأمراض الإجتماعية المنتشرة الذي لا يخلو منها مجتمع حول العالم.
بعين الأديب وفكره الذي لا يجعل الأحداث الواقعية تمر عليه دون
أن يترجمها بقلمه وتعبيره إلى قصة تشد الإنتباه
قدمت لنا قصة تناقش فيها ظاهرة التسول وهل نعطيهم أولا
بسرد ماتع وأسلوب جميل وإن كانت محتاجة لقفلة أكثر قوة.
سلمت يداك ـ ولك تحياتي وتقديري.