أستل مجداف الكلام وأبحر في شرايين الوجود ميمما شطر حبيبتي،قلبي يتصيد الأقمار حين تطل من شرفاتها، ومشاعري يبعثرها رفيف غامض وأسراب تحوم لترعى إشارات المدى ، وتعب من قطر الندى يرش أهداب الفصول القادمة..
لِمَ يخبو ذلك اللحن في ضجيج أيامي المرهقة؟!!.. لِمَ أقف مشدوها أمام قافلة راحلة؟؟!! لِمَ كتب علي أن أسكت أمام انكسار الروح؟؟!!
تنام الحبيبة في قلبي لتصحو على شفاهي حروفا من نور ، وأعيش فصولها وأنا أستقر فوق غيمة مهاجرة، كأنني وهي من نسل جبران ومي ، حين كان الوقت يسرقهما ويرتحلان بين الحرف والحرف ، وينوسان على أرجوحة المواعيد التي تتحقق حرفا ، فيبيت جبران في عيني مي ، ويغفو على وسائد أحلامها ، ويخيط من قوس قزح أثوابها الرائعات ، وتصحو مي على شفاهه لتمسح عن جبهة حروفه غبار المسافات !!
كأنني بها تعيش أحلامي ، وتمشط شعر حرفي المهاجر إليها كل صباح!!ولكن يبدو أن هذا العالم الشجي لا تكتمل فصوله ( ففي الشراب الحلو بعض العلقم!!)..
هي قريبة .. بعيدة ، وأرى طيفها في أهاتي الطويلة، وهي تجوب العمر ، وتستجيب لبنات شفتي ، وأنا أطوف معها خضيل المسافات ، ونقف معا على قارعة الحرف لندهش العابرين ، ثم ترحل الحبيبة!!!
فتغيب عني حفاوة عينيها ، وأشرع ساريتي عند ضفافهما ، وأرسو في الجزر الخالية إلا مني!!
معك – يا حبيبة- أمتلك الموانئ المستحيلة ، ولا ينتهي زادي ، ولا طموح الهجرة إليك !!وأفرح بغيمة تؤذن بأفراح الهطول !!
وبشمس تفضي إلي بسر نشوتها ، وهي ترسل أشعتها على عالمي..ومعك أشعر أنني من نسل الريح التي لا يقر لها مقام ، ومن نسل البحر الذي لا يعتريه الضيق ..
سألتها يوما : بماذ تشعرين وأنت معي؟
فقالت:" كان حلماً أن تمر بمساءاتي عابر سبيل ، فأصبحت تسكن كل زوايا المستحيل !!"
ويبدو لي أنني سأعيش ظامئا للمستحيل ، وربما أجلس يوما في ظل نخلة نائية أنتظر أن تساقط عليّ رطبا جنية!!
وفاجأتني يوما بجواب عن سؤال آخر عما يعني لها الحب ، فقالت : اليوم هو : "خطوط ترسم في الهواء وتمحى بالبساطة نفسها" .ضحكت وقتها ، وكان يودي أن أذرف دمعا ، ربما لأنني معها أحن لهمهمات مساء يذيب مع الفجر أشجانا تعيشني .
سأبحر في قارب الأحلام لتخضر أعوادي التي ذوت بغيابها ، وربما أسبح في وحدتي ؛ لأختزل العمر في حرف ، وسأقطع دروب الإياب ، لأسعد بلحظة آتية!!