المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عادل العاني
يبدو أنه فاتني الكثير وأنا أهيئ ردا على قصيدة الأخ الشاعر رأفت.
واستميحكم عذرا , وهو طلب شخصي ألا نبحث ونقتنص أخطاء في الردود,
فهذا سيبعدنا عن جوهر الحديث والحوار:
وكما وعدت بالعودة للقصيدة عروضيا ولغويا وأهدافا :
نظرا لأهمية وضع ضوابط للحوار المزمع افتتاحه لمناقشة دعوة التجديد التي طرحها الأخ الأديب والشاعر رأفت ولأننا اتفقنا أن نبدأ فيما اتفقنا عليه وليس فيما اختلفنا عليه.
وبما إننا اتفقنا على ماهية الشعر , فلابد أن نعرف أيضا إن ما نكتبه يقع متطابقا أولا من ماهيته , ولهذا عدت للقصيدة هذه , لأضع نظرة نقدية عليها ( بغض النظر عن التورية التي تمت فيها )
عروضيا:
القصيدة هي على البحر الطويل :
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن ... فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن
والعروضة ( مفاعيلن ) لا تأتي تامة إلا في التصريع وتأتي مع كل الضروب ( مفاعلن )
وله ثلاثة ضروب هي ( مفاعيلن , مفاعلن , فعولن ) وإن استخدم ضرب وجب الإلتزام به حتى نهاية القصيدة , كما إن بعض الشعراء في الماضي أجازوا مجيء العروض ( فعولن ) مع الضرب ( فعولن ) لكامل القصيدة.
والزحافات الجائزة فيها هي ( فعولُ بدل فعولن , ومفاعلن أو مفاعيلُ بدل مفاعيلن وهذان زحافان غير مستحبين )
ونعود للقصيدة الآن:
رأيت بحور الشعر باتت لنا دينـا ... نحجّ لكعبـة لـهُ فـي قوافينـا
( التفعيلة الثانيةفي الشطر الثاني مفاعلن )
أقمنا حدود الوزن لا رحمة فيهـا ... ولم نقم الحدود في شرع بارينـا
( العروضة هنا جاءت بوزن مفاعيلن ,والتفعيلة الثاني في الشطر الثاني مفاعلن )
فصامت عقولنا صياماً بلا فرضٍ ... ليفطر زنديق الشتائم فـي فينـا
( كذلك التفعيلة الثانية في الشطر الأول مفاعلن , كما جاءت العروضة
مفاعيلن )
ترى مفتياً أحلّ سفك دمـي لمّـا...أردت الفكاك من قبـور توارينـا
( التفعيلة الثانية في الشطرين الأول و الثاني مزاحفة لمفاعلن والعروضة بوزن مفاعيلن)
عزمت على تجديد بالي ثياب القو... ل مقتدراً فهاك ثـوب الأوالينـا
( العروضة بوزن مفاعيلن , والتفعيلة الثانية في الشطر الثاني مزاحفة لمفاعلن )
يسبّ جديدي كل عبـد لماضيـه ... شتوماً ونبّاحاً ومَن قـال آمينـا
( نفس الملحوظة على العروضة )
سوى قلةٍ راحت تفنّـد أسـراري... على خُلقٍ تضوع منهُ الرياحينـا
( وهنا العروضة بوزن مفاعيلن , والتفعيلة الثانية في الشطر الثاني مزاحفة لمفاعلن )
يغالبني هجري ولكنْ سأبني جسْ.. رَ وصلٍ فهل تأتوا لأنهار وادينـا
( العروضة مفاعيلن )
النظرة العامة لعروض القصيدة :
1- التزم الشاعر ببناء القصيدة على بحر الطويل آخذا بنظر الإعتبار وزن العروض ( مفاعيلن ) والتزم به حتى نهاية القصيدة , وأنا لا أرى في ذلك ما يضير علم العروض بل كثير من الشعراء من خطا خطوه حتى في الماضي , وقد اختلف العروضيون في عروضة ( مفاعلن ) وأنا شخصيا أرى ذلك من خلال البحر الطويل حيث لا مبرر لحصر الضرب بالزحاف مادام البحر أصلا عروضته ( مفاعيلن )
2- زاحف الشاعر تفعيلات ( مفاعيلن ) إلى ( مفاعلن ) وهذا جائز في الطويل .
3- إذن لم يخفق الشاعر في بناء قصيدته وعبر عن وجهة نظره في نظمها.
وتمكن من تورية اسمه في حروف الأبيات الأولى.
ونأتي للبناء اللغوي والنحوي :
رأيت بحور الشعر باتت لنا دينـا ... نحجّ لكعبـة لـهُ فـي قوافينـا
أختلف مع الشاعر في هذا النص , وهو المسلم والمؤمن فليس هناك إلا دين واحد نؤمن به وهو الإسلام والشعر ليس دينا. والحج لا يتم بالقوافي.
أما ما يقصده الشاعر فأختلف أيضا معه , فالبناء الشعري هو ما نعبر عنه كأساس للشعر , وقد أيدنا أي تجديد شرط ألا ينسف الأسس , وقد سبق وأن عرضت ( أنا شخصيا ) مبررات لعدم إتاحة الفرصة لنسف البناء ويمكن للأخ رأفت أن يعود لموضوع ( النبي محمد صلى الله عليه وسلم والشعر العربي )
أقمنا حدود الوزن لا رحمة فيهـا ... ولم نقم الحدود في شرع بارينـا
استعارات لبعض الكلمات أدخلت الموضوع في تفسيرات شرعية لا مبرر لها , فكيف يحكم الشاعر على عدم إقامة حدود الشرع في الدين , وكيف يقارن بينها وبين حدود أوزان البحور ؟
فصامت عقولنا صياماً بلا فرضٍ ... ليفطر زنديق الشتائم فـي فينـا
وهنا أبدع الشاعر في التعبير في الشطر الأول , لكنني أراه جنح للهجاء غير المستساغ في الشطر الثاني , وما كان عليه أن يفعل !!!
فلم يسبق أن شتمه أحد هنا حتى يرد بهذا الرد !!!
كما أراه أيضا أساء لنفسه في التعبير الأخير ( في فينا ) وإن فهمته كما يقصد فكان الحري به أن يقول ( من فينا )
ترى مفتياً أحلّ سفك دمـي لمّـا...أردت الفكاك من قبـور توارينـا
( هنا أرى التناقض في المعنى بين الشطرين , فكيف يحل ( مفتي ) سفك دم ( ميت ) دل على موته ( قبور توارينا )
عزمت على تجديد بالي ثياب القو ... ل مقتدراً فهاك ثـوب الأوالينـا
ومن قال لا تجدد , ولكن مع احترام الأسس التي قام عليها الأولون .
وهي ليست ( بالي القول ) وسنتعرض لهذا تفصيلا عندما تفتتح موضوع الحوار. ( الأوالينا ... ؟ ) يبدو هنا الشاعر اضطر لاستخدامها رغم عدم ورودها في المعاجم لضرورة القافية .
يسبّ جديدي كل عبـد لماضيـه ... شتوماً ونبّاحاً ومَن قـال آمينـا
لا أدري كيف يفوتك هذا التعبير الخاطئ ؟ فكيف أجزت يا رأفت الجمع بين ( شتوما , نباحا , ومن قال آمينا ) ؟ فهل من يقول ( آمين ) يوضع في مرتبة الشتم والنباح , كما أعترض على هذه الصيغة التي هي أولا تسيء للشاعر , فكيف يصف كلام معارضيه بالنباح , وهل يقيس الشاعر نفسه بمستوى من ( ينبح ) عليه ؟ أرى هنا هفوة أخرى أوقع الشاعر نفسه بها.
سوى قلةٍ راحت تفنّـد أسـراري ... على خُلقٍ تضوع منهُ الرياحينـا
لو استطعت أن تقنع الآخرين فسيكونون كثرة لا قلة !!!
يغالبني هجري ولكنْ سأبني جسْ... رَ وصلٍ فهل تأتوا لأنهار وادينـا
هنا خطأ نحوي في حذف نون ( تأتون ) حيث أداة الإستفهام لا تجزم ولا تنصب الفعل بحذف النون ويمكن للشاعر تخلصا من الهنة النحوية إعادة النون وحذف ( ل ) من أنهار وهذا جائز للضرورة الشعرية.
أما المعنى فنقول لك أخي الشاعر رأفت : مرحبا بك وإن مددت جسرا فسنمد نحن جسورا , فإما أن نسيح في أنهارك وإما أن تسبح في أنهارنا.
أما التورية التي تحدث عنها الشاعر ,
فأنا أهنئك على تورية اسمك في أول حروف كل بيت , مع الإشارة إلى خطأ الحرف الأخير فقد ورد ياء وليس ألف مقصورة , وكان يمكن أن تكون التورية بألف وليس ياء ( رأفت عيسى )
وآسف لهذه الإطالة في الحديث , ولكن لأهمية الموضوع وجدت نفسي مضطرا لهذا التفصيل.
تحياتي وتقديري