الأخ الفاضل رأفت
بداية أستفتح بالصلاة والسلام على نبي الهدى
وأقول :
بالنظر لما سلف ذكره من كلامك
فلا أجدنا نختلف في ما ترمي إليه في بعض النقاط
في حين أن الاختلاف في بعضها الآخر سيكون جلياً ..
وأتابعها معك الواحدة تلو الأخرى من وجهة نظري راجياً التوفيق فيما أرمي إليه من إجابة ..
- فأما ما يخص أصل الكلام واللغة
وبأن لبنتها الأساسية هي الحرف وليست الكلمة
فهذا أمر يعيه الجميع
ولا يحتاج لبراهين واقتباسات
ولكن أخي الفاضل
قل من فضلك
ما معنى الحرف المفرد الواحد دون أن يقترن بحرف آخر ؟؟
وما قيمته ؟؟
وإن عدت لمن استشهدت بمؤلفاتهم من النحويين واللغويين
ستجد بأنهم من أولهم لآخرهم يبتدؤون تعريفاتهم للكلام المفيد بما يلي :
|
|
|
|
أن اللفظ المفيد يسمى كلاما وجملة
وأن الحرف الواحد لا يعني شيئاً .. |
|
|
|
|
وأما ما تمثل له من حروف الذكر الحكيم ( ألف لام ميم - ألم , أو , كاف هاء ياء عين صاد - كهيعص ) فهذا سر من أسرار الخالق
تحفظ عليه إلى يوم يشاء
وليس لك أن تتخذه سبيلاً كشاهد إثبات في مقولتك
فلا أنت ولا أنا ولا غيرنا يعرف معناها وسبب نزولها , إلا الله
ومن خُلُق الصحابة الذين كان من بينهم الشعراء - بعكس ما تفضلت به - وهذا سآتي عليه لاحقاً
أنهم لشدة تقديرهم لكلام الله لم يجرؤوا على أن يعرفوا معانيها
واكتفوا يما نزل على نبيهم من الوحي
وتركوا شأنها لبارئهم
ولتفسيرها أخي هناك الكثير من المستعربين والعاملين في هذا المجال - البحوث القرآنية - يضعون النظريات ويقولون بأنها حجر الزاوية
ويعتمدون في ترتيبها وعدد تواتر ورودها في السورة عينها وفي بقية السور على معجزة إلهية خص الله بها كتايه المبين
وهذا ليس معرض حديثنا
كما أننا لا نتجرأ على الله بفتيانا
وكما تقول أخي فإن الكتابة هي رسم بالكلمات ( الكلمات أخي , فهل تلاحظ ؟؟ )
وليس الرسم بحروف منفصلة
فقل لي ما معنى أن ترسم بحرف الفاء أو التاء
أو حتى حرف الضاد الذي قدمت له في تسمية لغتنا العربية ؟؟
- العربية أخي سميت بلغة الضاد لأنها تفردت به بين اللغات , فليس من لغة أخرى أخرى خصت به إلاها -
وما معنى أن يخرج الحرف من الحلق أو من بين الأسنان أو من سقف اللهاة إن لم يجتمع بإخوته من الحروف
أخي
إنما خلقنا الله ننطق بهذه الحروف بهذه المخارج لكي نمييزها عن بعضها
وهو أعلم بمن خلق وبما خلق
وأما اعتراضك على تسمية الكتابة بأحد مسميين هما الشعر أو النثر
فلا أجد له مسوغاً فيما تفضلت به
أخي
تعرف الامة جمعاء أن الكلام تؤلفه الحروف لتنطقه الشفاه وتدونه الأقلام فينتقل وتنتقل معه المعرفة من جيل لآخر
وهذا الكلام إما أن يكون شعراً - بقواعد وأصول - أو غير ذلك
وغير ذلك :
هو ما نسميه نثراً
فما هو الإشكال في التسمية ؟؟
بل حتى أن ما أشرت إليه أن بعض الحضارات تناقلت ثقافتها عبر الرسوم
فقد وجد المختصون بها
أن لتلك الحضارات شعراء قد نظموا الأشعار برسومهم تلك
لأن رسومهم كانت تعبر عن موجودات ومسميات لها قيمتها ومعناها
كما أن فيها النثريات التي دونت كنصوص في القانون أو الشرائع أورسائل الملوك والممالك
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رأفت عيسى
أريد أن أصل هنا أن الأساس هو الحرف وموسيقاه
بل الأصل أخي
الكيفية التي يقترن بها حرف بآخر
والمعنى الناجم عن تدفق الحروف شفاهاً بالحركات
وإليك الأمثلة :
ح : حرف مفرد لا معنى
حاء : هنا اقترن الحرف بالألف و الهمزة فعرفنا أن المقصود هو حرف الحاء الذي هو أحد حروف الهجاء
حب : برغم الاقتران بين الحاء والباء فنحن لا نزال نجهل المعنى المطلوب , ونحتاج للحركات لتمييز الحَبِّ عن الحُبِّ ..
اللام , والراء حرفان مفردان لا يعني كل منهما شيئاً لوحده , بل وحتى مجتمعان : لر - أو - رل ..
ومن يشاركك الرؤى عن موزاييك الحروف وموسيقا المخارج ,فليأت بما يثبت رؤاه ..
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رأفت عيسى
الأساس والقاعدة في تواصل العقول هو الحرف بموسيقيته وليست الكلمة أو الجملة.
أظن أن فيما سبق الكفاية للرد على هذا ..
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رأفت عيسى
ولكننا أنا وأنت وكل الموجودين هنا نتحدث اللغة العربية العامية
أخي
كل ما خلا الفصيح فهو لهجة , وليس لغة ..
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رأفت عيسى
لم يحفظ اللغة العربية في التخاطب الرسمي حتى الآن سوى القرآن الكريم وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام الذي ترفض أنت ياأخي أن يكونا مرجعيتنا الوحيدة هنا.
نوافقك على ذلك ولم يعرتض الأخ د.سمير ولا نحن على أن الله عز وجل شرف لغتنا وحفظها بالقرآن
وإنما الخلاف وأصله أخي
كما بدأته ثم بدأت تحيد عنه
بأن الشعر هو ديوان العرب وهومن حفظ تأريخهم وسيرهم
ولا خلاف على أن العربية تعترف بالفضل لكتاب الله في ديمومتها
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رأفت عيسى
فالقرآن نزل بالعربية ، ولكنها ليست عربية الجاهلية بما فيها من شعر ونثر
بل نزل بها أخي
وفيه من الألفاظ ما لا يعرفه سوى بعض الأقوام لأنه بلغتهم
وهذا دلالة على شموليته وقدرته على الوصول إلى جميع الأعراب الذين كانوا يعيشون في الأرض العربية وقتها
ولو رجعت لكتب التفسير جميعها والتي تعتمد في تفسير بعض آياتها على رأي الصحابي الجليل وحبر الأمة : عبد الله بن عباس
لوجدته يستشهد بأشعار الجاهلية ولغة أقوام الجزيرة كلها في تفسير القرآن
وهذا بحد ذاته معجزة من المعجزات ..
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رأفت عيسى
وفي نفس الوقت لم يهملها كلها، نزل القرآن بلغة جديدة لم يعرفها العرب من قبل حاروا في تسميتها إن كانت شعراً أو سحراً أو غيره
وهذا خطأ كبير كبير أيضاً ..
فالوفد الذي أرسلته قريش فاستمعوا للنبي - عليه الصلاة والسلام - وهو يتلو القرآن عاد فأخبرهم عن القرآن قائلاً :
إن له لحلاوة , وإن عليه لطلاوة ...
بل هم يفهونها جيداً ولو لم يعرفوها ما قدروها حق قدرها عندما وصفوها ..
ولكنهم لم يعرفوا القرآن قبلاً
وهذا أمر طبيعي
ولذا فقد حاروا في تسميته
فلا هو بالشعر ولا هوبالنثر
وهذا دليل على أنهم عرفوا الشعر والنثر وصنفوا كلام العرب إلى شعر ونثر , وفيما بعد
صنف اللغويون الكلام إلى شعر و نثر وقرآن ..
وأكبر الأدلة ما نزل به القرآن ذاته من شهادة بأنه لغة العرب ولاحجة لهم في تجاهله :
(
قرآناً عربياً غير ذي عوج لعله يتقون ) .. الزمر
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رأفت عيسى
لولا الإسلام لتغيرت اللغة كلية وانحصرت في شبه الجزيرة وربما أصبحت من التراث القديم واستبدلت بلغة أخرى ومن هنا يأتي السؤال عن الهوية، فهل نحن عرب ؟؟؟؟
وهذا خطأ فادح أخي
فأنت بذلك تصرف صفة العروبة عن امصار كثيرة حول الجزيرة العربية
وهذا لايتأتى لك مع ما نزل به الذكر الحكيم :
(
و كذلك أوحينا إليك قرآناً عربياً لتنذر أم القرى ومن حولها ) .. الشورى
فكيف ينذر الرسول عليه الصلاة والسلام أم القرى ( مكة ) والجزيرة ومن حولها بلسان لا يفقهونه ؟؟
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رأفت عيسى
إذن أصل الهوية التي تجمعنا كمسلمين هي هوية الإسلام وليست هوية العرب.
هذا لاخلاف عليه
ولكن ما شأنه وشأن حديثنا هنا ؟؟
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رأفت عيسى
وما كان كبار صحابته بشعراء
فماذا تقول في هذا :
|
نَصَرْنَا رَسُوْلَ اللِه لَمَّا تَدَابَرْوا |
وثاب المسلمون ذوو الحجى |
ضربنا غواة الناس عنه تكرماً |
ولما يروا قصد السبيل ولا الهدى |
ولمَّا أَتَانا بالهُدَى كان كُلُّنا على |
طاعة الرحمنِ والحق والتقى |
|
|
وهذا :
|
أنا النبي لا كذب |
أنا ابن عبد المطلب |
|
|
والاول لعلي كرم الله وجهه
والثاني لنبي الأمة عليه صلوات الله وسلامه
وهناك من أشعار الصحابة الكثير
وإن شئت وضعت لك هنا بعضاً منها , ولاسيما ما قاله عمار بن ياسر وخبيب عند إستشهادهما
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رأفت عيسى
لي أن أطور وأغير فيها كي تسير في ركب تطور الزمان حتى لا يغيب هذا الفن كما هو غائب الآن ولا يستمع إليه إلا القلة القليلة النادرة
وهذا حق لا ننكره عليك أخي
فلك أن تطور فيه ما تشاء مضموناً ومعنى , وكلمات ومفردات , وألفاظ وتراكيب , وعبارات وتراكيب , وليس شكلاً ونهجاً ..
فالخروج عن الشكل المعروف الذي أجمعت عليه العرب للشعر يخرجه عن هذه الزمرة
ويجعله في زمرة النثر
وهذا ليس ببدعة ولا إحتكار
وأتحدث إليك بلسان العالم الأديب ( وما أنا بأحدهما ) وإنما أزعم بأنني أقدر على ذلك , فأقول :
التطور أخي هو أمر نسعى له جميعاً وقد حضنا عليه ديننا فهو دين التطور
وإليك مثلاً :
الاستغفار
هو تجديد العهد مع الله بشكل دائم
ولذا فهو روح التطور
وقد حث نبينا على ذلك في الأثر : ( جددوا إيمانكم )
ولا يقصد به تجديد الشكل و النهج المتبع
فلا يمكننا تجديد الصلاة وتطويرها شكلاً بحيث نستبدل هز الأرداف بالركوع أو هز الأكتاف بالسجود ..
ولكن يمكننا تجديدها بتجديد ما نتلوه فيها من آيات
وكذا بقية التطور ..
ولو سحبنا ذلك على الشعر
فلا يحق لنا أن نخرج به عن قوابه ونظمه
ولكن يمكننا تجديده بتلوين مواضيعه
وتغيير مضامينه
أم أنك تؤمن بنظرية تطور الأنواع لداروين
تلك النظرية التي تتناول قضية تطور الحياة والكائنات الحية لتقول إن أصل الحياة تطور من كائنات بدائية أولية جيلاً بعد جيل حتى وصل إلى قمة التطور في الإنسان ، وهذا يعني أن الإنسان ربما كان أول ما كان خلية آميبية تحولت بعدها إلى طحلبة سرخسية ثم إلى كائنات برمائية ثم إلى خنفسة رملية ثم إلى سحلية ثم إلى دجاجة غير مشوية ثم إلى ماعز جبلية ثم إلى قردة ذكية حتى أصبحت إنساناً ذا طلعة بهية ..
وتعتقد بأنه يمكن توليد سلالة شعرية جديدة من الشعر العربي بأسباب وفواصل وأوتاد جديدة
ومصاريع جديدة
وعروض و ضروب جديدة
وهل عندها سنستطيع التمييز بين الشعر و المسخ الجديد الذي سيتولد من هذه الطفرة المحدثة عمداً في هيكل وأس الشعر ؟؟
بل قل لي أخي
كيف يمكنك إلغاء قيمة الشكل للموجودات وكيف يمكنك التمييز بين الوردة والشوكة
وبين أخيك وأبيك وبين إبنك وإبنتك , بغير التعرف على أشكالهم ؟؟
وهل من التطور أن تغير أشكالهم ؟؟
وإن صدقنا بما تقوله من حرية الرأي في تطورك المزعوم
فهل عند تغيير الشكل سيحافظ ذلك الجديد على اسمه القديم ؟؟
وأمثل لك كي يسهل الفهم :
إن كنت نجاراً تصنع الأثاث من الخشب
فهل كل ماستصنعه كراسي ؟؟
أم يمكنك صنع الطاولات والمكتبات ؟؟
وهكذا الأدب أخي
المادة المستخدمة واحدة
هي مفردات اللغة العربية
وأما المصنوعات منها عديدة : قصة , مسرحية , مقالة , قصيدة , ...
فعندما تغير الشكل من كرسي إلى منضدة فهل سيظل اسمها كرسي ؟؟
وكذا إذا غيرت القصيدة إلى خاطرة .. فهل ستظل قصيدة ؟؟
هذا ما وددت الوصول إليه آملاً أن تصلك كلماتي فتقع موقعاً مؤثراً لديك
وأعود لك لأكمل حديثي في بقية النقاط إن شاء الله بعد بعض الراحة
فمرض الديسك القطني يمنعني من الجلوس مطولاً أمام شاشة الجهاز
تحيتي
وإلى عودة قريبة
والسلام عليكم