أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: عزة بدر في ثوب غزالة

  1. #1
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Jun 2006
    المشاركات : 135
    المواضيع : 48
    الردود : 135
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي عزة بدر في ثوب غزالة

    عزة بدر في ثوب غزالة


    بقلم: أحمد فضل شبلول

    تجسدت تجربة الغربة عن الوطن في أكثر من عمل أدبي شهير نذكر على سبيل المثال: "موسم الهجرة إلى الشمال" للطيب صالح، و"عصفور من الشرق" لتوفيق الحكيم، و"الحي اللاتيني" لسهيل إدريس، و"عودة الذئب إلى العرتوق" لإلياس الديري، و"نيويورك 80" و"فيينا 60" ليوسف إدريس، و"أديب" لطه حسين، وغيرها الكثير والكثير مما كتب عن تجارب الغربة في المجتمعات الأجنبية.
    أما عن تجارب الغربة في المجتمعات العربية، فلعلها تكون أقل من سابقتها، نذكر على سبيل المثال: "البلدة الأخرى" لإبراهيم عبد المجيد، و"الخليج" لمحمد جبريل، و"شقة الحرية" لغازي القصيبي، و"أطفال بلا دموع" لعلاء الديب، و"الفيافي" لسعيد بكر، و"وليمة لأعشاب البحر" لحيدر حيدر، و"ادخلوها بسلام آمنين" لمحمد عبد السلام العمري، و"أيام في الأعظمية" لفريد معوض، و"بغداد لا أحد" لجمال عبد المعتمد، وغيرها.
    ومن خلال روايتها الأولى "في ثوب غزالة" تضيف الكاتبة عزة بدر إلى تجربة الغربة عن الوطن، إبداعا جديدا من خلال بطلة الرواية أو الساردة أو الذات المبدعة هدى عبد ربه، التي سافرت عروسةً للحاق بزوجها (باسم) الذي يعمل في مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية، بعد أن جسدت لنا معاناتها وغربتها داخل الوطن، وبعد أن قدمت لنا مشاهد من معاناة الراغبين في السفر أمام السفارة أو القنصلية السعودية بجاردن سيتي بالقاهرة، وكيف تُلقى جوازات السفر من الشبابيك أو النوافذ لهؤلاء الذين يبيتون أمام مبنى القنصلية، والتعليقات التي تنتقد هذا السلوك القنصلي من جهة أخرى.
    والمثير في الأمر أن الساردة جسدت معاناتها داخل الوطن في الصفحات الأولى من الرواية، بطريقة أكثر درامية من تجسيد معاناتها خارج الوطن أو في بلاد الغربة، ولكن مع ملاحظة أن المعاناة داخل الوطن كانت معاناة جماعية، أي معاناة المجموع، أي مجموعة الأفراد الذين يبيتون أمام مبنى السفارة أو القنصلية للحصول على التأشيرة، بينما جاءت معاناتها في الغربة معاناة فردية، أو نفسية مع أنها تمثل شريحة من الشرائح المغتربة عن هذا المجتمع الجديد بالنسبة لها، في الوقت نفسه.
    ومما خفَّف من وطأة المعاناة في غربتها الجديدة، اندماجها في المجتمع الجديد وتعارفها على عدد من بناته مثل: هند وسُعدى وسلوى ووفاء وفتنة (الفلسطينية)، فضلا عن جارتها المصرية (المنصورية) والباكستانية، بل دخولها في مغامرة من أجل صديقتها السعودية سُعدى المطلقة، ثم وقوعها في حب فهد الزوج السابق لسعدى، ثم ترقبها لمولودها الأول الذي بدأ يتحرك في أحشائها.
    مثل هذه الحياة جعلت الساردة أو بطلة الرواية هدى، تندمج في المجتمع الجديد، وفوق كل ذلك أنها تعيش في "بلد النبي" مكة المكرمة (تقول أمها لأبيها: دي رايحة بلد النبي يا حاج) ص 7، وأنها أدت مناسك العمرة، ثم فريضة الحج مع زوجها بعد حضور أبيها وأمها من مصر، وقد أجادت الكاتبة وصف الأجواء الإيمانية في رحلة الحج، وما صاحبها من إجراءات أو شعائر مقدسة، وزيارة لمسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، فجاءت هذه الشعائر الإيمانية لتعطي الرواية أجواء أو أبعادا روحية مقدسة، في مقابل الأجواء الإنسانية المادية أو العاطفية التي حفلت بها الرواية.
    معاناة الساردة قبل السفر أخذت حيزا يقرب من الثلاثين صفحة، من صفحات الرواية البالغة 240 صفحة، والصادرة عن سلسلة كتاب الجمهورية بالقاهرة (عدد أغسطس 2006) أي حوالي ثُمن الرواية، وعلى الرغم من ذلك استطاعت تشريح المجتمع المصري، ورغبة الكثيربن من أبنائه في السفر للعمل بالخارج بعد أن ضاق عليهم الوطن، وضاقت لقمة العيش بهم في "أم الدنيا"، لذا فإنهم يتحملون الكثير من المعاناة الإضافية عندما تلوح لهم فرصة عمل خارج الوطن، على الرغم من أن ظروف العمل أيضا غير مضمونة مائة بالمائة لهؤلاء الذين يريدون النزوح إلى الخارج، فكثيرا ما تحدث مفاجآت غير محمودة العواقب، وخاصة فيما يتعلق بنظام الكفالة، وتغيير شروط التعاقد بعد السفر، فلا يجد المسافر بُدًّا من قبول الأمر الواقع، أو العودة إلى وطنه خائبا خاسرا.
    تكشف هذه الصفحات الثلاثين الأولى أن الساردة لم تغادر وطنها عن قلة حيلة، وإنما بسبب ظروف عمل عريسها في السعودية، ورغبته في أن يتمم الزواج (أو الدخلة) في البلد الذي يعمل به، لتستقر حياته العائلية هناك ـ إلى حين عودته النهائية إلى أرض الوطن ـ ويجد من يكون في خدمته أثناء الغربة.
    لقد تركت الساردة رسالتها الجامعية التي كانت تعدها، وتركت مجادلة أستاذها الجامعي د. نزيه الذي بدأت تشك في وطنيته، أثناء المناقشة معه، ووعدته بأن تكمل العمل في الرسالة هناك في البلد الذي يعمل به زوجها، حيث الكثير من أوقات الفراغ، وتركت حبيبها الأول، أو زميلها في الكلية ماهر الذي اكتشفت أنه يحبها ويحب غيرها في الوقت نفسه، فرفضت الارتباط به أو حتى مجرد انتظاره لحين بناء نفسه ماديا.
    ومن أول وهلة نكتشف أن الساردة على جانب كبير من الثقافة والوعي والاطلاع، لدرجة أن عريسها يقول عن قميص نومها: هذا قميص نوم مثقف (ص 32). وأنها تحفظ الكثير من الشعر، بل تتفاعل مع الشعر النبطي (أو العامي السعودي) وأنها تتعايش مع الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية في وطنها، على الرغم من أنها ابنة هذا التناقض الرهيب في المفاهيم والأفكار في ثلاثة عصور متتالية: عصر الثورة وجمال عبد الناصر (الإنسان الذي جسد الدراما البشرية في قمة روعتها، وفي اكتمال بلواها) والاشتراكية والتأميم، ثم عصر أنور السادات وبداية الانفتاح والنظرة المختلفة للقضايا القومية، ثم عصر الفوضى الخلاقة كما يسميه الأمريكان الآن، ولعل هذا التناقض الرهيب هو الذي قاد الساردة (أو الكاتبة) إلى خطئها في تحديد تاريخ انتفاضة الخبز (التي أطلق عليها الرئيس الراحل أنور السادات "انتفاضة الحرامية") فذكرت (في ص 95) أنها حدثت في يناير 1980، والصحيح أنها حدثت في يناير 1977 (وبالتحديد في 18 و19 يناير 1977).
    إن الساردة تتمع بحس سياسي ووطني فطري، ويتضح هذا جليا في حوارها مع جارتها فتنة الفلسطينية، فعندما رأت العلم الفلسطيني يرفرف في إحدى الصور، سألتها قائلة:
    ـ فتنة .. ألم تفكري بالرحيل إلى غزة؟
    ـ وماذا أفعل في غزة؟
    ـ تعملين هناك .. حتى تتسع النواة فتصبح وطنا؟
    فترد عليها فتنة في نبرة أسى ويأس قائلة: هل تصدقين ذلك حقا؟ أي وطن هذا المخنوق المحاصر من كل الجهات بإسرائيل، إنه كمين وليس وطنا يا هدى .. أبي وحده هو الذي يسافر إلى أهله في الضفة لأنه شيخ فان، أما والدتي فهي تخشى من سفر أخوتي .. إنهم يعتقلون الشباب حتى سن الأربعين .. لن تمكننا إسرائيل من بلادنا صدقيني.
    فتسألها هدى سؤالا له مغزاه، إنه سؤال المستقبل، ليس مستقبل فتنة فحسب، ولكن مسقبل مئات الآلاف من الفلسطينين الذين يعيشون خارج حدود أرضهم السليبة، تسألها:
    ـ وما العمل؟ ستظلين هنا؟
    ولأن مستقبل الأرض الفلسطينية ليس واضحا أمام فتنة، وليس لديها أمل قريب في العودة، فترد عليها قائلة:
    ـ إذا ضاقت بنا سبل العيش هنا، سنرحل إلى الأردن معنا وثيقة سفر، ولكن أخي الأكبر معه الجنسية من هنا، إننا نعول عليه كثيرا.
    هذا نمط من تفكير بعض الفلسطينيين في قضيتهم، بعد أن يئسوا من حلها حلا عادلا، استطاعت الساردة أن تثيره من خلال الحوار مع فتنة، لتلقي الضوء على معاناة فلسطينيي الخارج، وبطبيعة الحال فإن طبيعة الرواية التي تدور معظم أحداثها على أرض سعودية، لا تسمح بنقل أو تصوير معاناة فلسطينيي الداخل، ويكفينا هذه اللمحة الخاطفة (في ص 122) من خلال هذا الحوار الحي لتصوير المعاناة النفسية للأخوة الفلسطينيين.
    وفي لمحة أخرى تجسد أو تصور فتنة حجم المعاناة في قولها (ص 140) أن عرب 48 أسعد حالا، لأنهم حصلوا على جنسية البلاد التي هاجروا إليها، أما هم فيعيشون بالوثيقة الأردنية، ولو غضب عليهم الأردن، لما تنفسوا في الصيف، ولو غضبوا عليهم في السعودية فربما يتركونهم على الحدود.
    ثم تعقب على كلام هدى في ألم وحزن شديدين في قولها:
    ـ وتقولين اذهبي إلى غزة! اذهبي إلى حصارك! .. إلى مقتلك! إلى كمينك؟ إلى الفخ؟
    هذا الوعي الذي تتمتع به الساردة ـ باستثناء خطأ يناير 1980 ـ جعلها توجه بعض الانتقادات غير المباشرة للمجتمع الجديد الذي ستعيش فيه، منذ لحظة وجودها في المطار، مثل اعتراض ضابط الجوازات على وجود تأشيرة سفر سابقة للعراق للمشاركة في مهرجان شعري أقامته جامعة بغداد، وإحالتها إلى مكتب آخر، ومثل شرط وجود رجل يتسلم المرأة المسافرة التي تشبهها بالحقيبة التي لابد أن لا تُسلم إلا إلى صاحبها، وأن المجتمع الجديد يعتصر زوجها فيعود إليها كل ليلة منهكا، فهم يسحبون من أعطافه ماء النيل فيأتي عطشانا، ومثل عدم قدرتها على لبس البرقع، ومعاناة التنفس أثناء لبسه (حيث النساء هنا لم تصل إليهن ثورة 1919 ولم يتخرجن في مدرسة السنية، ولم يجتمعن في بيت الأمة، لم يهتفن في المظاهرات، ما استمعن لعبد الناصر، ما حملن بذور الثورة حتى تصبح شجرة، حتى لسن كنساء لوحات محمود سعيد، حيث البرقع مجرد زينة لا كاتما للأنفاس) ص 55.
    لقد كثرت المقارنة بين المجتمعين، في بداية غربة الساردة، ولكن مع مرور الأيام والعيش والتأقلم، تخفت حدة هذه المقارنة، وتستسلم هدى للعيش في المجتمع الجديد، خاصة بعد أن دخلت عالمه النسائي، وبدأت تتفهمه وتتعايش معه، بعد أن كانت تبصر المجتمع السعودي، بل العالم من خلال عين الباب السحرية (أنا والباب وعين سحرية! رفقة مأمونة في آن معا) صارت تخرج وتشارك في المجتمع، وتطلب من زوجها أن يأخذها إلى كلية البنات ومكتبتها للقراءة والعمل في رسالتها الجامعية، فتتفاعل وتتعايش مع قضايا المرأة السعودية ومشاكلها، وتعترض ـ ولكن في رقة ـ على وجود مكتبة سرية تلقى بها الكتب الممنوعة من وجهة نظر القائمين على توزيع الكتب على مكتبات الجامعة، وخاصة ما يتعلق بتشريح جسد المرأة والولادة مثل كتاب "صاحبة الجلالة البويضة ـ تجارب مع أوجاع روحي" لجنيفر أكرمان تصف فيه حملها، حيث توضع على غلاف كل كتاب من الكتب الممنوعة، دائرة حمراء تضع من يقرأها في حيز المساءلة.
    ***
    إن الساردة في بداية غربتها كانت تحاور الأشياء: الباب والعين السحرية، فيقهقه الباب، ويقول للعين السحرية عنها: إنها ثرثارة، فترد العين السحرية قائلة: إنها تتوهم أشياء لا تحدث، ولكن مع مضي الأيام تخفت محاورة الأشياء، ويبدأ حوار الناس والأشخاص، لقد بدأت مشاعر الغربة تذوب بعض الشيء، فتخرج الساردة إلى المجتمع الإنساني، بعد أن عاشت أياما وأسابيع مع مجتمع الأشياء، الأمر الذي ينقذ الساردة من جنون الغربة الوشيك، خاصة بعد أن خيرها زوجها بين البقاء معه، والعودة إلى أهلها في مصر، فوضع بذلك أول معول هدم في علاقتهما الزوجية، كما أنها تتذكر رسالتها الجامعية، فتحمد الله على أن بعض الكتب التي أتت بها معها في حقيبة سفرها لم تصادر في جوازات المطار، فتبدأ في العمل في رسالتها، وتنجز فصلا منها، وترسله إلى أستاذها المشرف على الرسالة، ولكنه يمزقه، وهنا تتكشف أبعاد سياسية جديدة في الرواية حيث تفضح الساردة أساليب بعض الأساتذة الأكاديميين في الجامعات المصرية الذين يكلفون تلاميذهم بعمل بحوث في أدق شئوننا لصالح جهات مشبوهة، (لأن مصالحنا معهم) كما يتفوهون بذلك، كذلك تكشف ممارسات بعض الصحفيين الذين يمكن شراؤهم بعزومة فقط.
    هذا يجعلنا نتأمل قليلا عالم الجنس الذي اقتربت منه الساردة في حذر شديد، عندما أرادت أن تصور الفساد والتبعية التي بدأت تدب في مجتمع الجامعة، وقد رمزت إلى هذا عن طريق الإيحاء الجنسي باعتلاء كلود الأجنبية د. نزيه أثناء الجماع، وأنها لا تستلقي على ظهرها أبدا، وتقول وهو تحتها أن هذا وضع يناسبها أكثر، ثم تبتسم ببرود، ولا تنزل من عليائها إلا عندما يتأوه.
    وعلى الرغم من اعتقاد د. نزيه أن في هذا الوضع احتقارا له، فإنه يستسلم دائما له. وفي تصوير فني به الكثير من الإيحاء الجنسي مثلما به الكثير من الإيحاء السياسي تقول الساردة (ص 173): "أتاه صوتها الآمر .. أنزل بنطاله .. تمدد على فراشهما .. صعدت .. مرت مرورا سريعا ثم اتئدت .. نهنه .. وانكسرت ملامح وجهه .. لم يتقبل هذا الوضع أبدا .. تعلو .. وتعلو ويهوي كالحجر الدائر".
    ***
    كل هذا يجعل الساردة تغوص في مجتمعها الجديد، وتعتاد على الذهاب إلى مكتبة الكلية، من أجل الصحبة النسائية، ومن أجل معرفة ما في المكتبة السرية من كتب ممنوعة من التداول، ويصل اندماج الساردة في المجتمع السعودي حدَّه قرب نهاية الرواية حيث حفل أو مهرجان القيس النسائي الذي يقام في بيت سلوى، والذي هو عبارة عن احتفال شعبي يقام عندما يخرج الناس للحج وتخلو المدينة إلا من نسائها. تقول الساردة وقد أعجبتها الفكرة (ابتسمتُ وأنا أتخيل مدينة من النساء). وقد وقع الاختيار على هدى أن تكون غزالة الحفل التي يطاردها الصيادون الرجال، أو النساء المتشحات بملابس الرجال (كل منا سترتدي زيا رجوليا وتختار دورها في المدينة)، وكان على هدى أن ترتدي ثوب الغزالة، وهنا يطل علينا عنوان الرواية "في ثوب غزالة" الذي يعني اندماج الذات الساردة في مجتمعها الجديد، وفي عادات هذا المجتمع النسائي وتقاليده وألعابه واحتفالاته المختلفة، والتي من أهمها حضور حفلات العرس التي ربما تعد المتنفس الوحيد لكثير من النساء في هذا المجتمع.
    غير أنه من ناحية أخرى تكشف العبارة الختامية للرواية عن رغبة أخرى دفينة لدى الساردة في الهروب من هذا المجتمع خاصة بعد ولادتها، وذلك في قولها: "أُحكم الدخول في ثوب الغزالة .. ألف به جسدي فلا يستبين منه شيء .. أعدو بوليدي .. أعدو وأعدو، وقد أسلمت ساقيَّ للريح".
    فهل هي الرغبة الدفينة في العودة إلى الوطن الأم، مها شط المزار بنا، أم هي الرغبة في الهروب من ذلك الزوج الذي لا يجد الوقت الكافي للمكوث مع زوجته في تلك الغربة القاسية، خاصة بعد أن وضع أول معول هدم لتلك العلاقة الزوجية؟ أم هو الهروب من ذلك الحب الذي ولد فجأة بين هدى وفهد، والمكتوب عليه الفناء حتما؟
    أسئلة كثيرة تثيرها تلك النهاية المفتوحة للرواية، تذكرنا بالنهاية المفتوحة التي وضعها أمامنا الطيب صالح في "موسم الهجرة إلى الشمال" حول مصير مصطفى سعيد بطل روايته، هنا أيضا تتركنا عزة بدر مع نهاية مفتوحة حول بطلتها هدى التي التفت في ثوب غزالة، وأطلقت ساقيها للريح، بعد أن قدمت لنا من التنوع أو التشكل المكاني تضاريس اجتماعية وسلوكية وحضارية متباينة بين مجتمعين عربيين، هما: المجتمع المصري والمجتمع السعودي. وبعد أن كشفت لنا عن بعض أغوار هذا المجتمع الأخير، في جانبه النسائي، ولكن بطريقة ليست بها الكثير من الفضائحية التي قدمتها لنا من قبل الكاتبة السعودية رجاء عبدالله الصانع في روايتها "بنات الرياض".
    أيضا قدمت لنا عزة بدر بعض جوانب التنوع التقني في أسلوب كتابها عن طريق الذات التي تخاطب غيرها فيما يشبه الاعتراف، أو تخاطب نفسها فيما يشبه النجوى، أو تخاطب القارئ فيما يشبه التقرير، وقد تتواصل مع أشباهها بوساطة الرسائل المكتوبة (مثل رسالتها إلى أستاذها المشرف على الرسالة الجامعية) أو ضمير المتكلم المباشر، وكلها من أساليب أو تقنيات السرد الحديثة في الرواية العربية.

    أحمد فضل شبلول ـ الإسكندرية
    http://firstshablool.jeeran.com

  2. #2

  3. #3
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    المشاركات : 11
    المواضيع : 1
    الردود : 11
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،
    في الحقيقة لطالما اثارني ادب المهجر .. وما سطره الادباء العرب وغيرهم من معاناتهم وافراحهم واسرار هروبهم شعرا .. ولكن إلى الخارج ولم اتنبه إلى مغتربي الداخل (( الهربين من بلادهم العربية إلى بلاد عربية أخرى )) قد يكون لاني احدهم فلا احفل بإعادة قصتي بطرق عرض اخرى .. ولكن تحليلك للنص الهمني مداخل اخرى في حياتي وحياتهم ،،
    هذه الرواية كما فندتها .. عمل يستحق القراءة ..

    الف شكر لك على هذه الاضاءة المهمة !!

  4. #4
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Jun 2006
    المشاركات : 135
    المواضيع : 48
    الردود : 135
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    شكرا لك سلوة الخاطر
    وهي رواية تستحق القراءة بالفعل
    وصاحبتها الكاتبة د. عزة بدر عاشت بالفعل سنوات في المملكة العربية السعودية، ولعل الرواية تكون جزءا من سيرتها الذاتية، ولكني لم أتعامل معها ـ أي الرواية ـ على أنها سيرة ذاتية، فصاحبتها لم تدعِ ذلك، وقد يكون المتخيل الروائي قد لعب دورا كبيرا في إحداثيات الرواية أيضا.
    شكرا لمرورك سلوة الخاطر.
    مع تحياتي، وكل عام وأنت بخير.

المواضيع المتشابهه

  1. غزالة الشام من يشبه حلاتك مــَـن
    بواسطة ميلاد اليماني في المنتدى أَدَبُ العَامِيَّة العَرَبِيَّةِ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 23-09-2012, 01:59 AM
  2. ( آسف يا عزة .. أنا غلطان ) إعتذار لـ (عزة .. ادفو )
    بواسطة محمد محمود محمد شعبان في المنتدى أَدَبُ العَامِيَّة العَرَبِيَّةِ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 23-08-2012, 04:44 PM
  3. ليس الجمال بنوع ثوبٍ يرتدى *** فالثوب لا يعطي النفوس جمالا
    بواسطة نعيمه الهاشمي في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 29-12-2005, 07:36 AM
  4. ثوب جديد للواحة
    بواسطة د. سمير العمري في المنتدى الروَاقُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 30-10-2003, 12:03 AM
  5. دمـــــاء . . . على ثوب شهرزاد
    بواسطة إسلام شمس الدين في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 25-05-2003, 06:38 PM