من مفكرة الطفولة

الأخ الفاضل الأديب / محمد ابراهيم الحريري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً كل عام وانت بخير


قرأت هنا سرد قدير ينم عن ذاكرة حديدية معنية بأدق التفاصيل التي قد تعجب الذاكرة نفسها من وجودها في تلافيفها..
أخذتنا معك في رحلة طويلة شيقة من مراحل متعددة لطفولة مليئة بالأحداث
ثم عرجت بنا على مرحلة الصبا ، وانتهيت بنا في محلة الشباب المبكر والذي صاحبه ربما بمحض الصدفة شباب أمتنا العربية متمثلاً في تأجج الحالة الوطنية مع حالة الفوران التي عاشتها منطقتنا ، والتي انتهت بهزيمة 1967 ..
احيي فيك شجاعتك الفائقة في سرد الكثير من التفاصيل التي قد يحجم الكثر منا عن البوح بها ، ولكنها ذاكرة الفنان فقط هي من تمتلك تلك القدرة العالية ..
دعوة لمن قد تواتيه مثل جرأتك وقدرتك ، وذاكرتك الفوتوغرافية .. نعم دعوة لمن يستطيع أن يمدنا بمثل هذا الصدق وهذه الطرافةأن يسير على هذا الدرب .

همسة :
الشكل العام للعمل بالمقدمة التي سبقت السرد ، ثم بالأسئلة التي تخللته يخرج بالنص عن نطاق القصة الأدبية ويحيله إلى موضوع لذا أرى أن وجوده هنا في منتدى القصة ليس مناسباً .

دمت بكل الخير .

الضوء الساطع/ ابراهيم الحريري...
مولد الربيع بغيمة غزيرة المحتوى
معنى ومبنى
تبلغ من الخيال أقصاه في جلب الصور الغير معتادة
قرأتُ كثيراً في الحياة والتسامح ولكن أجد هنا شيء مغاير تماما!!
ولكن احترافية سردكَ يرسم القطرة بشكل زخرفي مغاير عن ما عهدناه .
لا أريد أن أطيل لأنني إذا أطلت فلن أنتهي!
تقبل عظيم تقديري ...
حمزة

الأخ الحبيب حمزة ـ تحية
لم يكن للسطوع بدور إن تجشمت الافاق بعثار الفكر ، وإن لم تستو على سدة البيان حروف تهطل بشرى موسم الغدق الروحي على اغصان الإخاء
وقد كنت أيها الحب طل الفجر يمسح وجه السحر بكف الفلق .
شكرا أيها الحبيب على مرورك المعطر بشذى طيب بيانك .
وكل عام وأنتم بخير

ابراهيمنا ياصاحب خيوط الحرير

تسبر أغوار انسانية الانسان الذي يسكن قلبك الرؤؤف

فرأيت هنا ملكوت الفضل والخير والاحسان .... من حرفك الساحر

تحية لقلمك المبدع اخي محمد الحريري شكرا لك

الأخت ندى ـ شكرا على مرورك العطر بيانا
والف شكر لحروف تندت بريق الفجر ألقا
هي الدنيا أختي لا تكل بنكد ويبقى الأمل عربون تحد لكوارث الدهر مهما اشتد ساعدها يلين تحت قدرة التصدي للنوازل بيقن الفوز
تحياتي
وباقة شكر

أسجل مروري على الموضوع الجميل .

جرعة لايمكن تناولها في مرة واحدة تحتاج للمرور اكثر من مرة
كن بخير

الأخ الحبيب الصباح ـ تحية طيبة
نحتاج دوما لمروك لأنه يندي الحرف بعبق فطرة نقية ، ترتدي ثياب البهاء حسن حرف ، وتطرز بعسجد المرور ثنايا أمل .
شكرا لك أيها الصباح
أخوك محمد

قد لايعجب البعض كلامي لكن سامر على من يعجبه شكرا لك ياحبيب ويامحب

لي عودة اخرى ....

في قرية نائية من مضارب حوران تسمى بصر الحرير كانت أسرة تعيش بين أسر الضياع تشكلت من أوهام التراث وأساطير الخرافة كخيوط مقدسة تبعث الطمأنينة الزائفة بين أوصالها المثخنة بجراح الفقر النازفة ألما وملح أسى في هذه الأسرة انطلقت زغرودة البشرى يوم ينادي فاطمة ( القابلة ) صبي يا فاطمة ومن خلف الباب يسمع ضحكة استغراب من ثغر الداية فاطمة (قلنا لك صبي )....
إبراهيم :محمد ذيب .
......
الحمد لله أصبح لدي صالح وذياب ومحمد ذيب ....
روحي يا محمد ذيب
،....
في أوائل شهر آب من عام 1957
....
وبدأ الدرس الأول ( بسم الله الرحمن الرحيم ....سورة الفاتحة ....
لن تراني ثانية يا شيخ محمد ....سأذهب للمدرسة ....أقف أمام عدسة المصور وكانت فرحة خجلة أملت رأسي على كتف الحياء والدلال، ألست من صنع لباس الفرح لوالدي ، ورسمت بفنون الشقاوة بسمة الرضا على شفة التفاؤل ؟
....
وفي اليوم الثاني يحملني والدي ويضمني ضمة لن أنساها ما عشت حيا ...... مخالفا فطرته القاسية ، لقد ملكت عاطفة والدي
وألبس على عجل ثوبا مخططا ومثلي أخي ونساق كخراف تبتهج البطون لذبحها ، وتتم عملية الختان بجرأة صبر مني وقوة تحمل ما زلت أعيش زمنها ......
ومما علق بأغصان ذاكرتي حديثٌ نسوي سمعت من خلاله حروفا جديدة حفظتها في صندوق فكري هو لفظ إنسان ، استعجم اللفظ علي بداية ولكن وضعته في خانة التقديس ، يا للبراعة نسوة غير نساء حارتنا ، يتكلمن بصراحة وثقافة غريبة .....إنسان .....وبشر
....
كم أخذت ؟ عشرة ...(.برابو ) وتعني (برافو)
.....
وفي أول دقائق الحصة لا يسأل المعلم سؤالا إلا وأصبعي تكون أمام وجهه .... فيكف أخي أصبعه ...... بحقد علي تكون ضريبته تهديد بعقابي ..
ولكن في عام يبدو أنه جدب لم يشتر الوالد ما اعتدنا عليه .....
سأل أخي كيف نتصرف ؟ قلت له : نقوم بإضراب كانت مفاجأة لي وله هذه الفكرة ، ماذا ؟ ما ذا تعني ؟ قلت له عندما يأتي والدنا نقوم بخلع ملابسنا ، ونتظاهر بالبكاء المتعمد فيرق قلبه لنا وتكون النتيجة قمصانا جديدة ،
وانسحبت من أرض الهزيمة منتصرا .....
ماذا تحب أن تكون في المستقبل ؟ رسمت بريشة خيالي معركة وجنودا وطيارات ، ونصرا ونخوة ورجولة مبكرة تفتحت على أغصان فجري .
فكانت لحظات من مرارة الماضي ..ممزوجة بمعان بكر لم يسمع بها معلمي من قبل ......... والأولاد تسابقوا ببكاء يسمع صوت زفيره وكأنهم في حالة هستيريا
وما أن وصلت نهاية الموضوع إلا والأكف تسحق الأكف بتصفيق جعل بقية الصفوف تسمع غرابته .......وحماسته .
نقلني المعلم من صف لصف وأنا اقرأ الموضوع كما أسلفت فعشت ساعات اليوم منتصرا على الحرف ...... كانت الحياة بالنسبة لي شيئا تافها تستحق الوأد بلا ذنب ، تعطشت لحضن أم قيدت ذراعا حنتنها بقسوة الحياة فلم تكن تمتلك الوقت لتسكب رحيق حنانها في أفواه جفت فيها قطرات الشوق لحجر يدفئ حنايا صب عليها الزمن ثلج القطيعة .
...
وزرع في سهول نفوسنا بذور الإيمان مبكرا ....
ومن قطوف ذاكرتي حبات ضنى أعيد مضغها أحيانا لأجد طعم المرارة تعقد فمي ، من تلك الحبات المرة قسوة الأب وظلمه المتعمد على امرأة وجدت ببيداء الوأد لا جناح لها ولا فضاء .
....
نزعت مسمارا من قنطرة البيت كان يئن من ثقل طرة ألبسة تبللت من عفونة النسيان أنزلت الصرة وأتيت بالمسمار لأضعه على نار الموقد المستعر جمرا ، ...
حتى اشتد أورار قلبي ، وقفت فوق رأس ابن أختي وبدأت بكيه بلا رحمة بين أخاديد رقبته الحمراء حتى أني مازلت أشتم رائحة الغل تزكم أنفي ...
أحسنت ثابر على اجتهادك ..
وستعود فلسطين عربية ........
لملم والدي خيوط الاسى وبدأ يعيد تصور النكسة بحسب ذهنية الإنكسار فيعلن نبأ وفاة عبد الناصر
....
الانتقال إلى مدينة إزرع وتبعد مسافة عشرة كيلو متر عن قريتنا ..
....
ومن ذلك العام لم أحضر يوما توزيع شهادات السنة الدراسية لأني أكون قد شددت على راحلة الغربة إلى لبنان لأستطيع شراء بنطال وقميص ، وبعض متطلبات حياة لم أشعر بها إلا علقم ضيم .
خلال تلك الفترة لم اسمع بكلمة أدب أوتشجيع على كلمة شعر
.....
، اشتريت أول جريدة وكأني ملكت الدنيا وكانت تصدر مساء في مدينة صيدا واسمها لسان الحال ، قرأت كل حرف منها ، حفظتها تقريبا ، هي بفلوسي أليس من حقي أن أستغل كل حرف منها ...
... وتعلقت بدور السينما ....
لم أعرف يوما رسوبا ولله الحمد بأي سنة وأنا على مقاعد التعلم ،
....
أتذكر أني كنت أردد أغنيات كثيرة لمطربي عصرنا ، وأحاول استكشاف ما بين الكلمات من تغير في نمط الموسيقا .
وأحاول تغيير أماكن الكلمات لأجد أن الموسيقا اختلت .
ـ....
ـ ما موقع الحب في حياتك في مرحلة الطفولة؟ كيف كنت تفكر وكيف كنت تنظر إلى الحب؟
كنت أميل حبا وأنا صغير نحو قريبة نسبا وجارة لنا ، وكان ينافسني عليها ابن اختي .......
. فكنت أعد الأيام لأتزوج وأنا صغير ،
كنت أهيم حبا بكل فتاة من طرف خفي ، ارسم بريشة مشاعري صورتها ، وأنام وهي تحت وسادة الكرى ....
حتى وجدتها أخيرا تنام على حشية الغربة مثلي ..........
ـ متى أمسكت بالقلم وكتبت؟ ....كنت أقلد بعض الشعراء بابيات شعرية هزيلة سقيمة المعنى تحمل معنى الشوق والحب والهيام ، ولكن كنت أمزقها بعد تفريغ شحنة العاطفة التي تحرق حنايا وجدي .
....
وأول مرة كتبت بروح الشاعر وبحضور عبقر شاهدا وموحيا لي بعد الانتهاء من دراسة دار المعلمين عام 1976 (صف خاص ) ، ولم اعرض ما كتبت على أحد .
ـ بماذا كنت تحلم؟
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ

قلم لم يأت من عدم...
أحسنت أستاذنا... ثابر...

أستاذنا الراقي محمد الحريري

هنا انهمار قلب غسلته دموع المشاعر بفرحها وحزنها.. بصمتها وصخبها بعقلها وجنونها.. برأفتها وقسوتها.. حتى أبصرنا بها ومعها محمد الإنسان بعمق تأمله وصفاء سريرته وقوة عزيمته
أستاذنا الكريم
للذاكرة نجوم تبقى مشرقة في سماء الروح نبتسم معها ونبكي ونَحِنُ إليها
حين نطالعها في هدأة الأنفاس وحين نجد مايحفزنا للحديث عنها
ولاأخفيك سراً ذكرياتك أضافت لذاكرتي بريق وجعلتني أثمن كل لحظاتها المسالمة والغير مسالمة العذبة والمرة وأخبرتني بأن الحزن الحقيقي عندما نعيش بذكريات مهمشة.

عميق احترامي وتقديري ودمتَ أنت