بسم الله الرحمن الرحيم
كرم
للأديبة الجليلة الأستاذة حوراء آل بورنو
أنظر إلى عينيك .. فأتذكر أشجار الزيتون .. أشجار تلك الأرض الطيبة .. أشجار الثبات و الصمود .. فأعلم أني ورثتك صبري وجلدي لونا سكبه الله في أجمل عينين ..
أرقبك تتحدثين .. و كل قسمات وجهك العذب تنطق بما في نفسك .. تأتين هاربة إلي تختبئين عندي من هؤلاء الصبية و كل تباشير الصباح تشق مبسمك الجميل .. و كل أفراح الدنيا تتراقص في مرآة عينيك .. فتنظرين إلى و تقولين .. ماما كرم في عينيك ..
أستيقظ على خطواتك الصغيرة .. وهي تمشي ببطء .. و هدوء .. و تقتربين .. و تراقبين .. ثم تزرعين قبلتك في أحشاء فؤادي .. وتهربين ..
كل دفء الدنيا في تلك الأنامل الصغيرة .. تتلمس أقدامي الباردة .. حينما تشدين عليها دثاري الثقيل .. فتشرق في جوانب نفسي شمسك .. فيذوب صقيع تلك الليالي الغابرة ..
أراك تتسللين في تلك الظلمة من حولك .. قادمة نحوي .. حتى إذا شعرت بجسدك الصغير يختبئ بين طيات الفراش .. وجدتك تهمسين في أذني .. ماما .. ضمني إلى صدرك .. و في لحظة واحدة .. تذهبين في سبات لذيذ ..
فأظل أنظر إليك .. وأتذكر يوم مولدك .. كيف كان تلك القسمات صغيرة جدا .. عذبة كثيرا .. رقيقة كل الرقة .. و ها أنت تكبرين .. و ينمو ذلك الفؤاد في صحراء قاحلة .. فلا ظل ستظلين تحته .. ولا جذع شجرة عليه تستندين .. و سماؤك عارية .. تصبحها شمس تشق أديم ألأرض فتقتل كل براعم الحياة .. و تمسيها رياح تلفح وجه الدنيا فتجمد عروق الأمل ..
أضمك .. علّي أزرع فوق أرضك بعض الحياة .. تجدين فيها مقتبل أيامك .. السكينة .. و القوة .. و في داخلي يخبو قنديل الأمل رويدا رويدا .. ليغدو دخانه هباء .. و قوتي .. وهما .